مقتل عقيد بالاستخبارات وإصابة قيادي في الحراك الجنوبي بعدن

اشتباكات بين مسلحين وقوات الأمن الخاصة.. وفوضى أمنية

مقتل عقيد بالاستخبارات وإصابة قيادي في الحراك الجنوبي بعدن
TT

مقتل عقيد بالاستخبارات وإصابة قيادي في الحراك الجنوبي بعدن

مقتل عقيد بالاستخبارات وإصابة قيادي في الحراك الجنوبي بعدن

قتل جندي يمني وأصيب شخص آخر في مواجهات مسلحة بين مسلحين قبليين وقوات من الجيش في مدينة عدن الجنوبية، فيما أصيب القيادي في الحراك الجنوبي، بجاش الأغبري بطلق ناري في الوجه، في حين اغتيل قائد كبير في الجيش اليمني على يد مجهولين في نفس المدينة.
وقالت مصادر عسكرية بمحافظة عدن لـ«الشرق الأوسط»، بأن مواجهات مسلحة اندلعت بين مسلحين مجهولين وقوات الجيش المتمركزة في إحدى النقاط الأمنية في منطقة الحسوة غرب المدينة، ظهر أمس الأربعاء، حيث قام المسلحون بإطلاق وابل من الرصاص على أفراد الجيش الموجودين في النقطة بشكل مفاجئ ليقوم الجنود بالرد عليهم وتبادلوا إطلاق النار سقط على إثرها أحد الجنود ومدني، صادف مرورهما في النقطة.
كما أصيب القيادي في الحراك الجنوبي وعميد الأسرى الجنوبيين بجاش علي عابد الأغبري الصبيحي ، بطلق ناري في الوجه عند مروره في نفس النقطة التي حدثت فيها المواجهات، حيث أكد القيادي الجنوبي علي الأغبري لـ«الشرق الأوسط»، بأنه وأثناء عودتهم من حي «مدينة الشعب»، غرب مدينة عدن برفقة بجاش الأغبري وأثناء مرورهم بجانب إحدى النقاط فوجئوا بهجوم من قبل قوات الجيش.
ويعد القيادي بجاش الأغبري أحد القادة الجنوبيين البارزين حيث كان يعمل في مكتب وزير الدفاع في عدن هيثم قاسم طاهر قبل حرب صيف 1994 بين شمال اليمن وجنوبه ثم غادر مدينة عدن إلى المهرة بعد أن انتصر الشمال على الجنوب في تلك الحرب، وظل الأغبري ملاحقا من السلطات اليمنية على خلفية تأسيسه إحدى المنظمات حيث تم اعتقاله في محافظة المهرة بتاريخ 11 / 11 وهو ما يعرف اليوم بيوم الأسير الجنوبي، وتم نقله إلى العاصمة صنعاء وتم محاكمته بعدة تهم منها إقلاق الأمن والسكينة ومحاولة إسقاط طائرة عسكرية وغيرها، وصدر الحكم الابتدائي بإعدامه تعزيزا في 18 / 10 / 1998م من قبل محكمة شرق صنعاء ثم تم تعديل الحكم عليه من قبل محكمة الاستئناف من الإعدام إلى 20 سنة وذلك عام 2001م، ثم تم الإفراج عنه بتاريخ 17 - 03 - 2011 م بعد أن قضى ثلاثة أرباع المدة.
وأكد علي الأغبري وهو نجل شقيقة بجاش الأغبري، في سياق تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، بأن قوات الجيش التي كانت تقف فوق إحدى المصفحات أطلقت عليهم وابلا من الرصاص أصيب على إثره القيادي بجاش الأغبري في الوجه، وأنه تم نقله إلى مستشفى «صابر»، حيث أكد بأن حالته مستقرة وأن إصابته طفيفة لأنها كانت سطحية وجاءت في «الأنف»، وأن الأغبري يتحدث بشكل طبيعي وسوف يغادر المشفى خلال الساعات القادمة.
وتمكن مسلحون مجهولون من اغتيال العقيد محمد مهدي عثمان الزهراني، ركن استخبارات اللواء 120 دفاع جوي بمحافظة عدن، ظهر أمس، حيث أكدت وزارة الدفاع اليمنية على موقعها الإلكتروني بأن مسلحين أطلقوا الرصاص على العقيد الزهراني وهو عائد إلى منزله، مشيرة إلى أن التحريات الأمنية جارية لمعرفة مرتكبي هذه الجريمة تمهيدا لتعقبهم حتى يتم ضبطهم وتقديمهم إلى العدالة لينالوا الجزاء العادل.
وتشهد مدينة عدن تحركات غير مسبوقة حيث لوحظ انتشار عدد كبير من المسلحين في شوارع المدينة في ظل سيطرة تامة للجان الشعبية الجنوبية على معظم المباني الأمنية والمرافق الحكومية لتأمينها من أي تمدد حوثي باتجاه المحافظة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.