مصر ترصد إيراد النيل بعد ملء السد الإثيوبي

الخرطوم: نحن الأكثر تضرراً وسنحافظ على مصالحنا بالسبل كافة

مقطع فيديو تم الحصول عليه من السلطات الإثيوبية للمياه المتدفقة من «سد النهضة» (أ.ف.ب)
مقطع فيديو تم الحصول عليه من السلطات الإثيوبية للمياه المتدفقة من «سد النهضة» (أ.ف.ب)
TT

مصر ترصد إيراد النيل بعد ملء السد الإثيوبي

مقطع فيديو تم الحصول عليه من السلطات الإثيوبية للمياه المتدفقة من «سد النهضة» (أ.ف.ب)
مقطع فيديو تم الحصول عليه من السلطات الإثيوبية للمياه المتدفقة من «سد النهضة» (أ.ف.ب)

أكدت مصادر متطابقة لـ«الشرق الأوسط» أن السودان يتجه لفتح بوابة تفاوض ثنائي مع إثيوبيا على خلافات سد النهضة، من أجل الوصول لاتفاق مع أديس أبابا بغض النظر عن المواقف الأخرى، مستنداً على أنه الأكثر تضرراً من «سد النهضة»، في وقت ألمحت فيه أديس أبابا مراراً عن رغبتها في التوافق مع السودان. في المقابل، أعلنت إثيوبيا، إطلاق منصة رسمية لجمع التبرعات من الإثيوبيين في جميع أنحاء العالم من أجل استكمال بناء «سد النهضة»، الذي وصلت إنشاءاته إلى أكثر من 80 في المائة.
ونشر الحساب الرسمي لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، على «تويتر»، مساء أول من أمس، رابط الموقع الرسمي للمنصة الجديدة. وقال مصدر حكومي في الخرطوم لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن اللجنة الفنية السودانية الخاصة بمتابعة ملف التفاوض على سد النهضة، عقدت اجتماعاً مطولاً «خلوة» لعدة ساعات أول من أمس، بحث بشكل تفصيلي تطورات ملف سد النهضة والمخاطر التي تتهدد السودان بعد إكمال إثيوبيا لمرحلة الملء الثاني لسد النهضة. وكشف المصدر أن الاجتماع أوصى بالتركيز على مصالح السودان، واتخاذ ما أمكن من القرارات التي من شأنها حفظ هذه المصالح، وأن «الخلوة» كشفت أن الضرر الذي يتهدد مصالح البلاد من ملء وتشغيل السد الإثيوبي، لا يقارن بالأضرار التي قد تتهدد مصر.
ويجيء هذا الاجتماع بعد أقل من أسبوع على تصريحات رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في كلمته بمناسبة «عيد الأضحى»، والتي استهجن فيها التصرفات الأحادية الإثيوبية المتعلقة بملف سد النهضة، ودعوته لها للامتناع عن التحرك بإرادة منفردة، وتعهده بالقيام بأي جهد لازم للوصول لاتفاق قانوني يخدم مصالح السودان. ويخشى السودان من تأثر نحو نصف سكانه البالغ عددهم أكثر من 40 مليون نسمة، الذين يعيشون على ضفتي النيل، سلباً مرة بالفيضانات وأخرى بشح المياه، ومن تغيير أساليب كسب عيشهم الناتجة عن المتغيرات التي قد تحدث بسبب التحكم الإثيوبي في تدفق المياه.
في غضون ذلك، تجري الحكومة المصرية رصداً دقيقاً لمعدلات سقوط الأمطار بمنابع النيل وكميات المياه الواصلة إلى بحيرة السد العالي، للتعرف على الإيراد المائي للعام الحالي، وذلك بعد أسبوع من إعلان إثيوبيا اكتمال المرحلة الثانية من ملء خزان «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل.
وأعلنت الحكومة الإثيوبية، الاثنين الماضي، انتهاء الملء الثاني للسد، الذي تبنيه بداعي توليد الكهرباء، في خطوة أثارت غضب مصر والسودان.
ويثير السد مخاوف من نقص المياه والسلامة في مصر والسودان اللذين يعتمدان أيضاً على مياه النيل.
وعقدت اللجنة المصرية الدائمة لتنظيم إيراد نهر النيل اجتماعها الدوري، أمس، برئاسة محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية، بحضور قيادات الوزارة لمتابعة موقف إيراد نهر النيل للعام المائي الحالي، ومتابعة الموقف المائي خلال فترة أقصى الاحتياجات الحالية، وإجراءات تحقيق الإدارة المثلى للموارد المائية.
ووفق بيان للوزارة المصرية، وطالب عبد العاطي بمواصلة رفع درجة الاستعداد بين جميع أجهزة الوزارة خلال فترة أقصى الاحتياجات لتلبية كافة الاحتياجات المائية لكافة المنتفعين، والاستمرار في تفعيل غرف الطوارئ بكافة المحافظات لتحقيق المتابعة المستمرة لمناسيب المياه وحالة الترع والمصارف، مع جاهزية قطاعات وجسور المجاري المائية وجميع المحطات وخطوط التغذية الكهربائية المغذية لها وتجهيز وحدات الطوارئ النقالي.
وأوضح عبد العاطي أن لجنة إيراد النهر في حالة انعقاد دائم لمتابعة معدلات سقوط الأمطار بمنابع النيل، وتحديد كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي، بما يُمكن أجهزة الوزارة من التعامل بديناميكية في إدارة المنظومة المائية بأعلى درجة من الكفاءة، مشيراً إلى أن معدلات سقوط الأمطار حول المعدل، وأن الوقت لا يزال مبكراً للحكم على حجم الفيضان هذا العام.
والشهر الماضي، قالت مصر إنها تلقت إخطاراً رسمياً من إثيوبيا بأنها بدأت ملء خزان السد للمرة الثانية، وأكدت القاهرة أنها «ترفض بشكل قاطع هذه الخطوة». فيما عقد مجلس الأمن الدولي، جلسة مطلع يوليو (تموز) الجاري لمناقشة النزاع، بطلب من مصر والسودان؛ غير أنه لم يصدر، حتى الآن، قرار أو توصية.
في المقابل، أعلنت إثيوبيا، إطلاق منصة رسمية لجمع التبرعات من الإثيوبيين في جميع أنحاء العالم من أجل استكمال بناء «سد النهضة»، الذي وصلت إنشاءاته إلى أكثر من 80 في المائة. ونشر الحساب الرسمي لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، على «تويتر»، مساء أول من أمس، رابط الموقع الرسمي للمنصة الجديدة. وأعادت وزارة الري الإثيوبية مشاركته على حسابها في «تويتر»، مطالبة الإثيوبيين من جميع أنحاء العالم بالتبرع لصنع تاريخ جديد للجيل الحالي والأجيال القادمة، حسب تعبيرها.
من جهته، أكد قائد القوات الجوية الإثيوبية اللواء يلما مرداسا، أن قواته تقوم بحماية سد النهضة الإثيوبي الكبير. وأضاف القائد أن «القوات الجوية جاهزة لمواجهة أي هجوم يرغب في تفكيك البلاد في أي وقت وأي مكان توافقاً مع توجيهات الحكومة الفيدرالية». وقبل سقوط نظام حكم الإسلاميين في أبريل (نيسان) 2019 كان الموقف السوداني مائلا للموقف الإثيوبي، ومناوئا لموقف مصر، وينظر لسد النهضة باعتباره «محض خير» للسودان، استنادا إلى مواقف النظام المناوئ لمصر، لكن وبعد التغيير وتكوين الحكومة الانتقالية، حدث تقارب بين الموقفين السوداني والمصري، بلغ حد أن إثيوبيا وجهت اتهامات رسمية للسودان بأنه أصبح تابعاً للموقف المصري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».