كييف تعتقد أن إيران أسقطت الطائرة الأوكرانية «عمداً»

حطام الطائرة التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية التي أُسقطت في إيران (أرشيفية-رويترز)
حطام الطائرة التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية التي أُسقطت في إيران (أرشيفية-رويترز)
TT

كييف تعتقد أن إيران أسقطت الطائرة الأوكرانية «عمداً»

حطام الطائرة التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية التي أُسقطت في إيران (أرشيفية-رويترز)
حطام الطائرة التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية التي أُسقطت في إيران (أرشيفية-رويترز)

قال مسؤول أمني أوكراني كبير إنه يعتقد أن إيران أسقطت عمداً طائرة ركاب في أوائل العام الماضي، ربما بقصد إنهاء دورة التصعيد العسكري مع الولايات المتحدة، وفقاً لصحيفة «ذا غلوب آند ميل».
وقُتل جميع الركاب البالغ عددهم 167 راكباً وأفراد الطاقم التسعة، بما في ذلك 55 مواطناً كندياً و30 مقيماً دائماً و53 آخرين كانوا مسافرين إلى كندا عبر كييف، عندما تم إسقاط رحلة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية 752 من السماء في 8 يناير (كانون الثاني) عام 2020.
وقال أوليكسي دانيلوف، الذي أشرف بصفته سكرتير مجلس الدفاع والأمن الوطني على المراحل الأولى من التحقيق الأوكراني في الكارثة، إن رفض إيران السماح للمحققين الدوليين بالوصول غير المقيد إلى الأدلة أقنعه بأن إيران أسقطت الطائرة عن قصد.
وأوضح دانيلوف: «إيران لا تسمح لأحد بفحص هذه الحادثة، وهم يؤجلون أو يبطئون أي تحقيق».
وقال في مقابلة بكييف: «حقيقة أنهم يحققون مع أنفسهم أمر مثير للدهشة إلى حد ما، يجب أن نقول ذلك بأدب».
وتابع دانيلوف: «عندما يقولون إن الحادث كان عرضياً... أنا لا أصدق ذلك، فالحادثة كانت مقصودة، والهجوم نُفذ عن وعي».
وقد دعمت الحكومة الأوكرانية تأكيدات دانيلوف.
لكن الحكومة الكندية، وهي من أقرب حلفاء أوكرانيا، لا تتبنى موقف كييف. رغم ذلك، تواصل تعبيرها عن الإحباط من التحقيق والنتائج التي أصدرتها «هيئة الطيران المدني» الإيرانية، التي تلقي باللوم على «خطأ بشري» في الهجوم على الرحلة «752».
ويطالب رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو بالمساءلة، حيث تم اتهام 10 مسؤولين إيرانيين بإسقاط الرحلة «752».
ووقعت الكارثة في نفس الليلة التي أطلقت فيها إيران صواريخ على قواعد أميركية في العراق، رداً على اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني قبل خمسة أيام.
وسرعان ما هدأت الأزمة العسكرية، التي بدت لفترة وجيزة قادرة على التحول إلى حرب على مستوى المنطقة، بعد أن تعرضت رحلة الخطوط الجوية الأوكرانية لهجوم بصاروخين غداة وقت قصير من إقلاعها من مطار طهران.
واعترفت إيران في وقت لاحق أن الطائرة أسقطتها أنظمة دفاعها الجوي، التي كانت في حالة تأهب قصوى تلك الليلة تحسباً لهجوم أميركي مضاد محتمل. وألقى التقرير النهائي للتحقيق الإيراني باللوم على الخطأ البشري في الحادث.
ورفضت الحكومتان الكندية والأوكرانية التقرير، ووصفته بأنه غير مُرضٍ عندما نُشر الشهر الماضي. وبحسب ما ورد، اتُهم عشرة أشخاص بارتكاب جرائم بسبب أدوارهم المزعومة.
وقال دانيلوف إنه لم يشارك نظريته مع السلطات الكندية - لكنه قال إنه تحدى نظيره الإيراني بشكل مباشر أثناء زيارته الرسمية لطهران بعد فترة وجيزة من الكارثة. وأشار إلى إن نظيره أكد له أن فريقه السياسي لم يشارك فيما حدث للرحلة «752».
وأثناء وجود دانيلوف في طهران في فبراير (شباط) الماضي، التقى مع علي شمخاني، سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني. يُنظر إلى شمخاني على أنه معتدل نسبياً داخل النظام العسكري في بلاده.
وقال: «عندما كنت في طهران، تحدثت إلى نظيري، سألته مباشرة: لماذا فعلتم هذا؟ وأجاب أنهم لم يكونوا مهتمين بإسقاط هذه الطائرة، لكن يوجد في إيران مجموعات مختلفة تتمتع بنفوذ. هناك ما لا يقل عن ثلاث مجموعات عسكرية تحت ثلاث قيادات مختلفة، بما في ذلك (الحرس الثوري)».
وتقود معالجة أوكرانيا الشاملة للكارثة الآن وزارة الخارجية في البلاد، التي تنسق مع كندا، وكذلك أفغانستان والسويد وبريطانيا، الدول الأخرى التي فقدت مواطنين على متن الطائرة.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت وزارة الخارجية تتفق مع تصريحات دانيلوف، أجاب نائب وزير الخارجية يفين يينين بأن دانيلوف يمثل الحكومة بأكملها.
وأكد يينين أن إيران رفضت إخبار أوكرانيا بأسماء ورتب الأشخاص العشرة المتورطين في الكارثة - أو حتى الإفصاح عن التهم الموجهة إليهم. وقال: «إنهم لا يتعاونون أبداً بطريقة مناسبة مع أوكرانيا».
وبحسب الصحيفة، فإن جزء من اعتقاد دانيلوف بأن الهجوم كان متعمداً يرجع إلى حقيقة أن نظام صاروخي روسي الصنع أسقط الطائرة الأوكرانية، حيث قارن حادثة إسقاط الطائرة بالرحلة17 للخطوط الماليزية التي أسقطت بواسطة الدفاعات الجوية على منطقة شرق أوكرانيا يسيطر عليها انفصاليون تدعمهم روسيا.
وتأتي تعليقات دانيلوف في وقت تتزايد فيه التوترات على طول الحدود الروسية - الأوكرانية.


