الهجرة السرية وأزمة ليبيا تتصدران مباحثات قيس سعيّد في إيطاليا

منظمات حقوقية تحذّر من لعب تونس دور «الحارس» لأوروبا

رئيس الوزراء الإيطالي مستقبلاً الرئيس التونسي في روما أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإيطالي مستقبلاً الرئيس التونسي في روما أمس (إ.ب.أ)
TT

الهجرة السرية وأزمة ليبيا تتصدران مباحثات قيس سعيّد في إيطاليا

رئيس الوزراء الإيطالي مستقبلاً الرئيس التونسي في روما أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإيطالي مستقبلاً الرئيس التونسي في روما أمس (إ.ب.أ)

قام الرئيس التونسي قيس سعيد أمس بزيارة رسمية إلى العاصمة الايطالية روما، وكان في استقباله لويجي دي مايو، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، وسفير تونس بروما، ورؤساء البعثات الدبلوماسية العربية المعتمدة بإيطاليا، وأعضاء البعثة الدبلوماسية التونسية في روما.
وقالت مصادر تونسية إن الرئيس سعيد سيبحث مع المسؤولين في إيطاليا مجموعة من الملفات المهمة، التي تتطلب تنسيقا خاصا مع الجانب الإيطالي، وفي مقدمتها ملف الهجرة غير الشرعية، وتجديد الاتفاقيات المبرمة مع إيطاليا حول العمالة الموسمية. علاوة على الملف الليبي، الذي يؤرق دول الجوار، والذي يتطلب مزيدا من الحوار والتنسيق لإجراء الانتخابات الليبية المبرمجة نهاية السنة الحالية.
ووفق ما تسرب من معطيات، فقد تم الإعداد الجيد لهذه الزيارة، التي كانت مبرمجة في الأصل بتاريخ 28 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لكنها تأجلت، فيما تواصلت الزيارات الايطالية إلى تونس، وآخرها زيارة وزيرة الخارجية الايطالية في 20 من مايو (أيار) الماضي، والتي كانت مرفوقة بمسؤولين أوروبيين، مما أضفى بعدا أوروبيا على تلك الزيارات. علاوة على زيارة عثمان الجرندي وزير الخارجية التونسية إلى إيطاليا يومي 26 و27 مارس (آذار) الماضي.
وقبل سفر الرئيس سعيد إلى إيطاليا حذرت مجموعة من المنظمات الحقوقية والاجتماعية من أن تفضي الحوارات مع الجانب الإيطالي إلى لعب تونس دور حارس الحدود أمام موجات الهجرة غير الشرعية الإيطالية. وفي هذا الشأن دعا رمضان بن عمر، المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة)، إلى تمسك تونس بالحلول الاقتصادية في علاقتها مع دول الضفة الشمالية للمتوسط، مبرزا أن الاتحاد الأوروبي منح تونس مساعدات بنحو 10 ملايين يورو ستوجه لمنع وصول المهاجرين إلى إيطاليا، مع الإبقاء على سياسة الترحيل إلى البلد الأصلي، وطالب في هذا السياق بضرورة أن يتغير دور تونس من حارس للشواطئ الأوروبية، إلى دور الشريك الاستراتيجي في إيجاد حلول للهجرة غير الشرعية المتنامية.
في غضون ذلك، أفاد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في مؤتمر صحافي افتراضي، عقد أمس بالعاصمة التونسية، بأنّ 836 من المهاجرين غير الشرعيين التونسيين وصلوا إلى الحدود الإيطالية خلال الـ15 يوما الأولى من شهر يونيو (حزيران) الحالي، مقابل 596 مهاجرا خلال شهر مايو (أيار) الماضي.
وشهدت الهجرة غير الشرعية انطلاقا من تونس ارتفاعا ملحوظا خلال السنة الحالية، مقارنة بالسنوات الماضية، حيث بلغ عدد المهاجرين السريين 2817 تونسيا خلال سنة 2021، مقابل 685 مهاجرا سنة 2020، و347 مهاجرا سنة 2019.
ورجح رمضان بن عمر تزايد عمليات الاجتياز من تونس، إلى تنامي المشاريع الأوروبية ذات الطابع الأمني لتحويل تونس إلى حصن يمنع وصول المهاجرين غير النظاميين، على غرار ما يقوم به مكتب المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة في تونس، الذي يتولى التسيير والتنسيق من أجل نشر نظام مراقبة حدود تقييدي، ومتعدد الأطراف في تونس وخارجها.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.