اختراقات 2021: لقاحات مطورة ونظم ذكاء تفاعلي وأجهزة أدق لرصد المواقع الجغرافية

خبراء أميركيون أعدوا لائحة بأهم التقنيات

اختراقات 2021: لقاحات مطورة ونظم ذكاء تفاعلي وأجهزة أدق لرصد المواقع الجغرافية
TT

اختراقات 2021: لقاحات مطورة ونظم ذكاء تفاعلي وأجهزة أدق لرصد المواقع الجغرافية

اختراقات 2021: لقاحات مطورة ونظم ذكاء تفاعلي وأجهزة أدق لرصد المواقع الجغرافية

أعد خبراء أميركيون لائحة تضمّ أهمّ التقنيات لهذا العام. بدأ بعضها مثل لقاح الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) في تغيير حياتنا، وأخرى لا يزال أمامها بضع سنوات للبروز.
لقاحات وذكاء تفاعلي
• لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال. لقد حالف الحظّ البشرية أخيراً؛ فقد تبيّن أنّ اللقاحين الأكثر فاعلية في مواجهة فيروس كورونا يعتمدان على الحمض النووي الريبوزي المرسال، هذه التقنية التي يستخدمها الباحثون والعلماء في أعمالهم وأبحاثهم منذ 20 عاماً.
عند بداية جائحة «كوفيد – 19» في يناير (كانون الثاني) 2020، سارع علماء في الكثير من شركات التقنية الحيوية إلى تحويل الحمض النووي الريبوزي المرسال إلى وسيلة محتملة لصناعة اللقاح. وتعتمد لقاحات «كوفيد - 19» الجديدة على تقنية لم تستخدم سابقاً في صناعة الدواء، ولكن يمكنها أن تحدث تحوّلاً في عالم الطبّ، وأن تساعد في تطوير لقاحات مضادّة للعديد من الأمراض المعدية، من بينها الملاريا. وإذا استمرّ فيروس كورونا الحالي في التحوّر، يستطيع العلماء تعديل لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال بسهولة وسرعة. ويعِد هذا المرسال أيضاً بوضع الأساس لتعديلات جينية غير مكلفة لمرض فقر الدم المنجلي ومتلازمة نقص المناعة المكتسبة، بالإضافة إلى مساعدة الجسم البشري على محاربة السرطان على أنواعه.
• ذكاء صناعي متفاعل: «جي بي تي – 3» GPT - 3. تعدُّ النماذج الكومبيوترية الكبيرة لمعالجة اللغة الطبيعية التي تتعلّم القراءة والكلام خطوة كبيرة نحو ذكاء صناعي أكثر تفهّماً وتفاعلاً مع العالم ويعتبر «جي بي تي – 3» أفضل هذه النماذج وأكثرها «ثقافة» حتّى اليوم. تلقّى هذا النموذج تدريباً على نصٍّ يضمّ آلاف الكتب والقسم الأكبر من محتوى شبكة الإنترنت؛ ما جعله قادراً على تقليد النصوص التي يكتبها الإنسان بواقعية غريبة لا تصدّق وحوّله إلى أكثر النماذج اللغوية التي تعتمد على التعلّم الآلي تأثيراً. (انظر: «جي بي تي ـ 3»... نظام ذكاء صناعي بديل عن الكتاب والمؤلفين «الشرق الأوسط» العدد 15358).
ولكنّ «جي بي تي – 3» لا يفهم ماذا يكتب؛ ولهذا السبب، قد يقدّم أحياناً محتوى غير مكتمل وغير منطقي. يحتاج تدريب هذا النموذج إلى كمٍّ هائلٍ من الطاقة الكومبيوترية والبيانات والأموال ويؤدّي إلى إنتاج بصمة كربونية كبيرة وتقييد تطوير نماذج مشابهة للمختبرات الهائلة المصادر. ونظراً إلى أنّ هذا النموذج تلقّى تدريبه على نصٍّ مسحوبٍ من الإنترنت مليء بالمعلومات الخاطئة والانحياز، يميل في معظم الأحيان إلى تقديم نصوصٍ مطعّمة بالتمييز.
ذكاء صناعي متعدّد المهارات. يفتقر الذكاء الصناعي إلى القدرات البشرية التي يتمتّع بها حتّى الأطفال الصغار لتعلّم كيف يسير هذا العالم وتطبيق المعرفة العامّة في أوضاع جديدة.
توجد مقاربة واحدة واعدة لتحسين مهارات الذكاء الصناعي تتجلّى في توسيع حواسه. يستطيع الذكاء الصناعي المجهّز حالياً بالرؤية الكومبيوترية أو التعرّف الصوتي الشعور بأشياء كثيرة ولكنّه لا يستطيع «الحديث» عن ما يراه ويسمعه باستخدام خوارزميات اللغة الطبيعية. ولكن ماذا إذا جمعنا هذه القدرات في نظام ذكاءٍ صناعي واحد؟ هل يمكن أن تبدأ هذه الأنظمة باكتساب ذكاء يشبه الذكاء البشري؟ هل سيصبح الروبوت القادر على الرؤية والشعور والسمع والتواصل مساعداً أكثر إنتاجية للبشر؟
برامج وصناديق بيانات
• خوارزميات التوصية في «تيك توك». منذ إطلاقه في الصين عام 2016، أصبح تطبيق «تيك توك» واحداً من أسرع الشبكات الاجتماعية نمواً، حيث تمّ تحميله مليارات المرّات وجذب مئات ملايين المستخدمين. لماذا؟ لأنّ الخوارزمية التي تزوّد خاصيته «فور يو» (لك) بالطّاقة غيّرت الطريقة التي يكتسب فيها النّاس الشهرة على الإنترنت.
يتّجه الكثير من التطبيقات الأخرى إلى تسليط الضوء على محتوى يجذب اهتمام القسم الأكبر من الجمهور، بينما تعمل خوارزميات «تيك توك» على إخراج صانعِ محتوى جديد من الظلام وتتعامل معه وكأنّها تقدّم نجماً معروفاً، فضلاً عن أنّها تبرع في تغذية مجموعات متخصصة من المستخدمين الذين يتشاركون اهتمامات أو هوية معينة بمحتوى على صلة باختصاصها.
تساهم قدرة صنّاع المستوى الجدد على الحصول على عدد كبير من المشاهدات بسرعة كبيرة والسهولة التي يكتشف بها المستخدمون أنواعاً كبيرة من المحتوى في تحقيق التطبيق الصيني لنموّ مذهل؛ وهذا ما يدفع شركات تواصل اجتماعي أخرى اليوم إلى السعي لإدخال هذه المزايا في تطبيقاتها.
• صناديق أمانٍ للبيانات. تعرّضت معلوماتنا للتسريب والقرصنة والبيع مرّات أكثر بكثير مما يمكننا أن نحصي.
يقدّم صندوق أمان البيانات مقاربة بديلة بدأت بعض الحكومات ببحثها، وهو عبارة عن كيانٍ قانوني يجمع ويدير بيانات النّاس الشخصية بالنيابة عنهم. لا يزال تعريف شكل ووظيفة هذه الكيانات غير واضح، وتوجد أسئلة كثيرة عالقة حولها، ولكنّ هذه الصناديق قد تكون حلاً لمشاكل نعاني منها منذ مدّة طويلة في مجالي الخصوصية والأمن، وفقاً لمجلة «تكنولوجي ريفيو».
بطاريات هيدروجين
• بطاريات معدن – الليثيوم. تُعرف المركبات الكهربائية بأسعارها الباهظة نسبياً، ولا يمكنكم قيادتها لأكثر من بضعة مئات الأميال قبل أن تحتاجوا إلى شحنها من جديد. ترتبط هذه الجوانب السلبية جميعها بشكلٍ مباشر بمحدودية فاعلية بطاريات أيون الليثيوم. ولكنّ شركة ناشئة ذات تمويلٍ كبير في سيليكون فالي تدّعي اليوم أنّها طوّرت بطارية ستزيد رغبة المستهلك العادي بالعربات الكهربائية.
طوّرت شركة «كوانتوم سكيب» ما أسمته بطارية المعدن – الليثيوم، وأظهرت نتائج اختباراتها الأولى، أنّها قادرة على زيادة نطاق سير العربات الكهربائية بنسبة 80 في المائة، فضلاً عن أنّها تتلقّى شحنها بسرعة. وقّعت الشركة الناشئة اتفاقاً مع «فولكس فاغن» التي كشفت عن أنّها ستبدأ في بيع عربات كهربائية تعمل بهذه البطارية الجديدة في عام 2025. وتجدر الإشارة إلى أنّ البطارية لا تزال نموذجاً تجريبياً أصغر بكثير من البطارية التي تحتاجها أي سيّارة.
• الهيدروجين الأخضر. اليوم، وبينما تجري الدول حسابات صعبة حول كيفية تحقيق أهدافها المناخية، تزداد أهميّة الهيدروجين الأخضر والحاجة إليه.
لطالما اعتبر الهيدروجين بديلاً محتملاً للوقود الأحفوري؛ لأنّه يحترق بنظافة ولا يبعث ثاني أكسيد الكربون، فضلاً عن أنّه كثيف لناحية الطّاقة ما يجعل منه وسيلة جيّدة لتخزين الطاقة الصادرة من وعن المصادر المتجدّدة. كما يمكن استخدامه لصناعة أنواع وقود صناعية سائلة تحلّ محلّ البنزين والديزل، إلّا أنّ معظم الهيدروجين المنتج حول العالم اليوم يُصنع من الغاز الطبيعي ضمن عملية ملوّثة وتتطلّب طاقة مكثّفة. ولكنّ استمرار تهاوي كلفة الطاقتين الهوائية والشمسية يعني أنّ الهيدروجين الأخضر بات اليوم زهيداً بدرجة كافية لجعله خياراً عملياً.
تتبع وتموضع
• التتبّع الرقمي للاحتكاك. مع بداية انتشار فيروس كورونا حول العالم، بدا التعقّب الرقمي للاحتكاك وسيلة فعّالة للمساعدة. إذ تستطيع تطبيقات الهواتف الذكية استخدام نظم «جي بي إس». والبلوتوث لوضع سجلّ بالأشخاص الذي التقوا أخيراً وإذا تبيّن لاحقاً أنّ أحدهم التقط عدوى «كوفيد - 19»، يستطيع هذا الشخص أن يدخل هذه النتيجة إلى التطبيق الذي سيعلم كلّ من قد يكون تعرّض للفيروس.
• التموضع الفائق الدقّة. الجميع يستخدم نظم «جي بي إس» في شؤونه اليومية؛ لأنّه أحدث تحوّلاً كبيراً في حياتنا وفي الكثير من أعمالنا. صحيح أنّ «جي بي إس» المتوفّر اليوم يتميّز بدقّة عالية على مسافة تتراوح بين خمسة وعشرة أمتار، إلّا أنّ تقنيات التموضع الجديدة الفائقة الدقّة تمنح إحداثيات محدّدة لمسافة سنتمترات أو حتّى مليمترات قليلة. يفتح هذا التطوّر الباب لتطبيقات جديدة تتنوّع بين التحذيرات على الطرقات وروبوتات التوصيل والسيّارات الآلية التي ستتمكّن من التجوّل على الطريق بشكلٍ آمن.
أصبح نظام «بي دو» BeiDou (الدب الأكبر) العالمي للملاحة جاهزاً في الصين في يونيو (حزيران) 2020 ليشكّل جزءاً مما يجعل جميع هذه الاحتمالات متاحة. يقدّم هذا النظام تموضعاً دقيقاً على مسافة 1.5 إلى مترين لأي شخصٍ في العالم. وبفضل استخدامه للتكبير الأرضي، يمكنه أيضاً أن يقدّم دقّة على مسافة لا تتجاوز بضع ملّيمترات. في الوقت الحالي، تشهد تقنية «جي بي إس»، التي يستخدمها النّاس منذ التسعينات، تحديثات مهمّة مدفوعة بأربع أقمارٍ صناعية جديدة لنظام «جي بي إس» الثالث (GPS III) الذي أطلق في نوفمبر (تشرين الثاني) على أن يستقبل المدار المزيد من الأقمار الصناعية في 2023.
• كلّ شيءٍ عن بعد. أجبرت جائحة «كوفيد – 19» العالم أجمع على الانتقال إلى وضع الحياة عن بعد.
جمعت شركة «سناب آسك» المتخصصة في التعليم الخاص الإلكتروني 3.5 مليون مستخدم في تسعِ دولٍ آسيوية بينما ارتفع عدد مستخدمي تطبيق «بيجوز» الهندي للتعليم إلى نحو 70 مليوناً. ولكن لسوء الحظّ، لا يزال الطلّاب في دولٍ أخرى كثيرة يعانون من الارتباك في صفوفهم الإلكترونية. في الوقت نفسه، أوصلت جهود العناية الصحية الهاتفية المبذولة في أوغندا ودول أفريقية أخرى العناية الصحية للملايين خلال الجائحة. وفي جزءٍ يعاني من نقص مزمن بالأطبّاء من العالم، تحوّلت العناية الصحية عن بعد إلى عاملٍ منقذٍ للحياة.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل تجد البشرية نفسها في «مسار تصادمي» مع الذكاء الاصطناعي؟