مقالات ذات صلة

قتيل بتحطم طائرة شحن في ليتوانيا... والشرطة لا تستبعد «فرضية الإرهاب»

أوروبا حطام طائرة شحن في باحة منزل قرب مطار فيلنيوس بليتوانيا (أ.ف.ب) play-circle 00:39

قتيل بتحطم طائرة شحن في ليتوانيا... والشرطة لا تستبعد «فرضية الإرهاب»

قال مسؤولون من المطار والشرطة والإطفاء إن طائرة شحن تابعة لشركة «دي إتش إل» تحطمت قرب مطار فيلنيوس في ليتوانيا.

«الشرق الأوسط» (فيلنيوس)
أوروبا صورة مثبتة من مقطع فيديو يظهر تحطم الطائرة

مقتل طيارين بتحطم طائرة عسكرية في بلغاريا

قال وزير الدفاع البلغارى أتاناس زابريانوف اليوم (الجمعة) إن طائرة تدريب عسكرية تحطمت في بلغاريا، مما أسفر عن مقتل الطيارين.

«الشرق الأوسط» (صوفيا )
أوروبا زيلينسكي في مؤتمر صحافي... وتظهر خلفه المقاتلة «إف-16» (أ.ب)

تحطم طائرة أوكرانية من طراز «إف-16»

نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤول أميركي قوله إن طائرة أوكرانية من طراز «إف-16» تحطمت.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم قاذفة استراتيجية روسية فوق المياه المحايدة لبحر بيرنغ في هذه الصورة الثابتة المأخوذة من مقطع فيديو تم إصداره في 14 فبراير 2023 (رويترز)

طيار قتيل في تحطم القاذفة الروسية في سيبيريا

قُتل أحد طياري قاذفة روسية تحطمت في منطقة إيركوتسك في سيبيريا الروسية، على ما قال الحاكم المحلي إيغور كوبزيف.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا طائرتان مقاتلتان فرنسيتان من طراز «رافال» تحلقان خلال مناورة عسكرية دولية مع البحرية الهندية في 11 مايو 2017 قبالة سواحل بريست غرب فرنسا (أ.ف.ب)

اصطدام مقاتلتين من طراز «رافال» في شمال شرقي فرنسا

اصطدمت طائرتان مقاتلتان من طراز رافال أثناء تحليقهما في الجو، قبل أن تسقطا على الأرض وتتحطما في شمال شرقي فرنسا، اليوم (الأربعاء).

«الشرق الأوسط» (باريس)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.