بعدما تمكنت أخيراً من فك عقدتها الألمانية، وتحقيقها فوزها الأول في الأدوار الإقصائية منذ 1996، تنتقل إنجلترا الآن إلى روما، حيث تصطدم في دور الثمانية في كأس أوروبا بمنتخب أوكراني ليس لديه أي شيء ليخسره، لأن مجرد وصوله إلى هذه المرحلة يشكل إنجازاً تاريخياً لهذا البلد السوفياتي السابق. ونجح الإنجليز، الثلاثاء، وأمام 40 ألف متفرج احتشدوا في مدرجات «ويمبلي» في إقصاء الغريمة التاريخية ألمانيا بالفوز عليها 2 - صفر، ليحافظوا بذلك على شباكهم نظيفة في المباريات الأربع التي خاضوها في هذه النهائيات.
صحيح أن الإنجليز توجوا بلقبهم الوحيد على الإطلاق، إن كان قارياً أو عالمياً، بفوزهم في نهائي مونديال 1966 على ألمانيا الغربية على الملعب نفسه الذي جمع المنتخبين، الثلاثاء، إلا أن «مانشافت» شكل عقدة تاريخية لمنتخب «الأسود الثلاثة» منذ ذلك النهائي المثير للجدل (4 - 2 بعد التمديد). وودع الإنجليز نهائيات كأس العالم أعوام 1970 من دور الثمانية و1990 من نصف النهائي و2010 من دور الـ16 على يد الألمان، كما ودعوا البطولة الأخيرة التي استضافوها على أرضهم عام 1996 في كأس أوروبا من نصف النهائي على يد الغريم التاريخي الذي توج لاحقاً بلقبه الثالث والأخير في البطولة القارية.
ولعب مدرب إنجلترا الحالي غاريث ساوثغيت، دوراً في الخروج المرير لمنتخب بلاده بإهداره ركلة ترجيحية في تلك المباراة قبل 25 عاماً، ما جعل انتصار الثلاثاء ثأراً شخصياً له، وذلك بفضل هدفين متأخرين سجلهما رحيم سترلينغ الذي رفع رصيده إلى ثلاثة أهداف في هذه النهائيات، والقائد هاري كين في الدقيقة 86 الذي أكد على طموح بلاده بالقول «لن نتوقف هنا». وقال لاعب توتنهام الذي سجل هدفه الأول في البطولة «إنه يوم رائع، مباراة رائعة. أن نسمع (جمهور) ويمبلي بهذه الطريقة، فهذه لحظة لن ننساها جميعنا. كان أداءً رائعاً مع شباك نظيفة لمباراة أخرى... سنستمتع بهذا (الانتصار) لكن نعلم أنه بانتظارنا مباراة أخرى كبرى السبت» في العاصمة الإيطالية روما.
ويبدو طريق إنجلترا ممهدة نحو النهائي الذي يقام في «ويمبلي» أيضاً، لأن بعد دور الثمانية ستواجه في حال فوزها الدنمارك أو التشيك. بالنسبة لكين «الأهم هو ألا نتوقف هنا. لدينا رؤية حول أين نريد الذهاب كفريق، كمجموعة، كطاقم تدريبي، والأمور لم تنته بعد».
وتخطت إنجلترا بذلك دوراً إقصائياً في البطولة للمرة الثانية فقط بعد دور الثمانية في 1996 حين تغلبت على إسبانيا بركلات الترجيح، وتأمل الآن ألا يتكرر سيناريو تلك النسخة حين انتهى مشوارها في الدور الإقصائي الثاني (نصف النهائي نتيجة مشاركة 16 منتخباً في النهائيات حينها مقابل 24 حالياً) بخسارتها أمام ألمانيا. وستكون إنجلترا مرشحة على الورق لتخطي أوكرانيا ومدربها أندري شفتشنكو الذي قاد بلاده إلى مشوار تاريخي في البطولة ليس لوصولها إلى دور الثمانية وحسب، بل لأنها المرة الأولى التي تتجاوز فيها دور المجموعات منذ الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي. وبعدما خاضت جميع مبارياتها في دور المجموعات ولقاء دور الـ16 ضد ألمانيا على «ويمبلي»، تغادر إنجلترا عاصمتها للمرة الأولى من أجل الانتقال إلى روما، حيث ستلعب بغياب مشجعيها المقيمين في المملكة المتحدة بقرار من السلطات الإيطالية ضمن إجراءات الوقاية من فيروس كورونا.
وتأمل إنجلترا ألا ينتهي المشوار عند أبواب «الملعب الأولمبي» من أجل العودة مجدداً إلى «ويمبلي» لخوض نصف النهائي أمام 60 ألف متفرج هذه المرة، ولما لا النهائي أيضاً. ورأى حارس «الأسود الثلاثة» جوردن بيكفورد، حسب ما نقل عنه موقع الاتحاد الأوروبي، أنه «يتوجب علينا خلق أجوائنا الخاصة في روما، وهذا أمر باستطاعتنا تحقيقه. الجمهور كان رائعاً في تلك الأمسية (الثلاثاء) وخلال دور المجموعات أيضاً، بالتالي أعتقد أن ذلك يمنحنا حافزاً إضافياً لمباراة السبت من أجل العودة لخوض نصف النهائي أمام 60 ألف متفرج».
وتابع: «في المنتخب الإنجليزي لدينا أفضل الطواقم. أفضل العلماء الرياضيين، أفضل المعالجين النفسيين. لدينا كل شيء من أجل منح أنفسنا أفضل فرصة كي نكون جاهزين لمباراة السبت» التي ستجمع الإنجليز بأوكرانيا للمرة الثانية في نهائيات البطولة القارية بعد عام 2012 حين فاز «الأسود الثلاثة» بهدف واين روني في دور المجموعات. صحيح أن هناك فوارق فنية كبيرة بين إنجلترا وأوكرانيا، لكن على رجال ساوثغيت الحذر من حماس لاعبي المدرب شفتشنكو الذين أقصوا السويد من دور الـ16 بالفوز عليها 2 - 1 بهدف قاتل في الوقت بدل الضائع من الشوط الإضافي الثاني سجله البديل أرتيم دوبفيك. وتعول أوكرانيا بشكل خاص على نجميها في الدوري الإنجليزي الممتاز ألكسندر زينتشينكو (مانشستر سيتي) الذي افتتح التسجيل أمام السويد، وأندري يارمولينكو (وستهام).
وتطرق المدافع ميكولا ماتفيينكو، الذي كان بين خمسة لاعبين أوكرانيين فقط خاضوا جميع دقائق المباريات الأربع الأولى في هذه النهائيات، إلى هذه المسألة، قائلاً لموقع الاتحاد الأوروبي، «أعتقد أن الحافز لدى زينتشينكو ويارمولينكو سيكون مضاعفاً أو بثلاثة أضعاف (مقارنة بالمباريات الأخرى)». أما بخصوصه شخصياً، أجاب على سؤال حول إذا كان سيخوض اللقاء بحافز إضافي، لا سيما وسط الحديث عن اهتمام أندية إنجليزية بخدماته، بالقول «كلا. لست بحاجة إلى حوافز إضافية. نحن نمثل منتخبنا الوطني والأجواء رائعة هنا (بين اللاعبين). عندما ترتدي هذا القميص، فأنت تدرك بأنك ستقدم كل ما لديك بغض النظر عن هوية الخصم».
التشيك - الدنمارك
يقف المنتخب التشيكي عائقاً أمام رغبة الدنمارك بتكرار إنجاز عام 1992 عندما فجرت مفاجأة مدوية بفوزها بلقب كأس أوروبا، وذلك عندما يتواجه المنتخبان في دور الثمانية من البطولة القارية على الملعب الأولمبي في باكو اليوم. وواجه المنتخب الدنماركي خطر الخروج باكراً من دور المجموعات بخسارته أمام فنلندا صفر - 1 وبلجيكا 1 – 2، على وقع تعرض نجمه كريستيان إريكسن لسكتة قلبية خلال المباراة الأولى خرج منها لاحقاً سالماً.
ومع مواكبة جماهيرية في كوبنهاغن، سحقت الدنمارك روسيا 4 - 1 في المباراة الثالثة وأنهت المجموعة الثانية في المركز الثاني، قبل أن تخوض دور الـ16 في أمستردام، حيث سحقت ويلز برباعية نظيفة. وغابت الدنمارك عن المربع الذهبي لإحدى البطولات الكبرى منذ أن رفعت كأس البطولة القارية قبل 29 عاماً. حينها فشل المنتخب في التأهل إلى النهائيات التي خاضها لاحقاً كبديل عن يوغوسلافيا. وقال المدرب الدنماركي كاسبر هيولماند، قبيل المباراة المرتقبة في باكو، «هي فرصة ربما لن تتكرر مجدداً». ارتفعت وتيرة المنتخب الدنماركي مع توالي المباريات، حيث إن الفوز، في حال تحقق في أذربيجان، سيدفع به إلى الدور نصف النهائي لملاقاة إما إنجلترا أو أوكرانيا على ملعب «ويمبلي».
و«رُب ضارة نافعة»، فقد تألق الشاب ميكيل دامسغارد، مذ حل بديلاً للغائب إريكسن في المباراة الثانية، ممهداً الطريق أمام بلاده للفوز على روسيا بافتتاحه التسجيل. تعود المرة الأخيرة التي خاضت فيها الدنمارك دور الثمانية في إحدى البطولات الكبرى إلى «يورو 2004»، حين سقطت أمام المستقبلي جمهورية التشيك صفر - 3 بقيادة بافل نيدفد وبهدفين من ميلان باروش. في المقابل، قدم المنتخب التشيكي أداءً قوياً للفوز على نظيره الهولندي المنقوص عددياً 2 - صفر في بودابست في دور الـ16، وتزامن هذا الإنجاز مع غضب من رحلة باكو. وستعاني الجماهير التشيكية للتنقل إلى العاصمة أذربيجان لمؤازرة منتخب بلادها، بعدما خاض المنتخب الوطني مباراته أمام البرتقالي على ملعب «بوشكاش أرينا» في المجر بسعة جماهيرية بلغت 52834 ألفاً، منهم 7 آلاف مشجع تشيكي.
عكس لاعب الوسط بتر سيفتشيك أجواء الغضب قائلاً «تسافر لمسافة مثل هذه إلى باكو لمجرد لعب أمام مدرجات خالية، وذلك بعدما شاهدنا الأجواء في بودابست». وتابع «نحن حزينون لذلك. ولكن هكذا هي الأمور هذا العام، ولا يمكننا فعل أي شيء حيال ذلك». وصل رجال المدرب ياروسلاف شيلهافي إلى دور الـ16 في إحدى البطولات الكبرى للمرة الأولى منذ عام 2004، عندما خسروا أمام اليونان في نصف النهائي بهدف يتيم. ويعتمد المنتخب التشيكي في مسيرته إلى دور الثمانية في «يورو 2020» على دفاع صلب لم تهتز شباكه سوى مرتين في 4 مباريات، وعلى هداف من الطراز الرفيع هو باتريك تشيك. يعتبر هذا الأخير الهداف العامل الوحيد في البطولة حتى الآن الذي سجل 4 أهداف أو أكثر، في حين يطمح أن يسير على خطى مواطنه باروش المتوج هدافاً لـ«يورو 2004» في البرتغال، ليصبح ثاني لاعب تشيكي يحقق هذا الإنجاز. وأظهر سيفتشيك مساندة مطلقة لزميله الهداف في سعيه للتربع على صدارة الهدافين قائلاً «بالطبع نود أن يفوز باتا بالحذاء الذهبي. سنبذل قصارى جهدنا لمساعدته».