«حرب أهلية» يشتبك مع أزمات المجتمع المصري بدون تجميل

المسلسل يتطرق إلى مشكلة عدم تربية الأبناء بين الأبوين نتيجة الطلاق

TT

«حرب أهلية» يشتبك مع أزمات المجتمع المصري بدون تجميل

أثار المسلسل المصري «حرب أهلية» الذي يجري عرضه حالياً ضمن ماراثون رمضان، جدلاً واسعاً قبل أن يبدأ بسبب اسمه أو عنوانه، طارحاً تساؤلاً استنكارياً، هل يمكن أن تتدهور العلاقات الاجتماعية بين الأهل إلى حد وصفها بـ«حرب أهلية»؟ فقد جاء الاسم الذي يعتبره قطاع كبير من المجتمع المصري «صادماً»، لا سيما بالنسبة لمسلسل اجتماعي من الطراز الأول.
مسلسل «حرب أهلية» بطولة يسرا، وباسل خياط، وأروى جودة، وسينتيا خليفة، وجميلة عوض، وعدد آخر من الفنانين وهو من تأليف أحمد عادل وإخراج سامح عبد العزيز، وتدور أحداثه حول حياة «مريم» التي تجسدها الفنانة يسرا طبيبة التجميل الناجحة التي تضطرها الظروف لترك ابنتها (تمارا) وهي صغيرة فتشب حاقدة عليها وعلى الجميع، وتتعرض «مريم» للخداع من قبل طبيبها النفسي وزوجها (يوسف) الذي يستولي على أموالها بتوكيل رسمي، وتتصاعد الأحداث وتشتد قسوة الصراعات بين مختلف الأطراف، بينما يشدد مؤلف المسلسل أحمد عادل على أن «الحرب الأهلية الحقيقية بالمسلسل لم تبدأ بعد».
ويقول، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «ما أقدمه في المسلسل لا يمثل سوى نحو 10 في المائة من الحقيقة، فلا أجسد سوى نسبة محدودة للغاية مما يعاني منه المجتمع الذي بات يضج بمشكلات وصراعات أكثر قسوة وعنفاً ووجعاً مما نتناوله في الدراما، ولا يحمل أي إساءة لطرف محدد، فما نقدمه أصبح من ملامح العصر، ولا يخص طبقة بعينها»، ويتساءل: «هل حين أتناول حياة أسرة واحدة من ضمن ملايين الأسر المصرية أكون قد أسأت للمجتمع كله، أو للطبقة التي تنتمي إليها؟! كما أن المسلسل مثلما تطرق إلى مشكلات تخص أصحاب الثراء الفاحش مثل أسرة (عزيز) فإنه تناول (بلطجة) شقيق نور ابنة يسرا بالتبني».
وفي حين تصطدم هذه الرؤية مع آراء جانب كبير من رواد «السوشيال ميديا» الذين أعربوا خلال تعليقاتهم عن اشتياقهم وحنينهم إلى الدراما المصرية الدافئة التي تعكس حياة الأسر العادية والعلاقات السوية بين الناس، لا سيما أفراد الأسرة الواحدة، بما في ذلك قصص الكفاح والنجاح ومساندة أفراد العائلة لبعضهم، منتقدين ما يقدمه المسلسل من علاقات مشوهة وعقوق على حد تعبيرهم يصل إلى حد إلقاء الابنة التي تجسدها الفنانة الشابة جميلة عوض، هدية عيد ميلادها في وجه أمها (يسرا) وطردها من منزلها، فإن المؤلف أحمد عادل يقول: «عندما أبحث عن فكرة للاحتفاء بالعلاقات السوية، أكتشف أنه لا يخرج منها دراما، إنما تتجه عيني إلى الأسرة المختلفة والموضوع المليء بالتناقضات والصراعات، فذلك هو ما يصنع الدراما». ويتابع: «في الوقت نفسه فإن المسلسل بما يقدمه من علاقات متشابكة ومتناقضة إنما يسلط الضوء على قضايا مجتمعية خطيرة، والدليل على ذلك هو أنني لا أقدم (تمارا) كشخصية عادية، إنما هي تعاني من اضطرابات نفسية شديدة، فهي تحاول إيذاء المحيطين بها، خصوصاً صديقاتها المقربات، وقد أصبح الجمهور على وعي برسم الشخصيات الدرامية بما يكفي لاستيعاب أحداث الدراما وما ترمي إليه».
