روسيا تكلف شركة سورية معاقبة أميركياً باستثمار حقلي نفط في دير الزور

عناصر موالية للنظام السوري على مدخل دير الزور سبتمبر 2017 (غيتي)
عناصر موالية للنظام السوري على مدخل دير الزور سبتمبر 2017 (غيتي)
TT

روسيا تكلف شركة سورية معاقبة أميركياً باستثمار حقلي نفط في دير الزور

عناصر موالية للنظام السوري على مدخل دير الزور سبتمبر 2017 (غيتي)
عناصر موالية للنظام السوري على مدخل دير الزور سبتمبر 2017 (غيتي)

في عملية تقاسم للحصص في حقول النفط السورية، قامت القوات الروسية العاملة في سوريا، بتلزيم استثمار حقلي نفط «التيم» و«الورد»، في محافظة دير الزور، إلى شركة (أرفادا) التي سمحت لها دمشق العام الماضي بتأسيس مصفاتين للنفط (الرصافة) لتكرير النفط الثقيل و(الساحل) لتكرير النفط المتكاثف.
وقالت مصادر إعلامية في دير الزور، إن اجتماعاً عقد في مطار دير الزور العسكري، بين ضباط روس، ورجل الأعمال السوري حسام قاطرجي (39 عاماً) ومساعده حسين السطم السلطان، جرى خلاله توقيع القاطرجي صاحب شركة «أرفادا»، عقد استثمار للآبار النفطية، «التيم» و«الورد» مع القوات الروسية، لمدة خمس سنوات.
وتعود ملكية شركة «أرفادا» المؤسسة بدمشق عام 2018، إلى الأشقاء؛ حسام قاطرجي ويملك 34 في المائة من أسهم الشركة، ومحمد براء قاطرجي (33 في المائة) وأحمد بشير قاطرجي (33 في المائة). كما أن «أرفادا» أول شركة قطاع خاص تحصل على ترخيص رئاسي بتأسيس مصفاتي نفط، العام الماضي، بالشراكة مع وزارة النفط والثروة المعدنية بدمشق التي تملك 15 في المائة من أسهم الشراكة، فيما تملك شركة «ساليزارشيبينغ» اللبنانية، 5 في المائة، وشركة «أرفادا» 80 في المائة.
وقالت شبكة «عين الفرات» الإخبارية، إن القوات الروسية لزّمت استثمار حقلي «التيم» و«الورد» بدير الزور، إلى شركة حسام القاطرجي، فيما ظل حقلا «الحسيان» و«الحمار» بريف البوكمال، تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني الذي رفض تسليمها للقوات الروسية، بذريعة توقيع عقود استثمار مع دمشق لمدة عشر سنوات.
وتسيطر القوات الروسية على حقلي «التيم» و«الورد» بدير الزور، منذ الصيف الماضي، في حين تسيطر الميليشيات الإيرانية على حقلي «الحسيان» و«الحمار» بريف البوكمال، منذ طرد تنظيم «داعش» منها عام 2017. وبحسب أرقام حكومية سورية، ينتج حقل التيم 2500 برميل يومياً، فيما يبلغ إنتاج حقول دير الزور الواقعة تحت سيطرة النظام وحلفائه 4600 برميل يومياً.
وتتركز معظم الحقول النفطية شرق سوريا في محافظتي دير الزور والحسكة، قريباً من الحدود مع العراق ومع تركيا. معظمها واقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، المدعومة من القوات الأميركية الموجودة شرق الفرات، حيث تسيطر «قسد» على حقل رميلان في الحسكة، والذي يضم أكثر من 1322 بئراً، إضافة لأكثر من 25 بئراً للغاز. كما تسيطر على أكبر الحقول النفطية في سوريا، وهي حقلا العمر والتنك، وحقل العزبة وعدد من الحقول لأخرى الموجودة في ريف محافظة دير الزور، في حين يسيطر النظام وحلفاؤه، على حقول صغيرة، حيث لا ينتج حقلا الورد والتيم الواقعان تحت سيطرة النظام والقوات الروسية غربي الفرات، سوى مردود ضئيل، كونهما محطة ضخمة للنفط القادم من حقلي العمر والتنك. فيما تنتج حقول الجفرة وكونيكو لإنتاج الغاز، وحقول ديرو والجفرة والخراطة الواقع تحت السيطرة الإيرانية، نحو ألفي برميل، يومياً.
وتشير تقارير دولية، إلى أن احتياطي سوريا النفطي، يشكل نحو 0.14 على مستوى العالم، بواقع إنتاج يومي كان قبل عام 2011. ثلاثمائة ألف برميل انخفض إلى أربعين ألف بعد اندلاع الحرب، حيث بلغت خسائر قطاع النفط، 91.5 مليار دولار، وفق أرقام وزارة النفط بدمشق.
وأفادت شبكة (عين الفرات) بقيام مجموعات القاطرجي بتجنيد «أكثر من ألف شاب من المنطقة الشرقية ومنطقة الشميطية ومعدان والسبخة والبوكمال، في صفوفها»، لقاء رواتب شهرية تقدر بـ225 ألف ليرة سورية مع سلة غذائية، أي ما يعادل (60 دولاراً أميركياً)، وتتولى مجموعات القاطرجي المنتشرة في حقل صفيان الرصافة جنوب الرقة، وصولاً إلى الحسكة، حماية الصهاريج ومرافقتها وحماية آبار النفط.
ويعتبر الأشقاء قاطرجي من حيتان المال السورية التي ظهرت خلال الحرب، وأحد أهم الأذرع الاقتصادية للنظام السوري، وقفازه في التعامل التجاري مع تنظيم «داعش»، حين سيطرته على المناطق الشرقية، ثم مع قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر اليوم، بدعم أميركي، على معظم حقول النفط والغذاء في الجزيرة السورية.
وتولى القاطرجي عمليات شراء النفط والقمح السوري من المناطق الشرقية الخارجة عن سيطرة النظام، منذ عام 2014. مما أدى إلى فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على «القاطرجي» عام 2018. كما فرضت عقوبات جديدة، نهاية العام الماضي، على وزارة النفط، وعدد من رجال الأعمال بينهم حسام قاطرجي، وعدد من الشركات، بينها «شركة مصفاة الرصافة»، و«شركة مصفاة الساحل»، و«شركة أرفادا البترولية المساهمة المغفلة».
يذكر أن بعد تعرض مجموعات «القاطرجي» لسلسلة هجمات من فلول تنظيم «داعش» خلال العام الماضي، بات عملها تحت إمرة وحماية القوات الروسية الموجودة في المناطق الشرقية.
في سياق موازٍ، ذكرت مصادر محلية في شرق سوريا، وقوع أكثر من 10 انفجارات يوم أمس الأحد، في محيط مدينة البوكمال من جهة الحسكة، في غارات شنها طيران مجهول على رتل للميليشيات الإيرانية.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.