اضطر ملايين المرضى إلى الابتعاد عن أطبائهم للحفاظ على سلامتهم وسط جائحة "كوفيد-19" العام الماضي، التي أصدرت خلالها السلطات الحكومية أوامر بالبقاء في المنزل خلال فترات الإغلاق. وأدت الضغوطات التي أحدثتها جائحة "كوفيد-19" إلى تسريع الرقمنة المتزايدة لصناعة الرعاية الصحية، حيث برز هذا الأمر بشكل خاص في ما يتعلّق باستخدام خدمات الرعاية الصحية عن بُعد.
ومنذ شهر أبريل العام الماضي، امتلأت المستشفيات ومراكز الاتصال بالعيادات في جميع أنحاء دولة الإمارات باستفسارات المرضى. وفي شهر سبتمبر، على سبيل المثال، كشف مركز أبوظبي للتطبيب عن بعد (ADTC) عن زيادة بنسبة 2000% في عدد المكالمات الواردة منذ بداية الجائحة. ونتيجة لذلك، عمل مقدّمو الرعاية الصحية على تكثيف قدراتهم في مجال الرعاية الصحية والخدمات الصحية عن بُعد.
إلّا ان الطرق الجديدة لتقديم الرعاية الصحية قد تواجه بعض التردّد من قبل بعض المرضى والأطباء. كما تبرز التحديات الجديدة في شأن التكيّف الكامل لنظام الرعاية الصحية الوطني مع التقنيات والعمليات الجديدة. من هنا، يجب فهم الأسئلة المتعلقة بالتكاليف والإدارة وكل ما يرتبط بها من ترميز وفواتير.
وفي هذا السياق، قال الدكتور أسامة الحسن، المؤسس المشارك ونائب رئيس جمعية الإمارات للمعلوماتية الصحية وأخصائي المعلوماتية الصحية في هيئة الصحة بدبي: "كان هناك بعض التردّد في تبنّي خدمات الرعاية الصحية عن بُعد في المنطقة حتى قبل فترة "كوفيد -19". لذا، كان علينا وضع الأُطر الرقمية الصحيحة في مكانها كي نتمكّن من ضمان جودة منصات الخدمات الصحية عن بُعد، وتدفق عمليات السداد، ومعالجة الخصوصية والأمان عند استخدام هذه المنصات."
بدورها، ساهمت الجمعية الطبية الأمريكية "إيه إم إيه" (American Medical Association - AMA) في التغلّب على هذه التحديات من خلال مواءمة المصطلحات الإجرائية الحالية "سي بي تي" Current Procedural Terminology) CPT®)، وهي مصطلحات طبية فريدة تصف الخدمات والإجراءات المستخدمة لرعاية المرضى، وتهدف إلى دعم تقديم الإجراءات عبر إعدادات الرعاية. وفي الوقت الحالي، تتضمن "سي بي تي" (CPT) 70 رمزًا ومحتوى متعلقًا بالرعاية الصحية عن بُعد. وتصف المصطلحات الحلول الشاملة لتقديم الخدمات الصحية عن بُعد، وذلك من أجل دعم قابلية التشغيل البيني السريري وسداد تكاليف خدمات الرعاية عن بُعد.
وتستعين لجنة تحرير مجموعة رموز "سي بي تي" (CPT) بالأطباء والمبتكرين السريريين من أجل تحديث مجموعة الرموز وكي تعكس أحدث رعاية طبية متاحة للمرضى. وقد اعتمدت "سي بي تي" (CPT) في دبي وأبو ظبي وغيرها من الأماكن في منطقة الخليج، بهدف المساعدة في دفع الحلول الصحية الرقمية وتمكين الرعاية المنسقة الحرجة أثناء فترة الجائحة.
من جهته، قال Dean Parisi, AMA Director for International: "تعمل رموز مجموعة رموز المصطلحات الإجرائية القياسية التي تعكس الأنواع الناشئة من خدمات الرعاية الصحية عن بُعد على تحسين الثقة في جودة البيانات وعملية الإدارة. أما مجموعة رموز "سي بي تي"(CPT)، فقد تقدّمت بسرعة كبيرة من أجل ضمان أنه في إمكان المستشفيات والعاملين في مجال الرعاية الصحية والهيئات الصحية تنسيق وتحليل وتحسين رعاية المرضى وسط أزمة صحية ملحّة". وأضاف: "تجمع "إيه إم إيه" (AMA) الخبراء وتستثمر مبالغ كبيرة للقيام بعملية تحرير صارمة تضمن تحديث محتوى مجموعة رموز "سي بي تي"(CPT) باستمرار، كي تبقي مرتبطة سريريًا بأنظمة تقديم الرعاية الصحية سريعة التقدّّم في الوقت الحالي."
وفي حين توسّع تقديم التطبيب عن بُعد بسرعة فائقة من أجل خلق بيئة رعاية أكثر أمانًا أثناء فترة الجائحة، فقد بات الآن يعتبر الأداة الحاسمة لتقديم الرعاية. وأوضح هذا الأمر الدكتور الحسن، قائلًا: "ساعدت فترة الجائحة في تحديد المجالات التي يمكن للخدمات الصحية عن بُعد ان تكون مفيدة للغاية فيها في ما يتعلّق بتقديم الرعاية، وأبرزها وحدة العناية المركّزة والسكتة الدماغية والأشعة. من هنا، سوف تزيد أهمية تقديم التطبيب عن بُعد في ما يتعلّق بتوفير القيمة من حيث فعالية جودة وتكلفة أنظمة الرعاية الصحية. وقد تمكّنا من خلال التعلّم من بعضنا البعض في المنطقة، من فهم نقاط القوة وحدود الخدمات الصحية عن بُعد. أما في دبي بشكل خاص، فقد أتاح لنا نهجنا التنظيمي الشامل من تنفيذ الخدمات الصحية عن بُعد بسرعة كبيرة، حيث أصبحت مفيدة لنظام الرعاية الصحية".
وأضاف Mr Parisi: "لا بدّ من استمرار هذا الزخم من التطبيب عن بُعد في تحسين النتائج وتحقيق وفورات في التكاليف، إلى جانب تحسين الوصول إلى أنظمة الرعاية الصحية. أما مجموعة رموز "سي بي تي"(CPT) ، فتساعد الهيئات الصحية ومقدّمي الخدمات في المنطقة خلال قيادتهم لهذا التحوّل، من أجل اعتماد المزيد من قدرات الرعاية الافتراضية."
* نبذة عن الجمعية الطبية الأمريكية "إيه إم إيه" (American Medical Association)
الجمعية الطبية الأمريكية "إيه إم إيه" (American Medical Association - AMA) هي الداعم والمحفز القويّ للأطباء في توفير الرعاية الصحية للمرضى. وتسخّر الجمعية قوتها وقدراتها لإزالة العقبات التي تقف في وجه تقديم الرعاية للمرضى، كما تقود جهود الوقاية من الأمراض المزمنة ومواجهة أزمات الصحة العامة وبناء مستقبل الطب لمواجهة أصعب التحديات وأكثرها إلحاحاً في مجال الرعاية الصحية.