محادثات مصرية رسمية نادرة مع «حكومة الوفاق» في طرابلس

تزامناً مع عودة التصعيد بين طرفي النزاع في ليبيا

صورة وزعها وزير داخلية «الوفاق» فتحي باشاغا لاجتماعه مع الوفد المصري أمس
صورة وزعها وزير داخلية «الوفاق» فتحي باشاغا لاجتماعه مع الوفد المصري أمس
TT

محادثات مصرية رسمية نادرة مع «حكومة الوفاق» في طرابلس

صورة وزعها وزير داخلية «الوفاق» فتحي باشاغا لاجتماعه مع الوفد المصري أمس
صورة وزعها وزير داخلية «الوفاق» فتحي باشاغا لاجتماعه مع الوفد المصري أمس

بدأ وفد مصري رفيع المستوى زيارة إلى العاصمة الليبية طرابلس هي الأولى من نوعها منذ عام 2014، بينما كشفت مصادر ليبية مطلعة النقاب عن احتمال نشوب معركة وشيكة بين طرفي النزاع في ليبيا، إثر معلومات مؤكدة عن أن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أطلع مسؤولي حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج على خطة الحرب التي تستهدف مواقع الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر في سرت والجفرة، قبل أن ينهي زيارته السريعة إلى هناك أول من أمس، التي دامت بضع ساعات فقط.
وقالت مصادر، طلبت عدم تعريفها، إنه رغم المساعي الإقليمية والدولية لمنع نشوبها، فإن الحرب «اقتربت جداً» وإنها «ربما باتت قاب قوسين أو أدنى»، مشيرة إلى أن «تركيا تسعى عبر شن عملية عسكرية مفاجئة لقوات الوفاق إلى إجبار الجيش الوطني على التراجع عن مواقعه الحالية في مدينة سرت ومنطقة الجفرة».
وأجرى وفد مصري، حل أمس بالعاصمة طرابلس، ويضم مسؤولين من المخابرات العامة ووزارة الخارجية المصرية واللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي، محادثات رسمية مع كبار مسؤولي حكومة السراج، على رأسهم كل من نائبه أحمد معيتيق، ووزيري الداخلية والخارجية، والفريق محمد الحداد رئيس الأركان العامة لقوات الوفاق، وأسامة الجويلي آمر المنطقة الغربية العسكرية.
وقال وزير الداخلية فتحي باشاغا إنه ناقش بحضور عماد الطرابلسي رئيس جهاز المخابرات بحكومة الوفاق مع الوفد المصري التحديات الأمنية المشتركة وسبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين، بالإضافة إلى سبل دعم اتفاق وقف إطلاق النار ومناقشة مخرجات «لجنة 5+5» من أجل تأييد المجهودات الأممية بشأن الحوار السياسي والخروج من الأزمة الراهنة بالطرق السياسية والسلمية.
وأدرج باشاغا في بيان له هذا الاجتماع «ضمن السياسات الأمنية لوزارة الداخلية التي تهدف إلى توطيد علاقات التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة وأهمية العمل المشترك بين القاهرة وطرابلس».
وهذه هي أول زيارة رسمية يقوم بها وفد مصري إلى طرابلس منذ تشكيل حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج إثر اتفاق السلام المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015.
وبدأت مصر التي تقيم علاقات متميزة مع السلطات في شرق البلاد عبرت عنها الزيارة التي قام بها رئيس مخابراتها العامة اللواء عباس كامل إلى هناك مؤخراً، قبل بضعة أسابيع في استقبال مسؤولين من حكومة الوفاق في انفتاح غير تقليدي.
وفي مؤشر على إمكانية إعادة فتحها مجدداً، تضمن جدول أعمال الوفد المصري زيارة إلى مقر السفارة المصرية بطرابلس، والمغلقة منذ سنوات.
ونقلت وسائل إعلام موالية لحكومة الوفاق عن مصدر دبلوماسي قوله إن الزيارة التي تتم بالتنسيق بين وزارتي الخارجية المصرية وخارجية الوفاق، تعد بداية أولى نحو محاولة إعادة العلاقات الدبلوماسية إلى شكلها الطبيعي، مشيراً إلى مطالبة الجانب الليبي بتفعيل الاتفاقية المشتركة المتعلقة بالحريات الأربعة، إلى جانب الملاحة الجوية، وإعادة فتح الأجواء نحو مطار القاهرة، وتقديم الخدمات القنصلية من داخل طرابلس.
ولم تتضمن المحادثات أي اجتماع مع صلاح النمروش وزير الدفاع بحكومة الوفاق أو رئيسها السراج الذي تغيب عن زيارة خلوصي أكار وزير الدفاع التركي إلى طرابلس.
بدوره، هاجم عبد الهادي الحويج وزير الخارجية بالحكومة الموازية في شرق ليبيا، الزيارة واعتبرها، بمثابة قرع لطبول الحرب بعد التقدم في المسار العسكري «5+5».
وقال الحويج في تغريدة على موقع «تويتر»: «وزير الحرب التركي يناقش الأوضاع السياسية. أمر يدعو للضحك على الليبيين واستغلالهم لتأجيج طبول الحرب، رغم التقدم المحرز في المسار العسكري، وهي محاولة لعرقلة أي تقارب ليبي ليبي، وعلى الليبيين تفويت الفرصة على المستعمر التركي الغاشم الحالم بعودة حكم الآستانة».
وخاطب الطرف الآخر قائلاً: «يوهمونكم بأننا أعداؤكم. عدوكم وعدونا، استلاب القرار الليبي وهيمنة الأجنبي وتغول الميليشيات والإرهابيين والخارجين عن القانون. عدونا المشترك العدوان التركي الغاشم. صححوا بوصلتكم ودعونا نذهب لسلام الشجعان والمصالحة الوطنية الشاملة، ونفوت الفرصة على الأجنبي الغاشم».
ونقلت وكالة الأناضول التركية للأنباء عن عادل قزيط، مدير مطار مصراتة الدولي، استعداده لتسيير الرحلات الجوية واستئناف العمل بالمطار بعد إعادة تجهيز صالة ركابه التي تعرضت لحريق في أغسطس (آب) الماضي، لافتاً إلى تلقي المطار مقترحاً من قبل شركة تركية لإعادة بنائه وتطويره.
إلى ذلك، بثت شعبة إعلام الحرب بالجيش الوطني لقطات مصورة لاستقبال الكتيبة 166 مشاة لمقاتليها الذين تم إطلاق سراحهم بإشراف اللجنة العسكرية «5+5» بعد أن كانوا مُحتجزين لدى ميليشيات الوفاق منذ فترة.



