عشرات القتلى بقصف روسي على فصيل سوري موالٍ لتركيا في إدلب

«الجبهة الوطنية» المعارضة تلوّح بالرد على خرق الهدنة

مقاتل من «فيلق الشام» يطلق النار في جنازة تشييع رفاق له قضوا بقصف روسي في ريف إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
مقاتل من «فيلق الشام» يطلق النار في جنازة تشييع رفاق له قضوا بقصف روسي في ريف إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

عشرات القتلى بقصف روسي على فصيل سوري موالٍ لتركيا في إدلب

مقاتل من «فيلق الشام» يطلق النار في جنازة تشييع رفاق له قضوا بقصف روسي في ريف إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
مقاتل من «فيلق الشام» يطلق النار في جنازة تشييع رفاق له قضوا بقصف روسي في ريف إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)

قتل 78 مقاتلا على الأقل من فصيل سوري موال لأنقرة الاثنين جراء غارات شنتها روسيا على معسكر تدريب بمنطقة جبل الدويلة التابعة لبلدة حارم في إدلب شمال غربي سوريا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تصعيد هو الأعنف منذ سريان وقف لإطلاق النار قبل نحو 8 أشهر. وتسري في إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة منذ السادس من مارس (آذار) هدنة أعلنتها موسكو، حليفة دمشق، وتركيا الداعمة للفصائل المقاتلة بعد هجوم واسع لقوات النظام.
واستهدفت طائرات روسية، وفق «المرصد»، مقرا لفصيل «فيلق الشام» المقرب من تركيا في منطقة جبل الدويلة شمال غربي إدلب، ما تسبب بمقتل 78 مقاتلا على الأقل وإصابة أكثر من 90 آخرين بجروح، فيما لا يزال آخرون عالقين تحت الأنقاض.
وكانت حصيلة سابقة لـ«المرصد» أحصت مقتل 56 مقاتلا على الأقل.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «ما جرى هو التصعيد الأعنف منذ سريان الهدنة مع تسجيل الحصيلة الأكبر على الإطلاق». وأوضح أن الموقع المستهدف عبارة عن مقر كان قد تم تجهيزه حديثا كمعسكر تدريب، وتم قصفه فيما كان عشرات المقاتلين داخله يخضعون لدورة تدريبية.
ويشكل «فيلق الشام» مكونا رئيسيا في «الجبهة الوطنية للتحرير»، تجمع للفصائل المعارضة والمقاتلة في إدلب. واندمجت «الجبهة» قبل عام مع فصائل «درع الفرات» الناشطة في شمال وشمال شرقي البلاد تحت مظلة «الجيش الوطني» الذي تدعمه تركيا.
وأكد المسؤول الإعلامي في «الجبهة» سيف الرعد استهداف روسيا للمقر، من دون أن يحدد حصيلة القتلى النهائية. وندد «باستمرار خرق طيران روسيا وقوات النظام للاتفاق التركي الروسي مع استهداف مواقع عسكرية وقرى وبلدات».
وأعقب وقف إطلاق النار المستمر منذ مارس هجوما شنته قوات النظام على مدى 3 أشهر، تسبب بنزوح نحو مليون شخص، عاد منهم نحو 235 ألفا إلى مناطقهم منذ يناير (كانون الثاني)، غالبيتهم بعد وقف إطلاق النار.
ورغم خروقات متكررة، فلا تزال الهدنة صامدة. وتنفذ روسيا بين الحين والآخر، وفق عبد الرحمن، غارات تطال ما تعتبره أهدافا عسكرية، لم تستثن الفصائل المقربة من أنقرة. وتسببت الغارات بمقتل مدنيين أيضا.
وتسيطر «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقا) حاليا على نحو نصف مساحة إدلب ومناطق محدودة محاذية من محافظات حماة وحلب واللاذقية. وتنشط في المنطقة، التي تؤوي 3 ملايين شخص نحو نصفهم من النازحين، أيضا فصائل مقاتلة أقل نفوذا.
وتتعرض المنطقة بين الحين والآخر لغارات تشنها أطراف عدة، آخرها قصف أميركي الخميس تسبب بمقتل 17 جهاديا بينهم قياديون في تنظيم متشدد مرتبط بتنظيم «القاعدة»، إضافة إلى 5 مدنيين على الأقل، وفق «المرصد».