سواريس أثناء فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»
سواريس أثناء فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»
TT

هل تجد البشرية نفسها في «مسار تصادمي» مع الذكاء الاصطناعي؟

سواريس أثناء فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»
سواريس أثناء فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»

أعرب باحثون في طليعة أبحاث الذكاء الاصطناعي، وقادة العديد من المنصات الرئيسية - من جيفري هينتون إلى يوشوا بنجيو، وديميس هاسابيس، وسام ألتمان، وداريو أمودي، وإيلون ماسك - عن مخاوفهم من أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى فناء البشرية، كما كتبت آنا لويز جاكسون (*).

كتاب «إذا بناه أحد، سيموت الجميع»

كتاب جديد عن احتمالات نهاية العالم

غير أن هذه الاحتمالات التي ذكرها بعض خبراء الذكاء الاصطناعي هؤلاء، والتي تصل فيها احتمالية وقوع نهاية العالم إلى نسبة 25 في المائة، لا تزال «متفائلة بشكل مفرط»، كما يقول نايت سواريس، رئيس معهد أبحاث الذكاء الآلي، (MIRI)، المؤلف المشارك لكتاب «إذا بناه أحد، سيموت الجميع» If Anyone Builds It, Everyone Dies الذي حقق أعلى المبيعات أخيراً.

ويجادل سواريس بأن المسار الذي نسلكه مع الذكاء الاصطناعي يتجه نحو كارثة، ما لم يتغير شيء جذرياً.

تصرفات وسلوكيات غير متوقعة

يستكشف الكتاب، الذي شارك في تأليفه الباحث إيليزر يودكوفسكي، التهديدات المحتملة التي يشكلها «الذكاء الخارق»، أو أنظمة الذكاء الاصطناعي النظرية التي تفوق ذكاء البشر.

وصرح سواريس في فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»، التي استضافتها مجلة «فاست كومباني» وجامعة جونز هوبكنز في واشنطن العاصمة الشهر الماضي: «نحن نُنمّي نوعاً ما أنظمة ذكاء اصطناعي تتصرف بطرق لم يطلبها أحد، ولديها دوافع وسلوكيات ناشئة لم يتوقعها أحد».

وأضاف: «إذا حصلنا على أنظمة ذكاء اصطناعي فائقة الذكاء تسعى لتحقيق غايات لم يرغب بها أحد، فأعتقد أن النتيجة الحتمية هي هلاك جميع سكان الأرض».

أهمية التأمل في النتائج السلبية

شبَّه سواريس عمل بعض رواد الذكاء الاصطناعي ببناء طائرة أثناء تحليقها من دون عجلات هبوط، وقال إنه لا يتم إيلاء الاهتمام الكافي للنتائج السلبية المحتملة لهذه التقنية. مؤكداً أن حجم الاستثمارات العالمية التي تُضخ في الذكاء الاصطناعي يُظهر أن الناس يراهنون على أنه لن يكون «فشلاً ذريعاً».

