قال مستشار كبير في منظمة الصحة العالمية، أمس (الجمعة)، إن هناك حاجة لأن تتبرع الدول الغنية بمزيد من لقاحات «كوفيد - 19»، وأن تحذو حذو الولايات المتحدة التي قدمت جرعات دون إبطاء لسد فجوة 200 مليون جرعة تسبب فيها تعطل الإمدادات الهندية وتأخر التصنيع.
وتحثّ منظمة الصحة العالمية الدول الغنية على التبرع بفائض الجرعات لديها للدول الفقيرة، بدلاً من إعطائها للمجموعات الأقل عرضة للخطر مثل الأطفال. وتبرّعت الدول الغنية حتى الآن بمائة وخمسين مليون جرعة عبر برنامج «كوفاكس» لتقديم اللقاحات للدول الفقيرة، كما ذكرت وكالة «رويترز».
ومع ذلك، قال بروس أيلوارد مستشار منظمة الصحة العالمية في تصريحاته أمس، إن جزءاً صغيراً من هذه الجرعات سيكون متاحاً على المدى القصير في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وهو ما من شأنه إحداث أثر في إبطاء وتيرة إصابات الجائحة العالمية.
وقال: «سنكون بحاجة إلى مثلي هذه الكمية، ولا بد من تقديمها في وقت أبكر»، في إشارة إلى حجم تبرعات الدول الغنية حتى الآن في الوقت الذي يجتمع فيه وزراء الصحة لمجموعة الدول السبع في أكسفورد. وأضاف: «ليست لدينا كميات كافية مؤكدة من عدد كافٍ من الدول في وقت مبكر بالقدر المطلوب لوضع العالم على مسار الخروج من (هذه الأزمة). مآلنا إلى الفشل إذا لم نحصل على جرعات في وقت مبكر».
وأشاد أيلوارد بخطة أميركية تم الكشف عنها الخميس، للتبرع بسرعة بخمسة وعشرين مليون جرعة، وحثّ الدول الغنية الأخرى على أن تحذو حذوها. وقال إن تعطل تصدير اللقاحات الهندية والتأخير في الحصول على لقاحات أخرى يعني أن برنامج «كوفاكس» العالمي لتقديم اللقاحات يعاني من نقص يبلغ نحو 200 مليون جرعة.
وخصّص معهد «سيروم» الهندي للمصل واللقاح إمدادات «أسترازينيكا» الموعودة للآلية الأممية للسوق المحلية وسط موجة ثانية مدمرة في الهند، ومن المتوقع أن يرفع تلك القيود في الربع الرابع من العام، حيث ستكون المنتجات الأخرى المخصصة لـ«كوفاكس» متاحة أيضاً. وأوضح: «كل هذا سيصل في الوقت نفسه».
وقال إنه حتى بعد قمة هذا الأسبوع التي قدمت تعهدات بقيمة 2.4 مليار دولار إضافية، لا تزال هناك فجوة تمويلية تقارب 17 مليار دولار في برنامج تسريع القضاء على الجائحة التابع لمنظمة الصحة العالمية المعني بتعزيز سبل الحصول على اللقاحات والعلاج والتشخيص.
إلى جانب ذلك، عادت منظمة الصحة إلى التحذير أمس (الجمعة)، من الطفرات التي ظهرت مؤخراً، ومن تلك التي يرجّح أن تظهر في البلدان التي ما زالت متأخرة في حملات التلقيح وينتشر فيها الفيروس على نطاق واسع. وقال مايكل رايان، مدير الطوارئ الصحية في المنظمة إن الحديث عن المناعة الجماعية ليس واقعيّاً، حتى إذا بلغت هذه المناعة 80 في المائة من مجموع السكان، لأن الطفرات الجديدة تعدّل كل الحسابات.
رغم تقدّم البلدان الأوروبية في حملات التلقيح ضد «كوفيد - 19» وتجاوزها العقبات التي واجهت الإمدادات والترتيبات اللوجيستية مطلع هذا العام، ما زالت هناك أسئلة معلّقة تنتظر نتائج الدراسات الجارية حول سلامة اللقاحات في المدى الطويل، والحاجة لجرعات إضافية ومدى الفاعلية التي تولّدها.
