ترقب لتفعيل ترتيبات خصخصة القطاعات الحكومية السعودية

اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط»: النظام سيحد من الهدر المالي والفساد الإداري ويرفع جودة الخدمات ويحفّز التنافسية

نظام الخصخصة للقطاعات الحكومية السعودية يدخل حيز التنفيذ بعد شهر (الشرق الأوسط)
نظام الخصخصة للقطاعات الحكومية السعودية يدخل حيز التنفيذ بعد شهر (الشرق الأوسط)
TT

ترقب لتفعيل ترتيبات خصخصة القطاعات الحكومية السعودية

نظام الخصخصة للقطاعات الحكومية السعودية يدخل حيز التنفيذ بعد شهر (الشرق الأوسط)
نظام الخصخصة للقطاعات الحكومية السعودية يدخل حيز التنفيذ بعد شهر (الشرق الأوسط)

في وقت يقترب فيه نظام خصخصة القطاعات الحكومية السعودية من دخوله حيز التنفيذ، حيث تفصله فقط قرابة شهر من سريان تنفيذه والعمل على ترتيباته العملية، أوصى اقتصاديون بضرورة اختيار أفضل أدوات التنفيذ، ومراعاة جميع مصالح الأطراف المختلفة، وذلك من خلال البيع بأفضل الأسعار والقدرة على تنمية وتطوير أداء الشركات وإعطاء كبار المستثمرين فرصة التمكن من إدارتها، وتحديد الأهداف بشكل واضح قبل الطرح، مع اختيار الوقت المناسب والأخذ في الاعتبار إمكانات السوق في الوقت الحالي.
وكان وزير المالية محمد الجدعان، مطلع مايو (أيار) الجاري، أكد أن نفاذ نظام التخصيص خلال 45 يوماً سيمكن القطاع الخاص من المشاركة بشكل أكبر لتقديم الخدمات التي كانت تقدمها الحكومة وتمكينها من الصرف على مشروعات أكثر من خلال استثمارات القطاع الخاص.
وقال الدكتور أسامة بن غانم العبيدي، أستاذ القانون التجاري الدولي بمعهد الإدارة العامة بالرياض، لـ«الشرق الأوسط»، إن التخصيص في المملكة ليس أمراً جديداً، حيث أثبتت التجربة التحسن الملموس في الخدمات المقدمة، مستشهداً بتخصيص قطاع الاتصالات.
وأضاف العبيدي أن الفترة المقبلة ينتظر أن تشهد ذات التجربة الناجحة لدى تخصيص القطاعات الحيوية الأخرى، حيث تسعى السعودية إلى التخصيص لتخفيف العبء عن الميزانية العامة للدولة وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الناتج الإجمالي المحلي من 40 في المائة إلى 65 في المائة بحلول عام 2030.
ولفت إلى أن تخصيص الأصول المملوكة للدولة، ومنها الشركات الحكومية والأراضي والأصول، سيؤدي إلى زيادة الموارد المالية للدولة واستثمارها وإحداث أثر إيجابي وتنمية الأدوات الاستثمارية والقدرات المالية للمملكة وأجهزتها العامة.
ووفق العبيدي، سيسهم التخصيص أيضاً في تنمية قطاعات جديدة وإيجاد شركات وطنية رائدة، والاستثمار في الشركات العالمية الكبرى وشركات التقنية الناشئة والرائدة العالمية، وبالتالي تعظيم إدارة الأصول والتمويل والاستثمار، خاصة أن رؤية 2030 تهدف إلى طرح أسهم بعض الشركات المملوكة للدولة في السوق المالية ومنها شركة «أرامكو»، وفق برنامج مدروس ومتكامل للاستفادة من أفضل الممارسات الدولية، ونقل المعرفة لتحقيق أفضل نتائج لهذا التوجه.
وسيحفز التخصيص، وفقاً للعبيدي، مشاركة القطاع الخاص وفق إجراءات شفافة ونزيهة وتفعيل اللجان الإشرافية للقطاعات، بحيث يكون لكل قطاع دوره في عملية التخصيص لتعظيم القيمة المضافة من الأصول الحكومية ورفع كفاءة الإنفاق، وسيشمل التخصيص قطاعات متنوعة كانت بحسب الأصل حكومية، مثل الصحة والطاقة والتعليم والبيئة والنقل، وسيؤدي إلى تفرغ الجهات الحكومية لأداء دورها التنظيمي والتشريعي.
ووفق العبيدي، فإن التخصيص أثبت فاعليته في وقف الهدر المالي والفساد الإداري، ورفع جودة وكفاءة الخدمات المقدمة وزيادة فاعلية الدور التنظيمي والرقابي للأجهزة، وتحفيز وتنشيط التنوع الاقتصادي وزيادة التنافسية لمواجهة التحديات على المستويين الإقليمي والدولي، وتعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم، إضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتحسين ميزان المدفوعات وتوفير المزيد من فرص العمل.
من جانبه، قال محلل الأسواق المالية حمد العليان، لـ«الشرق الأوسط»، إنه بعد نحو شهر ستدخل قطاعات وهيئات حكومية ضمن حيز برنامج الخصخصة لتحقيق مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، من خلال تنفيذ حزمة سياسات متكاملة تهدف إلى الاعتماد على القطاع الخاص، مع توسيع نطاق المنافسة حتى يدار الاقتصاد بكفاءة عالية وفاعلية أكبر، والقطاع الحكومي والعمل والتنسيق بينهما.
ويعني ذلك، وفق العليان، زيادة دور القطاع الخاص بالقدر الذي يتناسب مع إمكاناته وموارده في عملية التطوير وجعله شريكاً كاملاً في عملية التنمية الاقتصادية، من خلال أهداف واضحة ومعروفة بدقة، وأولويات يمكن أن تتخلى عنها الدولة دون أي تأثير على أنشطة القطاعات المختلفة ودورها الاقتصادي والاجتماعي.
وأضاف العليان: «من خلال توفير الدراسات المتأنية يسهل تحديد الأنشطة التي يمكن التخلي عنها للقطاع الخاص، ليصبح شريكاً في التنمية الاقتصادية للدولة بدلاً من كونه مستفيداً من قيام الحكومة بإدارة النشاط الاقتصادي بنسبة كبيرة».
ولفت إلى أن هذه الخطوات تتطلب التدرج في التطبيق لتجنب الاحتكار والاستغلال الذي يمكن أن يتعرض له أصحاب الدخول المحدودة، ولزيادة دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية بهدف جلب المزيد من الإيرادات السيادية للدولة، ممثلة في الضرائب والرسوم نتيجة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي، والتحسن المستمر لإدارة المصانع القائمة بهدف تحقيق أقصى استغلال ممكن للطاقات والموارد البشرية والمادية.
أما فيما يتعلق بالآلية المناسبة لتخصيص القطاع الحكومي، يوصي العليان بضرورة اختيار أنسب الطرق لبرنامج الخصخصة بطريقة متوازنة تراعي فيها جميع الأطراف المصالح المختلفة، وذلك من خلال البيع بأفضل الأسعار للمحافظة على المال العام والقدرة على تنمية وتطوير أداء الشركات وإعطاء كبار المستثمرين فرصة التمكن من إدارتها وتحديد الأهداف بشكل واضح قبل الطرح، بالإضافة إلى اختيار الوقت المناسب مع الأخذ في الاعتبار إمكانات السوق في الوقت الحالي.
ويعتقد أن أهمية خطوة خصخصة القطاعات الحكومية، وفق العليان، تنعكس في كفاءة الأداء إذا تم تطبيق الخصخصة بشكل سليم كمعيار نجاح أكبر، مثلما حدث في بعض الدول مثل المملكة المتحدة وماليزيا، مشيراً إلى أن القطاعات ذات الأولوية في الخصخصة، تتمثل في قطاع الصحة كأولوية، تأتي بعده القطاعات التقنية والاتصالات، لافتاً إلى أن هناك بعض الشركات الحكومية سترى النور قريباً مثل شركة «علم» والشركات الأخرى التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، وأخيراً قطاع التعليم الذي يعد من القطاعات التي استفادت بشكل كبير خلال أزمة «كورونا» في تكوين بنية أساسية ممتازة، ما يسهم في سهولة تخصيص هذا القطاع.


مقالات ذات صلة

ميزانية السعودية تظهر استمرار النفقات الحكومية على المشاريع العملاقة

الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

ميزانية السعودية تظهر استمرار النفقات الحكومية على المشاريع العملاقة

يتضح من أداء الميزانية العامة السعودية في الربع الثالث من العام الحالي نيات الحكومة في مواصلة زيادة حجم الإنفاق على المشاريع العملاقة.

بندر مسلم (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ناقلة نفط يتم تحميلها في مصفاة رأس تنورة النفطية التابعة لـ«أرامكو السعودية» (رويترز)

انخفاض إنتاج النفط 9.3 % في السعودية خلال 2023

انخفض إنتاج النفط الخام في السعودية بنسبة 9.3 في المائة، في عام 2023، على أساس سنوي، حيث بلغ 3506 ملايين برميل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد «منتدى الأعمال التركي - السعودي» نحو دفع التعاون والتبادل التجاري

«منتدى الأعمال التركي - السعودي» نحو دفع التعاون والتبادل التجاري

شهد «منتدى الأعمال التركي - السعودي» توقيع 10 اتفاقيات تعاون في كثير من القطاعات.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى «سابك» في السعودية (واس)

​«سابك» تتحول إلى الربحية في الربع الثالث جرَّاء ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات

تحوَّلت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) إلى الربحية في الربع الثالث من العام الحالي وحققت مليار ريال

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد منتجعات محافظة العلا غرب السعودية (الشرق الأوسط)

مرافق الضيافة السياحية تتضاعف في السعودية

شهدت مرافق الضيافة السياحية بالسعودية نمواً ملحوظاً خلال الربع الثالث من العام الحالي؛ إذ أعلنت وزارة السياحة، الأحد، تجاوز عدد التراخيص المصدَرة 3.950 رخصة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تراجع طفيف لسوق الأسهم السعودية عند 12039 نقطة

مستثمر يتابع شاشة الأسهم في «السوق المالية السعودية» بالرياض (أ.ف.ب)
مستثمر يتابع شاشة الأسهم في «السوق المالية السعودية» بالرياض (أ.ف.ب)
TT

تراجع طفيف لسوق الأسهم السعودية عند 12039 نقطة

مستثمر يتابع شاشة الأسهم في «السوق المالية السعودية» بالرياض (أ.ف.ب)
مستثمر يتابع شاشة الأسهم في «السوق المالية السعودية» بالرياض (أ.ف.ب)

أغلق «مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية (تاسي)»، الاثنين، على تراجع طفيف نسبته 0.07 في المائة، عند مستويات 12039.31 نقطة، وبسيولة بلغت 6 مليارات ريال (1.59 مليار دولار).

وبلغت الأسهم المتداولة 647 مليون سهم، سجلت منها أسهم 66 شركة ارتفاعاً في قيمتها، فيما أغلقت أسهم 166 شركة على تراجع.

وانخفض سهم «سابك» بمقدار 0.41 في المائة، بعد إعلانها التحول إلى الربحية في الربع الثالث من العام الحالي بمليار ريال (266 مليون دولار).

وتراجع سهم «البنك الأهلي» بنسبة 1.50 في المائة، إلى 32.85 ريال، بتداولات قيمتها 409.8 مليون ريال.

كما انخفض سهم «الأبحاث والإعلام» بمعدل 4 في المائة، إلى 279.80 ريال.

وتصدر سهم «أسمنت الشرقية» الشركات الأعلى خسارة، بانخفاض قدره 6.79 في المائة، عند 32.25 ريال.

في المقابل، ارتفع سهم «أرامكو السعودية»، الأثقل وزناً في المؤشر، بنسبة 1.48 في المائة، إلى 27.50 ريال.

وسجل سهما «علم» و«سال» ارتفاعاً بنسبتَي 5 و3 في المائة توالياً، عند 1122 و287 ريالاً على التوالي، بعد الإعلان عن النتائج المالية للربع الثالث من العام الحالي.

وأغلق «مؤشر الأسهم السعودية الموازية (نمو)» مرتفعاً 765.32 نقطة، ليغلق عند مستوى 28062.77 نقطة، بتداولات قيمتها 93 مليون ريال، وبلغت الأسهم المتداولة 10 ملايين سهم.