تركيا تحاول تبرير انسحابها من «اتفاقية إسطنبول» لحماية المرأة

استمرار الاحتجاجات على دعوى حظر «حزب الشعوب الديمقراطي»

جانب من احتجاجات في إسطنبول مناهضة لانسحاب تركيا من «اتفاقية إسطنبول» الخاصة بحماية المرأة (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات في إسطنبول مناهضة لانسحاب تركيا من «اتفاقية إسطنبول» الخاصة بحماية المرأة (أ.ف.ب)
TT

تركيا تحاول تبرير انسحابها من «اتفاقية إسطنبول» لحماية المرأة

جانب من احتجاجات في إسطنبول مناهضة لانسحاب تركيا من «اتفاقية إسطنبول» الخاصة بحماية المرأة (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات في إسطنبول مناهضة لانسحاب تركيا من «اتفاقية إسطنبول» الخاصة بحماية المرأة (أ.ف.ب)

سعت تركيا إلى تبرير انسحابها من اتفاقية «مجلس أوروبا» لحماية المرأة من العنف المنزلي، المعروفة بـ«اتفاقية إسطنبول»، بعد الانتقادات التي صدرت عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي تتواصل فيه الاحتجاجات في الداخل على قرار الانسحاب الذي أصدره الرئيس رجب طيب إردوغان فجر السبت.
وفي تبريرها لقرار الانسحاب من الاتفاقية التي تم التوقيع عليها في إسطنبول، في 11 مايو (أيار) 2011، قالت الخارجية التركية، في بيان، إنه لا ينبغي أن يفسر القرار على أنه تنازل عن مكافحة العنف ضد المرأة، وإن تركيا تقف إلى جانب المرأة في تعزيز حقوقها ودورها الاجتماعي وحمايتها من العنف.
وأضاف البيان أن اتفاقية المجلس الأوروبي المعنية بوقف العنف ضد المرأة والعنف الأسري ومكافحتهما، المعروفة باسم «اتفاقية إسطنبول»، أعدت لغرض رئيسي هو مكافحة العنف ضد المرأة، لكن العناصر والممارسات المختلفة التي تضمنتها الاتفاقية خلقت هاجساً، وأثارت انتقادات لدى الرأي العام، وهناك مناقشات في كثير من الدول داخل مجلس أوروبا بشأن الاتفاقية، وقد امتنعت بعض الدول التي وقعت على الاتفاقية عن التصديق عليها.
ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 34 دولة، بينها تركيا، إلا أنها لم تنفذ في كل من أوكرانيا وبريطانيا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا ومولدوفا وليتوانيا وليختنشتاين ولاتفيا والمجر وأرمينيا وبلغاريا، الموقعة عليها، ورفضت روسيا وأذربيجان، العضوين في «مجلس أوروبا»، التوقيع على الاتفاقية، في الوقت الذي وقعها الاتحاد الأوروبي في 13 يونيو (حزيران) 2017. وأثارت بعض المواد في اتفاقية إسطنبول نقاشات حول المساواة بين الجنسين في المجتمع، وأنها تلحق الضرر بالقيم الأسرية التقليدية في تركيا. وقالت رئاسة دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، في بيان ليل الأحد - الاثنين، إن الانسحاب من «اتفاقية إسطنبول» لا يعني بأي شكل من الأشكال التهاون في حماية المرأة، وإن تركيا لن تتخلى إطلاقاً عن مكافحة العنف الأسري، موضحة أن المادة (80) من الاتفاقية تسمح لأي من الأطراف بالانسحاب من خلال إبلاغ المجلس الأوروبي.
وعد البيان أن الاتفاقية كانت تهدف في البداية إلى التشجيع على تعزيز حقوق المرأة، لكن تم التلاعب بها من قبل شريحة تحاول «تطبيع المثلية الجنسية» التي تتعارض مع قيم تركيا الاجتماعية والعائلية، وأن قرار تركيا الانسحاب منها يستند إلى هذا السبب، وهي ليست الدولة الوحيدة التي لديها هواجس كبيرة بشأن الاتفاقية، فهناك 6 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، هي بلغاريا والمجر والتشيك ولاتفيا وليتوانيا وسلوفاكيا، لم تصدق عليها، كما اتخذت بولندا خطوات للانسحاب منها، مستشهدة بمحاولة مجموعات المثليين فرض أفكارهم على المجتمع ككل.