أما السؤال الأكثر إلحاحاً في الوقت الراهن بالنسبة لكثير من الدول الأوروبية التي وزّعت على مواطنيها الجرعة الأولى من لقاح «أسترازينيكا» قبل أن تظهر حالات التخثّر الدموي التي دفعت بكثيرين إلى رفض تكرار اللقاح نفسه في الجرعة الثانية، وبالسلطات الصحية إلى تمديد الفترة الفاصلة بين الجرعتين في انتظار نتائج الدراسات العلمية حول المزج بين أكثر من لقاح، حتى إن بعض البلدان مثل الدنمارك والنمسا قررّت التخلّي نهائياً عن لقاح «أسترازينيكا»، فيما اتجّه الاتحاد الأوروبي إلى حصر مشترياته اللقاحية حتى نهاية العام المقبل بلقاح «فايزر».
وما زال الخبراء الذين أشرفوا على تطوير لقاح «أسترازينيكا»، وفي طليعتهم أندرو بولّارد مدير قسم اللقاحات في جامعة أكسفورد، على اقتناعهم بأن هذا اللقاح سيكون له دور أساسي في مكافحة كوفيد خلال السنوات المقبلة رغم حالات التخثّر النادرة التي تعرّض لها عدد ضئيل من الذين تناولوا الجرعة الأولى من هذا اللقاح.
وإذ يذكّر خبراء منظمة الصحة العالمية بأن الحرب ضد الفيروس في مناطق كثيرة من العالم ما زالت في بدايتها، يؤكدون أن الدراسات التي أجريت حتى الآن أظهرت فاعلية الجمع بين جرعتين مختلفتين من اللقاح وينبّهون إلى أن الطفرات الجديدة التي ما زالت تظهر من وقت لآخر، تجعل من الصعب جداً الوصول إلى المناعة الجماعية على الصعيد العالمي.
ويقول الخبير الوبائي أوليفييه فانتومار من معهد باستور الباريسي، إن «كل اللقاحات التي تستخدم حالياً تولّد استجابة جيّدة لجهاز المناعة ضد البروتين الفيروسي الذي يحمل المادة الوراثية إلى الخلايا البشرية. ولا شك في فاعلية هذه الاستجابة في كل الحالات. لكن ما لا نعرفه بعد هو المزيج الأفضل والأكثر سلامة، وأي اللقاحات يجب أن يعطى أولاً. وهذا ما ستبيّنه الدراسات الجارية التي من المنتظر أن تظهر نتائجها في الأشهر القليلة المقبلة».
لكن بعض الدراسات التي أجراها باحثون في الدنمارك مؤخراً أظهرت أن المزج بين لقاحين مختلفين، لدى البالغين، يولّد أعراضاً أشدّ خلال اليومين التاليين لتناول الجرعة الثانية، من غير معرفة الأسباب التي تؤدي إلى ذلك.
وينصح خبراء منظمة الصحة العالمية بأنه طالما لم تتوفّر بعد نتائج نهائية حول المزج بين اللقاحات، من الأفضل إعطاء الجرعة الثانية من نفس لقاح الجرعة الأولى. ولدى سـؤالها عن القرار الذي اتخذته بعض الدول بعدم استخدام لقاح «أسترازينيكا»، وقرار ألمانيا التي أعلنت أنه بدءاً من مطلع الأسبوع المقبل بإمكان الذين كان مبرمجاً أن يتلقوا الجرعة الثانية من لقاح أسترازينيكا أن يتخلّوا عنها لشخص آخر، تقول ماريّا آنجيلا سيماو مديرة قسم اللقاحات في المنظمة الدولية: «لا أرى خطورة في هذه القرارات، لكنها تحملنا إلى التساؤل التالي: ما الهدف الذي نرمي إليه من حملات التلقيح؟ نحن في مواجهة مع جائحة غير مسبوقة تشكّل ضغطاً هائلاً على المنظومات الصحية، والسبيل الوحيدة لاحتوائها هي التركيز على السكان الذين تجاوزوا الخمسين من العمر، وعلى الفئات الضعيفة صحيّاً. لذلك، ومن وجهة النظر الفردية البحتة، من المستحسن قبول اللقاح المتوفّر الذي تقدمه السلطات الصحية الوطنية».
«الصحة العالمية» تحذّر من «الفشل» في غياب تبرعات الدول الغنية
مزيج اللقاحات يولد مناعة جيدة لكن الأعراض قد تكون أسوأ
«الصحة العالمية» تحذّر من «الفشل» في غياب تبرعات الدول الغنية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة