مظاهرة حاشدة في «أم الفحم» احتجاجاً على الجرائم والعنف

احتجوا على العنف وأخرجوا قائد الحركة الإسلامية بالقوة

نحو 20 ألف محتج خرجوا في أم الفحم لإدانة الجرائم والعنف بالمدينة (أ.ف.ب)
نحو 20 ألف محتج خرجوا في أم الفحم لإدانة الجرائم والعنف بالمدينة (أ.ف.ب)
TT

مظاهرة حاشدة في «أم الفحم» احتجاجاً على الجرائم والعنف

نحو 20 ألف محتج خرجوا في أم الفحم لإدانة الجرائم والعنف بالمدينة (أ.ف.ب)
نحو 20 ألف محتج خرجوا في أم الفحم لإدانة الجرائم والعنف بالمدينة (أ.ف.ب)

شارك نحو 20 ألف شخص من المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، أمس الجمعة، في مظاهرة قطرية ضد استفحال العنف في مجتمعهم وضد إهمال الشرطة والحكومة للإجرام المنظم ونشر مئات ألوف قطع الأسلحة. وقد أغلقوا الشارع الرئيسي في وادي عارة. وقال رئيس لجنة المتابعة العليا للعرب، محمد بركة، إن هذه كانت مظاهرة غضب والمشاركة الواسعة فيها «هي رسالة واضحة للحكومة الإسرائيلية والأجهزة التابعة لها بأن جماهيرنا لن تسكت على الحال التي هي فيها، ولا على تواطؤ جهاز الشرطة وحكومته على عصابات الإجرام، واستفحال الجريمة في المجتمع العربي».
وقد بلغ عدد القتلى في جرائم العنف 16 شخصاً منذ مطلع السنة، إضافة إلى 113 شخصاً في سنة 2020. وبرزت بين المشاركين مجموعة كبيرة من النساء والأطفال من العائلات التي ثكلت أبناءها في جرائم العنف، رافعين صور الضحايا.
وكانت «أم الفحم» قد خرجت إلى الشوارع في مظاهرات احتجاجية، للأسبوع الثامن على التوالي، بدعوة من الحراك الشعبي الفحماوي، غير أن المظاهرة، أمس، جاءت بدعوة من لجنة المتابعة العليا، تضامناً مع الذين تعرضوا لاعتداءات عنيفة من الشرطة الإسرائيلية، من خلال الضرب ورشهم بالمياه العادمة وإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، ما أسفر عن إصابة متظاهرين عديدين، من بينهم متظاهر نُقل بحالة خطيرة للمستشفى، إلى جانب إصابة رئيس بلدية أم الفحم، سمير محاميد، وعضو الكنيست عن القائمة المشتركة، يوسف جبارين.
وقد انطلقت المظاهرة القطرية، بعد صلاة الجمعة، من سوق المدينة وحمل المتظاهرون الأعلام الفلسطينية والسوداء، ورددوا هتافات منددة بالجريمة وتواطؤ الشرطة في محاربة العنف والجريمة بالمجتمع العربي. ثم توجهوا نحو الشارع الرئيسي في مدخل «أم الفحم». وتبين أن الشرطة أقدمت على إغلاق الشارع من كلا الاتجاهين. كما أغلقت الشوارع والطرقات المؤدية إلى مدينة أم الفحم من جميع الاتجاهات، وحاولت إعادة المتظاهرين القادمين من أنحاء البلاد المختلفة. ولكنها تراجعت بعد تدخل النائب جبارين، الذي توجه إليها بهذا الشأن ثم أصدر بياناً أكد فيه أنه «من المهم الإصرار على الوصول إلى المظاهرة فهذا حق أساسي لنا». وحضر المظاهرة عشرات نشطاء السلام اليهود، من حزب «ميرتس» والعديد من حركات السلام. وقال أحدهم، جولي فريدمان: «جئت من تل أبيب لكي أحتج على سياسة الشرطة والحكومة، كما ظهرت في الاعتداء على المتظاهرين قبل أسبوع. يجب أن نتظاهر معاً، يهوداً وعرباً ضد هذه السياسة».
ولوحظ أن عدداً من المتظاهرين حاولوا منع النائب منصور عباس، رئيس قائمة الحركة الإسلامية، من المشاركة في المظاهرة، احتجاجاً على الانقسام عن «القائمة المشتركة» والتصريحات التي أطلقها، وبدا منها استعداده للتحالف مع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في الانتخابات المقبلة، التي ستجري بعد أقل من ثلاثة أسابيع. وقد هاجم عباس هؤلاء المتظاهرين، قائلاً: «يتظاهرون ضد العنف ويمارسون العنف في الوقت ذاته». واتهم الأحزاب السياسية بالمسؤولية عن ذلك. لكن «القائمة المشتركة» أصدرت بياناً أكدت فيه رفضها لهذا التصرف. وقد حيت «القائمة المشتركة»، في بيان لها، عقب انتهاء المظاهرة، أهالي «أم الفحم» وكل الألوف المؤلفة التي شاركت في المظاهرة، واعتبرتها «رسالة واضحة إلى حكومة إسرائيل وشرطتها، بأن جماهيرنا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الدماء وأمام تواطؤ السلطات مع عصابات الإجرام». وقالت: «إن ما حدث مع النائب منصور عباس هو أمر مرفوض ومستنكر شكلاً ومضموناً. نحيي كل مَن تدخل لحمايته، خصوصاً النائب يوسف جبارين. ونطالب النائب عباس بالتراجع عن اتهاماته المتسرعة والمبيتة، التي يدحرها التوثيق الميداني للحدث. وبغض النظر عن هذا الحدث الهامشي، يبقى الأساس أن على النائب عباس إعادة النظر في نهجه ومواقفه تجاه الشرطة».
وأضافت: «علينا أن نتعلم من وقفة أم الفحم البطولية وحراكها الموحد، ونوجه أسهمنا تجاه السلطة والشرطة القامعتين، وليس تجاه بعضنا. وليكن هذا اليوم النضالي المجيد رافعة لنضال جماهيرنا ضد آفة الجريمة والعنف».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.