«ثلاثي آستانة» يتمسك بـ«الدستورية» وهدنة إدلب

بيدرسن يلتقي لافروف اليوم قبل زيارة دمشق

المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن يلتقي سوسان في سوتشي أول من أمس  (روسيا اليوم)
المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن يلتقي سوسان في سوتشي أول من أمس (روسيا اليوم)
TT

«ثلاثي آستانة» يتمسك بـ«الدستورية» وهدنة إدلب

المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن يلتقي سوسان في سوتشي أول من أمس  (روسيا اليوم)
المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن يلتقي سوسان في سوتشي أول من أمس (روسيا اليوم)

أكدت روسيا وتركيا وإيران في ختام الجولة الـ15 من المفاوضات في إطار «مسار آستانة» توجهها لدفع عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف، وشغل هذا الملف حيزاً أساسياً في البيان الختامي، الذي تحدث عن «مناقشة تفصيلية شاملة» أجرتها الأطراف الحاضرة في جولة المفاوضات. ولفت البيان إلى توافق بين «ضامني وقف النار» على استمرار العمل بالهدنة في منطقة إدلب، وعدم السماح بانزلاق الوضع نحو تفجير مواجهات عسكرية جديدة.
وعقدت الوفود المشاركة في ثاني أيام جولة المفاوضات محادثات ثنائية ومتعددة، قبل أن تنضم إلى الجلسة العامة التي تم خلالها الإعلان عن الوثيقة الختامية. وتضمّن البيان بعد الإشارات التقليدية في مقدمته إلى التزام الأطراف باحترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، تأكيداً على أولوية ملفي دفع عمل اللجنة الدستورية التي خصص لها أربعة بنود من مجموع بنود الوثيقة الـ17. وأكدت الأطراف التزامها بتعزيز مسار الحوارات في إطار اللجنة، والعمل مع الأطراف السورية ومع المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن بهدف تذليل الصعوبات وتوفير المناخ المناسب لإنجاح عمل اللجنة. وأكدت الأطراف، أن عمل «الدستورية» يجب أن يبنى على الحوار البنّاء والتوافقات من دون تدخل خارجي.
وشكّل ملف إدلب العنصر الثاني الأبرز على جدول الأعمال، وانعكس ذلك في الوثيقة الختامية التي شددت على «ضمان الالتزام بالهدنة وتنفيذ الاتفاقات السابقة المتعلقة بوقف النار». علماً بأن هذا كان ملفاً خلافياً، بسبب تأكيد الوفد الحكومي في وقت سابق أن اتفاق وقف النار الموقّع قبل عام قد انتهى. وأكد البيان أيضاً، على أنه «لا حل عسكرياً» للوضع في سوريا، مشدداً على اعتماد مرجعية قرارات الأمم المتحدة والقرار 2254.
وتطرق إلى الوضع في شمال وشرق سوريا، مشدداً على أهمية ضمان وحدة الأراضي السورية و«رفض كل المحاولات لخلق واقع جديد على الأرض»، وجدد رفض «الاستيلاء غير المشروع على عائدات النفط في شمال شرقي سوريا». وأعلنت أنقرة، أن الدول الثلاث «رفضت الأجندات الانفصالية التي تستهدف وحدة أراضي سوريا ووحدتها السياسية وتشكل تهديداً للأمن القومي لدول الجوار». وتابعت «تم لفت الانتباه إلى الطبيعة غير المقبولة للمحاولات الانتهازية غير المشروعة الجارية على الساحة السورية بحجة محاربة الإرهاب».
وأدان البيان الأنشطة الإرهابية المتزايدة في سوريا والتي أدت إلى مقتل أبرياء، وأعرب عن قلقه إزاء تزايد الهجمات التي تطال المدنيين شمال شرقي سوريا. وأكد ضرورة التزام الأطراف بالحفاظ على التهدئة على الأرض بموجب الاتفاقات المتعلقة بإدلب.
كما أدانت الدول الضامنة لعملية «آستانة» أيضاً، «الهجمات العسكرية الإسرائيلية المستمرة على سوريا والتي تنتهك القانون الدولي والقانون الإنساني».
وتضمن البيان بنوداً حول الوضع الإنساني، وأهمية أيضال المساعدات إلى كل الأطراف، بما في ذلك في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، وأكد أهمية دفع ملف عودة اللاجئين. وحدد موعداً تقريبياً لعقد الجولة المقبلة من المفاوضات في منتصف العام في عاصمة كازاخستان نور سلطان.
وفي مؤتمر صحافي ختامي، لفت لافرنتييف إلى أن واشنطن «لم تبلور بعد سياستها تجاه سوريا»، معرباً عن أمل في إطلاق «محادثات بنّاءة» مع واشنطن حول الملف السوري. وأضاف، أن موسكو تتطلع أيضاً إلى أن تغير الإدارة الجديدة النهج الذي سارت عليه واشنطن في السنوات الماضية والذي اعتمد على مبدأ الضغط ومحاولات عزل سوريا سياسياً واقتصادياً.
ورأى المبعوث الرئاسي الروسي، أن «رفع العقوبات وفتح الحوار مع دمشق من شأنه أن يحفز الحكومة السورية على تنشيط التحرك في مجالات التسوية السياسية».
وحول الضربات الإسرائيلية، لفت لافرنتييف إلى أن موسكو تأمل في أن «يصغي الجانب الإسرائيلي إلى تحفظاتنا ودعواتنا للتوقف عن التصعيد»، محذراً من أن «صبر الحكومة السورية قد ينتهي وقد ترد بضربة جوابية على القصف المتواصل ما يهدد بدوامة عنف وتصعيد كبير لذلك نتواصل مع إسرائيل وندعو لتجنيب المنطقة هذا التصعيد».
وأشار إلى «حوارات جرت بين الإسرائيليين والروس لتخفيف التوتر ونزع فتيل التصعيد»، وتعد هذه أول مرة يصدر فيها تأكيد رسمي روسي لإجراء حوارات سورية - إسرائيلية برعاية من جانب موسكو.
إلى ذلك، حذر كبير مستشاري وزير الخارجية الإيراني علي أصغر حاجي، الذي رأس وفد بلاده إلى سوتشي، أنه «إذا تعرض المستشارون العسكريون الإيرانيون في سوريا للهجوم، فإن إسرائيل ستواجه رداً قاسياً»، مشدداً على أن المستشارين الإيرانيين «ينشطون في سوريا ضد الإرهاب».
في الأثناء، أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، أنه سيتوجه بعد زيارته موسكو اليوم إلى دمشق، حيث يواصل المشاورات حول عمل اللجنة الدستورية السورية. وقال بيدرسن «سأجري مشاورات الخميس مع وزير الخارجية (سيرغي) لافروف. وأنا أنتظر هذه المباحثات، وبعد زيارتي لموسكو سأتوجه إلى دمشق، وبعد ذلك سنرى كيف ستسير المشاورات».
وبدت تعليقات بيدرسن متشائمة حول عمل «الدستورية»، وقال إن المشاورات التي أجراها في سوتشي، بما في ذلك مع وفود الحكومة والمعارضة، خلصت إلى أن «اجتماعات اللجنة الدستورية لا يمكن أن تستمر بعد الاجتماع الأخير»، مشدداً على أن «التغييرات مطلوبة قبل أن نتمكن من الاجتماع مرة أخرى».
وأعرب بيدرسن عن أمله بأن تتمكن موسكو والإدارة الأميركية الجديدة من دفع عملية التسوية في سوريا.

من جانبه، لفت أيمن سوسان، رئيس وفد الحكومة السورية، إلى التركيز خلال اللقاءات التي أجراها في سوتشي على أن «وجود قوات الاحتلال الأميركي والتركي يشكل العامل الأساس الذي يعيق عودة الاستقرار بشكل كامل إلى سوريا ودحر الإرهاب وإنهاء الحرب الظالمة ويشجع الحركات الانفصالية وما تقوم به من جرائم بحق أهلنا في منطقة الجزيرة السورية».
وقال إن هذا المحور كان أساسياً في الحوارات الثنائية «مع الأصدقاء الروس والإيرانيين والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والوفد العراقي».
لكنه شدد في الوقت ذاته على «قناعة بأنه يمكن تحقيق المزيد من النتائج الإيجابية وعلى مختلف الصعد في حال التزام النظام التركي بالتفاهمات مع الجانب الروسي وخاصة لجهة القضاء على التنظيمات الإرهابية وإنهاء الوضع الشاذ في منطقة خفض التصعيد بإدلب».
وبين سوسان، أن وفد الحكومة جدد خلال الاجتماعات التأكيد على أهمية الابتعاد عن تسييس الموضوع الإنساني في سوريا وأهمية وصول المساعدات إلى مستحقيها دون أي تمييز أو تسييس، وفي ظل الاحترام الكامل لسيادة سوريا، وعلى أهمية عدم وصول هذه المساعدات إلى المجموعات الإرهابية، كما تم التأكيد على إدانة الإجراءات القسرية أحادية الجانب غير الشرعية التي يفرضها الغرب على سوريا في انتهاك سافر لمبادئ القانون الدولي الإنساني وأبسط حقوق الإنسان وتنعكس بشكل سلبي على حياة المواطن السوري ولقمة عيشه.
في المقابل، دعا رئيس وفد المعارضة السورية أحمد طعمة، إلى دفع الجهود من أجل «الخروج من المأزق الذي حدث في الجولة الخامسة في اجتماعات (الدستورية)».
مشدداً على أهمية «الانتقال إلى مرحلة الصياغة». وأشار طعمة إلى أن المعارضة السورية كانت أكثر من تضرر من الجماعات المتطرفة و«نحن نحاربهم منذ اللحظة الأولى وسنستمر في مواجهتهم».
كما أعرب طعمة عن قلقه تجاه الوضع الاقتصادي في سوريا، وزاد «الوضع الاقتصادي في سوريا يقلقنا ونضغط للتوصل لحل سياسي للتخفيف من المعاناة الاقتصادية (..) نريد أن تركز العقوبات الاقتصادية على النظام فقط».



«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.