مصر: «انفراجة» في أزمة قانون «المسؤولية الطبية»

مناقشات لجنة الصحة بالبرلمان المصري لمشروع قانون المسؤولية الطبية (وزارة الصحة المصرية)
مناقشات لجنة الصحة بالبرلمان المصري لمشروع قانون المسؤولية الطبية (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر: «انفراجة» في أزمة قانون «المسؤولية الطبية»

مناقشات لجنة الصحة بالبرلمان المصري لمشروع قانون المسؤولية الطبية (وزارة الصحة المصرية)
مناقشات لجنة الصحة بالبرلمان المصري لمشروع قانون المسؤولية الطبية (وزارة الصحة المصرية)

في انفراجة لأزمة مشروع قانون «المسؤولية الطبية» بمصر، أرجأت نقابة الأطباء المصرية جمعية عمومية طارئة دعت إليها (الجمعة)، عقب تبني لجنة «الصحة» في مجلس النواب تعديلات طالبت بها النقابة على التشريع الجديد، أبرزها ما يتعلق بإلغاء عقوبة «الحبس».

وأقرت لجنة الصحة بـ«النواب» مشروع قانون «المسؤولية الطبية وسلامة المريض»، الأربعاء الماضي، بعد مناقشات شارك فيها نائب رئيس الوزراء المصري ووزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار، ونقيب الأطباء أسامة عبد الحي، «استجابت فيها اللجنة لتعديلات طالبت بها نقابة الأطباء»، حسب إفادة اللجنة.

وينصّ مشروع القانون الجديد على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس الوزراء، تسمى «اللجنة العليا للمسؤولية الطبية وحماية المريض»، وعرّف القانون اللجنة بأنها «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، وهي معنية بالنظر في الشكاوى، وإنشاء قاعدة بيانات، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة، بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية».

وأعلنت نقابة الأطباء، الخميس، تأجيل جمعية عمومية طارئة سبق أن دعت لها الجمعة 3 يناير (كانون الثاني)، لمدة شهر، بعد الاستجابة لتعديلات طالبت بها على مشروع القانون.

لجنة الصحة بالبرلمان تبحث أزمة مشروع قانون المسؤولية الطبية (وزارة الصحة المصرية)

وحسب بيان النقابة، أقرت لجنة الصحة تعديلات طالبت بها، من بينها «إلغاء عقوبة حبس الأطباء في الأخطاء المهنية، والحبس الاحتياطي»، إلى جانب «صياغة تعريف واضح للخطأ الطبي، والتفريق بينه وبين الخطأ الطبي الجسيم»، إلى جانب «التوافق على أن تكون اللجنة العليا للمسؤولية الطبية هي الخبير الفني لجهات التقاضي والتحقيق»، مع تعديل اسم القانون إلى «المسؤولية الطبية وسلامة المريض».

وأكدت في إفادة لها، الخميس، «استمرار الجهود مع مجلس النواب لتحقيق كامل مطالب الأطباء، وصدور النسخة النهائية من التشريع».

وأثار مشروع القانون أزمة كبيرة بعد أن أقره مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) في ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ إذ أعلنت نقابة الأطباء رفض الصيغة الأولية للمشروع وطالبت بتعديله.

وتؤكد الحكومة المصرية أن مشروع القانون الذي يشمل 30 مادة، هدفه «حماية الأطقم الطبية». وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحافي الأربعاء، إن «تشريع (المسؤولية الطبية) يسعى لتوفير حماية أكبر للأطباء، وتحقيق توازن في القانون بين حقوق الأطباء والمرضى».

وخلال مشاركته في مناقشات القانون بلجنة الصحة في مجلس النواب، قال وزير الصحة إن «الحكومة لا يمكن أن يكون هدفها تكبيل الفرق الطبية»، مشيراً إلى «الانفتاح لدراسة جميع المقترحات التي يمكن أن تفيد نصوص القانون».

وأضاف أن «هناك بعض النقاط الجديدة في مشروع القانون أحدثت بعض اللبس، مثل مصطلحات المضاعفات والأخطاء الطبية والأخطاء الجسيمة، وكان لا بد من التفرقة في التعريفات بينها».

ويعتقد وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أيمن أبو العلا، أن «صيغة تشريع (المسؤولية الطبية) التي جرى التوافق بشأنها أخيراً، تحقق التوازن بين حقوق المرضى والأطباء»، وقال إن «لجنة الصحة بالبرلمان استجابت لملاحظات النقابة، خصوصاً مسألة العقوبات السالبة للحريات ضد الأطباء».

ويرى أبو العلا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «التشريع الجديد يوفر مناخ عمل آمن للأطقم الطبية، ويحقق مكاسب للعاملين في القطاع الطبي»، مشيراً إلى أنه «يحفظ حق المريض في تقديم الشكوى حال وقوع خطأ طبي من الأطباء».

وشهدت مصر في الشهور الماضية وقائع مشادات عنيفة بين أطباء بمستشفيات عدة مع أقارب المرضى، شغلت الرأي العام.

ويوفر التشريع الجديد «حماية للأطباء لتقديم الخدمة الطبية بلا قيود»، وفق نقيبة أطباء القاهرة، شرين غالب، التي أشارت إلى أن «نصوص التشريع الحالية لا تقر عقوبات على الأطقم الطبية بسبب الأخطاء الوارد حدوثها، ما دام اتخذ الطبيب الإجراءات الطبية اللازمة تجاه المريض»، وقالت إن «إلغاء العقوبات السالبة للحريات، ومن بينها الحبس الاحتياطي، كان مطلباً ضرورياً من النقابة».

وأوضحت غالب لـ«الشرق الأوسط»، أن «الصيغة التي قدمها مجلس الشيوخ للقانون أثارت قلق الأطباء، وكانت هناك مخاوف من أن يسير مجلس النواب في نفس الاتجاه»، مؤكدة «مراقبة مجلس النقابة للمناقشات النهائية لمشروع القانون، لحين صدور النسخة النهائية».