رئيس «سوريا الديمقراطية»: «الائتلاف» تجاهل دعوتنا للحوار

قال إن الوساطة الروسية لتهدئة التوتر لم تحقق أي اختراق

رياض درار رئيس {مجلس سوريا الديمقراطي}
رياض درار رئيس {مجلس سوريا الديمقراطي}
TT

رئيس «سوريا الديمقراطية»: «الائتلاف» تجاهل دعوتنا للحوار

رياض درار رئيس {مجلس سوريا الديمقراطي}
رياض درار رئيس {مجلس سوريا الديمقراطي}

كشف رئيس «مجلس سوريا الديمقراطية» رياض درار، عن تجاهل «الائتلاف السوري لقوى المعارضة» وبعض قوى المعارضة، دعوات «مسد»، للعمل بشكل مشترك لمواجهة الاستحقاقات السورية المتمثلة في اللجنة الدستورية والمفاوضات الشاقة التي ترعاها الأمم المتحدة. في وقت قال فيه، بأن الوساطة الروسية لتهدئة التوتر بين القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، و«قوات الأمن الداخلية» التابعة لـ«الإدارة الذاتية»، لم تحقق أي اختراق «بسبب وقوف موسكو مع النظام».
وفي حوار أجري عبر الهاتف، قال درار لـ«الشرق الأوسط»، بأن «مسد» وجهت عدة دعوات رسمية إلى «الائتلاف السوري» للحضور والمشاركة بالمؤتمرات السورية الداخلية التي عقدت خلال العام الماضي، بهدف تفعيل الحوار السوري - السوري. وأضاف:
«وجهنا دعوات مماثلة إلى الأنشطة واللقاءات التي عقدناها في عواصم غربية، لكنهم تجاهلوا الرد، الأمر الذي دفع (مسد) إلى التوجه منصات المعارضة الأخرى، مثل منصة موسكو والقاهرة وهيئة التنسيق الوطنية»، حيث جرت حوارات وتفاهمات ووقعت اتفاقية مع حزب الإرادة الشعبية برئاسة قدري جميل رئيس منصة «موسكو»، العام الماضي ولديهم محادثات مع منصتي «القاهرة» و«هيئة التنسيق الوطنية».
ويشكل «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن، الذي تأسس نهاية عام 2015 ويضم قوى وأحزابا كردية وعربية ومسيحية، أبرزها «حزب الاتحاد الديمقراطي» السوري.
وأكد الرئيس المشترك لـ«مسد»، وهو شخصية سياسية معارضة يتحدر من محافظة دير الزور شرق البلاد، استعدادهم للعمل المشترك مع جميع منصات المعارضة وقواها السياسية «لمواجهة الاستحقاقات السورية معاً، ولدينا استعداد للمشاركة في هيئة التفاوض وباقي منصات المعارضة». ودعا باقي قوى المعارضة إلى إعلاء مصلحة الشعب السوري «والعمل بشكل مشترك لرسم مستقبل بلدهم وكتابة دستور وطني يحقق تطلعات السوريين».
وأشار درار إلى أن مسار آستانة أفشل جهود اللجنة الدستورية التي ترعاها الأمم المتحدة، لافتا إلى أن «اللجنة نتجت عن مقررات آستانة، لذلك هي فاشلة في المنشأ وفاشلة في النتائج وفاشلة في المسار»، منوهاً بأن أعمال الدستورية تعطي الوقت للنظام «للذهاب إلى انتخابات رئاسية تطيل أمد وجوده، والتجديد لرئيسه الحالي، ليصبح مرة أخرى قائداً لمسار التهديد المستمر للشعب وإلغاء ثورته». واتهم مسار آستانة بتحريف الثورة السورية ومحاولة إلحاق المعارضة بأجندات النظام، مشددا على أن «آستانة نجحت في رسم تصور عن العمل السياسي، بأنه عمل خاضع للسلاح، وأقرب إلى الإرهاب منه إلى الدفاع المشروع عن حقوق السوريين».
وفي الوقت الذي تصاعدت فيه حدة التوتر بين القوات النظامية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد وقوات الأمن الداخلي «الأسايش» في مدينتي الحسكة والقامشلي، بشمال شرقي سوريا، بعد تضييق وحصار فرضه الأكراد على مناطق سيطرة النظام في المدينتين، وتدخل القوات الروسية لإنهاء التوترـ، كشف رياض درار، أن الوساطة لم تحقق أي اختراق، لافتا أن «الوسيط الروسي يتحرك لصالح النظام ولم يكن وسيطاً بالشكل المطلوب»، وقال: «أريد التنويه أننا لم نرضخ للضغوط الروسية»، متهما النظام وموسكو بالسعي إلى تغيير ملامح المنطقة عسكرياً، مستغلين فترة انتقال السلطة وتنصيب الإدارة الأميركية الجديدة، «وهذا يعني تهديدا لملامح الحل السياسي المنشود. وما يسعى إليه النظام بدعم روسي، هو السيطرة العسكرية والهيمنة على كامل الجغرافيا بقوة السلاح لإفشال المشروع الديمقراطي».
ورفع رئيس «مجلس سوريا الديمقراطية» سقف انتقاده لموسكو، بالقول، إنها تريد السيطرة على سوريا وجعلها منطلقا لتدخلها من جديد في حوض البحر المتوسط، «هذا ما فعلته في ليبيا، وتفعله بالتفاهم مع تركيا على حساب الأرض السورية وفرض النظام السوري وإعادة إنتاجه».
من جهة أخرى، شدد درار، على أن الدور الأميركي في شمال شرقي سوريا، هو لمواجهة النفوذ الإيراني هناك: «لذا، فإن مناطق شمال وشرق سوريا مهمة للجانب الأميركي، وستستمر العلاقة معه، بانتظار تحقيق تغيرات على الأرض تكون منطلقاً لبناء الحل السوري وتحقيق التفاهمات بين السوريين». واعتبر أن مرحلة الرئيس بايدن «مرحلة إعادة التوازن لهذه السياسات، وعندما تصل إلى مرحلة الإنجاز، سيكون هناك تدخل حقيقي وفاعل، وهذا يتطلب تحقيق بعض المسائل خارج الحدود السورية، أولها الموقف من إيران».
وحمّل درار الدول المشاركة بمسار آستانة (روسيا وتركيا وإيران)، مسؤولية العمل ضد الوجود الأميركي في سوريا، مختتما حديثه بالقول: «كانوا وما زالوا في خصومة مع الوجود الأميركي، وبالتالي هذه الخصومة التي حددت المسارات، جعلت حتى المعارضة تقف إلى جانب هذا الثلاثي وترتهن بأوامره وبأعماله».



«سد النهضة»: التصعيد المصري - الإثيوبي يتواصل ويفاقم التوترات

سد النهضة الإثيوبي (وكالة الأنباء الإثيوبية)
سد النهضة الإثيوبي (وكالة الأنباء الإثيوبية)
TT

«سد النهضة»: التصعيد المصري - الإثيوبي يتواصل ويفاقم التوترات

سد النهضة الإثيوبي (وكالة الأنباء الإثيوبية)
سد النهضة الإثيوبي (وكالة الأنباء الإثيوبية)

تصعيد متواصل بين مصر وإثيوبيا بشأن نزاع «سد النهضة»، وسط اتهامات متبادلة وتحذيرات من تفاقم التوترات.

ورد وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، الاثنين، على اتهامات إثيوبية لمصر بـ«محاولات زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي للحفاظ على هيمنتها المائية»، والسعي لـ«احتكار مياه النيل استناداً إلى معاهدات قديمة»، قائلاً إنها «تفتقر للدقة وتحتوي على مغالطات علمية وأكاذيب متكررة».

وأكد الوزير المصري أن «إثيوبيا تلجأ إلى اتهام مصر بالاحتكار للتغطية على فشلها في إدارة وتشغيل سد النهضة».

وشدد وزير الموارد المائية، في تصريحات إعلامية، على أن «النمط الإثيوبي في إدارة الأنهار الدولية يعتمد على افتعال الأزمات»، محذراً من «سوء إدارة سد النهضة في الجفاف والفيضان، وهو ما يترك تبعات خطيرة على دولتي مصب نهر النيل» (مصر والسودان).

واعتبر الوزير المصري أن بناء وتشغيل سد النهضة دون اتفاق مع دولتي المصب يجعله «غير قانوني وغير شرعي»، وشدد على «استعداد القاهرة لكل السيناريوهات المحتملة».

وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم في كلمته خلال اجتماع «المجلس الوزاري لوزراء المياه بدول حوض النيل» (وزارة الري المصرية)

وتأتي تصريحات وزير الري بعد يوم واحد من أخرى متلفزة لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، أكد فيها «حق بلاده كاملاً في استخدام الوسائل المتاحة طبقاً لما يكفله القانون الدولي للدفاع عن نفسها ومصالحها المائية حال وقوع ضرر على أمنها المائي»، مشيراً إلى أن «المسار التفاوضي مع الجانب الإثيوبي وصل إلى طريق مسدود».

مساعدة وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأفريقية، السفيرة منى عمر، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن تصريحات وزير الري تتماشى مع الرؤية الدبلوماسية المصرية للتعامل مع قضية «سد النهضة» بما يؤشر على أن «الصبر المصري قد نفد» وأن باب التفاوض أثبت فشله والآن جاء وقت البحث عن بدائل أخرى يمكن أن تدفع أديس أبابا للتخلي عن تعنتها بشأن إدارة وتشغيل «سد النهضة» بشكل منفرد.

وأضافت: «جميع البدائل مطروحة بالنسبة لمصر»، مشيرة إلى أنه «بالتزامن مع استخدام الأساليب الدبلوماسية الناعمة التي يمكن أن تضغط باتجاه تغيير مواقف أديس أبابا فإن الخيارات الخشنة متاحة أيضاً إذا أحدث (السد) ضرراً مباشراً على المصريين سواء كان ذلك في حالات الجفاف أو ما إذا أقدمت إثيوبيا على تصريف كميات هائلة من المياه بشكل مفاجئ بما يؤدي إلى فيضانات تؤثر سلباً على الأمن الغذائي والمائي لمصر».

وأشارت إلى أن «التوترات قائمة بين البلدين وإن لم تكن قد وصلت إلى المواجهة العسكرية، لكن على مستوى الخطاب الإعلامي فإن المواجهة مستمرة، وهو ما يجعل هذه التوترات مفتوحة على اتجاهات مختلفة».

وأعلنت أديس أبابا افتتاح مشروع «سد النهضة» رسمياً في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي، وسط اعتراضات من دولتي المصب (مصر والسودان) للمطالبة باتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات «تشغيل السد»، بما لا يضر بمصالحهما المائية.

وبعد افتتاح الحكومة الإثيوبية مشروع السد، نددت القاهرة بتلك الخطوة، وأرسلت خطاباً إلى مجلس الأمن الدولي أكدت فيه أنها «لن تغض الطرف عن مصالحها الوجودية في نهر النيل».

ولوحت مصر باستخدام «جميع الأدوات المتاحة أمامها» بعد التشغيل الرسمي للسد وغرق بعض الأراضي في «طرح النهر» في أكثر من محافظة، وفي ذلك اتهمت أديس أبابا بـ«سوء إدارة السد» وعدم التنسيق مع دولتي المصب.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن مصر «لن تقف مكتوفة الأيدي أمام النهج غير المسؤول الذي تتبعه إثيوبيا»، مشدداً على أن القاهرة ستتخذ كل التدابير لحماية مصالحها وأمنها المائي.

مصر تشدد إجراءاتها لمواجهة تأثيرات سلبية لسد النهضة (وزارة الري والموارد المائية المصرية)

وحسب مساعد وزير الخارجية المصري السابق لشؤون السودان، السفير حسام عيسى، فإن «لغة الخطاب التصعيدي من جانب مصر هي محاولة لأن تعود إثيوبيا عن مواقفها المتعنتة بشأن إدارة (سد النهضة) أو التراجع عن خططها التوسعية بشأن معاداة جيرانها من أجل الوصول إلى منفذ على البحر الأحمر، وترجو أن تصل الرسالة إلى أديس أبابا».

وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «التوترات ستظل قائمة بعد أن أضحت إثيوبيا مصدر توتر في منطقة شرق أفريقيا وطالما استمرت في لعب دور الدولة التي ترفض الاعتراف بالقانون الدولي المنظم لإدارة الأنهار الدولية أو ما زالت مُصرة على تهديد جيرانها لتحقيق مصالحها الوطنية على حساب الغير»، في إشارة إلى رغبتها السيطرة على ميناء «عصب» الإريتري.

وتابع: «الكرة الآن في الملعب الإثيوبي، مصر استخدمت جميع وسائل الصبر الاستراتيجي، وفي حال استجابت أديس أبابا لنداء القانون الدولي، وهو أمر مستبعد، فإن مصر سوف تنفتح على التعاون معها، ودون ذلك فإن أساليب الضغط السياسي والدبلوماسي وغيرها من الأساليب الخشنة ستظل حاضرة في المشهد».

وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في نهاية أكتوبر الماضي، «حتمية حصول بلاده على منفذ (عصب) البحري الإريتري»، مشيراً إلى أن قضية وصول بلاده إلى البحر الأحمر «قانونية وتاريخية وجغرافية واقتصادية يجب التعامل معها بهدوء»، وهو ما فاقم التوترات مع أسمرة التي عززت تقاربها مع القاهرة أخيراً.

الخبير السوداني في الشأن الأفريقي، عبد المنعم أبو إدريس، يرى أن التصعيد بين مصر وإثيوبيا بشأن «سد النهضة» يأتي في خلفيته توجه أديس أبابا نحو الوصول لمنفذ بحري على السواحل الإريترية، وهو ما يمثل تهديداً لمصر باعتبار أنه سيتيح لإثيوبيا التواجد على باب المندب وهو البوابة الجنوبية لقناة السويس كما أنه يهدد حليفاً قوياً لمصر (إريتريا).

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن إثيوبيا هدفت للربط بين أزمة «السد» والوصول إلى «البحر الأحمر» وهو ما يجعل التصعيد يأتي في إطار أوسع من مجرد مياه النيل، مستبعداً الوصول إلى مرحلة المواجهة العسكرية المباشرة بين البلدين.


هل تضررت مصر بوصفها ممراً دولياً للإنترنت من هجمات الحوثيين؟

صدرت بيانات منسوبة للحوثيين تهدد بضرب كابلات الإنترنت في البحر الأحمر (رويترز)
صدرت بيانات منسوبة للحوثيين تهدد بضرب كابلات الإنترنت في البحر الأحمر (رويترز)
TT

هل تضررت مصر بوصفها ممراً دولياً للإنترنت من هجمات الحوثيين؟

صدرت بيانات منسوبة للحوثيين تهدد بضرب كابلات الإنترنت في البحر الأحمر (رويترز)
صدرت بيانات منسوبة للحوثيين تهدد بضرب كابلات الإنترنت في البحر الأحمر (رويترز)

​تسببت الأحداث التي شهدتها المنطقة، خصوصاً في البحر الأحمر خلال العامين الماضيين، وحدوث انقطاعات بكابلات الإنترنت التي تمر عبر مصر، في «أضرار دفعت للتفكير في مسارات موازية، لتلافي تعطل الخدمات حال حدوث أي انقطاعات بالكابلات مرة أخرى»، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، لكن الأمر قد يدفع القاهرة في المقابل لإجراءات «تدر عليها مكاسب هائلة».

وتشير أصابع الاتهام إلى تورط الحوثيين في استهداف كابلات الإنترنت البحرية بالبحر الأحمر، خصوصاً أواخر عام 2023 وأوائل 2024، ضمن تصعيدهم في المنطقة، ما أثر على خطوط رئيسية تربط أوروبا بآسيا وتمر بمصر، مع ادعاءات بتنفيذ الهجوم بسبب الحرب في غزة، لكن وفق المتخصصين «يظل تنفيذ هجمات تحت البحر صعباً، ويتطلب قدرات غواصات متقدمة أو هجمات على محطات الإنزال البرية»، وهو ما أثار شكوكاً حول دورها بوصفها قوة منفذة مباشرة لهجمات الأعماق.

رئيس أكاديمية التسويق الرقمي التابعة لوزارة الاتصالات المصرية، الدكتور محمد حنفي، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الانقطاعات التي حدثت في كابلات الإنترنت التي تمر بالبحر الأحمر سواء هذا العام أو العامين الماضيين، لم يتم إثبات أن الحوثيين وهجماتهم هم السبب فيها، صحيح أن هناك أصابع تشير إليهم باعتبارهم هددوا بقطع تلك الكابلات، لكنّ هناك شكوكاً حول قدرتهم وإمكاناتهم لفعل ذلك... لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن قطع تلك الكابلات، وقد تكون بسبب سفن ضخمة، أو أي شيء آخر في ظل الأحداث الساخنة بالبحر الأحمر».

وأضاف حنفي: «القطوعات التي حدثت لم تؤثر بشكل كبير على خدمات الإنترنت في مصر، وإن كانت هناك خدمات تضررت في دول أخرى، وهذا يدفع القائمين على الأمر للتفكير في مسارات أخرى، وليست مسارات بديلة لمصر، لكن مسارات موازية احتياطية حال حدوث أي انقطاعات أخرى بالكابلات التي تمر بمصر... حيث ستظل مصر هي الممر الرئيسي والأفضل والأرخص في التكلفة والأسرع، لأنها نقطة التقاء أوروبا وآسيا وأفريقيا».

وفي مساء 26 فبراير (شباط) 2024، تعرضت 4 كابلات إنترنت بحرية رئيسية لأضرار قبالة سواحل اليمن على البحر الأحمر.

خريطة لأحدث كابل إنترنت تم توصيله في مصر اسمه «2Africa» ويمر بدول عديدة (المصرية للاتصالات)

ووفق دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، سبق أن هددت حركة الحوثي باستهداف كابلات الإنترنت في البحر الأحمر، بدعوى إيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؛ إذ نشرت قناة تابعة للحركة على تطبيق التواصل الاجتماعي «تلغرام» في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2023، خريطة لشبكة كابلات الاتصالات البحرية في البحرين الأحمر والمتوسط وبحر العرب والخليج العربي، وأرفقتها بجملة «توجد خرائط للكابلات العالمية، وهي تربط بين جميع أنحاء العالم وتمر عبر البحار»، ويبدو أن اليمن جاء في موقع استراتيجي، بحيث تمر بجانبه خطوط الإنترنت التي تغذي القارات، وليس الدول فقط.

ويرى رئيس المجلس الأفرو آسيوي للذكاء الاصطناعي، الدكتور نادر غزال، أنه على الرغم من أن الانقطاعات التي حدثت في كابلات الإنترنت بالبحرين الأحمر والمتوسط، فإن «دور مصر الحيوي لم ينتهِ بوصفها ممراً رئيسياً لأكثر من 17 كابلاً بحرياً يربط آسيا بأوروبا، نظراً لموقعها الجغرافي الذي يظل الأقصر والأكثر فاعلية». ومع ذلك، أدت التوترات الجيوسياسية الأخيرة، خصوصاً هجمات البحر الأحمر وحرب غزة، إلى تضرر الثقة في «مرونة» المسار المصري، مما دفع الشركات العالمية للبحث الجدي عن خيارات تنويع موازية.

وأضاف غزال لـ«الشرق الأوسط»، أنه لضمان استمرار هذا الدور المحوري واستعادة ثقة المستثمرين، «يجب على مصر فوراً تبني إجراءات وقائية واحترازية حاسمة».

ويتطلب ذلك أولاً، وفق غزال، «تعزيز الأمن البحري للكابلات، وزيادة العمق الدفني لها»، مع «تسريع تطوير مسارات برية داخلية بديلة ومتعددة (Redundancy) لا تعتمد كلياً على قناة السويس».

وكذلك «التحول من مجرد ممر عبور إلى مركز بيانات إقليمي لزيادة القيمة المضافة وجذب الاستثمارات، مما يرسخ موقعها نقطةَ اتصال إقليمية (Hub) لا غنى عنها»، وإذا حدث هذا التحول فسيجذب مليارات الدولارات بوصفها استثمارات أجنبية مباشرة أيضاً (FDI)، مما يرسخ مكانتها نقطةَ ارتكاز رقمية حيوية، ويمنحها نفوذاً جيوسياسياً واقتصادياً هائلاً، بحسب رئيس المجلس الأفرو آسيوي.

ووفق التقارير الصادرة عن المراكز المتخصصة، فإن مصر تعدّ ثاني أكبر دولة في العالم (بعد الولايات المتحدة) في استضافة أنابيب الإنترنت (كابلات الألياف الضوئية البحرية)، ومصر مركز مميز لاستضافة أنابيب الإنترنت بسبب موقعها الاستراتيجي وسهولة ربط قارات العالم الثلاث (أوروبا وأفريقيا وآسيا) من خلالها، وهناك 18 أنبوب إنترنت تتم استضافتها في مصر، وتربط مصر مع أكثر من 60 دولة لخدمة 3 مليارات شخص على مستوى العالم، ويتم نقل 1.4 تيرا بايت في الثانية من خلالها.

ووفق المدير الإقليمي لجمعية الحاسبات التابعة لمعهد هندسة الإلكترونيات بالولايات المتحدة، الدكتور إسلام ثروت، تتعرض أنابيب الإنترنت عموماً إلى كثير من الحوادث سنوياً. ويحدث ما يصل إلى 80 في المائة من هذه المشاكل بسبب أنشطة بشرية عرضية؛ مثل الصيد ومراسي السفن.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «رغم عدم وجود عدد محدد وموثوق لعدد هجمات الحوثيين ضد أنابيب الإنترنت البحرية في مصر، فمن حين إلى آخر يتم تداول بعض التقارير بأن عدة أنابيب إنترنت في البحر الأحمر انقطعت، مما أثر على الإنترنت في آسيا والشرق الأوسط، مع تقارير إعلامية تربط تلك الانقطاعات بما يُشبه نماذج الهجمات الحوثية، رغم عدم صدور تأكيد مباشر رسمياً بأن الحوثيين هم من قاموا بذلك».

وتابع: «المؤكد أن التوترات الجيوسياسية وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر عموماً تؤثر على تطوير مشاريع تمديد الكابلات الجديدة (مثل مشاريع «غوغل» و«ميتا») عبر المنطقة، ما يؤدي لتأجيل التنفيذ بسبب مخاوف أمنية»، مستطرداً: «لا توجد خسارة مباشرة لمصر بسبب تلك التداعيات، وسوف تظل بسبب موقعها الاستراتيجي النقطة الأهم لإنزال واستضافة أنابيب الإنترنت في المنطقة»، موضحاً أن «أنابيب الإنترنت يتم توصيلها لتربط بين كثير من الدول، وليس بين دولتين فقط، وبالتالي لن تحل دولة محل أخرى، ومصر تمر بها الكابلات لموقعها المميز».


عدن تدشن أول سوق تجارية بإدارة نسائية كاملة

عدن تخوض أول تجربة لسوق تجارية تعمل فيها وتديرها النساء (إعلام محلي)
عدن تخوض أول تجربة لسوق تجارية تعمل فيها وتديرها النساء (إعلام محلي)
TT

عدن تدشن أول سوق تجارية بإدارة نسائية كاملة

عدن تخوض أول تجربة لسوق تجارية تعمل فيها وتديرها النساء (إعلام محلي)
عدن تخوض أول تجربة لسوق تجارية تعمل فيها وتديرها النساء (إعلام محلي)

شهدت مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية، افتتاح أول سوق تجارية تُدار بالكامل من قبل النساء، في خطوة تُعد سابقة على مستوى المدينة، وتأتي ضمن جهود أممية ومحلية تهدف إلى إدماج النساء في الحركة التجارية، وتعزيز مشاركتهن في النشاط الاقتصادي، بما ينسجم مع مسارات التنمية المحلية المستدامة.

وافتتح السوق وزير الدولة محافظ عدن أحمد لملس، إلى جانب ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في اليمن دينا زوربا، وسط حضور رسمي ومجتمعي، في تأكيد على أهمية المبادرات الاقتصادية التي تستهدف النساء، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والمعيشية التي تعيشها البلاد منذ سنوات.

وأكد المحافظ لملس، خلال الافتتاح، ضرورة الاهتمام بالمشاريع التنموية التي تنعكس بشكل مباشر على خدمة النساء والمجتمع، مشيداً بدور هيئة الأمم المتحدة للمرأة في تبنّي المشاريع التي تُسهم في تمكين النساء اقتصادياً، بما يضمن لهن ولأسرهن سبل العيش الكريم، ويعزز من حضور المرأة في دورة الإنتاج والعمل.

ويقع سوق «النساء» في حي كريتر بمديرية صيرة، وتُعد أول سوق تقودها النساء ضمن مشروع تمكين المرأة اقتصادياً والنهوض بدورها في المجتمع، والذي ينفذه مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في اليمن، بالشراكة مع مؤسسة بديل للتنمية، وبالتعاون مع المجلس المحلي في مديرية صيرة.

غالبية النساء في اليمن يعملن في الزراعة وسط تحديات اقتصادية متفاقمة (إعلام محلي)

من جهتها، أوضحت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في اليمن، دينا زوربا، أن افتتاح السوق يأتي استجابة مباشرة لاحتياجات النساء العاملات، ويشكّل خطوة عملية في دعم المبادرات الاقتصادية التي تقودها النساء، مؤكدة أن المشروع يعكس التزام الهيئة بتعزيز مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي، ودعم مسارات التنمية المحلية المستدامة، وتهيئة بيئة عمل آمنة ولائقة للنساء.

وأضافت زوربا أن السوق لا تمثل مجرد مساحة للبيع والشراء، بل منصة لتمكين النساء اجتماعياً واقتصادياً، وإعادة دمجهن في الفضاء العام كفاعلات اقتصاديات، قادرات على الإنتاج والمنافسة، رغم الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب وتداعياتها.

إدماج النساء في الحركة التجارية

ورأى مدير مديرية صيرة في مدينة عدن محمود جرادي أن المشروع يجسّد أهمية الشراكة بين السلطات المحلية وهيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في دعم الاقتصاد المحلي النسوي، لافتاً إلى أن السوق تسهم في إدماج النساء في الحركة التجارية، وتحسين ظروف عملهن، وتعزيز فرص الاستقرار الاقتصادي لمشاريعهن الصغيرة.

وأوضحت منى عباس، مديرة مؤسسة «بديل» للتنمية، أن المشروع مر بعدة مراحل، شملت دراسة الفكرة، وتأهيل الموقع، وتدريب البائعات، واختيار نحو خمسين امرأة جرى منحهن أكشاكاً للعمل، إلى جانب تقديم تسهيلات في الحصول على البضائع، بما يضمن استدامة النشاط التجاري، وتحقيق عوائد اقتصادية حقيقية للمستفيدات.

محافظ عدن وممثلة الأمم المتحدة للمرأة يفتتحان أول سوق نسوية في المدينة (إعلام محلي)

وشملت أعمال المشروع تطوير البنية التحتية للسوق، وتأمين الحماية وأدوات السلامة المناسبة، وإنارة السوق، وتوفير الأكشاك التي وُزعت على ما يقارب خمسين امرأة من البائعات المعيلات لأسرهن وذوات الدخل المحدود.

ويُتوقع أن تفتح السوق أمامهن فرصاً حقيقية للعمل والإنتاج والعرض والتسويق في مجالات وحِرف متنوعة، بما يُسهم في تعزيز ثقة المجتمع بقدرات النساء الإنتاجية.

توفير بيئة آمنة

يأتي افتتاح السوق في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز التمكين الاقتصادي للنساء، وتحسين سبل العيش، من خلال توفير بيئة عمل آمنة ولائقة تُمكّن النساء من العمل بكرامة وأمان، وتحقيق دخل مستدام يُسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي.

وتشير تقارير أممية حديثة إلى أن غالبية النساء في اليمن يعملن في قطاع الزراعة، حيث يعيش نحو 78 في المائة من السكان، في ظل تداعيات حرب مستمرة منذ أكثر من 11 عاماً، أدت إلى تفاقم الفقر المزمن، وضعف الحوكمة، وندرة المياه، وازدياد عدم المساواة الاجتماعية، واستنزاف سبل العيش، وارتفاع أسعار السلع الأساسية بأكثر من الضعف، ما تسبب في تراجع حاد في القدرة الشرائية للأسر.

كما أسهمت الحرب في تعميق الفجوة بين الجنسين، وحدّت من وصول النساء، خصوصاً الشابات، إلى التعليم والخدمات وسبل العيش، في وقت تبرز فيه مبادرات مثل سوق النساء في عدن بوصفها نماذج عملية لإعادة الاعتبار لدور المرأة في الاقتصاد والمجتمع، وفتح آفاق جديدة للأمل والعمل.