- Spartacus (1960)
- نزاعات على الشاشة وخلفها
- التقييم: (***) جيد
على الشاشة يبدو هذا الفيلم التاريخي الذي تقع أحداثه قبل 73 سنة من الميلاد فيلم صراعات بين الطبقة الحاكمة في روما وبين عبيد من مختلف الأجناس والبلدان الذين ثاروا تحت قيادة متمرّد واحد اسمه سبارتاكوس.
على الشاشة أيضاً هو دراما من القتال بين قوّتين كل منهما تنتمي إلى أحد المعسكرين المذكورين حالما نجح سبارتاكوس وأتباعه من الهرب من ميادين القتال الترفيهية لتكوين جيش كبير بهدف الهجرة عبر الجنوب الإيطالي للأبد. الحاكم كراسوس لم يرد لهؤلاء مغادرة البلاد وأرسل جيشاً جراراً للمعركة الأخيرة التي أرادها فاصلة.
كراسوس (كما قام به لورنس أوليڤييه بتألق فريد) له الكلمة الأخيرة في هذا المجال، فالمعركة تنتهي بهزيمة سبارتاكوس (كيرك دوغلاس) ومحاربيه. وكخط موازٍ هناك قصّة حب بين سبارتاكوس وخادمة اسمها فارانيا (جين سيمونز) يدركها كراسوس فيحاول استغلالها للتأثير على مجريات الأمور. ومن الشخصيات الأساسية الأخرى باتياتوس (بيتر أوستينوف) وغراكوس (تشارلز لوفتون) اللذان يحاولان توظيف كل ما سبق لمصالح، أولهما المادية والآخر السياسية.
هذا، بالإضافة إلى معارك رائعة الإدارة والتنفيذ (خصوصاً في نصف الساعة الأخيرة) ما نراه على الشاشة مثير، لكن الفيلم في واقعه حمل صراعات خلف الشاشة لا تقل إثارة.
إنه الفيلم الأخير لستانلي كوبريك تحت وصايا الاستديوهات (يونيفرسال في هذه الحالة). كان تسلم المهام بعد خلاف حاد بين منتج الفيلم وبطله كيرك دوغلاس ومخرجه الأصلي أنطوني مان. وجد كوبريك نفسه مقيّد اليدين خدمة لسيناريو لا يستطيع التدخل فيه، وتبعاً لتقاليد الفيلم التاريخي كما تمارسه هوليوود.
لكن الخلاف بين المخرج مان والمنتج دوغلاس لم يكن الوحيد. كان هناك خلاف بين المنتج وبين كاتب السيناريو دالتون ترامبو. فالأول أراد الفيلم إيحاءً بما تعرّض له اليهود من اضطهاد (رغم أن سبارتاكوس لم يكن ذا ديانة)، بينما أراد الآخر التركيز على الفحوى الطبقي في حكاية لا يجب أن تحيد عن هذه الغاية. فاز ترامبو وبتأييد ضمني من كوبريك كما يشهد الفيلم.
ولم يكن العديد من الممثلين الرئيسيين راضياً عن توزيع الأدوار. أساساً، بعث دوغلاس بسيناريوهات مختلفة للممثلين الذين أراد ضمّهم إلى الفيلم بسبب أسمائهم الرنّانة. في تلك السيناريوهات أوحى بأن دور الممثل المُنتخب كبير. على هذا الأساس وافقوا على الالتحاق بالفيلم ليكتشفوا أن السيناريو الذي يجري تصويره مختلف عن ذلك الذي تسلموه وأدوارهم بالتالي محدودة.
ممن انطلت عليهم الحيلة هربرت لوم، وجون آيرلاند، ووودي سترود، وتوني كيرتس الذي سأل الممثلة جين سيمونز (كما هو موثّق) «من الذي عليّ أن أضاجع لكي أتخلص من هذا الفيلم؟». جوابها كان، وبصوت مرتفع «عندما تعرف أخبرني».
ببراعة نجا البريطاني لورنس أوليڤييه من الشرَك. دوره كان كبيراً من البداية، وبيننا هو أفضل الموجودين في هذا العمل. يمثل بعينيه وبإيماءاته وحواره. يعرف كيف يخلق شخصية تتجاوزه كممثل لتصبح الغاية والنتيجة. في المقابل، لم يكن لدى دوغلاس سوى تعبير طاغ واحد بطبيعة الحال، وليس هناك من مشهد يعكس جوانب أخرى من شخصيته سوى تلك العاطفية القليلة.
(*) لا يستحق
(**) وسط
(***) جيد
(****) ممتاز
(*****) تحفة