سلطات طرابلس تطارد وزيراً سابقاً لاتهامه بـ«تجاوزات مالية»

أعلنت العثور على «مقابر جماعية» جديدة بترهونة

خبراء من حكومة «الوفاق» خلال البحث عن مقابر جماعية في ترهونة جنوب شرقي طرابلس أول من أمس (رويترز)
خبراء من حكومة «الوفاق» خلال البحث عن مقابر جماعية في ترهونة جنوب شرقي طرابلس أول من أمس (رويترز)
TT

سلطات طرابلس تطارد وزيراً سابقاً لاتهامه بـ«تجاوزات مالية»

خبراء من حكومة «الوفاق» خلال البحث عن مقابر جماعية في ترهونة جنوب شرقي طرابلس أول من أمس (رويترز)
خبراء من حكومة «الوفاق» خلال البحث عن مقابر جماعية في ترهونة جنوب شرقي طرابلس أول من أمس (رويترز)

صعّدت سلطات طرابلس من «حربها على الفساد» في المدن الواقعة تحت هيمنتها بالغرب الليبي، وأمرت أمس بالقبض على وزير الحكم المحلي السابق، بداد قنصو مسعود، وإحالته إلى النيابة العامة، لاتهامه بارتكاب «تجاوزات مالية».
ومسعود، ينتمي إلى الجنوب الليبي، وأقيل من منصبه في نهاية عام 2018، وحل بدلاً منه الوزير الحالي ميلاد الطاهر الموقوف هو الآخر من قبل النائب العام للتحقيق معه في التهم نفسها. وأمر العميد محمود الحوات مدير إدارة الفروع بوزارة الداخلية، في حكومة «الوفاق» أمس، المباحث الجنائية بتكثيف جهودها للقبض على مسعود وإحالته إلى النائب العام.
وكان فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، اكتفى عند إقالة مسعود من منصبه قبل قرابة عامين بأن استبعاده جاء لدواعي «المصلحة العامة».
ولا يزال الطاهر الوزير الحالي ووكيل وزارته، رهن الحبس بأمر من النيابة العامة بطرابلس، لاتهامهما بارتكاب «تجاوزات مالية، والإضرار بالمال العام».
وبات معتاداً، منذ الاحتجاجات الشبابية التي خرجت إلى شوارع العاصمة للتنديد بـ«استشراء الفساد» في البلاد، أن يتم القبض على مسؤول رفيع واتهامه باستغلال وظيفته للإضرار بالمال العام، ونهب ملايين الدينارات من أموال الشعب. وقال مسؤول مطلع من ديوان المحاسبة لـ«الشرق الأوسط» إن «التقرير الأخير الصادر عن الديوان كشف عن تجاوزات مالية عديدة في غالبية الوزارات ومؤسسات الدولة، فضلاً عن مخالفات تم ارتكابها منذ سنوات سابقة لكن لم يتم التحقيق فيها». وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه لأنه غير مخول له الحديث لوسائل الإعلام، أن «الأيام المقبلة تشهد أيضاً توقيف مسؤولين وقيادات من مؤسسات كبيرة للتحقيق معهم في تهم تتعلق بنهب المال العام».
في سياق آخر، أعلنت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين التابعة لقوات حكومة «الوفاق» العثور على 4 «مقابر» جديدة في مدينة ترهونة (90 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة طرابلس)، تضم رفات مواطنين اختفوا منذ سنوات.
وقالت الهيئة في بيان، مساء أول من أمس، إن الفرق التابعة لها «تمكنت من اكتشاف 4 مقابر جديدة»، منها اثنتان جماعيتان واثنتان فرديتان، بمنطقة مشروع الربط بمدينة ترهونة، مشيرة إلى انتشال 12 جثة مجهولة الهوية من المواقع الأربعة حتى الآن.
وقالت عملية «بركان الغضب» التابعة لحكومة «الوفاق» في بيانها، إن عدد «(المقابر الجماعية) المكتشفة في ترهونة بلغت 20 مقبرة، منذ الكشف عن هذه الجرائم التي ارتكبها عناصر ميليشيا (الكانيات) بحق المواطنين العزّل». وكانت هذه الميليشيات تسيطر على ترهونة حتى شهور مضت عندما انسحبت منها عقب انهيار الهجوم الذي كان يشنه «الجيش الوطني» على طرابلس.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.