توظيف الطين لحبس المياه في التربة... وصناديق مبرِّدة صديقة للبيئة

الشركات الأكثر ابتكاراً لعام 2021 من أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا

«ديزرت كونترول» تمارس أعمالها في مصر ودبي
«ديزرت كونترول» تمارس أعمالها في مصر ودبي
TT

توظيف الطين لحبس المياه في التربة... وصناديق مبرِّدة صديقة للبيئة

«ديزرت كونترول» تمارس أعمالها في مصر ودبي
«ديزرت كونترول» تمارس أعمالها في مصر ودبي

الابتكار لا يعرف حدوداً جغرافية كما تثبت هذه اللائحة التي تضم شركاتٍ مختارة من أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط. يتحدر بعض هذه الشركات التي تقود هذه التطورات من اقتصادات قائمة على الابتكار وأخرى من اقتصادات ناشئة بينما يبرز عددٌ منها من دولٍ أثقلتها المأساة.
معالجة التربة الجافة
«صَنْ كالتشرSun Culture»: طورت هذه الشركة نظام ري يعمل بالطاقة الشمسية يساعد المزارعين الصغار على ري محاصيلهم.
يعتمد 96 في المائة من المزارعين في أفريقيا على الشتاء لري أراضيهم، وهذا هو سبب تراجع محاصيلهم بنسبة 50 في المائة عن بقية العالم. ومن المرجح أن يزيد هذا الأمر خطورة مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة حول العالم وتفاقم التغير المناخي.
ولكن شركة «صن كالتشر» في كينيا وقعت عقد شراكة مع الحكومة المحلية وأحد الموزعين العام الماضي لتزويد أكثر من 15 ألف عائلة بنظامي «كلايمت سمارت باتري ClimateSmart Battery» و«رين ميكر 2 - Rainmaker2» اللذان يتيحان للمزارعين الاعتماد على الأرض بدل السماء للري.
تسمح هذه التقنية التي لا تحتاج إلى الطاقة الكهربائية للمزارعين بسحب ما يقارب 2800 لتر من المياه في الساعة بسهولة من الأرض على أعماق تصل إلى 30 متراً دون الحاجة إلى مصدر طاقة ثابت بفضل شبكة تعمل بالطاقة الشمسية. وهذا الأمر يعني أن أصغر المزارعين في أبعد المناطق باتوا يستطيعون اليوم الحصول على إمكانيات للري كانت في الماضي حكراً على المزارع الكبيرة.
«ديزرت كونترول Desert Control». تتخصص هذه الشركة في تحويل الصحارى والأراضي الجافة إلى تربٍ خصبة من خلال استخدام علاج يعتمد على الطين لحبس المياه.
طورت شركة «ديزرت كونترول» في النرويج تقنية جديدة تتيح للدول تحويل أراضيها الجافة إلى أخرى قادرة على تحقيق نمو مستدام. يمزج العلاج الثوري «ليكويد نانو كلايLiquid NanoClay» الذي تصنعه هذه الشركة، الطين مع المياه في عملية معالجة خاصة. عنما يُصار إلى رش هذا السائل على الأراضي الرملية الجافة، يتشبع هذا المزيج في التربة ويحولها إلى ما يشبه قماشاً إسفنجياً يحتبس المياه والأغذية ويعطي أراضي قابلة للزراعة كانت فيما مضى قاحلة.
تتطلب الوسائل التقليدية التي تستخدم لتحويل الأراضي الجافة إلى أخرى خصبة ما بين 7 و15 سنة في حين أن السائل الثوري الذي طورته «ديزرت كونترول» يؤدي هذه المهمة في سبع ساعات. تم اختبار هذه التقنية الناشئة ميدانياً في مصر والصين وباكستان، كما استخدمت في دبي في مارس (آذار) 2020 لزراعة البطيخ الأحمر والكوسة والدخن في مساحة صحراوية عولجت بالسائل الثوري وتم حصاد المحاصيل التي أنتجتها بعد خمسة أشهر.
