واشنطن تدفع مليار دولار لحساب السودان في البنك الدولي

مباحثات لتحرير «الأموال المجمدة»... وباريس تحتضن مؤتمراً دولياً لدعم الخرطوم

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تدفع مليار دولار لحساب السودان في البنك الدولي

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تسوية متأخرات على السودان بقيمة مليار دولار للبنك الدولي، بعد رفع واشنطن اسم البلد من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وتسمح الخطوة للسودان بالسحب من تمويل بقيمة 1.5 مليار دولار من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي. وكان وجود اسم السودان على القائمة يحرمه من الحصول على مساعدات مالية واستثمارات أجنبية ضرورية في ظل أزمة اقتصادية ونقص في إمدادات القمح والوقود. وفي هذا السياق، اعتبرت فرنسا، أن «سحب السودان من قائمة الإرهاب، هو اعتراف بجهوده لإنجاح المرحلة الانتقالية». وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، أنها ستنظم العام المقبل مؤتمراً دولياً لدعم السودان.
ورحبت وزارة المالية بالخطوة الأميركية، وقالت هبة محمد علي، القائمة بأعمال وزير المالية، يوم الاثنين، إن بنك الصادرات والواردات الأميركي سيقدم ضمانات للمستثمرين الأميركيين من القطاع الخاص يمكن أن تصل إلى مليار دولار بعد أن رفعت الولايات المتحدة السودان من قائمة رعاة الإرهاب. وتابعت، أن الدعم الأميركي سيمتد إلى توفير القمح وغيره من السلع على مدى أربعة أعوام.
في هذا السياق، كشفت مصادر دبلوماسية مطّلعة في واشنطن، عن مباحثات بين الحكومة السودانية والسلطات الأميركية، للإفراج عن الأموال السودانية المجمدة في البنوك الأميركية، والتي تعود إلى الحكومة السابقة قبل تصنيفها في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن وزارة الخزانة الأميركية وعدداً من البنوك تجري المباحثات الرسمية مع الحكومة السودانية بشأن الإفراج عن هذه المبالغ المجمدة والمحتجزة منذ نحو 27 عاماً، وذلك بعد أن أدرجت الولايات المتحدة الأميركية الخرطوم على قائمة الدول الراعية للإرهاب بسبب سلوك نظام الرئيس المعزول عمر البشير.
ولم تبين المصادر إجمالي المبالغ المالي المجمدة، بيد أن عدداً من التصريحات الإعلامية لمسؤولين سودانيين، قدّرتها بنحو 48 مليون دولار. يذكر أن هناك مطالبات سودانية لدفع 59 مليار دولار هي إجمالي المبالغ التي تدين بها الولايات المتحدة للسودان بسبب استخدام المجال الجوي وخدمات الملاحة الجوية من قبل الشركات والخطوط الجوية الأميركية على مدى 27 عاماً دون دفع الرسوم مقابل تلك الخدمات.
وأفصحت المصادر أيضاً، عن أن هناك بوادر انفراجة في دخول الاستثمارات الأميركية إلى السودان؛ إذ أبدت العديد من الشركات التقنية والصناعية والزراعية رغبتها في الدخول إلى السوق السودانية، والمشاركة في الاستثمار هناك، كما جرت استقبالات وزيارات إلى الخرطوم بهذا الشأن الأسبوع الماضي.
وأضاف «من المتوقع أن تدخل شركتا (بوينغ) و(جنرال إلكتريك) قريباً إلى السودان، وذلك بعد أن زارت إحدى الشركتين السودان والتقت رئيس الوزراء السوداني، وجرى مناقشة الأمور التفصيلية بهذا الشأن، كما أن هناك عدداً من البنوك الأميركية وشركات الصرافة وشركات الاستثمار الزراعي والطاقة المتجددة، أبدت استعدادها في دخول السوق السودانية، والمشاركة في عملية الاستثمار والبنية التحتية. وتسعى الحكومة الحالية إلى جذب المزيد من الشركات».
وألمحت المصادر الدبلوماسية الموثوقة، إلى أن هناك بارقة أمل ستلوح في الأفق فيما يختص بالشؤون القانونية، والعلاقة السودانية – الأميركية بشكل عام، وأن المحادثات الجارية ستفتح الباب على مصراعيه لمصلحة البلدين، والمضي قدماً في الشراكات الأمنية، الاقتصادية، وغيرها من التعاون بين البلدين.
وكانت تقارير إعلامية كشفت عن مراجعات مالية أجراها الطيران المدني السوداني، توصلت إلى أن واشنطن تدين للخرطوم بمبلغ 59 مليار دولار ثمن استغلال خدمات الملاحة الجوية من قبل الخطوط والشركات الأميركية، على مدى 27 عاماً.
وقال إبراهيم عدلان، مدير الطيران المدني في ذلك الوقت، إن «الولايات المتحدة لم تدفع أي مطالبات منذ الأول من مارس (آذار) عام 1993 حتى تاريخ اليوم؛ مما أدى إلى تضاعف المطالبات حتى وصلت إلى 59 مليار دولار عبارة عن أصول وفوائد».
وأشار عدلان، إلى أن «فاتورة الطيران المدني تحسب كل 20 يوماً، وفي حال تأخر الدفع تتم إضافة فوائد نسبتها 4 في المائة، لتبدأ العملية الحسابية مرة أخرى بعد 20 يوماً».
وكان السودان قد أعلن في وقت سابق، أنه تم تجميد أصوله المالية بقيمة 48 مليون دولار في أميركا، وذلك بموجب العقوبات التي أثرت على الحسابات الحكومية والأصول في الولايات المتحدة منذ عام 1997 حتى عام 2007.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.