خياران مجنونان

لكن هناك خياران «مجنونان» آخران: إما أن يُؤتْمِت الذكاء الاصطناعي العمل البشري بالكامل بشكل جذري، مما يؤدي إلى سيطرة فئة قليلة جداً على الاقتصاد، أو أن يصبح فائق الذكاء ويقضي على الجميع.

وأضاف سواريس: «لم يستوعب العالم بعد مدى خطورة هذا الذكاء الاصطناعي».

التعبير عن المخاوف يعزز التفاؤل

لكن هناك بعض الأسباب للتفاؤل، كما قال سواريس، إذ ما إن يشعر الكثيرون بالقلق حيال مستقبل الذكاء الاصطناعي ويعبرون عن مخاوفهم، فإن هذا يُنذر بوضع «هش» (في مجالات تطويره).

«ربما إذا تساءل عدد كافٍ من الناس: لحظة، ماذا نفعل الآن؟ ما هذا بحق الجحيم؟»، كما يشير سواريس. ويضيف: «ربما يُزلزل ذلك العالم بأسره ويجعله يقول: يا إلهي، لنغير مسارنا».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


من هارفارد إلى منهاتن… خريطة طريق جديدة لعكس المرض ومكافحة الشيخوخة

دراسة ترابط الدماغ والقلب والميتوكوندريا... لفهم الشيخوخة
دراسة ترابط الدماغ والقلب والميتوكوندريا... لفهم الشيخوخة
TT

من هارفارد إلى منهاتن… خريطة طريق جديدة لعكس المرض ومكافحة الشيخوخة

دراسة ترابط الدماغ والقلب والميتوكوندريا... لفهم الشيخوخة
دراسة ترابط الدماغ والقلب والميتوكوندريا... لفهم الشيخوخة

في قلب منهاتن، التقت «الشرق الأوسط» حصرياً، مع أحد أبرز العقول التي تعيد رسم مستقبل الطب: الدكتور صلاح الدين هلسة البروفسور في جامعة هارفارد، الذي جاء إلى نيويورك ليكشف لنا ملامح كتابٍ أثار اهتمام العالم الطبي، كتاب لا يكتفي بطرح أفكار جديدة، بل يقدّم ما يشبه «خريطة طريق» لإعادة كتابة علاقة الإنسان بمرضه وزمنه وعمره البيولوجي.

البروفسور صلاح الدين هلسة داخل مختبره أثناء شرحه آليات تحليل العمر البيولوجي

قراءة إيقاع العمر

هذا العمل الذي شارك في تأليفه أربعة من كبار الأطباء العالميين - لا يَعِد بمعجزة، ولا يبيع وهماً؛ بل يقدّم منهجاً علمياً متماسكاً، قائماً على فهمٍ أعمق للأيض الخلوي، وتجديد الأنسجة، وقراءة إيقاع العمر في داخل الجسم. وهو كتاب يستعين بالذكاء الاصطناعي لا بوصفه تقنية مساعدة، بل كنافذة جديدة يرى من خلالها الطبيب ما كان يختبئ خلف أعراض صامتة، وما كان يبدأ قبل سنوات من لحظة التشخيص.

الأمراض المزمنة ليست ألغازاً... إنها تبدأ من نقطة واحدة

وفي حديثه بدأ البروفسور صلاح الدين هلسة بقوله: «الأمراض المزمنة ليست ألغازاً معقدة. إنها تبدأ من نقطة واحدة: خلل مبكر في طريقة تواصل خلايا الجسم. وإذا أمكن قراءة هذا الخلل في الزمن المناسب... يمكن إيقاف المرض، بل وعكس مساره».