وجاءت التبريرات التركية بعد الانتقادات التي وجهها الاتحاد الأوروبي لتركيا، وتصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن التي قال فيها إن القرار التركي بالانسحاب من الاتفاقية مثل «خيبة أمل شديدة». وأكدت المنظمات النسائية أنها ستواصل احتجاجاتها على قرار إردوغان التي بدأت منذ السبت في أنحاء البلاد. وأعلن الرئيس السابق لاتحاد القضاة ومدعي العموم الأتراك، عمر فاروق أمين أغا أوغلو، رفع دعوى قضائية في مجلس الدولة التركي ضد قرار الرئيس التركي الانسحاب من الاتفاقية، مطالباً جمعيات حقوق المرأة والمواطنين بالسير على النهج ذاته، وإقامة دعاوى قضائية لإلغاء القرار.
وعلى صعيد آخر، تتواصل الاحتجاجات على قيام المدعي العام لمحكمة الاستئناف العليا، بكير شاهين، برفع دعوى أمام المحكمة الدستورية، الأربعاء الماضي، لحظر «حزب الشعوب الديمقراطي» المؤيد للأكراد. وشهدت مدينة ديار بكر، كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي البلاد، مظاهرة شارك فيها عشرات الآلاف خلال احتفالات «عيد النوروز» أول من أمس، احتجاجاً على ما وصفه المشاركون بحملة القمع الحكومي ضد الحزب، مؤكدين أن حزب العدالة والتنمية الحاكم، بزعامة إردوغان، يرغب في حظر «حزب الشعوب الديمقراطي» من أجل انتزاع أصوات مؤيديه، لكن ذلك لن يحدث. وفي حالة إغلاق الحزب، سيحل مكانه حزب جديد.
وعدت بروين بولدان، الرئيسة المشاركة لـ«حزب الشعوب الديمقراطي»، جهود الحكومة لحظر الحزب دليلاً على أن انهيارها بات وشيكاً.
وبدوره، قال الزعيم الكردي المعتقل صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشارك السابق لـ«حزب الشعوب الديمقراطي»، إن إردوغان يحاول بشكل غير قانوني حظر الحزب المدافع عن قضايا الأكراد، في مسعى لضمان الفوز في الانتخابات المقبلة المقررة في عام 2023. وأضاف دميرطاش، في إجابات عن أسئلة لوكالة الصحافة الفرنسية من سجنه في أدرنة (شمال غربي تركيا) عبر محاميه، أن السبب الرئيسي الذي يدفعهم لمحاولة حل «حزب الشعوب الديمقراطي» هو إفساح المجال لفوز «تحالف الشعب» (المكون من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية) في انتخابات 2023.
ووصف دميرطاش ملاحقة حزبه قضائياً بأنها أشبه بدلالة على «ديمقراطية غير ناضجة وعقلية قمعية»، قائلا إنه «مهما كانت العقبات التي توضع في طريقنا، ستواصل سياستنا طريقها نحو التطور، وإنني متأكد من أمر واحد، وهو أننا لن نتخلى عن الحق في السياسة الديمقراطية والحوكمة... ومع ذلك، على الحزب أن يفكر بشأن إن كان يرتكب أي أخطاء سياسية. وبغض النظر عن قضية إغلاق الحزب، علينا مراجعة أوجه القصور لدينا عبر نقد الذات، وعلينا شرح أنفسنا بشكل أفضل للمجتمع».
ولدى سؤاله عن مستقبله السياسي بعد المطالبة بحظر نشاطه السياسي، مع غيره من قيادات الحزب، بموجب دعوى إغلاقه، قال دميرطاش إنه «ممنوع من العمل السياسي بحكم الأمر الواقع بسبب اعتقاله منذ عام 2016». مضيفاً: «حتى لو لم أكن عضواً في حزب سياسي، أو لم أكن مرشحاً، فسأواصل القتال مع الشعب جنباً إلى جنب».


مقالات ذات صلة

امرأة تلد في سن الـ61 وتصبح أكبر أم جديدة في مقدونيا الشمالية

يوميات الشرق امرأة مع طفلها المولود (رويترز - أرشيفية)

امرأة تلد في سن الـ61 وتصبح أكبر أم جديدة في مقدونيا الشمالية

أصبحت سيدة تبلغ 61 عاماً أكبر امرأة تلد طفلاً في مقدونيا الشمالية، وفق ما أعلنت السلطات الصحية في الدولة الواقعة في منطقة البلقان الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (سكوبيي (مقدونيا الشمالية))
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)

منتدى المرأة العالمي ينطلق اليوم في دبي ويناقش دورها في 3 محاور رئيسية

ينطلق منتدى المرأة العالمي دبي 2024 اليوم ويناقش محاور رئيسية ذات أبعاد استراتيجية تتعلق بدور المرأة العالمي ويبحث اقتصاد المستقبل والمسؤوليات المشتركة.

مساعد الزياني (دبي)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».