هل أطلقت واشنطن العملاء «الكوبيين الخمسة» ليخلفوا آل كاسترو؟

ازدياد الظهور العلني لـ«مجموعة الأبطال» والاحتفاء بهم أثار تساؤلات واسعة في هافانا

كوبيون يقودون دراجاتهم أمام صورة كبيرة لـ«الكوبيين الخمسة» الذين أفرجت عنهم الولايات المتحدة في أحد شوارع هافانا الأسبوع الماضي (رويترز)
كوبيون يقودون دراجاتهم أمام صورة كبيرة لـ«الكوبيين الخمسة» الذين أفرجت عنهم الولايات المتحدة في أحد شوارع هافانا الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

هل أطلقت واشنطن العملاء «الكوبيين الخمسة» ليخلفوا آل كاسترو؟

كوبيون يقودون دراجاتهم أمام صورة كبيرة لـ«الكوبيين الخمسة» الذين أفرجت عنهم الولايات المتحدة في أحد شوارع هافانا الأسبوع الماضي (رويترز)
كوبيون يقودون دراجاتهم أمام صورة كبيرة لـ«الكوبيين الخمسة» الذين أفرجت عنهم الولايات المتحدة في أحد شوارع هافانا الأسبوع الماضي (رويترز)

منذ عودتهم لهافانا الشهر الماضي بعد قضائهم 16 عاما في أحد السجون الفيدرالية الأميركية، أصبح الأعضاء الثلاثة المتبقون من شبكة التجسس المعروفة باسم «الكوبيون الخمسة» من الضيوف المتكررين على شاشات التلفزيون الرسمي. وأينما ذهبوا، سواء كانوا في زيارة لجامعات أو يحضرون حفلات أقيمت على شرفهم، يجري الاحتفاء بهم باعتبارهم «أبطال الجمهورية».
والملاحظ أن الثلاثة يتحدثون بثقة وصراحة غير معهودة في المسؤولين الشيوعيين من جيلهم الذين نادرا ما ينحرفون عن النص المحدد لهم أو يبدون أي عاطفة أو انفعال. ورغم السنوات التي قضوها خلف القضبان، فإن الرجال الثلاثة لا يزالون يتمتعون بشباب نسبي، على الأقل مقارنة بالقيادة الكوبية.
ومع كل ظهور علني، يتساءل مزيد من الكوبيين والمراقبين للشأن الكوبي حول ماهية الدور الذي يمكن للخمسة، خاصة زعيمهم غيراردو هيرنانديز، القيام به على الساحة السياسية مستقبلا.
ورغم أن كثيرا منهم لم تطأ قدماه كوبا منذ 20 عاما، فإن الحملة الدولية المستمرة التي أدارتها كوبا للإفراج عنهم جعلتهم أكثر الوجوه المعروفة على الساحة السياسية بعد آل كاسترو. وقد نشأ جيل كامل من أطفال المدارس الكوبيين على حفظ أسماء وسيرة هؤلاء الخمسة.
كان هيرنانديز، 49 عاما، يقضي عقوبتي سجن مدى الحياة بجانب 15 عاما عندما أطلق سراحه في إطار اتفاق مقايضة سجناء مقابل عميل للاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) سجن لفترة طويلة في كوبا، وفي الإطار ذاته تم الإفراج عن ألان غروس، المقاول المتعاون مع الحكومة الأميركية.
كانت هافانا قد بعثت هيرنانديز بهدف اختراق المجموعات المناهضة لكاسترو في ميامي، وأدين بتهمة التآمر لارتكاب جريمة قتل، وذلك لتمريره معلومات ساعدت كوبا في إسقاط طائرتين مدنيتين عام 1996 تخصان مجموعة «أشقاء من أجل الإنقاذ» المنفية، مما أسفر عن مقتل 4 أفراد.
وفي حديث له للتلفزيون الكوبي بعد وصوله إلى كوبا بفترة قصيرة، قال هيرنانديز والدموع تحبس أنفاسه: «لقد حلمنا بهذه اللحظة لفترة طويلة للغاية. الأمر الوحيد الذي كان يرفع روحنا المعنوية كان التفكير في العودة للوطن، وأن يجتمع شملنا مع الشعب الكوبي مجددا. لقد كان الأمر يستحق ما عانيناه».
ولم يكشف العملاء المفرج عنهم عن تفاصيل بخصوص خططهم المستقبلية، إلا أنه عندما وافقت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على عودتهم لكوبا، ربما منح هذا القرار كوبا أكثر من مجرد مجموعة من عملاء الاستخبارات. وقال أوريليو ألونسو، عضو منظمة «كوبا بوسيبل» التابعة للمجتمع المدني في هافانا والتي تدعو لإجراء إصلاحات تدريجية: «لا ندري بعد ما ينوون فعله، لكنهم عادوا متمتعين بمكانة مرموقة. حتى الآن، لقد أبدوا مستوى غير عادي من النضوج السياسي».