وتعدّ منطقة إدلب من أبرز المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق، التي لطالما كررت رغبتها باستعادتها عن طريق المعارك أو التسوية. وأبرمت موسكو وأنقرة اتفاقات تهدئة عدة، أعقبت سيطرة الفصائل المقاتلة عليها منذ عام 2015، أبرزها اتفاق سوتشي الموقع في سبتمبر (أيلول) 2018.
وبموجب الاتفاق، نشرت تركيا 12 نقطة مراقبة في إدلب ومحيطها، طوقت قوات النظام عددا منها. وأخلت أنقرة الشهر الحالي أكبر هذه النقاط قرب بلدة مورك في ريف حماة الشمالي، من دون أن تتضح أسباب ذلك.
ولم يصدر أي تعليق من أنقرة حول الانسحاب أو وجهة قواتها، خصوصا أنها أكدت مرارا عدم رغبتها في الانسحاب من أي من نقاط المراقبة التابعة لها.
وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبب منذ اندلاعه قبل أكثر من 9 سنوات بمقتل أكثر من 380 ألف شخص وبدمار واسع في البنى التحتية، عدا عن نزوح وتشريد الملايين داخل سوريا وخارجها.
وبدأت تركيا منذ الأسبوع الماضي عملية إعادة تمركز لقواتها في شمال غربي سوريا وسحب نقاط المراقبة من مناطق سيطرة النظام في حماة وشرق إدلب، إلى ريف إدلب الجنوبي. كما دفعت بتعزيزات عسكرية مكثفة إلى المنطقة.
في غضون ذلك، برر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الوجود العسكري التركي في سوريا، أنه «جاء بناء على دعوة وجهها الشعب السوري المظلوم».
وقال إردوغان، خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم ليل أول من أمس، إنه كما دعا «الظالم بشار الأسد من يشاء إلى سوريا فإن أنقرة تدخلت بدعوة وجهها الشعب المظلوم في الداخل السوري». وأضاف أن تركيا تعتبر ذلك التدخل والوقوف مع أصدقائها وقت محنتهم وسام شرف لها، مشيرا إلى أنه بالإضافة لاستضافة تركيا أكبر عدد من اللاجئين فإنها تعمل على توفير العناية لـ4 ملايين في الداخل من خلال بناء مساكن لهم وتقديم المساعدات.
وانتقد إردوغان التقصير الأوروبي حيال اللاجئين السوريين وعدم وفاء الدول الأوروبية بوعود تقديم مساعدات لهم.
وكانت تركيا أعلنت، الأحد، رفضها انتقادات مصر لتدخلها في سوريا واعتباره زعزعة للاستقرار وتهديدا للمنطقة. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أكصوي، رفض بلاده «الاتهامات التي أطلقها وزير الخارجية المصري سامح شكري ضد تركيا»، خلال اجتماع المجموعة المصغرة حول سوريا في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
وقال أكصوي في بيان، ردا على بيان صادر عن المتحدث باسم الخارجية المصرية، الجمعة الماضي، حول مشاركة الوزير المصري في اجتماع المجموعة المصغرة حول سوريا، إن «هذه الاتهامات ضد بلدنا الذي قدم الشهداء في سبيل مكافحة الإرهاب بسوريا، واحتضن نحو 4 ملايين لاجئ، وحمى الشعب من نظام ظالم ومن (الإرهابيين) شمال سوريا، وقدم إسهامات ملموسة في المسار السياسي سواء في آستانة أو جنيف، هي أوهام لا يمكن أخذها على محمل الجد».
وأضاف أكصوي أن «دور تركيا في سوريا لا يقتصر على الدفاع عن أمنها القومي فقط، وإنما ضمان الحفاظ على وحدة سوريا السياسية ووحدة أراضيها»، مشددا على أنها ستواصل ذلك الدور.
وعبر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في الاجتماع الوزاري للمجموعة المصغرة حول سوريا، عن قلقه العميق من استمرار «التدخل الهدام» لبعض الأطراف الإقليمية في سوريا. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد حافظ، إن شكري أكد أن الوجود التركي في سوريا لا يمثل فقط تهديدا لسوريا وحدها، وإنما يضر بشدة بالمنطقة بأسرها، ومن ثم لا ينبغي التسامح مع مخططات تأجيج التطرف ومع ظاهرة نقل المقاتلين الإرهابيين الأجانب.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.