هل يمكنك اكتشاف الكاذب من خلال النظر ومراقبة تصرفاته؟

معتقل يجلس داخل زنزانته في سجن بالفلبين (أرشيفية - رويترز)
معتقل يجلس داخل زنزانته في سجن بالفلبين (أرشيفية - رويترز)
TT

هل يمكنك اكتشاف الكاذب من خلال النظر ومراقبة تصرفاته؟

معتقل يجلس داخل زنزانته في سجن بالفلبين (أرشيفية - رويترز)
معتقل يجلس داخل زنزانته في سجن بالفلبين (أرشيفية - رويترز)

اعتقدت الشرطة أن مارتي تانكليف البالغ من العمر 17 عاماً بدا هادئاً للغاية بعد العثور على والديه مقتولين في منزل العائلة في لونغ آيلاند. لم تصدق السلطات مزاعم براءته، وقضى 17 عاماً في السجن بتهمة القتل.
ومع ذلك، في حالة أخرى، اعتقد المحققون أن جيفري ديسكوفيتش البالغ من العمر 16 عاماً بدا مذهولاً للغاية ومتشوقاً جداً لمساعدة المحققين بعد العثور على زميله في المدرسة الثانوية مخنوقاً، ولاحقاً حُكم عليه وقضى ما يقرب من 16 عاماً داخل السجن لارتكابه الجريمة، وفقاً لتقرير لمجلة «سميثسونيان».
وفي حين أن رجلاً واحداً لم يكن مستاءً بما فيه الكفاية، بينما كان الآخر مستاءً جداً، كيف يمكن لمثل هذه المشاعر المعاكسة أن تكون أدلة دالة على الذنب الخفي؟
تقول عالمة النفس ماريا هارتويغ، باحثة الخداع في كلية جون جاي للعدالة الجنائية بجامعة مدينة نيويورك، أن الرجلين اللذين تمت تبرئتهما لاحقاً، كانا ضمن ضحايا سوء فهم واسع الانتشار: يمكنك اكتشاف الكاذب من خلال الطريقة التي يتصرف بها. عبر الثقافات، يعتقد الناس أن السلوكيات مثل تجنب النظر والتلعثم تدل على الخداع.
في الواقع، وجد الباحثون القليل من الأدلة لدعم هذا الاعتقاد رغم عقود من البحث. تقول هارتويغ، التي شاركت في تأليف دراسة عن الإشارات غير اللفظية للكذب في المجلة السنوية لعلم النفس: «إحدى المشكلات التي نواجهها بصفتنا باحثين في الكذب هي أن الجميع يعتقدون أنهم يعرفون كيفية عمل الكذب». وأدت هذه الثقة المفرطة إلى أخطاء خطيرة في تطبيق العدالة، مثل ما حصل مع تانكليف وديسكوفيتش. وتقول هارتويغ: «أخطاء اكتشاف الكذب مكلفة على المجتمع والأشخاص الذين يقعون ضحية الأحكام الخاطئة... المخاطر كبيرة حقاً».
*صعوبة تحديد الكاذب
لطالما عرف علماء النفس مدى صعوبة اكتشاف الكاذب. في عام 2003. قامت عالمة النفس بيلا ديباولو، المنتسبة الآن إلى جامعة كاليفورنيا وزملاؤها بتحليل الأدبيات العلمية، وجمعوا 116 تجربة قارنت سلوك الناس عند الكذب وعند قول الحقيقة. قيمت الدراسات 102 من الإشارات غير اللفظية المحتملة، بما في ذلك تجنب النظر، والوميض، والتحدث بصوت أعلى (إشارة غير لفظية لأنها لا تعتمد على الكلمات المستخدمة)، والتجاهل، وتغيير الموقف وحركات الرأس أو اليدين أو الذراعين أو الساقين. لم تثبت أي مؤشرات موثوقة على وجود كذب، رغم أن القليل منها كان مرتبطاً بذلك بشكل ضعيف، مثل اتساع حدقة العين وزيادة طفيفة - لا يمكن اكتشافها للأذن البشرية - في طبقة الصوت.
وبعد ثلاث سنوات، قامت ديباولو وعالم النفس تشارلز بوند من جامعة تكساس بمراجعة 206 دراسات شملت 24 ألف و483 مراقباً حكموا على صحة 6 آلاف و651 اتصالاً من قبل 4 آلاف و435 فرداً. لم يكن خبراء إنفاذ القانون ولا الطلاب المتطوعون قادرين على انتقاء الصواب من البيانات الكاذبة إلا في 54 في المائة من الحالات.
مع ذلك، فقد طرح خبراء الشرطة في كثير من الأحيان حجة مختلفة: أن التجارب لم تكن واقعية بما فيه الكفاية. بعد كل شيء، كما يقولون، فإن المتطوعين - ومعظمهم من الطلاب - الذين تلقوا تعليمات بالكذب أو قول الحقيقة في مختبرات علم النفس لا يواجهون نفس عواقب المشتبه بهم الجنائيين في غرفة الاستجواب أو في منصة الشهود.
واعتقدت سامانثا مان، عالمة النفس بجامعة بورتسموث بالمملكة المتحدة، أن مثل هذه الانتقادات التي وجهتها الشرطة منطقية ومقبولة عندما بحثت في مفهوم الخداع قبل 20 عاماً. فللتعمق في هذه القضية، مرت هي وزميلتها ألدرت فريج أولاً بساعات من مقابلات الشرطة المسجلة على شريط فيديو مع قاتل متسلسل مدان واختارتا ثلاث حقائق معروفة وثلاث أكاذيب معروفة. ثم طلبت مان من 65 من ضباط الشرطة الإنجليزية الاطلاع على الأقوال الست واختار الصحيحة من الكاذبة. نظراً لأن المقابلات كانت باللغة الهولندية، فقد حكم الضباط بالكامل على أساس الإشارات غير اللفظية.
وكان عناصر الشرطة على حق في 64 في المائة من الوقت، لكنهم لم يكونوا دقيقين للغاية، على حد قولها. وكانت النتيجة أسوأ لدى الضباط الذين قالوا إنهم اعتمدوا على الصور النمطية غير اللفظية مثل «الكاذبون ينظرون بعيداً». في الواقع، القاتل حافظ على التواصل البصري وهو يكذب.
وتقول مان: «من الواضح أن هذا الرجل كان متوتراً للغاية، لكنه كان يتحكم في سلوكه لمواجهة الصور النمطية بشكل استراتيجي».
وقادت مثل هذه الدراسات الباحثين إلى التخلي إلى حد كبير عن البحث عن الإشارات غير اللفظية للخداع. لكن هل هناك طرق أخرى لاكتشاف الكاذب؟ اليوم، من المرجح أن يركز علماء النفس الذين يحققون في كشف الخداع على الإشارات اللفظية، وخاصة على طرق تضخيم الاختلافات بين ما يقوله الكاذبون وقائلو الحقيقة، ويمكن للصمت وعدم وصول اأدلة إلى الشخص الكاذب أن يدفعه إلى تغيير رواياته ومناقضة نفسه.