يذكر أن قضية خلافة القيادة لا تزال من الموضوعات الحساسة في كوبا. كان فيدل كاسترو تنحى بسبب ظروفه الصحية ولم يظهر علنا منذ عام. ومن المقرر أن يتنحى شقيقه راوول عند انتهاء فترة رئاسته الحالية عام 2018. ويأتي في المرتبة التالية في صف خلافة الحكم النائب الأول للرئيس ميغيل دياز كانيل، 54 عاما، وهو تكنوقراطي نجح في الارتقاء عبر صفوف الحزب الشيوعي، لكن لا يزال عليه صياغة هوية سياسية خاصة به.
وتركت فترة حكم فيدل كاسترو التي استمرت 47 عاما إرثا تمثل في أزمة سياسية نجح شقيقه خلال رئاسته في تفاديها لفترة مؤقتة. ومع تركز السلطة في يد شخص واحد لفترة طويلة، فإنه من غير الواضح كيف سيتمكن أي خليفة لآل كاسترو من إحكام سيطرته على سلطة لازمة للإبقاء على نظام يقوم على حزب واحد.
يذكر أن كوبا الدولة الوحيدة في الأميركيتين التي لا تسمح لمواطنيها بالتصويت لاختيار كبار قياداتهم. وبدلا من صندوق الانتخابات، استقت السلطة خلال حقبة كاسترو على امتداد فترة طويلة، قوتها من مدى القرب من الشقيقين، وأعمال البطولة والضحية في خدمة الثورة. والملاحظ أن بعض كبار قادة الحزب الشيوعي والحكومة الكوبية الآن في السبعينات من عمرهم وكانوا جنودا مراهقين في وقت مضى في جيش كاسترو الثوري.
حاول راوول كاسترو تغيير هذا الوضع؛ إذ بعد توليه السلطة عندما اعتلت صحة شقيقه الأكبر عام 2006، أذهل الكوبيين بتنفيذه حملة تطهير في صفوف المسؤولين المدنيين الأصغر سنا (بينهم وزير الاقتصاد، كارلوس ليغ، ووزير الخارجية فيليب بيريز روك) الذين كانوا مقربين من شقيقه وجرى النظر إليهم في وقت ما باعتبارهم خلفاء محتملين له على كرسي الرئاسة. وعلق فيدل كاسترو على ذلك بقوله إنه جرى تسجيل محادثات لهم سرا ناقشوا خلالها أطماعهم في «رحيق السلطة التي لم يضحوا من أجلها مطلقا».
وباعتباره شخصية انتقالية، حاول راوول كاسترو إضفاء طابع مؤسسي على السلطة السياسية داخل الحزب الشيوعي، بدلا من حصرها في يد قائد واحد، على غرار ما هو قائم في الصين وفيتنام. وعليه، أقر فترات زمنية محددة للمناصب، ودعم مزيدا من النساء وكوبيين من أصول أفريقية وشبابا، موضحا أن السلطة ستكون من نصيب من ينجحون في شق طريقهم عبر صفوف النظام والارتقاء على أساس إنجازاتهم، وليس الكاريزما الشخصية فحسب. بيد أن المشكلة تكمن في أن وسائل الإعلام المملوكة للدولة دأبت على امتداد نصف قرن في الترويج للشرعية السياسية لآل كاسترو عبر التمجيد اللامتناهي لانتصارهم عام 1959.
بطبيعة الحال، تقلص هذه الثقافة القائمة على البطولة الثورية حتما من مكانة الشخصيات الأصغر سنا داخل الحكومة التي لم تبدأ مشوارها السياسي من داخل ميدان القتال أو السجون الأميركية، وإنما من داخل الاجتماعات المعنية بالاقتصاد والزراعة. وقد تعاني هذه الشخصيات عجزا في مصداقيتها بمجرد رحيل آل كاسترو. ولا يدري أحد ما الذي يمكن أن يحدث إذا دخل مدني مثل دياز كانيل في تحد أمام أي من الرفاق المخلصين كبار السن الذين ما زالوا يهيمنون على قيادة الحزب ويديرون شركات مملوكة للدولة تدر أرباحا ضخمة في مجالات السياحة وتجارة التجزئة وقطاعات أخرى، وذلك بعد رحيل آل كاسترو.
