«داعش» يبدي اهتماماً بإدارة بايدن الجديدة و«أحداث الكونغرس»

تهديد التنظيم لا يزال مقلقاً

TT

«داعش» يبدي اهتماماً بإدارة بايدن الجديدة و«أحداث الكونغرس»

لم تكن الأحداث الانتخابية التي تمر بها الولايات المتحدة الأميركية محل أنظار الشارع الأميركي فقط، ولا حكراً على الجهات الرسمية والسياسية في دول العالم، بل أيضاً كانت محل اهتمام الجماعات الإرهابية المتطرفة، ومن بينها تنظيم «داعش»، الذي أظهر اهتماماً غير اعتيادي هذه المرة بما يدور في العاصمة الأميركية واشنطن.
ويتجلى هذا الاهتمام من التنظيم المتطرف، في مقال نشرته صحيفة «النبأ» التابعة لـ«داعش» بعنوان «تائهون؛ أي إله يعبدون»، ناقش الانتخابات الأميركية لعام 2020، وتولّي الإدارة الديمقراطية الجديدة شؤون البلاد في البيت الأبيض، كما تطرّق التنظيم إلى الأحداث الأخيرة في اقتحام الكونغرس بمقالة منفصلة حملت عنوان «الحرب مع أميركا المثقلة بالأزمات»، مدعمة ببعض الصور عن حادثة اقتحام مبنى الكابيتول.
وتشير المقالة إلى أن تنظيم «داعش» ومناصريه لا يزالون في حالة حرب مع أي إدارة أميركية، ورؤساء الولايات المتحدة الذين يصفونهم بالطغاة، «إن قلوب الموحدين مرتبطة بالله القدير وحده، ولا يهتمون باستبدال طاغية بآخر؛ نحن في حرب ضد كل الطغاة».
وكانت وزارة الخارجية الأميركية، حذّرت مراراً في تقريرها السنوي لمكافحة الإرهاب والدول الراعية له، بأن تنظيم «داعش» لا يزال يشكل تهديداً على السلم والأمن العالميين، رغم فقدانه معظم الأراضي التي كانت تحت سيطرته في العراق وسوريا منذ استيلائه عليها في عام 2014، ومقتل زعيمه أبو بكر البغدادي في أكتوبر (تشرين الأول) 2019».
وقالت الخارجية في تقرير سلمته إلى الكونغرس العام الماضي (2020)، إن المشهد الإرهابي لا يزال معقداً منذ عام 2018، وحتى مع فقد «داعش» كامل أراضيه ومصادره المادية في العراق وسوريا، إلا أنها أثبتت قدرتها على التكيف على هذه الضغوط، وخاصة من خلال جهودها لإلهام أو توجيه المتابعين لها عبر الإنترنت، وتطوره مع الوجود العالمي لـ«داعش» من خلال الشركات التابعة والشبكات التي تشن هجمات في الشرق الأوسط، وجنوب وشرق آسيا وأفريقيا.
وأضافت «إن حملتنا المستمرة ضد (داعش) أبقت قيادة التنظيم الإرهابي في حالة من الفوضى المستمرة، وعرقلت قدرته على التنظيم والتخطيط للهجمات. بينما نحتفل بهذا الإنجاز المهم في الحرب ضد «داعش»، فإن عمل التحالف الدولي لم ينتهِ بعد».
الاهتمام الأخير من «داعش» بالحالة الأميركية، يضع على الإدارة الجديدة المزيد من المسؤوليات في محاربة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، والتي كانت بدأتها مع الإدارة الديمقراطية السابقة في عهد الرئيس باراك أوباما أواخر عام 2014، بإنشاء التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، والذي يضم نحو 80 دولة بقيادة أميركا.
وبحسب الاستراتيجية السياسية الخارجية للرئيس القادم جو بايدن، والتي نشرها على موقعه خلال حملته الانتخابية، انتقد أداء إدارة ترمب في التعامل مع الأزمات بمنطقة الشرق الأوسط، متهمة إياه بـ«الفشل» على الرغم من تغنّي إدارة ترمب بإنهاء حلم «الخلافة» ومقتل زعيم التنظيم وكبار القادة العسكريين بغارات التحالف الدولي.
وقالت الاستراتيجية «إن إدارة ترمب فشلت مراراً وتكراراً في سوريا، وسيعيد بايدن الالتزام بالوقوف مع المجتمع المدني والشركاء المؤيدين للديمقراطية على الأرض، كما سيضمن أن تقود الولايات المتحدة التحالف العالمي لهزيمة (داعش)».
بدوره، يرى محمد مختار قنديل، أن مقالات تنظيم «داعش» الإرهابي عن الحالة الأميركية، تظهر اهتماماً من قيادة التنظيم بإدارة بايدن الديمقراطية، وقد يعكس المقال ببساطة مخاوف التنظيم حول رئاسة بايدن، وقد يكون ذلك أيضاً إشارة على أن تنظيم «داعش» قد يجدد الدعوات إلى شن هجمات على مصالح أميركية. وأوضح قنديل، الباحث المتخصص في شؤون الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة، في مقالة له على مدونة «فكرة» التابعة لمعهد واشنطن (مركز بحثي)، أن مناقشة الانتخابات الأميركية لعام 2020 في صحيفة «النبأ» التابعة للتنظيم الإرهابي، تتناقض مع طريقتها المعتادة في التعاطي مع الانتخابات الأميركية، حيث إن التنظيم لم يَعرْ اهتماماً كبيراً لفترة ما قبل انتخابات 2020 أو لانتخاب الرئيس ترمب عام 2016.
واستشهد قنديل بمقالة في صحيفة «داعش»، تقول فيها «ما يجمع عليه اليوم خبراء السياسة والاقتصاد أو يكادون، حتى الأميركيون منهم، إعلانهم نهاية زمن الهيمنة الأميركية على العالم، بل إن الحكومة الأميركية نفسها تتصرف في ضوء هذه الحقيقة التي لا أدل عليها من الشعار الذي رفعه الطاغوت الأميركي (ترمب) للفوز في الانتخابات الرئاسية وهو: لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى».


مقالات ذات صلة

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا اللفتنانت جنرال فيض حميد (منصة إكس)

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

بدأ الجيش الباكستاني محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية، في خطوة من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم التحديات القانونية ضد رئيس الوزراء السابق المسجون.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا أمرت النيابة العامة الفيدرالية بألمانيا باعتقال رجل يشتبه في كونه عضواً بجماعة «حزب الله» اللبنانية بهانوفر حيث يُعتقد أنه يعمل لصالحها داخل ألمانيا (د.ب.أ)

ألمانيا: إيداع سوري مشتبه في تعاطفه مع «داعش» بالحبس الاحتياطي

بعد عملية واسعة النطاق نفذتها الشرطة البافارية الأحد تم إيداع شخص يشتبه في أنه من المتعاطفين مع «تنظيم داعش» قيد الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ - شتوتغارت )
آسيا شرطي يراقب أفراداً من الأقلية المسيحية الباكستانية وهم يستعرضون مهاراتهم في الاحتفال بأعياد الميلاد على أحد الطرق في كراتشي بباكستان 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مقتل شخصين يحملان متفجرات بانفجار قرب مركز للشرطة

انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها مسلحان مشتبه بهما على دراجة نارية في جنوب غربي باكستان، بالقرب من مركز للشرطة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
أفريقيا وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

أعلن العسكريون الذين يحكمون بوركينا فاسو عن حكومة جديدة، مهمتها الأولى «القضاء على الإرهاب»، وأسندوا قيادتها إلى وزير أول شاب كان إلى وقت قريب مجرد صحافي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.