«جائزة الشجاعة» لفتاة في التاسعة «أهدت» جدّتها عمراً جديداً

الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)
الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)
TT

«جائزة الشجاعة» لفتاة في التاسعة «أهدت» جدّتها عمراً جديداً

الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)
الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)

مُنحت «جائزة الشجاعة» إلى فتاة رأت أنَّ جدتها تعاني سكتةً دماغيةً، فطبَّقت تعليمات حفظتها من أجل إنقاذها. وأدركت صفاء حسين، البالغة 9 سنوات، من شيبلي بغرب يوركشاير بإنجلترا، الأعراض التي ينبغي الانتباه إليها بعدما تعلّمتها في المدرسة الابتدائية؛ فحصلت على شهادة تقدير من عمدة مدينة برادفورد ضمن حفل استقبال خاص. كما كُرِّمت المُساعِدة في التدريس، هيلين ماثيوز، التي أدارت درس الإسعافات الأولية خارج المنهج الدراسي.

وقال رئيس بلدية المدينة بيف مولاني: «إنه لأمرٌ عظيم أن نعترف بشجاعة صفاء والتعليم الممتاز الذي تلقّته، مما سمح لها باتخاذ إجراءات للمُساعدة في إنقاذ جدّتها. أحسنت صفاء بحفاظها على هدوئها وتقديمها المُساعدة». تغيَّبت صفاء عن المدرسة، وأقامت مع جدّتها ماري شيخ (79 عاماً)، بينما كانت والدتها في العمل.

علَّقت الصغيرة: «عندما جلستُ على سريرها، حاولت تقديم بعض الطعام لها، لكنها لم تستطع تناوله. جرّبتُ كل ما قالته السيدة ماثيوز، وكنتُ أعلم أنها أُصيبت بسكتة دماغية». وتابعت: «اتصلتُ بأمي وقلتُ لها: (عليكِ الاتصال بسيارة إسعاف. جدّتي مصابة بسكتة دماغية)؛ ففعلت ذلك». أخذت سيارة الإسعاف، شيخ، إلى مستشفى برادفورد الملكي حيث تلقَّت علاجاً مُنقذاً للحياة. أضافت صفاء: «كانت سكتة دماغية مخيفة. أشعر بالسعادة والحماسة لأن جدّتي لا تزال بيننا».

شهادة تقدير على العمل البطولي (مواقع التواصل)

بدورها، روت والدتها، عائشة شيخ (49 عاماً)، أنها تركت ابنتها مع والدتها، وبعد 40 دقيقة تلقَّت المكالمة الهاتفية. وقالت: «دعتني قائلة إنّ جدّتها في حالة سيئة وتعرَّضت لسكتة دماغية. قلتُ لها: (ماذا تعنين؟ أنت في التاسعة، كيف عرفتِ أنها أصيبت بسكتة دماغية؟)، فأجابت: (قدَّمتُ لها نوعاً من الإفطار ولم تستطع تناوله. وأيضاً كان وجهها شاحباً ولم تستطع التحدُّث. إنها بطلتنا الصغيرة. لقد أنقذتها. لم تكن لتنجو لولا ذلك». وتابعت: «ولولا الآنسة ماثيوز أيضاً التي لقّنتها الإرشادات».

أما ماثيوز فأكدت أنّ أحد أدوارها كان تعليم الإسعافات الأولية من السنة الأولى حتى السادسة: «إنه ليس جزءاً من المنهج الوطني، لكننا نعتقد أنه من الجيّد تعليم الأطفال». وأضافت أنّ أحد الأشياء التي علّمتها كانت أهمية «الساعة الذهبية» وكيفية التصرُّف خلالها: «قال المسعفون إنّ هذا ما أنقذ الجدّة، لأنّ صفاء أنجزت دورها بسرعة، ونحن فخورون بها».