سقوط قتلى بمظاهرات في كولومبيا... والجيش يحكم قبضته على كالي

غضب شعبي واسع من مشروع حكومي لزيادة الضرائب

جنود في شوارع مدينة كالي خلال اشتباكات مع السكان الأصليين الأحد (أ.ف.ب)
جنود في شوارع مدينة كالي خلال اشتباكات مع السكان الأصليين الأحد (أ.ف.ب)
TT

سقوط قتلى بمظاهرات في كولومبيا... والجيش يحكم قبضته على كالي

جنود في شوارع مدينة كالي خلال اشتباكات مع السكان الأصليين الأحد (أ.ف.ب)
جنود في شوارع مدينة كالي خلال اشتباكات مع السكان الأصليين الأحد (أ.ف.ب)

أحكم الجيش الكولومبي قبضته بحلول صباح أمس (الأحد) على مدينة كالي، ثالث كبرى مدن البلاد ومركز مظاهرات احتجاجية عنيفة مستمرة ضد الحكومة. وأسفرت المظاهرات في كالي وحدها عن مقتل 13 شخصاً على الأقل.
وبدت شوارع كالي البالغ عدد سكانها 2.2 مليون نسمة، السبت، شبه مقفرة غداة مواجهات بين المتظاهرين والشرطة ومدنيين مسلحين. ودخلت الاحتجاجات ضد حكومة الرئيس إيفان دوكي، أمس، أسبوعها الثامن دون وجود حل في الأفق، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وعكست صور الدخان المتصاعد من بقايا الحواجز وأكوام الركام ليلة عنيفة وفوضوية. وتأتي هذه الاحتجاجات في إطار الغضب الشعبي من مشروع حكومي لزيادة الضرائب.
ورغم تراجع الحكومة عن مشروعها، يتواصل السخط الشعبي وتحول إلى احتجاجات أوسع في بلد يعاني عنفاً مستمراً وصعوبات اقتصادية فاقمها تفشي فيروس كورونا. وقُتل خلال شهر من الاحتجاجات 59 شخصاً على الأقل، على ما قال مسؤولون، بما في ذلك 3 أشخاص لقوا حتفهم في كالي. وأصيب نحو 2300 مدني وعسكري، وأُعلن عن فقدان 123 شخصاً، حسب بيانات وزارة الدفاع.
من جهتها، تتحدث منظمة «هيومن رايتس ووتش» عن وجود 63 قتيلاً في أرجاء البلاد مستندة إلى «تقارير موثوق منها»، ووصفت الوضع في كالي بـ«الخطير للغاية». وتتضمن حصيلة القتلى في كالي موظفاً في مكتب المدعي العام كان خارج ساعات العمل حين أطلق النار على محتجَين يغلقان طريقاً، ما أدى إلى مقتل أحدهما. وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي حشوداً بعدها تهاجمه وتقتله في موقع الحادثة.
وقال دوكي، الذي انتقل إلى كالي الجمعة، إنه نشر الجيش في المدينة لدعم الشرطة فيها وفي كل مكان آخر مع تحول الاحتجاجات إلى انتفاضة أوسع ضد مؤسسات الدولة.
وأمر دوكي بإرسال 7 آلاف جندي للمساعدة في فتح الطرق التي أغلقها المحتجون والقيام بدوريات في 10 ولايات، مع نشر 1141 جندياً في كالي. والسبت، أطلق حشد صيحات الاستهجان حين ظهر دوكي علناً في كالي قبل أن يرحل إلى مدينة بوبايان.
وقال وزير الأمن في كالي، كارلوس روخاس، «في جنوب المدينة، لدينا مشهد مواجهة حقيقية وتقريباً حرب أهلية، حيث ليس فقط فقد الكثير من الناس أرواحهم، لكن أيضاً هناك عدد كبير من الجرحى». وترأس دوكي الجمعة اجتماعاً أمنياً في المدينة، أعلن بعده أن «نشر أقصى مساعدة عسكرية للشرطة الوطنية» سيبدأ فوراً. ودعا مدير منطقة الأميركيتين في منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، خوسيه ميغيل فيفانكو، الرئيس الكولومبي، إلى اتخاذ «إجراءات عاجلة لوقف التصعيد بما في ذلك إصدار أمر محدد بحظر استخدام الأسلحة من قبل عناصر الدولة». وأكد فيفانكون أن «كولومبيا لم تعد تحتمل سقوط مزيد من القتلى».
والشرطة في كولومبيا منضوية تحت قيادة الجيش. وقال سكان في أحياء كالي الفقيرة لوكالة الصحافة الفرنسية، إن وجود الجيش يجعلهم يشعرون أكثر بالخوف، لا بالأمان.
وقالت لينا غاليغاس (31 عاماً)، وهي واحدة من سكان المدينة، «نشعر بالتهديد نشعر أكثر بالخطر»، وتابعت: «إذا حدث شيء لا يمكننا الاتصال بالشرطة لأنهم من يرتكبون القتل». وشبه أستاذ العلوم السياسية في جامعة «جافيريانا» لويس فيليبي فيغا، نشر الجيش «بإطفاء النار بالبنزين».
وراوحت محاولات الحكومة للوساطة مكانها إلى حد كبير، إذ فشلت في احتواء غضب الشباب المسيس المتضرر من الجائحة والتفاوت الكبير في المداخيل. وتشير تقديرات إلى أن ثلث الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 14 و28 عاماً لا يعملون ولا يدرسون.
وأحبطت قوى في حزب المركز الديمقراطي اليميني الذي ينتمي إليه دوكي محاولاته للتفاوض، إذ تفضل اتباع نهج استخدام القوة مع تبقي عام على الانتخابات العامة. ويقول خبراء الاقتصاد إن الفقر بات يطال 42.5 في المائة من أصل السكان البالغ عددهم 50 مليون نسمة. وأدت الجائحة إلى إغراق الفئات الأكثر ضعفاً في فقر مدقع.
ويربط محللون بين الإرث العسكري للحكومة وبين ردة فعلها تجاه الاحتجاجات. فعلى مدى نصف قرن، حجب النزاع مع متمردي القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) كافة أولويات الحكومة، تاركاً حكومة قوية عسكرياً لكنها عاجزة عن مواجهة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية.
وفي 2019، بعد عام على انتخاب دوكي، نزل الطلاب إلى الشوارع للمطالبة بتحسين التعليم العام المجاني والوظائف وجعل الدولة والمجتمع أكثر تضامناً. وفي 28 أبريل (نيسان) الماضي، أثار المشروع الحكومي لزيادة الضرائب الغضب مجدداً، ودفع المحتجين للشوارع مجدداً. ورغم تراجع الحكومة عن المشروع، واصل المحتجون التظاهر، وأشعلوا المتاريس في أرجاء البلاد، وأغلقوا عشرات الطرق الرئيسية، ما أدى إلى شح في السلع.



قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)
كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)
TT

قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)
كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)

اتفقت دول العالم بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ، وفقاً لاتفاق صعب تم التوصل إليه في قمة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ (كوب29) في باكو بأذربيجان.

ومن المزمع أن يحل الهدف الجديد محل تعهدات سابقة من الدول المتقدمة بتقديم تمويل مناخي بقيمة 100 مليار دولار سنوياً للدول الفقيرة بحلول عام 2020. وتم تحقيق الهدف في 2022 بعد عامين من موعده وينتهي سريانه في 2025.

واتفقت الدول أيضاً على قواعد سوق عالمية لشراء وبيع أرصدة الكربون التي يقول المؤيدون إنها ستؤدي إلى استثمارات بمليارات الدولارات في مشروعات جديدة داعمة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

وكان من المقرر اختتام القمة أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي مع سعي مفاوضين من نحو 200 دولة للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة التمويل المناخي العالمية في العقد القادم.

ورفضت الدول النامية أمس الجمعة اقتراحاً صاغته أذربيجان التي تستضيف المؤتمر لاتفاق ينص على تمويل قيمته 250 مليار دولار، ووصفته تلك الدول بأنه قليل بشكل مهين. وتعاني الدول النامية من خسائر مادية هائلة نتيجة العواصف والفيضانات والجفاف، وهي ظواهر ناجمة عن تغير المناخ.

وكشفت محادثات كوب29 عن الانقسامات بين الحكومات الغنية المقيدة بموازنات محلية صارمة وبين الدول النامية، كما جعلت الإخفاقات السابقة في الوفاء بالتزامات التمويل المناخي الدول النامية متشككة في الوعود الجديدة.

وبعد إعلان الاتفاق، أشاد المفوض الأوروبي فوبكه هوكسترا، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي، وقال المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ «عملنا بجدّ معكم جميعا لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار ثلاث مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح. إنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من جهته، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن مشاعر متباينة حيال الاتفاق، حاضاً الدول على اعتباره «أساساً» يمكن البناء عليه.

وقال غوتيريش في بيان «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً... من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساسا لمواصلة البناء عليه».