تواصل مصر استعداداتها لنقل مركب خوفو الأول المعروف بـ«مركب الشمس» من موقعه الذي اكتُشف به قبل نحو نصف قرن، إلى المتحف المصري الكبير بميدان الرماية بالجيزة، في مشروع يعد «الأكبر» من نوعه لنقل أثر بهذا الحجم، حيث من المنتظر أن تجري قريباً بروفة لعملية النقل، تمهيداً لنقله ليستقر في موقعه النهائي في مبنى أُعد خصيصاً له.
وقال اللواء عاطف مفتاح، المشرف العام على مشروع المتحف المصري الكبير والمنطقة المحيطة، وصاحب فكرة نقل المركب، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تم الانتهاء من كل التجهيزات الأثرية المتعلقة بحماية جسم المركب، إضافة إلى بناء الهيكل الحديدي الواقي للمركب، الذي تم تركيبه ببراعة شديدة حول المركب، أشبه بحاوية الشحن المعدنية، يبلغ طولها نحو 50 متراً، وارتفاع 7.5 متر، موضوعة على قضبان حركة وبناء الزلاجات التي تسمح بوضع الحاوية على عربة النقل الخاصة»، مشيراً إلى أنه «تم شحن السيارة الذكية والحاملة للحاوية التي ستدخل إلى المبنى الموجود به المركب لرفعه، من بلجيكا، وهي في الطريق إلى مصر، ومن المنتظر وصولها خلال عشرة أيام».
وأضاف مفتاح أنه «يجري حالياً حماية جسم المركب بهيكل خشبي، استعداداً لعملية النقل التي ستتم قريباً بالتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة، لإزالة المعوقات من الطريق»، موضحاً أن «مسار المركب من موقعه الحالي بجوار الهرم الأكبر حتى المتحف المصري الكبير يبلغ طوله 7.5 كيلومتر، وستستغرق الرحلة نحو يوم كامل، لأن السيارة ستسير ببطء شديد جداً».
واكتشف المهندس والصحافي كمال الملاخ مراكب خوفو أو مراكب الشمس في مايو (أيار) عام 1954، ويعد هذا الاكتشاف من أهم الاكتشافات الأثرية الخاصة بالملك خوفو، وتولى المرمم المصري أحمد يوسف عملية ترميم وإعادة تركيب مركب خوفو الأول، بينما ظل الثاني مفككاً داخل الحفرة التي اكتُشف بها.
وتمهيداً لعملية النقل يجري الاستعداد لتنفيذ بروفة بنفس الأوزان والأحمال باستخدام حاوية بنفس العرض ولكن ليست بنفس الطول، للتأكد من سلامة عملية النقل، وأمان المسار، فهذه «هي المرة الأولى التي يتم فيها نقل أثر بهذا الحجم، وهو مشروع جدير بالتوثيق»، وفقاً لمفتاح.
وتعود فكرة النقل إلى مايو 2019 عندما عرض اللواء مفتاح الموضوع على الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وجّه بدراسة الموضوع علمياً قبل إتمام عملية النقل، وهو ما تم بالفعل حسب مفتاح، الذي أوضح أن «كمال الملاخ عندما اكتشف المركبين عام 1954، قرر بناء مبنى فوق الحفرة التي عثر بها على المركبين واستخراج مركب واحد وتجميعه والإبقاء على الثاني في الحفرة، فكان المبنى الموجود حالياً عند الضلع الجنوبي للهرم الأكبر، والذي حرم زوار المنطقة من الاستمتاع بهذا الجزء، بالإضافة إلى تشويه هذا المبنى الذي استغرق بناؤه عشر سنوات، البيئة المحيطة بالهرم، حتى افتُتح في عام 1982، إضافة إلى أنه مبنى ضيق ولا يحافظ على المركب بشكل جيد»، حسب مفتاح.
وقال مفتاح إن «المخطط القديم كان يقضي بنقل مركب خوفو الثاني إلى المتحف الكبير، بعد استخراجه من الحفرة، وهو ما تم بالفعل من خلال مشروع مصري - ياباني بدأ منذ 14 عاماً، ثم ترميمه وتجميعه، لكن طريقة العرض لم تكن دقيقة، ولم توضح كيف سيتم عرض مركب بطول 45 متراً وعرض 8 أمتار داخل المتحف، ومن هنا برزت فكرة إنشاء مبنى جديد يكون مخصصاً لعرض المركب».
لكن طموح مفتاح كان أكبر من عرض المركب الثاني، وبدأ يفكر في نقل مركب خوفو الأول أيضاً، وعند طرح الفكرة للوهلة الأولى أُثيرت تساؤلات ومخاوف حول كيفية نقل المركب، وهل سيتم تفكيكه، وهل سينجح المرممون في تجميعه مرة أخرى، خصوصاً أن عملية تجميع أجزاء المركب استغرقت في الماضي نحو عشر سنوات، حيث لم يكن هناك دليل يوضح كيفية تجميع القطع الخشبية التي عثر عليها مرتّبة في عدة طبقات.
وقال مفتاح: «بعد دراسة متكاملة تم الاستقرار على نقل مركب خوفو الأول دون تفكيك، في هيكل معدني أو حاوية ضخمة يتم تجميعها حول المركب، يكون أسفلها فراغ يسمح بدخول السيارة تحتها بعد رفع الحاوية على رافعات هيدروليكية».
ويؤكد مفتاح أن «خطة النقل تمت دراستها بشكل دقيق للغاية، ومراعاة كل وسائل الأمان لحماية المركب الأثري».
ومراكب الشمس هي قوارب رمزية دينية، استخدمها إله الشمس (رع) في رحلة الليل والنهار، لتنظيف العالم من الأرواح الشريرة، حيث زُوّدت بمجاديف مسنّنة لقتل الأرواح الشريرة، ويعتقد العلماء أن مركب خوفو بُني حتى يصاحب الفرعونَ الإله «رع» في رحلته إلى العالم الآخر.
مركب خوفو الأول إلى المتحف المصري الكبير... قريباً
تم اكتشافه عام 1954 على يد كمال الملاخ
مركب خوفو الأول إلى المتحف المصري الكبير... قريباً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة