إيران للعراق: إخراج الأميركيين أفضل ردّ على اغتيال سليماني

وزيرا الخارجية العراقي والإيراني خلال لقائهما في طهران أمس (أ.ف.ب)
وزيرا الخارجية العراقي والإيراني خلال لقائهما في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

إيران للعراق: إخراج الأميركيين أفضل ردّ على اغتيال سليماني

وزيرا الخارجية العراقي والإيراني خلال لقائهما في طهران أمس (أ.ف.ب)
وزيرا الخارجية العراقي والإيراني خلال لقائهما في طهران أمس (أ.ف.ب)

فيما لم تكشف وزارة الخارجية العراقية طبيعة الملفات التي بحثها وزير الخارجية فؤاد حسين خلال زيارته إلى طهران، أمس، فإن إيران أعلنت أنها أبلغت العراق رفضها استمرار الوجود الأميركي بوصفه «أحد عوامل عدم الاستقرار في المنطقة»، معتبرة أن إخراج الأميركيين «أفضل رد» على قتل القيادي في «الحرس الثوري» قاسم سليماني العام الماضي بغارة أميركية في بغداد.
والتقى الوزير العراقي نظيره الإيراني محمد جواد ظريف ومستشار الأمن القومي الإيراني علي شمخاني. واكتفت بغداد بالقول إن الزيارة «تتناول الملفات المشتركة بين البلدين»، من دون أن تفصح عن نوع هذه الملفات وطبيعتها.
غير أن مراقبين يرون أن العراق يسعى للعب دور التهدئة بين الجانبين الأميركي والإيراني في ظل الإدارة الأميركية الجديدة وبدء الحديث عن إمكانية استئناف الحوار بين الطرفين بشأن الملف النووي الإيراني. كما يسعى للعب دور في الحوار الإقليمي المفترض، في وقت لم تعد تلوح في الأفق بوادر تصعيد أميركي - إيراني على الرغم من تأكيدات وزير الخارجية الأميركي إنتوني بلينكن أن طهران ربما تكون على مسافة أسابيع من إنتاج مواد انشطارية لتصنيع قنبلة نووية.
وركز شمخاني وظريف على ملف الوجود الأميركي في العراق، وهو أحد الملفات التي تراجعت كثيراً خلال السنة الماضية عند استئناف الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن وبدء الأخيرة سحب مزيد من قواتها من العراق خلال الشهور الماضية، ما يعني أن إيران تريد عبر بغداد بعث رسائل إلى الإدارة الأميركية الجديدة، فحواها التركيز على وجودها في العراق.
وفي هذا السياق، اعتبر وزير الخارجية الإيراني أن إنهاء وجود القوات الأميركية في المنطقة «أفضل رد» على عملية اغتيال سليماني، ومساعده في العراق أبو مهدي المهندس. وأشاد ظريف بـ«المتابعة القضائية لملف اغتيال سليماني والمهندس من قبل الحكومة العراقية».
من جهته، أشاد وزير الخارجية العراقي بالعلاقات مع إيران، وشكرها على «دعمها للعراق في مواجهة (تنظيم داعش)». وقال حسين، لدى لقائه شمخاني، إن «أي طرف أجنبي لن يستطيع التأثير سلباً على العلاقات العراقية - الإيرانية»، بحسب الوكالات الرسمية الإيرانية، فيما أكد شمخاني أن «الحد الأدنى لعقاب مرتكبي اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس هو مغادرة المنطقة فوراً».
وأكد شمخاني «ضرورة التعاون الجماعي بين دول المنطقة»، مشيراً إلى أن «استقرار هذه الدول يتحقق في ظل الحوار والتعاون الإقليمي من دون أي تدخل أجنبي»، منوهاً بـ«الأهمية الاستراتيجية للاتفاقيات الموقعة بين طهران وبغداد». كما اعتبر أن التسريع في التنفيذ الكامل لهذه الاتفاقيات «يرتقي بالعلاقات بين البلدين أكثر فأكثر ويخلق نموذجاً ناجحاً للتعاون في جميع المجالات».
ونقلت الوكالات الإيرانية عن الوزير العراقي تأكيده «عزم بلاده على تعزيز العلاقات مع طهران»، مشيراً إلى أن «العراق وإيران بلدان جاران تربطهما علاقات الصداقة والأخوة والمشتركات الكثيرة والحدود الطويلة».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.