دمشق تودع «كاتم أسرار» القوتلي و«شاهد جميع الانقلابات»

عبد الله الخاني أدار انتقال السلطة من الأتاسي وعمل مع الأسد

عبدالله الخاني مع الرئيس حافظ الأسد (أرشيف الخاني)
عبدالله الخاني مع الرئيس حافظ الأسد (أرشيف الخاني)
TT

دمشق تودع «كاتم أسرار» القوتلي و«شاهد جميع الانقلابات»

عبدالله الخاني مع الرئيس حافظ الأسد (أرشيف الخاني)
عبدالله الخاني مع الرئيس حافظ الأسد (أرشيف الخاني)

شُيع بهدوء، إلى مقبرة الباب الصغير، في دمشق القديمة، عبد الله الخاني «شيخ الدبلوماسيين السوريين» والشاهد على عشرين انقلاباً، وتحولات القصر الرئاسي من الرئيس شكري القوتلي إلى حافظ الأسد، وانتهاء بالرئيس بشار الأسد الذي عزّى فيه بعد وفاته عن 98 سنة. وعُرِف بأنه «كاتم أسرار» القوتلي، وأدار انتقال السلطة إليه من هاشم الأتاسي، منتصف خمسينات القرن الماضي.
كان والد «عبد الله بيك»، كما يُلقب، قاضياً شرعياً تولى مناصب عدة في ريف دمشق. وُلِد الخاني في 1922 وكان زميل دراسة للشاعر الراحل نزار قباني، ودرس في مدرسة الفرير، والتحق بالجامعة الأميركية في بيروت، قبل أن يُكمل دراسته في جامعة دمشق، حيث نال شهادة بالحقوق، وعمل في مكتب المحامي نعيم أنطاكي (أحد رموز الحركة الوطنية).
وفي «يوم جلاء» الانتداب الفرنسي 17 أبريل (نيسان) 1946، شاهد الخاني من ضفاف نهر بردى الاستعراض العسكري المهيب وفرسان الجيش السوري الخيّالة على جيادهم البيض، ثم فِرقاً من الكشّافة ورجالات «الثورة»، حاملين صورة كبيرة لوزير الدفاع الراحل يوسف العظمة.
في السنة التالية، دخل الخاني إلى بطانة القوتلي بتزكية من رئيس جامعة دمشق سامي الميداني. طلب منه القوتلي متابعة مجريات مجلس الأمن حول قرار تقسيم فلسطين، نظراً للغته الإنجليزية التي تعلّمها في الجامعة الأميركية في بيروت. وكتب المؤرخ سامي مبيض في نعيه على صفحته في «فيسبوك»: «أحبه القوتلي وقرر الاحتفاظ به، لكنّه لم يجد شاغراً له في ملاك القصر الجمهوري؛ فطلب منه أن يصبر قليلاً». هذه الفترة «ولدت علاقة متينة مع القوتلي، الذي صار يعتمد عليه كثيراً في إدارة شؤون القصر، وتحديداً في أمور المكتب الصحافي». وكان الخاني يرتدي بدلته البيضاء، ويصعد سلّم السراي الكبير في ساحة المرجة، أو يدخل إلى قصر المهاجرين ليلقي التحية على مُعلّمه الأول وصديقه الرئيس القوتلي.
بعد الإطاحة بالقوتلي سنة 1949، أغلق القصر الرئاسي بأمر من قائد الانقلاب الأول، الزعيم حسني الزعيم. عاد الخاني إلى عمله، ثم أرسله أديب الشيشكلي إلى فرنسا لدراسة شؤون المراسم في النظام الجمهوري، والإفادة من تعاليم قصر شارل ديغول، ثم إلى بريطانيا لدراستها في النظام الملكي.
تدرج في المناصب الإدارية، ليصبح مديراً للبروتوكول ثم أميناً عاماً بالوكالة في عهد الرئيس هاشم الأتاسي «الذي أحب الخاني كثيراً ووثق به نظراً تفانيه بالعمل»، واعتاد تقبيل يده في الصباح الباكر من كل يوم وهو داخل على مكتبه في الطابق العلوي من القصر الجمهوري القديم في حي المهاجرين، حسب مؤرخين.
ولدى انتخاب القوتلي رئيساً في 1955، نظّم الخاني عملية انتقال السلطة بينه وبين الأتاسي. وشارك الخاني في اجتماعات القوتلي مع قادة ورؤساء العالم، منهم الملك الأردني حسين بن طلال، والرئيس المصري جمال عبد الناصر، والهندي جواهر لال نهرو، وداغ هامرشولد أمين عام الأمم المتحدة. كما شارك الخاني في مفاوضات الوحدة السورية - المصرية سنة 1958. وعند قيام الجمهورية العربية المتحدة نُقل إلى ملاك وزارة الخارجية.
في الخارجية، تعددت مناصبه الدبلوماسية، بين بروكسل ولندن وباريس، حيث عمل في «اليونيسكو» وتعرف على عدد من قادة العالم، مثل رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي، والرئيس الفرنسي شارل ديغول، واليوغوسلافي جوزيف تيتو.
وانضم إلى وفد سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة خلال حرب عام 1967. وعُيّن أميناً عاماً لوزارة الخارجية سنة 1969، حسب صفحة الخاني على «ويكبيديا».
ويروى أنه خلال عمله في لندن في الستينات، نصح يوسف الزعين بمواصلة دراسة الطب وعدم العودة إلى دمشق بناء على طلب نور الدين الأتاسي، الذي أصبح لاحقاً رئيساً، قبل سجنه من الرئيس حافظ الأسد. لكن الزعين عاد وأصبح رئيساً للوزراء في حكم «البعث» الذي وصل إلى الحكم في 1963.
وبعد تسلُّم حافظ الأسد الرئاسة في 1971، بعد سنة من «الحركة التصحيحية»، أصبح الخاني معاوناً لوزير الخارجية، وشارك في اجتماعات الأسد مع الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في دمشق سنة 1974، وجيمي كارتر في جنيف سنة 1977.
وطلب الأسد من الخاني تأسيس وزارة السياحة، بعد أن كانت مديرية تابعة لوزارة الاقتصاد، وسُمّي أول وزير للسياحة في حكومة محمود الأيوبي في 1972، وبقي في منصبه إلى 1976، وتخللت ولايته «حرب تشرين» في 1973، وشهدت افتتاح أهم الفنادق الغربية في دمشق.
في 1980، انتخب عضواً في محكمة العدل الدولية، قبل أن ينضم إلى الهيئة الدولية للتحكيم التابعة لـغرفة التجارة الدولية في باريس في 1990. كما تم انتخابه عضواً مستقلاً في مجلس التحكيم الدولي في الرياضة، وكان حكماً في الألعاب الأولمبية منها في مدينة أتلانتا في 1996. وفي عام 1993، أصبح عضواً في المحكمة الدستورية لاتحاد البوسنة والهرسك من عام 1993 وحتى 1999. كما شارك في تدريب الفريق المكلف وضع دستور لسراييفو، وأدى دوراً في أن تضع الحرب أوزارها.
وقال مبيض في صفحته على «فيسبوك» إنه في السنوات العشر الأخيرة كان ينظر إلى سماء دمشق بكثير من الحزن والألم، وإلى أعمدة الدخان الأسود المتصاعدة منها، ويقول: «يا حوينت هالبلد»، لافتاً إلى أن «الحرب السورية الأخيرة استنزفت كثيراً من قلبه وعقله».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.