حتى اليوم، واحد فقط من «الكوبيين الخمسة»، هو فيرناندو غونزاليز، الذي عاد لوطنه العام الماضي بعد قضاء فترة سجنه، جرى تعيينه في منصب مدني قيادي نائبا لرئيس «معهد الصداقة الكوبية»، الذي يتعاون مع المجموعات الموالية لكوبا بالخارج. وقال أرتورو لوبيز ليفي، المحلل السابق لدى الحكومة الكوبية والذي يعمل حاليا أستاذا زائرا بجامعة نيويورك: «أعتقد أنهم يدخلون الساحة السياسية الكوبية حاملين قدرا من المصداقية مكافئ لأي شخص آخر».
بيد أن المكانة الثورية للعملاء تبدو مذهلة؛ إذ عندما عملوا عملاء سريين في ميامي، لم يشكلوا وحدة منفصلة، وإنما كانوا جزءا من شبكة أكبر لجمع المعلومات الاستخباراتية أسقطها مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي). وكان هؤلاء الخمسة الوحيدين الذين رفضوا التحول لعملاء لصالح «إف بي آي» عند مواجهتهم بعقوبات سجن لفترات طويلة. وعن ذلك، قال لوبيز ليفي: «من الصعب للغاية التشكيك في شخص قدم مثل هذه التضحيات من أجل الثورة».
من ناحية أخرى، فإن خطوة أوباما نحو تطبيع العلاقات مع كوبا تكفل أن يجري تحديد ملامح حقبة ما بعد كاسترو تبعا لعلاقة كوبا بالولايات المتحدة والضغوط المتزايدة على عاتق الجزيرة لتحقيق انفتاح في نظامها السياسي واقتصادها المنهار الخاضع لإدارة الدولة. والواضح أن هذا السيناريو لا يحمل مؤشرات جيدة لأصحاب الشخصيات الواهنة. وبالتأكيد راقب المسؤولون الكوبيون فنزويلا، التي يناضل فيها نيكولاس مادورو، الذي وقع الاختيار عليه لخلافة هوغو شافيز، لتنفيذ إصلاحات اقتصادية معقولة، حيث يعوقه الخوف من التعرض لاتهامات بخيانة أمنيات القائد. يذكر أن نسبة تأييده تراجعت إلى 22 في المائة، وهو أدنى مستوى لها على الإطلاق.
بيد أن وضع «الكوبيين الخمسة» في مناصب قيادية قد يزيد غضب الجماعات المناهضة لكاسترو داخل الولايات المتحدة. وقال فرانك كالزون، مدير «مركز كوبا الحرة» الذي يتخذ من واشنطن مقرا، وهو يعارض التقارب الذي يقوده أوباما نحو كوبا: «إذا رغبت الحكومة الكوبية حقا في بناء علاقات ودية مع واشنطن، فلا أعتقد أنه سيكون من الحكمة أن تكون لهم أي صلة بهؤلاء الأشخاص». إلا أنه من نواح أخرى، قد يكون هؤلاء الأشخاص أكثر استعدادا للتعاون مع الولايات المتحدة مقارنة بأي مسؤولين آخرين في كوبا من جيلهم، ذلك لأنهم يتحدثون الإنجليزية وقضوا معظم فترة حياتهم خلال فترة البلوغ في الولايات المتحدة. ورغم فترة سجنهم الطويلة، فإنهم لا يبدون أي سخط أو كراهية، بل عبروا مرارا عن امتنانهم لمؤيديهم من الأميركيين والمحامين الذين دافعوا عنهم.
وأشار كالزون إلى أنه على الرغم من اعتراضات الحكومة الكوبية المتكررة على ظروف سجنهم، فقد عاد العملاء إلى وطنهم وهم يبدون في حالة صحية جيدة، على خلاف الحال مع الأسير الأميركي ألان غروس، الذي عاد لوطنه هزيلا وفقد الكثير من أسنانه بعد قضائه 5 سنوات داخل مستشفى كوبي عسكري. وعندما وقفت زوجة هيرنانديز لاستقباله، صدم الكوبيون برؤيتها وهي تبدو عليها علامات الحمل. يذكر أن الزيارات الزوجية غير مسموح بها داخل السجون الفيدرالية الأميركية. إلا أنه في إطار المفاوضات السرية التي سبقت صفقة تبادل السجناء، سمح المسؤولون الأميركيون للزوجين بأن تحمل الزوجة عبر التلقيح الصناعي أو «ريموت كونترول»، مثلما قال هيرنانديز مازحا عبر شاشات التلفزيون الكوبي. وبالفعل، ولدت ابنتهما جيما، في 6 يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد 19 يوما فقط من عودته.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».