وزير الاقتصاد اللبناني يحذّر من تفاقم الأزمة إذا لم تشكل الحكومة بسرعة

صدامات في المتاجر لشراء السلع... وسعر البنزين ارتفع 49 %

إحدى محطات البنزين في بيروت أمس (إ.ب.أ)
إحدى محطات البنزين في بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد اللبناني يحذّر من تفاقم الأزمة إذا لم تشكل الحكومة بسرعة

إحدى محطات البنزين في بيروت أمس (إ.ب.أ)
إحدى محطات البنزين في بيروت أمس (إ.ب.أ)

حذّر وزير الاقتصاد اللبناني في حكومة تصريف الأعمال راؤول نعمة من أن الوضع الاقتصادي يتجه إلى تأزم أكبر في حال عدم تشكيل حكومة اليوم قبل الغد، داعياً السياسيين إلى الإسراع في الاتفاق على تشكيل حكومة لوضع حد للأزمة الاقتصادية المتنامية والتي دفعت المواطنين إلى الشارع، وحاول بعضهم اقتحام وزارة الاقتصاد في وسط بيروت.
وقال نعمة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه لا خيارات أمامنا سوى تشكيل الحكومة، مكرراً في تعليق مقتضب: «على لبنان تشكيل حكومة فوراً، هي الخيار الوحيد الآن للتعامل مع الأزمة، وبعدها نتّجه إلى صندوق النقد الدولي» بغرض إجراء مفاوضات معه، «ومن بعدها تنفيذ الكابيتول كونترول» أي تشريع إجراءات مراقبة وضبط أموال المودعين في المصارف اللبنانية وفرض قيود على التحويلات إلى الخارج. وقال نعمة: «من دون هذه الإجراءات سنكون في أزمة أكبر، وستتفاقم المشكلة»، مشدداً على أنه لا حل للأزمة من غير تشكيل حكومة تنفّذ هذه التدابير. وقال: «فليتحرك السياسيون الآن وأن يشكلوا حكومة لتبدأ حلول التعامل مع الأزمة». وعلى وقع شح السيولة ونضوب احتياطي المصرف المركزي المخصص لدعم
السلع الاستهلاكية الرئيسية، ينبّه خبراء من أنّ «الأسوأ لم يأت بعد»، فيما تعجز القوى السياسية عن تشكيل حكومة تمضي قدماً بإصلاحات عاجلة لضمان الحصول على دعم المجتمع الدولي.
ودفع التغير السريع في سعر الصرف خلال الأيام الأخيرة عدداً من المحال التجارية الكبرى إلى إقفال أبوابها لإعادة تسعير سلعها. كذلك، أقفلت مصانع أبوابها بانتظار استقرار سعر الصرف. وشهدت متاجر صدامات بين المواطنين على شراء السلع المدعومة، كما توقفت محطات وقود عن العمل. وسجلت الليرة المحلية الأسبوع الحالي تدهوراً قياسياً، حيث ناهز سعر الدولار في السوق السوداء الـ15 ألف ليرة، ما يعني أن الليرة اللبنانية خسرت نحو 90 في المائة من قيمتها، ما دفع المتاجر لإقفال أبوابها، وإحجام المستوردين عن توزيع البضائع، ومن ضمنها السلع الغذائية.
وبحث وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس المواضيع المالية والنقدية كافة. وقال سلامة بعد الاجتماع إنه عرض على وزني «بعض الاقتراحات التي سيقوم بدرسها كما سيدرسها المجلس المركزي في مصرف لبنان خلال الـ24 ساعة المقبلة»، معرباً عن اعتقاده أن تلك الاقتراحات «ستؤدي إلى انخفاض سعر صرف الدولار في لبنان».
ومن شأن نفاد احتياطي المصرف المركزي بالدولار الذي يُستخدم بشكل رئيسي لدعم استيراد القمح والمحروقات والأدوية، أن يجعل الدولة عاجزة عن توفير أبسط الخدمات.
وفي ظل عجز السلطات عن التعامل مع الأزمة، بعد تحذير وزني أول من أمس من أن الحكومة ستتجه إلى رفع الدعم عن المحروقات وتزيله عن بعض السلع الغذائية المدعومة، صعّد المواطنون في الشارع، وحاول محتجون أمس اقتحام مقر وزارة الاقتصاد في وسط بيروت احتجاجاً على ارتفاع الأسعار الجنوني وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، ما أدى إلى وقوع إشكال بينهم وبين القوى الأمنية، بحسب ما نقلت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية. وقال أحد المحتجين لقناة محلية: «نتشاجر مع بعضنا البعض من أجل كيس حفاضات للأطفال أو عبوة حليب» داخل المتاجر، مضيفاً بانفعال «لقد أذلونا». وينعكس الانخفاض في قيمة العملة المحلية على أسعار السلع والمواد الغذائية وكل ما يتم استيراده من الخارج. وقد ارتفعت أسعار السلع بنسبة 144 في المائة، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي. وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر.
وتفاقمت الأزمة أمس مع ارتفاع سعر المحروقات مرة أخرى أكثر من 10 في المائة، حيث أعلن ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا زيادة جديدة في سعر الوقود تجاوزت الأربعة آلاف ليرة للصفيحة الواحدة (20 ليتر بنزين) خلال أسبوع. وبذلك، يكون سعر البنزين قد ارتفع حوالي 49 في المائة بين 24 يوليو (تموز) الفائت و17 مارس (آذار) الجاري.
وأعلن أبو شقرا أمس أن المسؤولين «كانوا يريدون رفع الدعم كلياً ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب رفض هذا الموضوع»، لافتاً إلى أنه «لم يعد هناك استيراد لصفائح البنزين من نوع 98 أوكتان».
وقطع متظاهرون لأيام طرقاً رئيسية في أنحاء البلاد، وتواصلت أمس حيث أفادت غرفة التحكم بقطع طرقات ضمن نطاق بيروت بينها كورنيش المزرعة والبربير، كما قطع طريق دوار العبدة طرابلس في الشمال، وطرقات أخرى في البقاع في شرق لبنان، إضافة إلى الأوتوستراد الساحلي في منطقة البيسارية في جنوب لبنان.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.