الدول العربية ضغطت لإصدار قرار ينص على عقوبات في مجلس الأمن.. والتغيرات حدثت في اللحظات الأخيرة

سفيرة الأردن: تراجعنا للحصول على إجماع > السفير السعودي: سنتابع تنفيذ القرار بشكل يومي

جندي يمني أمام السفارة التركية في صنعاء أمس بعد تعليق العمل فيها (إ.ب.أ)
جندي يمني أمام السفارة التركية في صنعاء أمس بعد تعليق العمل فيها (إ.ب.أ)
TT

الدول العربية ضغطت لإصدار قرار ينص على عقوبات في مجلس الأمن.. والتغيرات حدثت في اللحظات الأخيرة

جندي يمني أمام السفارة التركية في صنعاء أمس بعد تعليق العمل فيها (إ.ب.أ)
جندي يمني أمام السفارة التركية في صنعاء أمس بعد تعليق العمل فيها (إ.ب.أ)

جاء قرار مجلس الأمن بشأن اليمن مساء الأحد باستنكار استيلاء الحوثيين على السلطة في اليمن دون أن يفرض عقوبات على من يعرقل عملية الانتقال السياسي في اليمن، أو أن يتضمن المطالب عربية لاستخدام القوة العسكرية في ظل الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة ضد الاستيلاء غير الشرعي للحوثيين على السلطة.
وقد شهدت أروقة الأمم المتحدة في نيويورك نقاشات استمرت على مدى يومين حول تدهور الأوضاع في اليمن وإمكانية التوصل إلى حل توافقي للأزمة، بعد التحذيرات التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قبل يومين من أن اليمن ينهار. وشدد مون على ضرورة بذل كل الجهود لمساعدة اليمن وتجنب السقوط في الهاوية وإعادة العملية السياسية إلى مسارها الصحيح. وقد أجريت على نص القرار المقدم من الأردن وبريطانيا عدة تغييرات، ووفقا لمصادر دبلوماسية عربية بالأمم المتحدة، حاولت الدول العربية الضغط ليصدر القرار متضمنا نصا يجيز التدخل العسكري في اليمن واستخدام القوة العسكرية ضد جماعة الحوثيين بعد الاستيلاء غير الشرعي على السلطة، لكن عددا من الدول الأعضاء في مجلس الأمن اعترضت على صياغة نص يعتمد على الفصل السابع.
وأبدى وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في رسالة للمجلس مخاوفهم من التدخل الشيعي الإيراني في اليمن ودعم طهران للمتمردين الحوثيين وطالب دول مجلس التعاون الخليجي من مجلس الأمن التدخل للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة. وطالبت الدول الخليجية بأن ينص القرار على اتخاذ إجراءات تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والذي يسمح باستخدام القوة العسكرية إذا كان هناك تهديد للسلام كما طالبوا باجتماع عاجل يوم الأربعاء لجامعة الدول العربية واجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي.
كما طالبت الدول الخليجية بأن يتضمن القرار فرض عقوبات ضد أي شخص يعرقل الانتقال السلمي للسلطة، لكن النص خرج فقط دون إشارة إلى أي عقوبات، ونص على اتخاذ خطوات أخرى فقط إذا فشلت الأطراف في اليمن في التوصل إلى اتفاق.
واختلفت بعض العبارات والكلمات في النص المقدم في مسودة القرار عن النص الذي خرج به مجلس الأمن من أبرزها كلمة «استنكار» إجراءات الحوثيين بحل البرلمان والاستيلاء على المؤسسات الحكومية في اليمن، بدلا من كلمة إدانة، إضافة إلى كلمات الإعراب عن القلق ودعوة الأطراف إلى الالتزام بالحوار وتسريع المفاوضات.
واكتفت الدول الأعضاء بمجلس الأمن على النص الذي يشدد على ضرورة انسحاب المتمردين الحوثيين «فورا دون قيد أو شرط من المؤسسات الحكومية اليمنية والانخراط بحسن نية في محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة والمبعوث جمال بن عمر».
وطالب قرار مجلس الأمن الحوثيين بالانخراط «بحسن نية» في المفاوضات وسحب قواتهم من دون قيد أو شرط من المؤسسات الحكومية والإفراج عن الرئيس والوزراء الموضوعين تحت الاعتقال الجبري دون أن يتضمن النص فرض عقوبات لعدم الامتثال في الدخول في مفاوضات أو الإفراج عن الرئيس هادي والوزراء. وأشار النص إلى استعداد مجلس الأمن اتخاذ خطوات أخرى في حالة عدم تنفيذ الأطراف اليمنية لهذا القرار دون توضيح لتلك الخطوات. وفيما يتعلق بالمخاوف من التدخل الإيراني في اليمن نص القرار على دعوة جميع الدول إلى الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى إثارة الصراع وعدم الاستقرار بدلا من دعم الانتقال السياسي.
وقالت سفيرة الأردن لدى الأمم المتحدة دينا قعوار: «لقد أجريت تعديلات على النص الأصلي للقرار، وأردنا أن يخرج القرار بقبول وإجماع من جميع أعضاء المجلس»، فيما أشار سفير الملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي إلى متابعة مدى تنفيذ القرار الذي أصدره مجلس الأمن بشكل يومي على أرض الوقع في اليمن.
وقال دبلوماسي بريطاني لـ«الشرق الأوسط» إن عددا من الدول العربية طالبت بفرض عقوبات ضد أي شخص يعرقل عملية الانتقال السلمي للسلطة في اليمن، لكن غالبية الدول الأعضاء في مجلس الأمن فضلت أن يدعو نص القرار إلى «اتخاذ خطوات أخرى» إذا فشلت الأطراف اليمنية في الاتفاق لإعطاء الفرصة للمبعوث الأممي جمال بن عمر للتوسط، وحث الأطراف على الحوار للتوصل إلى اتفاق دون تلويح بعقوبات.
وخلال الجلسة المسائية الطارئة يوم الأحد أصدر مجلس الأمن بالإجماع قرارا يدعو فيه جميع الأطراف اليمنية لتسريع محادثات السلام والتوصل إلى حل سياسية للأزمة في اليمن. وأعرب أعضاء مجلس الأمن عن انزعاجهم من الأعمال العدائية للحوثيين والتي قوضت عملية الانتقال السياسي في اليمن وشكلت خطرا على استقرار البلاد ووحدتها.
واستنكر القرار الإجراءات أحادية الجانب التي اتخذها الحوثيون بحل البرلمان والاستيلاء على المؤسسات الحكومية في اليمن ودعا كل الأطراف اليمنية للالتزام بالحوار والتشاور للتوصل إلى حل واستكمال عملية التشاور حول الدستور وإجراء استفتاء حول الدستور وإجراء الانتخابات في ظل قانون انتخابي جديد يحدده الدستور الجديد.
وطالب القرار الأطراف اليمنية برفض أعمال العنف والامتناع عن الاستفزازات التي تقوض عملية الانتقال السياسي. وطالب القرار الحوثيين بسحب قواتهم من المؤسسات الحكومية بصفة خاصة في العاصمة صنعاء وإطلاق سراح الرئيس عبد ربه منصور هادي وأعضاء مجلس الوزراء وجميع الأفراد المحتجزين تحت الإقامة الجبرية.
وتضمن القرار الذي حمل رقم 2201 لعام 2015 أربعة عشر بندا وطالب في البند رقم 13 أن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة تقريره عن تنفيذ القرار في اليمن وتنفيذ مبادرة مجلس التعاون الخليجي ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل واتفاق السلام في غضون أسبوعين بعد تاريخ اعتماد القرار وتقديم تقرير كل شهرين بعد ذلك.



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.