لم تكن هذه الكلمات مجرد افتتاح، بل كانت المفتاح الفكري الذي يقوم عليه الكتاب كله. فعالم الطب، كما يوضح هلسة، ظلّ لعقود طويلة يتعامل مع المرض عندما يصبح صارخاً وواضحاً: السكري بعد أن يرتفع السكر، ارتفاع ضغط الدم بعد أن يتصاعد الضغط، هشاشة بعد أن يحدث الكسر. لكن ما يكشفه العلم الحديث اليوم هو أن البدايات الفعلية للمرض تتشكّل قبل سنوات من لحظة التشخيص، وأن الخلايا ترسل إشارات خافتة لا يسمعها الطبيب إلا إذا امتلك الأدوات التي تكشف ما تحت السطح وما وراء الأعراض.

البداية من الخلية... لا من العَرَض

يوضّح البروفسور هلسة أن الطريق إلى فهم المرض لا يبدأ من الأعراض التي يراها الطبيب، بل من الخلية نفسها؛ تلك الوحدة الصغيرة التي تحمل داخلها سرّ الصحة وسرّ الانهيار في آنٍ واحد. ويشير إلى أن نحو 80 في المائة من الأمراض المزمنة - من السكري إلى أمراض القلب والسرطان - تشترك في خيط بيولوجي واحد يبدأ بالضغط الخلوي (Cell Stress)، واضطراب عمل الميتوكوندريا المسؤولة عن إنتاج الطاقة، ثم يتطور بصمت عبر تراكم الالتهابات الخفية التي تعمل لسنوات دون أن يشعر بها المريض.

وفي لقائه، يلخّص البروفسور هذه الرؤية بكلمات لافتة: «الخلية هي وحدتنا الأولى. فإذا فُهمت جيداً، فُهم كل شيء بعدها».

هذه العبارة - كما يصفها - ليست مجازاً علمياً، بل قاعدة ذهبية لفهم كيف ينشأ المرض وكيف يمكن إيقافه قبل أن يتحوّل إلى معاناة واضحة تُجبر الطبيب على التدخل.

غلاف الكتاب الجديد

الذكاء الاصطناعي... الطبيب الذي يرى ما لا نراه

لم تعد التقنيات الحديثة تقتصر على تحليل صور الأشعة أو قراءة السجلات الطبية؛ فقد بات الذكاء الاصطناعي قادراً على:

- بناء عمر بيولوجي لكل عضو على حدة.

- اكتشاف الأمراض قبل 5 إلى 10 سنوات من ظهورها.

- التنبؤ بأنماط الشيخوخة وتسارعها.

- تصميم بروتوكولات علاجية شخصية لكل مريض.

ويقول هلسة في حديثه: «الذكاء الاصطناعي لا يستبدل الطبيب، بل يعطيه عيوناً جديدة».

من الوقاية... إلى الوقاية الاستباقية

يشرح البروفسور هلسة أن الوقاية لم تعد فحوصاً سنوية روتينية، بل منظومة متكاملة تشمل: تحليل الدم المتقدم، وقياس المؤشرات الالتهابية الخفية، وقراءة الميكروبيوم، وتقييم الأداء الخلوي، وتتبع النوم والإجهاد، ثم دمج كل هذه البيانات في خوارزميات ذكاء اصطناعي قادرة على التنبؤ بخطر المرض قبل ظهوره.

هل يمكن إبطاء الشيخوخة؟

يُوضّح البروفسور هلسة أن الحديث عن الشيخوخة لم يعد خيالاً علمياً، قائلاً: «نحن لا نتحدث عن إيقاف الزمن، بل عن تحسينه. فهناك اليوم أدلة واضحة على أن بعض المسارات البيوكيميائية يمكن إعادة ضبطها. نحن لا نطيل العمر فقط... بل نعيد جودة الحياة إلى مركزه». وهذه الرؤية، كما يشرح: تُحوّل الشيخوخة من قدر محتوم إلى عملية يمكن توجيهها وتعديل سرعتها.

«المريض الكامل»... رؤية جديدة

يقدّم الكتاب الذي نشر بعنوان The Metabolic Codex (المدوّنة الأيضية)، نموذج «المريض الكامل» الذي يرى الإنسان كمنظومة مترابطة؛ فكل عضو يؤثر في الآخر: القلب بالنوم، والدماغ بالغذاء، والمناعة بالحالة النفسية، والشيخوخة بإيقاع الميتوكوندريا.

