الموجة الثانية تربك لبنان و«لجنة كورونا» تخشى «الإغلاق»

قوى الأمن تتأكد من التزام المواطنين بتدابير «كورونا» في شمال لبنان (الوكالة الوطنية)
قوى الأمن تتأكد من التزام المواطنين بتدابير «كورونا» في شمال لبنان (الوكالة الوطنية)
TT

الموجة الثانية تربك لبنان و«لجنة كورونا» تخشى «الإغلاق»

قوى الأمن تتأكد من التزام المواطنين بتدابير «كورونا» في شمال لبنان (الوكالة الوطنية)
قوى الأمن تتأكد من التزام المواطنين بتدابير «كورونا» في شمال لبنان (الوكالة الوطنية)

يعيش لبنان حالة من التخبط والإرباك على أبواب تفشي الموجة الثانية من وباء «كورونا»، وارتفاع غير مسبوق للحالات الإيجابية، في وقت لم تتجرأ حتى الساعة اللجنة الوزارية المعنية بملف «كورونا» على اتخاذ قرار الإقفال التام، كما يطالب جزء كبير من المعنيين، وسط رفض الهيئات الاقتصادية لقرار الإقفال، بالنظر إلى أنها تئن تحت وطأة الأزمة المتفاقمة.
وفيما أعلن صراحة كل من وزير الصحة ووزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن ومحمد فهمي تأييدهما للإقفال العام، لم تتخذ اللجنة الوزارية هذا القرار في اجتماعها الأخير، أول من أمس، حيث اتخذ قرار يلزم المستشفيات الخاصة على كافة الأراضي اللبنانية الخاصة برفع جهوزيتها، وتخصيص أجهزة وأسرة لاستقبال مرضى «كورونا»، مكتفية بقرار الإقفال الجزئي في عشرات المناطق، علماً بأن حسن أعلن صراحة أن «المنعطف خطير وقاربنا على المشهد الكارثي».
ويتولى ملف «كورونا» في لبنان جهتان أساسيتان هما: لجنة متابعة التدابير لمواجهة «كورونا» التي يرأسها اللواء محمود الأسمر، واللجنة الوزارية التي تتلقى توصيات اللجنة الأولى لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها، بينما تقوم لجنة الصحة النيابية التي يرأسها النائب عاصم عراجي بمراقبة هذا العمل، ووضع ملاحظاتها والتواصل بشأنها أيضاً مع اللجنتين.
ويلفت عراجي لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن وزير الصحة اقترح خلال اجتماع اللجنة أول من أمس (الاثنين)، إقفال البلد أربعة أسابيع، لكن لم يتخذ القرار بسبب الانقسام في الآراء داخل اللجنة، بينما كان اقتراح لجنة الصحة الإقفال 14 يوماً. ولفت عراجي إلى أن هذه الحكومة يبدو أنها تحاول تأجيل اتخاذ قرار الإقفال العام قدر الإمكان تفادياً لتداعياته، خصوصاً في ظل الرفض التام من القطاعات الاقتصادية، وبالتالي رمي مسؤوليته على الحكومة المقبلة.
ويرى عراجي أن الإرباك والتخبط اللذين تعيشهما الحكومة في التعامل مع وباء «كورونا»، سببهما الأساسي عدم الالتزام بالقرارات التي تتخذ، والتي هي مسؤولية عدد كبير من الوزارات، على رأسها وزارة الداخلية ووزارة العدل، إضافة طبعاً إلى وزارة العمل والسياحة والصناعة وغيرها. ويذكر بالقرارات التي اتخذت تحت طائلة الغرامة، والتي لم ينفذ منها شيء، من منع التجمعات ووضع الكمامات والإقفال الجزئي وغيرها، من دون أن يستثني جزءاً من المواطنين اللبنانيين من المسؤولية الذين بدورهم يتعاملون بخفة مع القرارات ومع الوباء أيضاً.
من هنا، ومع تحذيره من الموجة الثانية من وباء «كورونا» في الشهرين المقبلين، قائلاً «سنكون أمام واقع صعب جداً، وعلينا أن نعمل لمواجهة الأسوأ»، يرى أن اتخاذ قرار الإقفال 14 يوماً من شأنه أن يكون فرصة في هذا الإطار. ويوضح: «بداية هذه المرحلة من شأنها أن تريح المستشفيات والقطاع الطبي الذي سجل في صفوفه إصابات كثيرة بـ(كورونا)، ليعود وينطلق من جديد لمواجهة المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تسجيل نقص في الكادر الطبي نتيجة هجرة مئات الأطباء والممرضين».
كذلك من شأن هذا القرار، حسب ما يلفت عراجي، أن يمنح الفرصة والوقت للمستشفيات الخاصة كي تجهز الأقسام الخاصة بـ«كورونا»، وتأمين الأسرة المطلوبة.
وفي ظل معارضة القطاعات الاقتصادية لقرار الإقفال، يرى عراجي أن مبلغ الـ220 مليون دولار الذي يمنح لدعم السلة الغذائية، ولا يعرف كيف ومن يستفيد منه، إضافة إلى التهريب الذي لا يتوقف، لو يمنح للقطاعات الاقتصادية والعمال والموظفين الذين سيتأثرون من الإقفال، علنا نكون جميعاً مهيئين لمواجهة المرحلة المقبلة وتخفيف العبء قدر الإمكان.
وفي هذا الإطار، قال أمس رئيس اتحاد نقابات المؤسسات السياحية بيار الأشقر، في بيان، إن «الإقفال العام في البلاد لمواجهة «كورونا»، يتطلب دراسة معمقة من قبل الدولة، وإجراءات لدعم الاقتصاد من ناحية الحوافز والمخصصات، إسوة بالدول العربية والعالمية في مواجهة تداعيات الفيروس على المؤسسات والاقتصاد والمواطنين». وسأل: «في حال لم تلتزم جميع المناطق التي تغفل عنها الدولة بقرار الإقفال التام، هل سيعود هذا الإقفال بجدوى على صحتنا، أم نقمة على اقتصادنا؟».
بدوره حذر الدكتور عبد الرحمن البزري، عضو لجنة متابعة «كورونا»، في بيان، من أن «رقم الـمائة ألف إصابة (كورونا) (كوفيد 19) في لبنان على الأبواب، وعلى السلطة اللبنانية أن تقوم بما يلزم سريعاً من أجل استيعاب هذا الوباء، وتداعياته الخطيرة صحياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً».
ورأى «أن التردد وعدم التنسيق الحاصل بين مختلف إدارات الدولة، بالإضافة إلى عدم التفاعل الإيجابي من قبل مختلف العناصر والقيادات السياسية والمدنية والروحية التي يتشكل منها المجتمع اللبناني، ستؤدي إلى تداعيات خطيرة تضر بصحة اللبنانيين، وتزيد من حدة تراجع الأوضاع الاقتصادية والمعيشية».
ودعا مجدداً إلى «ضرورة عقد مؤتمر وطني يشارك فيه الجميع بعيداً عن تناقضاتهم وخلافاتهم، وذلك من أجل وضع سياسة صحية شاملة ومتكاملة، تواكب تطور هذا المرض الخطير، واضطرار الإنسانية للتعايش معه، ولفترة طويلة، سواء في لبنان، أو في غيره من المناطق».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.