انقطاع الكهرباء يُغضب الليبيين

الدبيبة يعقد اجتماعاً لمناقشة «أسباب تردي الخدمات»... والأوقاف تطالب بـ«الصبر على المصائب»

الدبيبة خلال الاجتماع بقيادات شركة الكهرباء أمس (الحكومة الليبية)
الدبيبة خلال الاجتماع بقيادات شركة الكهرباء أمس (الحكومة الليبية)
TT

انقطاع الكهرباء يُغضب الليبيين

الدبيبة خلال الاجتماع بقيادات شركة الكهرباء أمس (الحكومة الليبية)
الدبيبة خلال الاجتماع بقيادات شركة الكهرباء أمس (الحكومة الليبية)

عبّر مواطنون في مدن غرب ليبيا وشرقها وجنوبها عن غضبهم بسبب عودة التيار الكهربائي للانقطاع لمدد طويلة بسبب زيادة طرح الأحمال، في ظل ارتفاع درجات حرارة الطقس. وفيما دخلت الهيئة العامة للأوقاف في طرابلس على خط الأزمة، وعدّت عدم التذمر من الأوضاع الحالية بمثابة «الصبر على المصائب»، أصدر النائب العام أوامر بضبط وإحضار كل من يعمل على إتلاف ممتلكات الشركة أو يعرقل عملها برفض طرح الأحمال.
وأمام تصاعد الغضب من انقطاع الكهرباء، بحث رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة مع مسؤولي الشركة العامة للكهرباء، أمس، «أسباب تردي الخدمات» خلال الفترة الماضية، وقال إن الحكومة وديوان عام المحاسبة ومصرف ليبيا المركزي قدموا كل التسهيلات اللازمة للشركة، لدعم خطة الحكومة العاجلة بشأن إصلاح الكهرباء.
وفيما أكد الدبيبة في بيان أصدره مكتبه، أمس، على ضرورة «المتابعة اليومية للخطة العاجلة المعتمدة من الحكومة»، تحدث رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء وئام العبدلي عن وجود تحسن في الخدمات التي ستقدمها الشركة خلال الأشهر المقبلة، متوقعاً حدوث طفرة في وضع الشبكة الكهربائية خلال الأسبوع المقبل بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة.
وسبق للعبدلي القول، أول من أمس، إن ليبيا وصلت إلى أعلى مستوى لها في استهلاك التيار خلال الأسبوع الماضي، لكن المواطنين والتجار في العاصمة ومدينة بني وليد ومدن عدة في الجنوب عبروا عن غضبهم من «مأساة طرح الأحمال» التي تتسبب بتعرضهم لخسائر فادحة.
وتتراوح مدد طرح الأحمال كل مرة من 4 ساعات في مناطق غرب ليبيا وجنوبها، بينما وصولاً إلى 6 ساعات في شرقها. ولدفع المواطنين لتحمل معاناة انقطاع التيار، دخلت الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية في طرابلس على خط الأزمة، وحثت في بيان رسمي، مساء أول من أمس، على ضرورة «الصبر على هذه الأزمة، لأنها من المصائب»، وهو التصريح الذي استقبله المواطنون بالاندهاش والاستغراب معاً.
وزادت الهيئة من نصائحها للمواطنين الغاضبين بأن «الصبر من أعظم خصال الخير التي حث الله عليها في كتابه العظيم وأمر بها الرسول عليه السلام في سنته، فنوصي من انقطعت عنه الكهرباء ساعات طويلة بالصبر والاحتساب، وألا يضجر ولا يغضب، بل يصبر ويحتسب، ويجعل ذلك من المصائب التي يؤجر عليها».
وقال النائب العام الصديق الصور، أمس، إن النيابة العامة تواصل متابعة الإجراءات الأمنية والإدارية التي اقتضتها التحقيقات الجارية للحد من الآثار المترتبة على «الأفعال الإجرامية» التي طالت قطاع الكهرباء وحجبت عن المواطن حقه في الحصول على الإمدادات الكهربائية وألحقت الضرر بالمصلحة العامة.
واستدعى النائب العام في مكتبه، أمس، قيادات في الشركة العامة للكهرباء لمعرفة أسباب انقطاع التيار بعد عملية استقرار نسبية للشبكة خلال الأيام الماضية، وأكدوا أن هناك «جملة من العوائق الفنية والأمنية حالت دون القضاء على العجز القائم في عملية توليد الطاقة الكهربائية»، وأن مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء وإداراتها التنفيذية «تسعى إلى تطوير العمل بما يرفع من قدرة الإنتاج الذي يغيب العجز في التوليد نهائياً».
وأكد النائب العام أن النيابة «أصدرت أوامرها بضبط وإحضار كل من تدخل في عرقلة برنامج عمل الشركة خلال شهر يونيو (حزيران) الحالي، تحت باعث رفضه لبرنامج طرح الأحمال، وكذلك ضبط وإحضار كل من تعدى على العاملين بشركة الكهرباء وكل من أسهم في الاستيلاء على منقولاتها أو عمل على إتلافها».
وأشار الصور إلى أن «النيابة العامة بما لها من صلاحيات خاطبت الجهات الأمنية والعسكرية المختصة بشأن مد يد العون لإدارة حماية الطاقة الكهربائية عبر وضع مخطط تطبيقي فعال غرضه حماية منشآت الشركة وحراسة فرق الصيانة العاملة بمختلف المواقع التابعة لها التي يؤمل من خلالها رفع المعاناة على المواطن ويزيد من فاعلية ملاحقة من يرتكب أي أفعال إجرامية تمس بهذا المرفق».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.