واشنطن لمجلس الأمن: نردع إيران بضربات في العراق وسوريا

الكونغرس يحذّر من تصاعد المواجهة مما يفرض على بايدن العودة إليه لطلب الإذن

ليندا توماس غرينفيلد السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة (رويترز)
ليندا توماس غرينفيلد السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة (رويترز)
TT

واشنطن لمجلس الأمن: نردع إيران بضربات في العراق وسوريا

ليندا توماس غرينفيلد السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة (رويترز)
ليندا توماس غرينفيلد السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة (رويترز)

أبلغت الولايات المتحدة مجلس الأمن، أول من أمس (الثلاثاء)، أنها شنت ضربات جوية على فصائل مسلحة مدعومة من إيران في سوريا والعراق، لمنع المسلحين وطهران من تنفيذ أو دعم مزيد من الهجمات على القوات أو المنشآت الأميركية. وينص البند «51» في ميثاق الأمم المتحدة على ضرورة إخطار المجلس المؤلف من 15 بلداً على الفور بأي تحرك يتخذه أي بلد دفاعاً عن النفس في وجه أي هجوم مسلح.
وقالت ليندا توماس غرينفيلد، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، إن الضربات الجوية أصابت منشآت تستخدمها فصائل مسلحة مسؤولة عن سلسلة من الهجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ على قوات ومنشآت أميركية في العراق. وقالت السفيرة في رسالة مكتوبة اطلعت عليها «رويترز»: «اتُّخذ هذا الرد العسكري بعدما تبين أن الخيارات غير العسكرية غير ملائمة في التصدي للتهديد، وكان هدفه خفض تصعيد الموقف والحيلولة دون وقوع هجمات أخرى».
- رسالة بايدن
وبعث الرئيس الأميركي جو بايدن برسالة مكتوبة مشابهة إلى الكونغرس أول من أمس، قال فيها إن «الولايات المتحدة مستعدة للقيام بأي تحرك آخر، عند الضرورة وبالطريقة الملائمة، لمواجهة أي تهديدات أو هجمات أخرى». غير أن رسالته زادت من حدة الجدل المحتدم في الكونغرس حول صلاحيات الحرب الرئاسية. وفيما أيد كبار الديمقراطيين تحرك بايدن بوصفه رداً متناسباً وضرورياً على تصاعد الضربات من الطائرات المسيّرة من قبل الميليشيات ضد المصالح الأميركية في العراق، فإن توقيت الرد وتكراره للمرة الثانية خلال بداية عهده، جاء فيما الديمقراطيون يعملون على إنهاء سلطات الحرب الرئاسية. ورغم قول العديد من الديمقراطيين إنهم يثقون بقراراته، فإنهم طالبوا البيت الأبيض بتقديم مزيد من التفسيرات عن الضربات الأخيرة، حيث أعرب البعض عن مخاوفهم من تصعيد متبادل بين الولايات المتحدة والميليشيات وحتى إيران؛ الأمر الذي يلزم بايدن بالعودة إلى الكونغرس لأخذ موافقته على شن عمل عسكري. وقال السيناتور الديمقراطي كريس مورفي في بيان: «لا شك في أن الرئيس بايدن يمتلك القدرة على الدفاع عن قواتنا في الخارج، وما زلت أثق بطبيعته في غرائز الأمن القومي لهذا البيت الأبيض». وأضاف مورفي: «ما يقلقني هو أن وتيرة النشاط الموجه ضد القوات الأميركية والضربات الانتقامية المتكررة ضد القوات التي تعمل بالوكالة عن إيران بدأت تبدو كأنها نمط من الأعمال العدائية بموجب قانون صلاحيات الحرب». وأضاف: «يتطلب كل من الدستور وقانون سلطات الحرب من الرئيس أن يأتي إلى الكونغرس لإعلان الحرب في ظل هذه الظروف».
وقالت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، إن الضربات «تبدو كأنها رد مستهدف ومتناسب على تهديد خطير ومحدد»، في حين قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف، إن الضربات كانت «تهدف إلى ردع ومنع هجمات إضافية من قبل الميليشيات المدعومة من إيران».
- البنتاغون
المتحدث باسم «وزارة الدفاع (بنتاغون)»، جون كيربي، قال إن عمليات القصف التي شنتها الطائرات الأميركية مطلع الأسبوع، جاءت بعد سلسة من الهجمات شُنت خلال الأسابيع الماضية بطائرات من دون طيار وهجمات صاروخية وقذائف «هاون» ضد القوات الأميركية ومنشآتها. وأضاف كيربي، خلال مؤتمر صحافي في البنتاغون، أن الرئيس الأميركي جو بايدن جاد في حماية الشعب الأميركي، وأن «الضربات التي أمر بتنفيذها تم تصميمها للتغلب على أنواع التهديدات التي كانت تواجهنا، خصوصاً من الطائرات المسيرة».
في هذا الوقت، أوضح المتحدث باسم عملية «العزم الصلب» في «التحالف الدولي لهزيمة (داعش)»، الكولونيل واين ماروتو، أن «الهجوم الذي تعرضت له القوات الأميركية في سوريا، استخدم فيه نحو 34 صاروخاً من عيار 122 ملم، لكنه لم يسفر عن أي إصابات». وأكد ماروتو في تغريدات على «تويتر» أن القوات الأميركية «ردت على هذا الهجوم بغارة من طائرة من دون طيار أطلقت صواريخ (هيل فاير)، ما أسفر عن وقوع إصابات في صفوف القوات المعادية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.