بري يستعد لإطلاق «خرطوشته الأخيرة»... الحكومة أو الانفجار

ينتظر عودة الحريري من باريس

الرئيس نبيه بري مترئساً الجلسة الأخيرة لمجلس النواب التي أكدت تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة (رويترز)
الرئيس نبيه بري مترئساً الجلسة الأخيرة لمجلس النواب التي أكدت تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة (رويترز)
TT

بري يستعد لإطلاق «خرطوشته الأخيرة»... الحكومة أو الانفجار

الرئيس نبيه بري مترئساً الجلسة الأخيرة لمجلس النواب التي أكدت تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة (رويترز)
الرئيس نبيه بري مترئساً الجلسة الأخيرة لمجلس النواب التي أكدت تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة (رويترز)

يستعد رئيس المجلس النيابي نبيه بري لمعاودة تشغيل محركاته لإخراج أزمة تأليف الحكومة من الحصار الداخلي المفروض عليها وهو ينتظر عودة الرئيس المكلف سعد الحريري في الساعات المقبلة من باريس التي انتقل إليها من أبوظبي ليكون في وسعه في ضوء اللقاء الذي يجمعهما أن يبني على الشيء مقتضاه ليقرر من أين يبدأ في تفعيل مبادرته، خصوصاً أن الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله أوكل إليه متابعة الاتصالات، تاركاً للحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون الاستعانة به لعله يتمكّن من حلحلة العقد التي تأخر تأليفُها في ظل انقطاع التواصل بينهما.
وينقل مصدر نيابي عن الرئيس بري قوله بأنه يحتفظ لنفسه بالخرطوشة الأخيرة للتدخّل بين عون والحريري لرأب الصدع بينهما ولن يفرّط فيها ما لم يلمس تجاوبهما، مع أنه بات الأعلم بالتفاصيل التي ما زالت تؤخر ولادتها، فيما البلد يغرق في أزماته وهو يقترب حالياً من الانفجار الاجتماعي الشامل.
ويؤكد المصدر النيابي لـ«الشرق الأوسط» نقلاً عن بري تفاؤله بحذر في إمكانية وضع ملف تشكيل الحكومة على سكة التطبيق بعد طول انتظار تخلّله تبادل الحملات الإعلامية والسياسية من العيار الثقيل من دون أن تفلح المحاولات السابقة في وضع حد يوقف التمادي في الاشتباك السياسي الذي يتضرّر منه الجميع وأولهم الشعب اللبناني الذي يغرق في أزماته من دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراج تؤمن انتقال البلد من مرحلة الاستعصاء على توفير الحلول لاحتياجاته إلى مرحلة التعافي ولو على مراحل.
وينقل عن بري قوله بأنه لا بديل عن تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد وأن الرهانات على شراء الوقت ليست في محلها لأن البلد لا يستطيع الصمود وأن أي خيار آخر بالمعنى السلبي سيأخذنا إلى الانفجار.
كما ينقل عنه قوله بأن أزمة تشكيل الحكومة داخلية بامتياز وأن المجتمع الدولي لن يهب إلى مساعدتنا ما لم نساعد أنفسنا، وهذه هي رسالة السفراء العرب والأجانب المعتمدين لدى لبنان إلى المعنيين بتشكيل الحكومة ومن خلالهم للبنانيين، وبالتالي فإن الدخول في لعبة ترف الوقت ليست لمصلحة بلدنا الذي لن نوقف انهياره إلا بالانفتاح بلا شروط على مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتبنّيها عملاً لا قولاً.
ويعتبر بري - بحسب المصدر النيابي - أن تشكيل الحكومة يقطع ولو مرحلياً الطريق على إقحامه في انفجار شامل ويمكن تأخيره بإنجاز الاستحقاق الحكومي الذي يمنحنا الفرصة للتوافق على الحلول التي تأخذ البلد إلى بر الأمان.
ومع أن بري يتجنّب الدخول في تفاصيل ما لديه من أفكار رغم أنها باتت معروفة وتشكّل نقطة للتلاقي لإخراج أزمة تشكيل الحكومة من المراوحة التي تؤخر ولادتها فإنه يراهن على تجاوب عون والحريري لإيجاد حلول وسطية لنقاط الخلاف على قاعدة أن تأتي الحكومة من دون ثلث ضامن لأحد فيها وتتشكّل من اختصاصيين ومستقلين من غير المحازبين، معتمداً هذه المرة على الموقف المتقدم لنصر الله الذي لم يسبق له أن أوكل لحليفه الاستراتيجي رئيس المجلس حرية التصرُّف في الملف الحكومي.
كما أن تفويض نصر الله لبري في الملف الحكومي هو رسالة موجّهة للحليف، أي لعون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل قبل الآخرين، وهذا ما يفسّر تواصل الأخير مع مسؤول التنسيق والارتباط في «حزب الله» وفيق صفا باعتبار أن الحل والربط في هذا الملف في عهدته وبات يُطلب منه أن يترجم استعداده لتسهيل تشكيل الحكومة إلى خطوات ملموسة.
ويكشف مصدر سياسي يواكب استعداد بري لمعاودة تحرّكه بأن تواصل صفا مع عون يبقى في نطاق مراعاته من قبل «حزب الله» في مقابل تركيزه على باسيل الذي عوّدنا على إطلاق الوعود المعسولة التي سرعان ما تتبخّر عندما يُطلب منه أن يترجمها حسابياً في تشكيل الحكومة، فيما يتابع المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل ما يدور من اتصالات على جبهة باسيل - الحزب.
ويؤكد المصدر السياسي أن «حزب الله» بدأ يضغط على باسيل انطلاقاً من موقف أمينه العام، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب تجاوز مراعاته لباسيل وقرر أن يضعه أمام مسؤولياته في رفع الشروط التي تؤخر ولادة الحكومة لئلا يتحول تحالفه معه إلى عبء يدفع بخصوم الحزب إلى اتهامه بأنه يعوق تشكيلها ويتلطى وراء عون وباسيل للاحتفاظ بورقة التأليف لصرفها بالتزامن مع توصُّل المفاوضات الأميركية - الإيرانية الجارية في فيينا حول الملف النووي برعاية أوروبية إلى النتائج المرجوة منها على الأقل من وجهة نظر طهران.
لذلك، فإن الآمال معقودة على لقاء بري - الحريري لعل رئيس المجلس يتمكن وإن كان يتفهّم هواجس الرئيس المكلف من أن ينتقل معه إلى منتصف الطريق ليلاقيهما باسيل الذي لم تعد لديه القدرة على المناورة بعد أن حشره نصرالله بإيداعه ملف التأليف بعهدة حليفه بري.
وعليه، فإن معاودة بري تشغيل محركاته تتوقف - كما يقول المصدر - على تقديم التسهيلات المتبادلة التي من دونها لا يمكن لحكومة مهمة أن ترى النور، مؤكداً أن وجود الحريري في باريس يسهم في توضيح بعض النقاط التي أثارت التباساً لدى الفريق المعاون للرئيس ماكرون الذي لا يزال يتمسك بمبادرته الإنقاذية.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.