ويتطرق المسلسل الجديد إلى واحدة من أهم القضايا الاجتماعية، لا سيما بعد ارتفاع نسبة الطلاق أخيراً في مصر، وما أسفر عنه من عدم تربية الأبناء بين الأبوين، يقول عادل: «عندما يحدث الطلاق يقوم بعض الآباء بغرس الكراهية داخل نفوس الأبناء تجاه الطرف الآخر، وفي الواقع هذه الكراهية تعد ناراً، تمس الأبناء أنفسهم في البداية عندما يوجهون تلك الكراهية تجاه المجتمع والآخرين، عاجزين عن التواصل معهم على غرار (تمارا)».
تحمل شخصية «مريم» قدراً من المبالغة في مواقفها من حيث «الطيبة» أو المثالية الزائدة، خصوصاً فيما يتعلق بعلاقتها بابنة الخادمة مقابل تخليها عن ابنتها في طفولتها، لكن يرد عادل قائلاً: «إنها شخصية واقعية من (لحم ودم) وليست ملاكاً، فهي تخطئ وتصيب، ويقدمها المسلسل معترفة بخطئها في حق ابنتها، أما فيما يتعلق بعلاقتها بـ(نور) التي تجسدها مايان السيد، فيكفي أن أذكر أنها تعكس قصة حقيقية بطلتها تنال رعاية واهتماماً يفوقان ما تتمتع به (نور) من جانب يسرا، وقد رأينا رغم ذلك كيف انتفضت وضربت (نور) من أجل (تمارا)».
ويعد عدم استحواذ البطلة على المساحة الأكبر من المشاهد من مميزات ونقاط قوة العمل، بل إن يسرا يقتصر ظهورها في بعض الحلقات على 3 أو 4 مشاهد فقط، مقابل مساحة كبيرة في حلقات أخرى لبعض الوجوه الشابة مثل جميلة عوض، وهو ما يعلق عليه عادل: «لأن يسرا نجمة كبيرة وواثقة بنفسها فهي التي تطلب زيادة مساحة شخصيات أخرى بما يخدم العمل الفني».
كما يتمتع المسلسل كذلك بالأداء التمثيلي المميز لفريق العمل، وكأنها مباراة فنية، إذ تتفوق يسرا على نفسها في الأداء المُعبر الهادئ وهي تتناول قضايا شديدة القسوة والعنف، ويقدم باسل الخياط دور الشرير الأنيق الجذاب ببراعة ونعومة شديدتين بشكل عصري، وتُعد الممثلة الشابة جميلة عوض مفاجأة العمل بقدرتها على تجسيد الفتاة المريضة التي تعاني من اضطرابات نفسية حادة برغم تمتعها بكل مظاهر الحياة المترفة، حيث أدت الدور بسلاسة من دون إفراط في الأداء الشكلي أو ما يقدم عليه البعض في مثل هذه الأدوار المركبة من «تشنجات» ومبالغة في الأداء، وفق نقاد.


مقالات ذات صلة

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق سهر الصايغ خلال تسلمها إحدى الجوائز (حسابها على إنستغرام)

سهر الصايغ: تمردت على دور «الفتاة البريئة»

قالت الفنانة المصرية سهر الصايغ إنها تشارك في مسلسل «أسود باهت» بدور «شغف» التي تتورط في جريمة قتل وتحاول أن تكشف من القاتل الحقيقي.

مصطفى ياسين (القاهرة )
يوميات الشرق مريم الجندي في مشهد يجمعها بأحد أبطال المسلسل (لقطة من برومو العمل)

«ساعته وتاريخه» مسلسل مصري يجذب الاهتمام بدراما حول جرائم حقيقية

في أجواء لا تخلو من التشويق والإثارة جذب المسلسل المصري «ساعته وتاريخه» الاهتمام مع الكشف عن «البرومو» الخاص به الذي تضمن أجزاء من مشاهد مشوقة.

انتصار دردير (القاهرة )

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.