عندما كان طفلاً في سبعينيات القرن الماضي، لعب جيرارد ألبرت على المسطحات الطينية عند مصب نهر وانغانوي في نيوزيلندا، حيث تسربت مياه الصرف الصحي من البلدة المجاورة إلى المصب، وخرجت إلى المحيط. وعند انخفاض المد، كان يرى هو ورفاقه قطعاً من الأوراق المستخدمة في المراحيض بالماء، وفقاً لتقرير لشبكة «سي إن إن».
بعد وصولهم إلى نيوزيلندا في القرن التاسع عشر، استعمر البريطانيون نهر وانغانوي الصناعي، الذي طالما اعتز به أجيال من الماوري الأصليين. أصبح النهر ملوثاً بسبب الصرف الصحي.
لم يكن ألبرت منزعجاً من مياه الصرف الصحي، حيث كانوا يصطادون ويلعبون. لكن النهر كان رمزاً لقضية أكبر: القتال الذي امتد إلى سبعينيات القرن التاسع عشر للحفاظ على النهر وعلاقته مع الماوري. في عام 2017، انتهى هذا القتال أخيراً.
أصبح نهر وانغانوي أول نهر في العالم يتم تصنيفه «شخصية اعتبارية». ويمكن الآن تمثيل ثالث أطول نهر في نيوزيلندا في المحكمة، وتم تعيين أوصياء للتحدث نيابة عنه.
وأشاد بالخطوة دعاة حقوق السكان الأصليين والمدافعون عن البيئة، على حد سواء.
لكن بعد مرور ثلاث سنوات، هناك شعور بأن حيازة النهر على حقوق قانونية ليس نهاية النضال من أجل دعم حقوق الماوري في النهر. لا يزال ألبرت وآخرون يواجهون تحديات.
* مصدر للغذاء... طريق واحد سريع... مرشد روحي
لمئات السنين، عاش الماوريون في مستوطنات على طول نهر وانغانوي، وهو ما يُترجم إلى «المرفأ الكبير» في لغة الماوري.
كان الممر المائي البالغ طوله 290 كيلومتراً (180 ميلاً) مركزياً في حياتهم. كان عبارة عن المساحة حيث كانوا يصطادون ويعيشون. تم استخدام الماء لعلاج المرضى. فكان النهر «مصدر طعامهم، وطريقهم السريع الوحيد، ومعلمهم الروحي»، وفقاً لتقرير عام 1999 عن حقوق الماوري في نهر وانغانوي.
بعد ذلك، في القرن التاسع عشر، بدأ المستعمرون البريطانيون بالاستيطان في جميع أنحاء نيوزيلندا، بما في ذلك وانغانوي. وتم شراء مساحات شاسعة من الأراضي فيما يُنظر إليه الآن على أنه صفقات غير عادلة. في عام 1840، اشترى رجل أعمال بريطاني 40 ألف فدان (16.200 هكتار)، وهي مساحة تقارب ثلاثة أضعاف مساحة مانهاتن - مقابل 700 جنيه من البضائع، بما في ذلك البنادق والمظلات والآلات الموسيقية. وصودرت أراض أخرى بعنف من الماوري الذين تحدوا سلطة المستعمرين البريطانيين آنذاك.
مع اكتسابهم الأراضي، فرض القادمون الجدد قواعد جديدة على البر والبحر. بموجب القانون الإنجليزي، لم يُنظر إلى النهر على أنه كيان واحد. كان يُنظر إليه على أنه خليط من الأجزاء المنفصلة قانوناً - المياه وأحواض الأنهار والمجال الجوي فوق الماء - تخضع جميعها لقوانين مختلفة. على سبيل المثال، كانت أجزاء النهر الصالحة للملاحة منفصلة قانوناً عن الأجزاء التي لم تكن صالحة للملاحة.
منذ البداية، كانت تلك هي مشكلة. بالنسبة للماوري، كان النهر كياناً واحداً غير قابل للتجزئة، وليس شيئاً يمكن امتلاكه. رغم أنه يمكن استخدام موارد النهر، إلا أن الأشخاص الذين ساهموا في المجتمع هم فقط من يحق لهم الاستفادة. حتى أن الماوريين المحليين لديهم مثل اعتادوا تلخيصه: «أنا النهر، والنهر أنا».
لكن مع سيطرة الأوروبيين على المنطقة، قاموا بشكل متزايد بتدمير ما كان عليه النهر. قاموا بجمع حصى النهر، وأطلقوا سمك السلمون المرقط في الأنهار لصيد الأسماك، ودمروا السدود القديمة للصيد حيث كان الماوري يصطادون لأجيال. تم إبعاد مستوطنات الماوري عن النهر لإفساح المجال لتطورات جديدة.
وعندما تدهورت جودة مياه النهر، أثر ذلك بدوره على الماوري من السكان المحليين، الذين اعتمدوا عليها للعيش.
وبحلول الوقت الذي أصبح فيه نهر وانغانوي أول نهر في العالم يتمتع بحقوق قانونية، لم يعد العديد من الأشخاص الذين حاربوا لتحقيق ذلك على قيد الحياة.
وتوفي أحد القادة الرئيسيين، تيتي تيهو، في عام 1988 عن عمر يناهز 100 سنة - ومثل العديد من الماوريين من جيله، لم يكن لديه شهادة ميلاد. في وقت وفاته، كان قد شارك في إجراءات قضائية وبرلمانية ترتبط بالنهر لمدة 50 عاماً.
وحذت دول أخرى حذو نيوزيلندا، فقد تم الإعلان عن نهرين في الهند ككيانين قانونيين، وفي العام الماضي منحت بنغلاديش جميع أنهارها الحقوق القانونية.