«سوفت بوكس سيستمز Softbox Systems». نجحت هذه الشركة في صناعة صناديق ورقية يمكن التحكم بدرجة حرارتها تستخدم في الشحن مع قابلية للتدوير بنسبة 100 في المائة.
كان التخزين البارد حلاً غائباً عن بال معظم الناس قبل العام الماضي ولكن شروط الشحن والحلول اللوجيستية التي يتطلبها نقل لقاحات «كوفيد - 19» غيرت هذا الواقع، فضلاً عن أن الشحن البارد ليس محصوراً باللقاحات فحسب لأنه ضروري في مجال الطب بشكلٍ عام ولنقل المواد الغذائية. ولكن المشكلة هي أن الصناديق المستخدمة في الشحن البارد ليست صديقة للبيئة على اعتبار أنها مصنوعة من مادة «الستايروفورم» وأنواع أخرى من البلاستيك تمنع تبدل درجة الحرارة.
ولكن هذا الأمر تغير بفضل تقنية «سوفت بوكس سيستمز» التي طورتها شركة «تيمبسيل إيكو» في المملكة المتحدة وقدمتها للعالم في يونيو (حزيران) 2020. تستطيع هذه الصناديق التي تستخدم مرة واحدة الحفاظ على درجة حرارة محتواها لمدة 72 ساعة دون الاعتماد على مواد عازلة تقليدية بفضل تقنية عزل الورق الصلب المضلع التي طورتها الشركة باسم «ثيرمافلوت». وعلى عكس مادة الستايروفورم وغيرها من العوازل البلاستيكية، يمكن تدوير «ثيرمافلوت» بنسبة 100 في المائة كونها مصنوعة بالكامل من الورق.
زجاج انفجار بيروت
«جي غريل GGRI». لرفع قطع الزجاج المتناثر في بيروت.
كان عام 2020 مليئاً بالصعوبات التي قد تحول دون تذكر الناس للانفجار المأساوي الذي هز مرفأ مدينة بيروت في أغسطس (آب) الماضي. حصد هذا الانفجار المدمر أراوح 200 شخص وجرح أكثر من 6500 آخرين فضلاً عن تدمير وتهشيم عدد كبير من المباني مخلفاً نحو 5 آلاف طن من الزجاج المتناثر من النوافذ والأبواب المتشظية. ولكن بدل ترك الزجاج يتراكم في مكبات نفايات فائضة أصلاً، عملت مبادرة «غرين غلاس ريسايكلينغ» Green Glass Recycling Initiative Lebanon (GGRIL) المحلية على جمع الزجاج وتنظيفه ثم قدمته لمصانع في طرابلس لدعم صناعة الزجاج اللبنانية التي تعيش أزمة عصيبة ومساعدتها على الاستمرار. كما قدمت مبادرة «جي غريل» مجموعة من المنتجات الزجاجية كأوعية النبيذ والأكواب لتخليد ذكرى الانفجار بشظايا الزجاج المتبقية.
«كلاريو تيك Clario Tech». عملت هذه الشركة على تبسيط التعقيدات التي تشوب الخصوصية والأمن الرقميين على صعيد الأفراد.
في يونيو (حزيران) 2020. أطلقت الشركة منصتها الخاصة «كلاريو»، التي تتخذ شكل لوحة قيادة شخصية بسيطة تعتمد على تطبيقٍ إلكتروني مهمته المراقبة والحماية من جميع أنواع التهديدات الأمنية الرقمية وضمان الخصوصية في ستة مجالات أساسية في حياة الفرد الرقمية، وهي الهوية والتصفح والأجهزة والمال والشبكة والملفات. عند رصد هذا التطبيق لأي تهديد، يبلغ مستخدمه كيف يمكنه مواجهته بلغة بسيطة يمكن لأي شخص فهمها.
* «فاست كومباني»،
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً