وزير النفط اليمني لـ«الشرق الأوسط»: الحوثيون يبتزون العالم بـ«صافر»

قال إن متوسط الإنتاج يقدر بـ55 ألف برميل يومياً

عبد السلام باعبود (تصوير: سعد الدوسري)
عبد السلام باعبود (تصوير: سعد الدوسري)
TT

وزير النفط اليمني لـ«الشرق الأوسط»: الحوثيون يبتزون العالم بـ«صافر»

عبد السلام باعبود (تصوير: سعد الدوسري)
عبد السلام باعبود (تصوير: سعد الدوسري)

كشف وزير النفط والمعادن اليمني عبد السلام باعبود عن عودة 5 شركات نفطية عالمية للإنتاج بعد توقف لسنوات جراء الانقلاب والحرب، إلى جانب استئناف شركات عالمية كبرى مختصة في خدمات الحقول النفطية، كشركتي بيكرهيوز وشلمبرجر العالميتين لتستأنف نشاطها في البلاد، وهو مؤشر مهم على بدء التعافي فعلاً لهذا القطاع الحيوي، بحسب تعبيره.
وأوضح باعبود الذي تسلم زمام الوزارة قبل أقل من ستة أشهر في حوار موسع مع «الشرق الأوسط» أنه ولأول مرة منذ الانقلاب تم حفر عدد من الآبار الاستكشافية خلال الأشهر الثلاثة الماضية في قطاع 9 النفطي، إلى جانب إنجاز مسوحات زلزالية ثلاثية الأبعاد بمساحة 269 كيلومتراً في القطاع نفسه.
ووفقاً لوزير النفط اليمني، يبلغ متوسط الإنتاج اليومي من القطاعات النفطية في البلاد نحو 55 ألف برميل يومياً، ويتم العمل حالياً على إعادة الإنتاج في قطاع 5 وتصدير النفط عبر الأنبوب الجديد وهو ما يعني إضافة كمية تقدر بين 20 و25 ألف برميل يومياً في مراحل الإنتاج الأولى.
وتحدث عبد السلام باعبود عن جهود لمعالجة إشكالية ناقلة النفط «صافر» التي وصفها بـ«الحساسة»، مبيناً أن الحكومة قدمت مقترحاً للحل بأن تقوم الأمم المتحدة مباشرة بالاستفادة من عائدات النفط الموجود على الناقلة في دفع رواتب الموظفين ودعم العمليات الإنسانية في البلاد... مواضيع مهمة أخرى تطرق لها الوزير.
وفيما يلي تفاصيل الحوار...
> بداية ضعنا في صورة نتائج اجتماع المجلس الأعلى للطاقة الأخير وانعكاس ذلك على توفر الطاقة ومشتقاتها والخدمة الكهربائية في المناطق المحررة؟ بمعنى ماذا سيستفيد المواطن فعلياً ويلمسه على أرض الواقع؟
- في الواقع، الاجتماع جاء بتوجيهات رئيس الجمهورية وبرئاسة رئيس الحكومة لإعداد رؤية وتصور لإيجاد المعالجات اللازمة لمشاكل الطاقة الكهربائية سواء كانت تلك المعالجات الطارئة أو وضع حلول استراتيجية على المدى البعيد ولا شك أن الانقلاب والحرب وتداعياتهما زاد الطين بلة، وقد بحث الاجتماع بمسؤولية التحديات التي تواجه قطاع الكهرباء وبالذات في العاصمة المؤقتة عدن والمعوقات التي تحول دون تنفيذ الخطط والبرامج العاجلة التي وضعتها الجهات المختصة ممثلة بوزارة الكهرباء والطاقة ومؤسساتها، والبحث في هذا الصدد عن حلول ومعالجات عاجلة منها البدء بالتشغيل التجريبي لمحطة الرئيس في عدن، أو من خلال توفير وقود الكهرباء وإيصاله إلى محطات التوليد كافة في المناطق المحررة.
كما تمت مناقشة عدد من العروض حالياً منها مقترح وزارة الكهرباء باستئجار محطة كهرباء عائمة تعمل بوقود المازوت كمعالجة عاجلة وفقاً لعروض مقدمة من شركات عالمية، وتمت إحالة هذه العروض للمراجعة والبت فيها وفق مسار زمني سريع.
> مرت قرابة 6 أشهر منذ توليكم مقاليد الوزارة، صرحتم حينذاك بأنكم ستعملون على تطوير وتحسين وتحفيز القطاعات النفطية والغازية المنتجة، وتفعيل وتعزيز الرقابة الفنية والمالية على أنشطة الشركات العاملة في قطاع البترول والتعدين، ما هي النتائج حتى الآن؟
- بكل تأكيد تبذل حكومة الكفاءات السياسية جهودا استثنائية لمواجهة الكثير من التحديات التي أفرزها الانقلاب، ونحن في وزارة النفط والمعادن جزء من هذه الحكومة ونواجه العديد من التحديات لا سيما أن قطاع النفط هو أحد أهم روافد اقتصادنا الوطني، لذا كان لا بد لنا من العمل وفق خطط واضحة تنبثق من رؤية استراتيجية كان أهم ركائزها استكمال البناء المؤسسي للوزارة ووحداتها، وفي هذا الصدد أعدنا تفعيل هيئة استكشاف وإنتاج النفط PEPA من مقرها الجديد في العاصمة المؤقتة عدن، وهي الإطار المؤسسي المعني بعملة الرقابة والإشراف الفني على الشركات النفطية العاملة.
كما عملنا على تشكيل فريق فني من الوزارة ووحداتها والشركات الوطنية العاملة في قطاع استكشاف وإنتاج النفط (صافر وبترومسيلة)، بهدف تقييم وضع القطاع النفطي خاصة بعد الأضرار التي لحقت به جراء الحرب والعمل على تقديم خطة متكاملة لعملية تطوير وتحفيز القطاعات النفطية لا سيما الحقول المتقادمة وهذا الفريق على وشك إنجاز مهمته خلال الشهر الحالي.
> ما هي الصورة الحالية لشركات النفط الأجنبية والمحلية العاملة في اليمن اليوم؟ كم عددها وهل تعمل جميعها؟
- خلال الفترة الماضية عملت وزارة النفط والمعادن على بذل جهود كبيرة لإعادة عدد القطاعات النفطية للإنتاج بعد توقف العمل فيها تحت بند القوة القاهرة، ومن هذه القطاعات قطاع S1 العقلة وتعمل فيه شركة OMV، وقطاع 9 مالك وتعمل فيه شركة كالفالي... وهاتان شركتان أجنبيتان، وهناك الشركات الوطنية التي استعادت العمل أيضاً منها شركة صافر في قطاع 18 مأرب، وشركة بترومسيلة في قطاعات حضرموت.
هنالك أيضاً بعض الشركات العالمية الكبرى المختصة في خدمات الحقول النفطية استعادت نشاطها ومنها على سبيل المثال شركة بيكرهيوز، وشركة شلمبرجر العالميتين، وهذا مؤشر مهم على بدء التعافي فعلاً لهذا القطاع الحيوي الهام.
ولا شك أن إنجاز خط الأنبوب الجديد من قطاع 5 إلى قطاع 4 غرب عياد وبطول 82 كيلومتراً يعتبر واحداً من أهم المشاريع الاستراتيجية التي تعد إضافة نوعية ونحن حالياً على وشك استكمال عمليات الفحص والمعاينة لهذا المشروع للبدء بتدشين العمل فيه. أيضاً فتحنا قنوات تواصل مع عدد من الشركات التي توقف عملها جراء الانقلاب وتداعياته، وأتوقع أن تعود بعض تلك الشركات للأنشطة والعمليات في عدد من القطاعات خلال الأشهر القليلة القادمة.
> كان قطاع البترول الرافد الأساسي للاقتصاد اليمني، وكان يسهم قبل الانقلاب الحوثي برفد الموازنة العامة بنحو 75 في المائة، كم تبلغ مساهمة هذا القطاع اليوم في الموازنة العامة للدولة؟
- بكل تأكيد تراجع إنتاج اليمن بفعل الانقلاب والحرب التي تقودها الميليشيات الحوثية وضعف حقول الإنتاج وخطوط النقل تسبب في حدوث إرباك شديد. موازنة الدولة في الظروف الطبيعية تعتمد بشكل رئيسي على عائدات النفط التي تغطي نحو 70 في المائة من موارد الموازنة العامة للدولة، و63 في المائة من إجمالي صادرات البلاد، و30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبعد الانقلاب اضطرت الشركات النفطية لتجميد نشاطها، وغادر موظفوها اليمن، وهذا الأمر يمثل تحدياً في تقدير إيرادات الدولة للموازنة ونفقاتها.
> هل هناك شركات نفطية ستستأنف أعمالها في اليمن قريباً؟ وما هي العراقيل التي تقف أمام عودتها؟
- نعم، نتوقع في القريب العاجل أن تنضم قطاعات نفطية جديدة للإنتاج، على سبيل المثال قطاع 5 جنة، وبالتالي عدد القطاعات النفطية التي تمت إعادتها للإنتاج سيكون 9 قطاعات، كما تمت عودة 5 شركات نفطية منتجة للعمل، ولأول مرة منذ الانقلاب تم حفر عدد من الآبار الاستكشافية خلال الأشهر الثلاثة الماضية في قطاع 9، إلى جانب إنجاز مسوحات زلزالية ثلاثية الأبعاد بمساحة 269 كيلومتراً في قطاع 9 أيضاً.
وكما أسلفت نحن الآن على تواصل إيجابي مع جميع الشركات النفطية، ونتوقع نتائج جيدة خلال الأشهر القادمة خاصة مع تحسن الوضع الأمني في مناطق العمليات البترولية.
> كم يبلغ الإنتاج الحالي للنفط في اليمن، علماً بأنه كانت لديكم خطة لزيادة الإنتاج تدريجياً بعد صيانة بعض القطاعات؟
- يبلغ متوسط الإنتاج اليومي من القطاعات النفطية في البلاد نحو 55 ألف برميل يومياً، ونعمل حالياً على إعادة الإنتاج في قطاع 5 وتصدير النفط عبر الأنبوب الجديد وعند ذلك ستضاف كمية تقدر بين 20 و25 ألف برميل يومياً في مراحل الإنتاج الأولى.
كما يتم العمل على تحسين الإنتاج في حقول صافر النفطية بمحافظة مأرب، ولدينا طموحات كبيرة لرفع سقف الإنتاج بمعدل 50 إلى 75 في المائة خلال النصف الثاني من 2021.
> كيف تسهم منحة المشتقات النفطية السعودية في دعم جهود الحكومة اليمنية لتطبيع الأوضاع وعودة الاستقرار في البلاد؟
- بداية نشكر خادم الحرمين الشريفين وولي عهده على الدعم المتواصل ومساندة بلادنا في هذه الظروف الصعبة، وبلا شك سيكون لمنحة المشتقات النفطية السعودية وهي الرابعة أثر كبير في دعم التنمية وتخفيف معاناة المواطنين، حيث سيتم تشغيل 80 محطة كهرباء على امتداد المحافظات المحررة عبر هذه المنحة، وهذا الأمر سيتيح للحكومة الوقت لوضع حلول مستقبلية لأزمة الكهرباء، ويخفف من العبء على ميزانية الحكومة، وتسهم كذلك في استقرار سعر صرف الريال اليمني.
> ما زال ميناء بلحاف للغاز مغلقاً رغم الجهود المتكررة لاستئناف العمل فيه، ما هي التحديات أمام ذلك، وهل سيعود العمل فيه قريباً؟
- في الحقيقة هنالك مساعٍ وجهود كبيرة تبذل لاستئناف التشغيل، وقد عقدنا عددا من الاجتماعات مع الشركاء، كان آخرها في القاهرة لمناقشة الخطة الفنية والأمنية، وسيعقد مجلس إدارة الشركة YLNG اجتماعاً خلال الشهر المقبل لمناقشة عدد من القضايا من بينها خطط إعادة التشغيل.
> كيف تقيمون وضع الناقلة صافر، وما هي آخر الجهود لتفادي حدوث كارثة في البحر الأحمر؟
- الوضع الذي يمر به خزان صافر يزداد سوءاً يوماً بعد آخر، نتيجة استمرار الميليشيات الحوثية في عرقلة جهود الفريق الأممي، وقد أوضحنا أن استمرار هذه العراقيل سيؤدي إلى نتائج كارثية، للأسف جماعة الحوثي تتخذ من الناقلة ورقة ابتزاز وضغط على المجتمع الدولي والشرعية اليمنية، دون أي اعتبار للتبعات والعواقب في حال تسرب النفط، لذلك ندعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته والتعاطي مع هذا الملف بجدية مقدرين في الوقت نفسه جهود الأمم المتحدة لمعالجة هذه المشكلة الحساسة، وهنا نشير إلى أنه تجري دراسة عدة مقترحات للحل، منها أن تقوم الأمم المتحدة مباشرة بالاستفادة من عائدات النفط الموجود على الناقلة في دفع رواتب الموظفين ودعم العمليات الإنسانية في البلاد.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.