> لقد جاءت الاضطرابات الأمنية الأخيرة التي شهدتها برشلونة ومعظم المدن الكاتالونية الأخرى خلال الأيام الثلاثة الماضية، ووصلت شظاياها إلى العاصمة مدريد، لتدقّ ناقوس الخطر من تفاقم الاحتقان الذي تولّده الأزمة الانفصالية، وتنبّه إلى عواقب دفعها نحو المزيد من التصعيد والمماطلة في احتوائها وتبريدها ضمن دائرة المؤسسات.
كانت شرارة هذه الاضطرابات قد اندلعت، مساء الثلاثاء الماضي، من الاحتجاجات التي عمّت إقليم كاتالونيا ضد إلقاء القبض على مغنّي «الراب» الكاتالوني بابلو هاسيل، الذي قضت المحكمة الوطنية بسجنه سنتين ونصف السنة بتهمة التجريح بالعاهل الإسباني الملك فيليبي السادس والتحريض على الإرهاب. وسرعان ما تطوّرت تلك الاحتجاجات إلى مواجهات عنيفة بين رجال الأمن والمتظاهرين، الذين قالت مصادر الشرطة إن معظمهم ينتمي إلى جماعات يسارية وانفصالية متطرفة. وتجدر الإشارة أن لهذا المغنّي سوابق قضائية، كما كانت قد صدرت في حقّه أحكام لاعتدائه على صحافية وتهديدها بالقتل علناً، فضلاً عن أنه في أغنيته الأخيرة أعرب صراحة عن تأييده للأعمال الإرهابية التي كانتا تقوم بها منظمة «ايتا» الانفصالية الباسكية.
في الواقع كشفت هذه الاضطرابات، التي تحدّت تدابير الوقاية من جائحة «كوفيد - 19» عمق الشرخ الذي أحدثته سوسة الانفصالية في المجتمع الإسباني، كما أظهرت هشاشة الائتلاف الحاكم بين الحزب الاشتراكي ومنافسه حزب «بوديموس» (قادرون) الذي لم يُخفِ يوماً طموحه في إزاحة الاشتراكيين عن قيادة اليسار.
وفي حين أدانت جميع الأحزاب الوطنية أعمال العنف التي عمّت العديد من المدن الإسبانية، لم يكتفِ «بوديموس» بالإحجام إدانتها، بل غرّد منظّره الرئيسي بابلو ايتشينيكيه، على حسابه في «تويتر»، معرباً عن دعمه للمتظاهرين الذين رفعوا شعارات ضد الملك والنظام والأجهزة الأمنية التي وصفوها بالنازيّة، وقال: «كل الدعم للشباب المناهضين للفاشيّة الذين يطالبون في الشوارع بالعدالة وحرية التعبير، ولا بد من محاسبة المسؤولين في الأجهزة الأمنية على الأذى الذي لحق بالمتظاهرين».
رداً على هذا الموقف، سارع الحزب الشعبي إلى مطالبة رئيس الحكومة سانتشيز بعزل زعيم «بوديموس» بابلو ايغليسياس - الذي يتولّى منصب النائب الثاني لرئيس الحكومة - وذلك بعد اتهام حزبه بالتحريض على العنف وتهديد السلم الاجتماعي. وتتزامن هذه التطورات مع ارتفاع منسوب التوتّر والخلافات داخل الائتلاف الحاكم بين الاشتراكيين و«بوديموس»، التي تتكرّر منذ عدة أشهر حول معظم الملفات المطروحة أمام الحكومة. ومن المتوقع أن تزداد هذه الخلافات حدّة خلال الأشهر المقبلة عند معالجة الملفات الاقتصادية الكبرى، مثل تعديلات قانون العمل ونظام التقاعد، ولا سيما عند توزيع المساعدات التي حصلت عليها إسبانيا من صندوق الإنعاش الأوروبي، والتي تبلغ نحو 200 مليار دولار أميركي بين هبات وقروض ميسّرة.
وفي حين يجهد رئيس الحكومة سانتشيز مرة أخرى لرأب الصدع داخل الائتلاف الحاكم الذي يبقى - في أحسن الأحوال - تحت رحمة تأييد اليسار الانفصالي الكاتالوني في البرلمان، تتجّه كل الأنظار إلى مسار تأليف الحكومة الإقليمية الجديدة لمعرفة وجهة الرياح المقبلة على المشهد السياسي الإسباني وقوة العواصف التي تحملها.
7:57 دقيقة
الاضطرابات الأمنية تدق ناقوس الخطر
https://aawsat.com/home/article/2816056/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AF%D9%82-%D9%86%D8%A7%D9%82%D9%88%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%B1
الاضطرابات الأمنية تدق ناقوس الخطر
الاضطرابات الأمنية تدق ناقوس الخطر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة