في 4 أغسطس (آب) من العام الماضي، هزّ العاصمة اللبنانية بيروت انفجار ضخم وقع في مرفئها، وصُنف الثالث من نوعه في العالم، وراح ضحيته أكثر من 200 شخص، من بينهم 10 من عناصر فوج إطفاء بيروت، عندما هرعوا لإطفاء الحريق الذي اندلع فيه.
واليوم، بعد مرور عام على ذكرى الانفجار، تقيم دار شيبان للثقافة والفنون لفتة تكريمية لضحايا الفوج، ومؤازرة منها لأهاليهم، قررت تقديم لوحات تذكارية لـ«شهدائهم» من أبناء وأزواج، رسمها عدد من الفنانين اللبنانيين تحية لأرواحهم. كما خصصت الدار مركز الإطفاء بجدارية فنية عند مدخله تحمل رسماً لضحاياه تخليداً لذكرهم.
ويقام الاحتفال في الذكرى الأولى للانفجار في إطار دعوة مفتوحة وجهها فوج الإطفاء، برعاية محافظ مدينة بيروت مروان عبود. ويستضيف الحفل اليوم، مركز الفوج في الكرنتينا.
إنها حكاية 10 أبطال ابتلعهم انفجار بيروت بلحظات قليلة، يرويها فنانون لبنانيون رسموا نحو 14 لوحة زيتية لوجوه الضحايا. ويوضح سعد شيبان، صاحب دار شيبان للثقافة والفنون، لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «استعان الرسامون بصور فوتوغرافية اختارها لهم أهالي الضحايا. فبحثوا عن الأقرب منها إلى قلبهم، التي تحمل لهم ذكرى معينة، وقدموها بكل طيب خاطر للرسامين، كي ينقلوها بتفاصيلها على لوحاتهم».
الضحايا الذين رُسموا، هم: سحر فارس، ورامي الكعكي، ورالف ملاحي، وإيلي خزامي، وجو نون، وشربل كرم، وجو بو صعب، ومثال حوا، وشربل ونجيب حتي.
تقول لمياء مكارم، التي رسمت الضحية سحر فارس: «لحظات أليمة جداً عشتها وأنا أرسمها». وتكمل لـ«الشرق الأوسط» وهي تجهش في البكاء: «لم أستطع تمالك نفسي وأنا أرسم ملامح وجهها الجميلة. وحاولت قدر الإمكان تعزيز الصورة بالضوء، إذ أردت أن يشع وجهها نوراً. اعتبرتها (شهيدة)، صاحبة مهمة طوعية رغبت في تقديمها للوطن».
أما فيروز صيداوي التي رسمت بتقنية الرصاص وجه رامي الكعكي، (مصور الفوج)، فتقول: «ما إن رأيت صورته حتى لمست خطوطاً عريضة من شخصيته. فهو شاب معطاء ومحب وغاضب في آن. كان يملك طموحاً كبيراً يبرز في نظرات عينيه، كل ذلك جمعته في اللوحة التي رسمتها». وتتابع: «كنت أشعر وكأني أخاطبه من خلال اللوحة، ما ترك عندي شعوراً كبيراً بالحزن. الخسارة كانت كبيرة على أهله وعلى بيروت، في حادثة لم نستوعبها حتى اليوم».
الجدارية التي تحمل رسوماً لوجوه ضحايا فوج الإطفاء، ستُرسم مباشرة أمام الناس عشية الاحتفال في الكرنتينا. وهذه الجدارية التي سترسم بتقنية الأكريليك ستخلد ذكرى الضحايا على مدخل المركز، وسترفق بأسماء ضحايا انفجار بيروت الذين لقوا حتفهم يومها. ويوضح سعد شيبان، في معرض حديثه: «كل عائلة من عائلات الشهداء الـ10 ستأخذ اللوحة التذكارية التي رسمت خصيصاً لذكرى ضحيتها. واضطررنا أن نرفع عدد اللوحات إلى 14 لأن بعض الضحايا كانوا متزوجين أو مرتبطين بخطوبة. لذلك خصصنا الزوجات والمخطوبين أيضاً، إلى جانب أهالي الضحايا بلوحات يحتفظون بها».
يتخلل الاحتفال الذي يبدأ في الخامسة والنصف من بعد ظهر اليوم، عرض فيلم قصير يوثق اللحظات التي استعد فيها عناصر الفوج للتوجه إلى المرفأ إلى حين بلوغهم المكان. ويعلق شيبان: «هي لحظات مؤثرة مثّلها عدد من زملاء الضحايا تكريماً لأرواحهم».
كلمات قصيرة من رئيس فوج الإطفاء ومحافظ بيروت، إضافة إلى سعد شيبان، الذي يسلم كل عائلة اللوحة الزيتية الخاصة بالضحية التي تخصها. ويختم شيبان: «نتمنى أن نكون أسهمنا في التخفيف من آلام أهاليهم من خلال هذه اللوحات المتواضعة التي قدمناها لهم. فلقد كانوا سعداء جداً بالمبادرة، ولم يتوانوا عن تلبية رغبتنا وتزويدنا فرحين بعدة صور فوتوغرافية كي ننقلها إلى بورتريهات مرسومة».
بيروت تستذكر ضحايا «الإطفاء» بجدارية وبورتريهات
بدعوة من «دار شيبان للثقافة والفنون»
بيروت تستذكر ضحايا «الإطفاء» بجدارية وبورتريهات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة