مروان نجار لـ «الشرق الأوسط»: ابتعدتُ لجنوح الإنتاج إلى السهولة

الكاتب والمنتج اللبناني يُقلّب «جمر العار»

مروان نجار
مروان نجار
TT

مروان نجار لـ «الشرق الأوسط»: ابتعدتُ لجنوح الإنتاج إلى السهولة

مروان نجار
مروان نجار

يسأل الكاتب والمنتج مروان نجار ماذا شاهدنا من أعماله، وإلى أي جيل درامي تنتمي الذاكرة؟ نباشر العد: «طالبين القرب»، «من أحلى بيوت راس بيروت»، «حلم آذار»، «مريانا»، وبينما نكمل، يقاطع: «آه، فاتكِ (فارس ابن أم فارس)، و(الأستاذ مندور)؟»، نعم، مع الأسف. كان عصراً ذهبياً للدراما اللبنانية، ولمعة من لمعات الإبداع. أين أنتَ اليوم؟ لمَ البُعد؟ لمَ المسافة من الأضواء والكاميرات؟ يجيب «الشرق الأوسط» في حوار يمتدّ إلى العمق اللبناني، حيث صراع الوحوش.
البداية مع السؤال البديهي: أهو الظرف أم قرارك الشخصي، الغياب عن الكتابة والإنتاج المسرحي والتلفزيوني؟ يعود إلى أحد منعطفاته المهنية، مسلسل «طالبين القرب» (1997) الذي شكّل بقعة ضوء: «كان الهدف اكتشاف وجوه ومواهب. كلما لمعت موهبة في الغناء، تلقّاها (المخرج اللبناني الراحل) سيمون أسمر وصقلها. أما في التمثيل، فتخرّج العشرات وانطفأوا. كان (طالبين القرب) تربة خصبة لجيل الشباب. اليوم، تحلّ معادلة معاكسة: نجم سوري مع نجمة لبنانية، ويسود التسويق السهل. ما أبعدني هو جنوح الإنتاج إلى السهولة».
لكن، ألم تحاول؟ يبدو أنك استسلمت! يجيب من خبرة الحياة: «الدراما صناعة، وليست مزاج كاتب. هي رساميل وأصحاب قرار». يرى أنّ مسيرته لطالما كانت «من خارج الشائع»، وتحلو له العودة إلى «المتفوقون»، البرنامج التحفة في مرحلته، حيث الكلمة للعقل الخلاق بعد سيطرة الترفيه المُضحك على المحتوى التلفزيوني. يتذكر أنه لم يكن سهلاً الإقناع بجدوى الرصانة، وبأنّ مقولة «الجمهور عاوز كده» تحتمل النقاش. يتساءل ما هو الجمهور؟ ويُعرّف: «هو ما تعطيه، ونوع الخطاب الذي يتلقاه. هل يتوجه إلى غرائزه؟ إلى معدته؟ إلى عقله؟ رد الفعل هو نتيجة الفعل».
تستوقفه «أزمة التلقّي»، وهي «علّة في الشرق». ويؤرقه منطق الاستنساخ من دون السؤال عن المفهوم، فيفسّر: «نأخذ مسلسلات الغرب انطلاقاً من الشكل، ويفوتنا التعمّق في المفهوم (Concept) حتى المجرم في المسلسلات الأجنبية يحمل بُعداً إنسانياً. هنا استنساخ أعمى. أقصى ما يفعله البطل الشرير هو الشفقة على فقير. أين الروابط العميقة القادرة على توليد جدليات؟ نأخذ الشائع في الخارج ونقلّده، مع أغنية شارة تغطّي الفداحة. فقط لا غير».
على مَن اللوم، المنتج أم السوق؟ يلوم السوق، «فالمنتج يضطر إلى التلصيق من أجل البيع. مزاج السوق يشترط هذه التركيبة. لكنني متفائل بالمنصات وأراهن عليها، أفكارها out of the box
مروان نجار من مدرسة تقول إنّ الواقعية ليست بالضرورة نسخة طبق الأصل عن الواقع. هناك ما يسمّى الأدبيات في الدراما، والجماليات الخارجية، بشرط ألا تشيح النظر عن وجدان النص. «تحمل الواقعية أحياناً بعداً خيالياً يتصل بالبصريات، فتُحمّس المتابع على مصير القصة، وتجعله يخاف على الآدمي، ويكره الشرير، وإن كان البطل رجلاً طائراً يدعى سوبر مان. هذه قاعدة تعليق مَلَكَة التصديق من أجل المتعة». ومن باب الأسف، والأسى، يتحسّر: «لم تعد الأولوية لعمل يحمل الهوية اللبنانية. لا أظنّ أنه ثمة دراما لبنانية في الوقت الراهن. الأولوية لخلطة الجنسيات وضمان المبيعات. أتفهّم. السوق لها أجندة».
يكتب مروان نجار على مزاجه، أو «يتكتك»، كما يردّد الناجون من سيوف الوقت. يحضّر عملاً لبنانياً سعودياً، «ولا جواب إن كان سيبصر النور أم لا». يتحدّث بحبّ عن السعودية والدول العربية: «أشعر أنها بيتي». لم تحل نشأته المسيحية دون إعداده برامج رمضانية مستمدّة من الشرع الإسلامي. «عرضتها أيضاً قناة (اقرأ)»، يقول بفخر.
نصحه مرّة شقيقه الراحل رمزي نجار، المتفوّق في عالم التسويق والإعلان، العمل في الكتابة الاستراتيجية والإعلانية، وكانت نصيحة في محلّها. «لم أعش يوماً من الفن، بل إنني مَن موّل مسرحياتي. أصبحتُ في عمر أستحق الإحساس بدلال النفس. أكتب لرغبة في الكتابة، لا للإلحاح على الإنتاج».
أنعاني أزمة كتّاب؟ «لا». بالنسبة إليه، نعاني في لبنان أزمة ثقة بالكتّاب. يعود إلى «أصحاب القرار» وحساباتهم: «يرفضون التصديق أنّ الكتّاب اللبنانيين يستحقون الثقة. هل من أحد يخبرني أين منى طايع اليوم؟ أين شكري أنيس فاخوري؟ الأزمة الحقيقية في مكان آخر».
لنسترح من الدراما، فالاكتواء يُنادي. لمروان نجار مواقف في الوطن وإنسانه، يغرّد باستمرار عن وجع الانتماء إلى النار. يلخّص العلّة اللبنانية: «ادّعاء الطوائف أنّ أبناءها يكرهون بعضهم بعضاً، هو لبّ المشكلة. الحقيقة أنّ المنافسة على السلطة تقتضي تأجيج هذه التمثيلية. زعماء الطوائف يؤلّبون أتباعهم ضدّ الآخرين للاستمالة وشدّ العصب. هنا الجمرة».
يرى بيروت «طول عمرها محسودة، فقد كانت منارة الشرق»، ولا قيام للجمهورية اللبنانية إلا بعقد اجتماعي سليم قائم على المواطَنة. «ما حدا بدّو. مَن طالب بالمواطَنة، خُوِّن». يخشى التهاب غريزة الدم والتعطّش الجماعي للخراب والموت. «دمّروا كل شيء، وتسألين عن الثقافة، وعن النهوض والمحاولة؟ دمّروا الصحة والتربية وهجّروا الشباب. هل يعقل أن أسافر إلى أميركا وأعود بأربعين كيلوغراماً من الدواء، لا للتخزين ولا للتوفير، بل لأنه مقطوع في لبنان؟ أشعر بالعار فيما العالم ينظر إلى لبنان بشفقة وإلى اللبناني بازدراء بسبب حكامه».
لو طُلب منه عملٌ وطني، لكتب «لكل لبنان». مروان نجار، خرّيج علم النفس التربوي في الجامعة الأميركية، والمتخصص بعلم المراهق، أغنى الشاشة اللبنانية حين كانت في بدايات العطاء، وعدّل المفاهيم المرتبطة بالمضمون والتوجهات. يسعده دفاعه عن قضايا إنسانية في عزّ الحرب، حين كان هَم الشباب حمل السلاح. اليوم، يفتخر وهو ينظر إلى الثمار، شهيّة ومعلّقة في الأغصان العالية. «اشتقنا لسمعة اللبناني الحقيقية، وللبنان الذي كان للجميع. كنتُ لأكتب عن هذا كلّه، لا لأرقّع أو ألمّع الصورة، بل لنتعرّف إلى بعضنا بعضاً، ونلتقي. طالت كثيراً الأيام السوداء».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.