الرباط ولندن تبحثان التعاون العسكري في صناعة الدفاع

TT

الرباط ولندن تبحثان التعاون العسكري في صناعة الدفاع

شكَّل الوضع الأمني والإقليمي؛ خصوصاً في منطقة البحر الأبيض المتوسط ومنطقة الساحل والصحراء، والتعاون العسكري؛ خصوصاً في مجال صناعة الدفاع بين الرباط ولندن، محور مباحثات مغربية- بريطانية، جرت أمس في الرباط بين وزير القوات المسلحة البريطانية جيمس هيبي، ومجموعة من المسؤولين العسكريين المغاربة، ضمنهم الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف إدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، والفريق عبد الفتاح الوراق، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، والفريق محمد حرمو، قائد الدرك الملكي.
وذكر بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، أنه بتعليمات من الملك محمد السادس، استقبل الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف إدارة الدفاع الوطني، وزير القوات المسلحة البريطانية الذي يقوم بزيارة عمل إلى المغرب تستغرق يومين.
وكان هيبي مرفوقاً خلال هذا اللقاء بوفد ضم اليوتنان جنرال السير جون لوريمر، كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية، المكلف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسايمون مارتن، سفير بريطانيا في الرباط.
وقال البيان إن المسؤولَين المغربي والبريطاني نوها خلال هذه المباحثات بعلاقات الصداقة والتعاون التاريخية التي تجمع المملكتين في عديد من المجالات.
كما تبادل الجانبان وجهات النظر حول الوضع الأمني والإقليمي؛ خصوصاً في منطقة البحر الأبيض المتوسط ومنطقة الساحل والصحراء.
وأبرز لوديي الالتزام الثابت والاستراتيجية المتعددة الأبعاد التي تتبعها الرباط في مكافحة الإرهاب، والتدبير الإنساني لأزمة الهجرة. وجدد المسؤولان التأكيد على إرادتهما المشتركة في تعميق التعاون الثنائي في مجال الدفاع؛ خصوصاً في مجال صناعة الدفاع، والذي يمكن إدراجه في منظور يعود بالنفع على الجانبين، من خلال شراكات دائمة في مجال الاستثمار والتنمية الصناعية. وأضاف البيان أن الجانبين أعربا أيضاً عن إرادتهما لإرساء تعاون دينامي في مجال الأمن السيبراني والدفاع السيبراني.
من جهته، استقبل الفريق الوراق والفريق حرمو، كلاً على حدة، على مستوى القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية والقيادة العامة للدرك الملكي بالرباط، الوزير البريطاني. حضر المباحثات السفير البريطاني لدى المغرب، وملحق الدفاع بالسفارة البريطانية.
وأعرب مسؤولو البلدين عن ارتياحهم لمتانة ودينامية التعاون الثنائي بين القوات المسلحة الملكية والقوات المسلحة البريطانية، واستعرضوا بعد ذلك مختلف جوانب التعاون العسكري الثنائي، لا سيما ما يتعلق بتكوين الأطر، وتبادل الخبرات والتجارب، وتنظيم التدريبات المشتركة، وتبادل الزيارات بين الجيشين.
يشار إلى أنه يجري تنظيم أنشطة ثنائية في مجال التعاون العسكري بين البلدين سنوياً، وفق جدول زمني تضعه لجنة مشتركة تُعقد بالتناوب في عاصمتي البلدين.
بدوره، استقبل وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أيضاً، الوزير البريطاني.
تجدر الإشارة إلى أن التعاون العسكري المغربي- البريطاني يرتكز على اتفاق إطار للتعاون العسكري والتقني، الموقَّع سنة 1993، والقائم على الدعم المتبادل والتكوين، وتنظيم التدريبات المشتركة، وتبادل الزيارات والمعلومات. بالإضافة إلى المشاركة في التدريبات المختلفة على غرار تمرين «جبل الصحراء» الذي ينظم كل عام في مراكش. إضافة إلى اتفاق حول وضع القوات وُقِّع سنة 2013.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.