سنوات السينما

سنوات السينما
TT

سنوات السينما

سنوات السينما

- (1968) The Green Berets
- جون واين في حرب خاسرة
- ★★★
ليس خفياً أن جون واين انبرى لتحقيق هذا الفيلم (أخرجه مع المخضرم مرفن ليروي وشريكه في العمل راي كيلوغ) كرد سياسي على سلسلة أفلام هوليوود التي انتقدت الحرب الدائرة في فييتنام وعلى نشاطات المعارضة لتلك الحرب لدى المثقفين وعند ملايين الأميركيين من الشباب.
كذلك ليس خفياً أنه، كفنان، التزم بالخط اليميني منذ الخمسينات مروراً بمحاكمات مكارثي وبسلسلة من الأفلام الحربية التي أرادها خير إعلان عن شعوره الوطني ضد الشيوعيين والليبراليين واليابانيين على حد سواء. دافعه الوطني كذلك كان أحد الأسباب التي اندفع فيها لتأدية دور البطل الأبيض الذي لا يُضاهى، حين يأتي الأمر لمقارعة الهنود الحمر في الأفلام العديدة التي مثلها لصالح المخرج جون فورد.
«القبعات الخضر» هو حكاية كولونيل في الجيش الأميركي خلال الحرب الفيتنامية. مهمته المقبلة توجيه ضربة قاصمة لمنطقة تحتلها قوات فييتكونغ في غمار الدفاع عن فيتنام تبعاً للسياسة الأميركية المعلنة في هذا الصدد. يشترك الكولونيل بالهجوم على معقل الأعداء ويقبض على أحد قادة الفيتتكونغ. هذا من بعد أن بلغه أن تلك القوّات مارست ضد معتقليهم الأميركيين والفيتناميين أبشع وسائل التعذيب. لجانبه في المهام العسيرة الملازم مالدون (ألدو راي) والملازم بيترسون (جيم هاتون) الذي كان تبنّى صبياً فيتنامياً يتيماً. حين يُقتل بيترسون يُطيب الكولونيل من وقع الصدمة على الصبي بإخباره أن والده مات لكي يعيش الصبي حراً في وطنه.
كل التوليفة السياسية متوفرة في هذا الفيلم الذي لا بأس بمستواه كفيلم حربي. مصنوع بمهارات هوليوود التنفيذية وإذا شئنا تحييد الدوافع السياسية فهو ما زال أحد الأفلام المهمّة لتلك الفترة. في التوليفة ذاتها وتوجيهاً لرسالة لليبراليين الأميركيين، أوجد السيناريو دوراً لصحافي أميركي (قام به ديفيد جنسن) معارض للحرب من نوع «تعالَ وشاهد بنفسك».
هناك بعض الغموض فيما يتعلق بأصول الفيلم وموقف وزارة الدفاع الأميركية منه. الفيلم مقتبس عن كتاب بالعنوان نفسه وضعه روبن مور، الذي تعرّض لانتقادات شديدة اللهجة، حسبما صرّح مور آنذاك، على أساس أن الكتاب يكشف أسراراً لا يمكن الإفصاح عنها. حين بلغ وزارة الدفاع أن هوليوود ستنتج فيلماً مستمداً من حيثيات الكتاب جددت معارضتها.
لماذا المعارضة إذا ما كان الكتاب (والفيلم لاحقاً) مؤيدان للحرب الفيتنامية؟ حسب المؤلف مور وجد البنتاغون أن الحديث عن فرقة خاصة باسم «القبعات الخضر» ليس مناسباً بسبب ذيوع انتقادات سياسية ضدها، ولأن البنتاغون كان يدرس سحب الفرقة من الخدمة كلياً.
قبل التصوير أمضى جون واين ثلاثة أسابيع في فيتنام زار خلالها بعض المواقع والمعسكرات الحليفة وعدداً من المستشفيات لبث روح معنوية بين المصابين الأميركيين. الثابت أن معرفة واشنطن بجون واين ومواقفه ليّنت معارضتها، علماً بأن تلك المعارضة جعلت من عملية التمويل ذاتها صعبة حتى بالنسبة لممثل وسياسي من وزن جون واين.

★: ضعيف | ★ ★: وسط | ★★★: جيد
★★★★: ممتاز | ★★★★★: تحفة


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.