ويوجز البروفسور هلسة هذه الفكرة بعبارة لافتة: «لا يوجد مرض منفصل. يوجد إنسان واحد».

من هارفارد إلى العالم العربي

وفي تصريحه الخاص بـ«الشرق الأوسط»، يشيد البروفسور هلسة بالدور المتنامي للمنطقة في تبنّي الطب المستقبلي، قائلاً: «الشرق الأوسط يمتلك طاقة بشرية وصحية هائلة، وما تقوم به السعودية في مجال الذكاء الاصطناعي والطب الوقائي قد يجعلها في مقدمة الدول القادرة على تطبيق هذا النموذج الجديد. وهذه المنطقة - بخططها الطموحة واستثماراتها في التقنيات الطبية - قادرة على أن تتحول إلى منصة عالمية لإعادة تعريف مفهوم الصحة».

ويضيف أن البيئة البحثية في المملكة، وما تشهده من مبادرات في البيانات الصحية، والطب الدقيق، والتوأم الرقمي، تؤهلها لتكون من أوائل الدول التي تنقل هذا العلم من المختبرات إلى الحياة اليومية للمرضى

تطلعات المستقبل

هذا الكتاب ليس مجرد تأليف أكاديمي، بل إعلان بداية مرحلة جديدة من الطب: طبّ ذكي، وشفاف، واستباقي، وشخصي... طبّ لا ينتظر المرض ليظهر، بل يعترضه قبل أن يولد. رؤيةٌ تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان وعمره البيولوجي، وتفتح باباً كان مغلقاً لعقود أمام فكرة «عكس المرض» بدل الاكتفاء بإدارته.

وفي ختام اللقاء، عبَّر البروفسور هلسة عن تطلّعه - مع فريق مؤلفي الكتاب - لزيارة الشرق الأوسط، ولا سيما السعودية، لبحث فرص التعاون في تحويل هذه المفاهيم العلمية إلى برامج عملية؛ من الطب الوقائي إلى الذكاء الاصطناعي الصحي، ومن العيادات الذكية إلى منصات العمر البيولوجي. وأضاف: «نحن مستعدون للعمل مع المنطقة لخلق نموذج صحي جديد... يبدأ من هنا، ويصل أثره إلى العالم».


«ناسا» تفقد الاتصال بالمركبة «مافن» التي تدور حول المريخ منذ عقد

المركبة «مافن» (أ.ب)
المركبة «مافن» (أ.ب)
TT

«ناسا» تفقد الاتصال بالمركبة «مافن» التي تدور حول المريخ منذ عقد

المركبة «مافن» (أ.ب)
المركبة «مافن» (أ.ب)

فقدت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) الاتصال بمركبة فضائية كانت تدور حول المريخ منذ أكثر من عقد.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، توقفت المركبة «مافن» فجأة عن التواصل مع المحطات الأرضية خلال مطلع الأسبوع. وقالت وكالة ناسا، هذا الأسبوع، إن المركبة كانت تعمل بشكل طبيعي قبل أن تختفي خلف الكوكب الأحمر، وعندما عادت للظهور، لم يكن هناك سوى الصمت.

وبعد إطلاقها في 2013، بدأت المركبة «مافن» دراسة الغلاف الجوي العلوي للمريخ، وتفاعله مع الرياح الشمسية، وذلك بمجرد وصولها إلى الكوكب الأحمر في العام التالي.

وتوصل العلماء في نهاية الأمر إلى تحميل الشمس مسؤولية فقدان المريخ لمعظم غلافه الجوي في الفضاء عبر العصور، ما حوّله من كوكب رطب ودافئ إلى الكوكب الجاف والبارد الذي هو عليه الآن.

وعملت مركبة «مافن» أيضاً كحلقة وصل للاتصالات لعربتي «ناسا» الاستكشافيتين على المريخ؛ «كيوريوسيتي» و«بيرسيفيرانس». وقالت وكالة ناسا إن تحقيقات هندسية تجري حالياً.