تونس: سعيّد يطلب من الغنوشي كشف ملفات رفع الحصانة عن نواب

TT

تونس: سعيّد يطلب من الغنوشي كشف ملفات رفع الحصانة عن نواب

لم يمنع اللقاء الذي جمع الرئيس التونسي قيس سعيد مع هشام المشيشي رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالإنابة، من مواصلة تبادل الاتهامات بتعطيل مؤسسات الدولة والمسؤولية عن الأزمة السياسية والاجتماعية التي تمر بها تونس وعدم الجدية في الجلوس إلى نفس طاولة الحوار، فقد اعتبر قيس سعيد أن البرلمان التونسي الذي يرأسه راشد الغنوشي قد أخفى عدة معطيات حول ملف رفع الحصانة عن عدد من نواب البرلمان التونسي مؤكداً «وجود حالات تلبس في البرلمان، وهناك نواب في حالة فرار» من القضاء. وأشار سعيد إلى وجود 25 شكوى ذهبت من وزارة العدل إلى البرلمان تخص نواباً، لكن لم يتم النظر فيها من قبل مجلس نواب الشعب، ولم يتم عرضها على الجلسة العامة وهو ما أكد تضارب المعطيات الخاصة بهذا الملف الذي يؤكد على انتقال الخلاف السياسي للرئيس التونسي من هشام المشيشي رئيس الحكومة إلى راشد الغنوشي رئيس البرلمان.
وفي هذا الشأن، نفى ماهر المذيوب المتحدث باسم البرلمان التونسي تلقي مطالب لرفع الحصانة عن مجموعة من النواب، مفنداً خبر ورود مطالب لرفع الحصانة عن النواب منذ بداية الدورة البرلمانية الحالية، أو تلقي أي مراسلة رسمية من وزارة العدل لرفع الحصانة عن أي نائب، مشيراً إلى وجود طلب وحيد لا يتعلّق برفع الحصانة بل بالاستماع إلى نائب، وهو ما ليس من اختصاص البرلمان، وبالتالي لم يبد فيه أي رأي، على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، أعلن ديلو أن لجنة النّظام الدّاخلي بالبرلمان أبلغت عن توجيه مراسلة رسميّة لطلب توضيحات من رئيس البرلمان بخصوص ملفّات طلب رفع الحصانة، ومن ثم تنظيم جلسة استماع في الموضوع الأسبوع المقبل مع وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء.
وفي المقابل، أكد نبيل حجي النائب عن الكتلة الديمقراطية المعارضة، وجود 29 مطلب رفع حصانة عن نوّاب بالبرلمان التونسي موزعة بين طلبات قديمة وردت إلى المجلس النيابي السابق وطلبات جديدة وردت إلى المجلس الحالي، من بينهم 10 نواب انتهت مدتهم النيابية و19 نائباً في البرلمان الحالي ممن كانوا نواباً وأعيد انتخابهم خلال هذه الدورة النيابية أو نوّاباً انتخبوا حديثاً، وهو ما يؤكد تضارب المعطيات حول هذا الموضوع.
ومن ناحيته، اتهم زهير حمدي رئيس حزب التيار الشعبي المعارض حركة النهضة تحديداً بأنها المسؤولة الأولى عن التستر على النواب المشتبه بهم لأنها الحزب الأغلبي ولديها مصلحة بجعل ملفات تحت تصرفها، وقال إن رئيس البرلمان يبتز الأحزاب السياسية التي تمثل الحزام البرلماني والأحزاب الأخرى التي يحتاجها في عمليات التصويت.
على صعيد متصل، كشف المكتب التنفيذي لحركة النهضة أن رئيس الحركة ورئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي، كان قد بادر بطلب اللقاء والحوار بين الرؤساء الثلاثة (رئيس الدولة ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة)، لكن مبادراته بقيت دون استجابة. وأشارت النهضة إلى أن الحركة كانت قد دعت مراراً وتكراراً إلى ضرورة التزام كل مؤسسات الدولة بالدستور والصلاحيات المحددة لكل طرف من منظومة الحكم، ودعت إلى ضرورة وأهمية الحوار، ولا يزال عدد من هذه المبادرات ينتظر التفاعل الإيجابي من رئاسة الجمهورية، ودعت إلى التنسيق بين الرئاسات الثلاث لترتيب أولويات البلاد وحل المشكلات التي تطرأ من حين لآخر، منبهة باستمرار إلى خطورة الصراع والقطيعة بين مؤسسات الدولة.
وطلب المكتب التنفيذي من مجلس نواب الشعب إفادة الرأي العام بشأن ما تكرر من اتهامات صادرة عن رئيس الجمهورية تتعلق بمطالب رفع الحصانة داعياً المجلس إلى إنارة الرأي العام في هذا الموضوع لوضع حد لهذه الاتهامات.
في غضون ذلك، أكد محمد الغرياني المستشار الخاص لراشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي، أن الغنوشي يتعرض لحملة تشويه. وقال في تصريح إذاعي إن صورة الغنوشي في عهد النظام السابق (نظام بن علي) كانت تصل مخالفة للحقيقة وكانت صورة مخيفة عكس شخصيته في الواقع على حد تعبيره. وتابع موضحاً «الغنوشي رجل واقعي وسياسي وهو رجل له دور مهم في المصالحة الوطنية في تونس».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».