بوادر أزمة جديدة بين رأسي السلطة التنفيذية في تونس

على خلفية إقالة رئيس «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد»

هشام المشيشي رئيس الحكومة التونسية (رويترز)
هشام المشيشي رئيس الحكومة التونسية (رويترز)
TT

بوادر أزمة جديدة بين رأسي السلطة التنفيذية في تونس

هشام المشيشي رئيس الحكومة التونسية (رويترز)
هشام المشيشي رئيس الحكومة التونسية (رويترز)

أعلن هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية، عن قرار يقضي بأن يباشر الكاتب العام الجديد لـ«الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» عمله، دون أن يؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية قيس سعيد، خصوصاً بعد أن أكدت تسريبات أنه رفض قرار إقالة الرئيس السابق لـ«الهيئة» عماد بوخريص، وهو ما ينذر باندلاع أزمة جديدة، «ستدق إسفين الخلافات» أكثر بين رأسي السلطة التنفيذية؛ حسب مراقبين.
وكان رئيس الحكومة قد قرر إقالة القاضي بوخريص من مهامه على رأس «الهيئة»، وتعيين القاضي عماد بالطالب خلفاً له، لكن قرار مجلس القضاء العدلي يعوق تولي بالطالب مهامه على رأس «هيئة مكافحة الفساد».
ويرى مراقبون أن هذا القرار الحكومي سيواجه برفض الرئيس مجدداً إقالة بوخريص، خصوصاً أنه استقبله في اليوم نفسه الذي اتخذ فيه المشيشي قراراً بإقالته. كما أن التعيين الجديد قوبل برفض مجلس القضاء العدلي، وفي حال تثبيته؛ فإنه يبقى مطالباً بأداء اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية، وهي خطوة مرفوضة من قبل قيس سعيد، الذي سبق أن اتهم الحكومة بالفساد، ومحاولة التغطية على ملفات فساد أثارها رئيس «هيئة مكافحة الفساد» المُقال.
على صعيد غير متصل، أكد خالد الحيوني، المتحدث باسم وزارة الداخلية، فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات، وذلك بعد انتشار فيديو يظهر اعتداءات قوات الأمن ضد شاب مجرد من ملابسه بمنطقة سيدي حسين (غرب العاصمة)، وهو ما أدى إلى وفاته لاحقاً.
وأشار الحيوني في تصريح إعلامي إلى أن عناصر الأمن فوجئوا بعدد من الشبان الذين هاجموا رجال الأمن بالحجارة والعصي، إلى أن تمكن الشخص من الفرار، وبعد ذلك جرى إعلام قوات الأمن بمواصفات وهوية الشخص نفسه الذي فارق الحياة بأحد المستشفيات.
من جهته؛ قال وليد حكيمة، المتحدث باسم الإدارة العامة للأمن الوطني (الداخلية)، إن دورية أمنية عثرت على شاب في حالة غير عادية، وحين مواجهته قام بتعرية نفسه وعمليات عربدة، نجمت عنها «تجاوزات»؛ على حد قوله، مؤكداً أن هذه التجاوزات «لا تمثل الإدارة العامة للأمن الوطني. وأي اعتداء على أي مواطن تونسي لا يمثلها»؛ على حد تعبيره.
في السياق ذاته، انتقد «مرصد الحقوق والحريات» (حقوقي مستقل) تعرض المتهمين إلى التعرية أو التهديد بالتجريد من كل الملابس في مراكز الأمن أثناء استنطاقهم، أو التحري معهم في بعض التهم المنسوبة إليهم.
وقال أنور أولاد علي، رئيس «المرصد» لـ«الشرق الأوسط»، إنه تلقى شهادات كثيرة من تونسيين جرى إيقافهم أو الاحتفاظ بهم في السنوات الأخيرة، مؤكداً أن هذه الممارسات استمرت لسنوات طويلة، خصوصاً أمام رفض وزارة الداخلية وضع أجهزة مراقبة داخل مراكز الأمن لحماية المواطن من الاعتداء أو المعاملة القاسية.
وكانت وزارة الداخلية قد أكدت تعمد مجموعات من الشبان الاعتداء على قوات الأمن بمنطقة سيدي حسين بالعاصمة، مؤكدة تنفيذ اعتداءات على الأملاك العامة والخاصة، وإحداث شغب وتشويش، مما خلف حالة من الاستياء في صفوف التونسيين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».