«نمو متفجر»... متطوعون يعملون على إثراء «ويكيبيديا العربية»

الموسوعة الإلكترونية «ويكيبيديا» تظهر على شاشة كمبيوتر (أرشيفية - رويترز)
الموسوعة الإلكترونية «ويكيبيديا» تظهر على شاشة كمبيوتر (أرشيفية - رويترز)
TT

«نمو متفجر»... متطوعون يعملون على إثراء «ويكيبيديا العربية»

الموسوعة الإلكترونية «ويكيبيديا» تظهر على شاشة كمبيوتر (أرشيفية - رويترز)
الموسوعة الإلكترونية «ويكيبيديا» تظهر على شاشة كمبيوتر (أرشيفية - رويترز)

مدفوعون بالفخر بلغتهم وتراثهم، يعمل أعضاء شبكة متنامية من المتطوعين في إثراء المحتوى المنشور باللغة العربية على «ويكيبيديا»، وأسهمت جهودهم في زيادة المقالات العربية إلى أكثر من مليون مقال على الموسوعة الإلكترونية، وفقاً لوكالة «رويترز».
وخرجت «ويكيبيديا العربية» إلى النور في عام 2003 بعد عامين من إطلاق الموسوعة الأم، وشهدت نمواً سريعاً في السنوات الأخيرة، إذ تضاعف عدد المقالات إلى أكثر من الضِّعف منذ عام 2015 بفضل المتطوعين المتحمسين في جميع أنحاء العالم العربي.
واحتفلت «ويكيبيديا» الأُم في يناير (كانون الثاني) بمرور 20 عاماً على مولدها، لكنها احتفلت بشكل خاص بمجتمع المحررين المتطوعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذين يعملون على زيادة المحتوى باللغة العربية وغيرها من اللغات والذي يعكس طبيعة وثقافات المنطقة المتعددة.
وقالت آمنة الميزوني، وهي متطوعة تونسية وتدير أيضاً جمعية معنية بالتراث: «أولاً، تطوعنا بهدف... يجب ألا تتطوع من دون حب كبير للشيء الذي تنوي القيام به، أو من دون هدف معين. نحن تطوعنا حباً في اللغة العربية، حباً في ثقافتنا، حباً في بلداننا، حباً في المعرفة عموماً».
في عام 2020 أجرى أكثر من 15 ألفاً من محرري «ويكيبيديا العربية» أكثر من 1.6 مليون تعديل على مقالات «ويكيبيديا» المختلفة وأنشأوا أكثر من 77 ألف مقال جديد بالعربية عليها. وانضم 136 ألف مستخدم مسجل جديد إلى «ويكيبيديا العربية» بزيادة قدرها 44% مقارنةً بعام 2019.
وقال جاك رباح، وهو أحد المديرين الإقليميين في مؤسسة «ويكيميديا»، وهي مؤسسة غير هادفة للربح تُشغل «ويكيبيديا» وتزوّد محرريها بالبرمجيات وتمويل المشاريع والشراكات التي تساعد على تعزيز المحتوى، إن نمو «ويكيبيديا العربية» كان «متفجراً» خلال السنوات الست الماضية بفضل هؤلاء المتطوعين.
وأوضح أنهم يساعد بعضهم بعضاً لخلق مزيد من المعرفة.
وأضاف: «(ويكيبيديا العربية) بدأت في عام 2003. الجهود بدأها أفراد بالمجتمعات في أنحاء المنطقة. لدينا متطوعون في المغرب ومصر وتونس والجزائر والأردن وفلسطين والعراق وسوريا ودول أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».
وكان لدى «ويكيبيديا» نحو 400 ألف مقال باللغة العربية في 2015 ولكن العدد تزايد بمقدار أكثر من الضِّعف ليصل إلى أكثر من مليون مقال مع بداية عام 2021.
وقال رباح: «رأينا هذا ينمو الآن إلى ما يقرب من مليون مقال على (ويكيبيديا العربية). لوضع الأمور في نصابها، في عام 2015 كانت (ويكيبيديا العربية) بها نحو 400 ألف مقال. الآن ترى أن النمو متفجر مع مرور الوقت».
وجاءت «ويكيبيديا العربية» في المركز العاشر من حيث اللغات الأكثر زيارة على «ويكيبيديا» بالنسبة إلى المحتوى المتعلق بمرض «كوفيد - 19»، لكنّ منتقدين يقولون إن الموقع يفتقر إلى تغطية العلوم والتكنولوجيا باللغة العربية بالشكل الكافي، وهي فجوة يقول بعض المتطوعين إنهم يعملون على سدها.
ويقضي أنّاس السدراتي، وهو مهندس اتصالات مغربي يبلغ من العمر 31 عاماً ويعمل ويدرس في السويد، ما يقرب من ساعتين يومياً في كتابة مقالات جديدة أو تعديل مقالات قائمة أو الترجمة أو التنسيق مع متطوعين آخرين.
وقال لتلفزيون «رويترز»: «بالنسبة إليّ وجدت أن (ويكيبيديا) هي فكرة رائعة خصوصاً أنها توفّر المعرفة بشكل حر للجميع، والشيء الأهم أننا نعرف أن عدداً كبيراً من الناس لا تتوفر لهم الظروف المناسبة، وقد لا يحصلون على التعليم الكامل أو فرصة شراء الكتب، فعلى الأقل يجب أن تكون هناك موسوعة على الإنترنت توفر جميع المعلومات بشكل حر ومجاني ومفتوحة للجميع».
ومليون مقال باللغة العربية لا تشكل سوى جزء بسيط مما يقرب من 55 مليون مقال بمختلف اللغات على «ويكيبيديا». ويقول متطوعون إن هناك متسعاً لمزيد من النمو.
وقال سرمد ياسين، وهو متطوع عراقي يبلغ من العمر 40 عاماً ويعمل أيضاً مهندس اتصالات: «لدينا حضارة عريقة وأدباء وشعراء، وأشخاص مبدعون في كل المجالات... صحيح أننا عانينا من حروب ومشكلات، ولكن في نفس الوقت لدينا قدرات، وأشخاص لديهم حب التطوع والكتابة والنشر ولا يريدون احتكار المعلومات».
وتمول مؤسسة «ويكيميديا»، التي لا تتدخل في المحتوى التحريري للموسوعة، مشاريع عديدة لتنمية وإثراء المحتوى العربي مثل مشروع المعرفة ومشروع «ويكي جاب» وهو مشروع يهدف إلى زيادة المحتوى الخاص بالمرأة العربية على الموسوعة لسد فجوة في هذا المجال.
وموّلت المؤسسة عدة مشاريع لتسليط الضوء على التراث في الأردن وسوريا ودول عربية أخرى.


مقالات ذات صلة

بدء إصلاح كابل بيانات متضرر في بحر البلطيق

أوروبا كابل الاتصالات البحري «سي ليون 1» أثناء وضعه في قاع بحر البلطيق عام 2015 (أ.ف.ب)

بدء إصلاح كابل بيانات متضرر في بحر البلطيق

 بدأ إصلاح كابل اتصالات بحري متضرر بين هلسنكي وميناء روستوك الألماني في بحر البلطيق، الاثنين.  

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
المشرق العربي أطفال انفصلوا عن شقيقهم بعد فراره من شمال غزة ينظرون إلى صورته على هاتف جوال (رويترز)

انقطاع كامل للإنترنت في شمال غزة

أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، اليوم (السبت)، عن انقطاع كامل لخدمات الإنترنت في محافظة شمال قطاع غزة، بسبب «عدوان الاحتلال المتواصل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
يوميات الشرق حبُّ براد بيت سهَّل الوقوع في الفخ (رويترز)

«براد بيت زائف» يحتال بـ325 ألف يورو على امرأتين «مكتئبتين»

أوقفت الشرطة الإسبانية 5 أشخاص لاستحصالهم على 325 ألف يورو من امرأتين «ضعيفتين ومكتئبتين»... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا سانيا أميتي المسؤولة في حزب الخضر الليبرالي (أ.ب)

مسؤولة محلية سويسرية تعتذر بعد إطلاق النار على ملصق ديني

قدمت عضوة في مجلس مدينة سويسرية اعتذارها، وطلبت الحماية من الشرطة بعد أن أطلقت النار على ملصق يُظهِر لوحة تعود إلى القرن الرابع عشر لمريم العذراء والسيد المسيح.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
شؤون إقليمية كنعاني خلال مؤتمر صحافي في طهران (الخارجية الإيرانية)

إيران ترد على «مزاعم» اختراقها الانتخابات الأميركية

رفضت طهران ما وصفتها بـ«المزاعم المتكررة» بشأن التدخل في الانتخابات الأميركية، في حين دعت واشنطن شركات تكنولوجيا مساعدة الإيرانيين في التهرب من رقابة الإنترنت.


نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.