عشرات القتلى بقصف روسي على فصيل سوري موالٍ لتركيا في إدلب

«الجبهة الوطنية» المعارضة تلوّح بالرد على خرق الهدنة

مقاتل من «فيلق الشام» يطلق النار في جنازة تشييع رفاق له قضوا بقصف روسي في ريف إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
مقاتل من «فيلق الشام» يطلق النار في جنازة تشييع رفاق له قضوا بقصف روسي في ريف إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

عشرات القتلى بقصف روسي على فصيل سوري موالٍ لتركيا في إدلب

مقاتل من «فيلق الشام» يطلق النار في جنازة تشييع رفاق له قضوا بقصف روسي في ريف إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
مقاتل من «فيلق الشام» يطلق النار في جنازة تشييع رفاق له قضوا بقصف روسي في ريف إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)

قتل 78 مقاتلا على الأقل من فصيل سوري موال لأنقرة الاثنين جراء غارات شنتها روسيا على معسكر تدريب بمنطقة جبل الدويلة التابعة لبلدة حارم في إدلب شمال غربي سوريا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تصعيد هو الأعنف منذ سريان وقف لإطلاق النار قبل نحو 8 أشهر. وتسري في إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة منذ السادس من مارس (آذار) هدنة أعلنتها موسكو، حليفة دمشق، وتركيا الداعمة للفصائل المقاتلة بعد هجوم واسع لقوات النظام.
واستهدفت طائرات روسية، وفق «المرصد»، مقرا لفصيل «فيلق الشام» المقرب من تركيا في منطقة جبل الدويلة شمال غربي إدلب، ما تسبب بمقتل 78 مقاتلا على الأقل وإصابة أكثر من 90 آخرين بجروح، فيما لا يزال آخرون عالقين تحت الأنقاض.
وكانت حصيلة سابقة لـ«المرصد» أحصت مقتل 56 مقاتلا على الأقل.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «ما جرى هو التصعيد الأعنف منذ سريان الهدنة مع تسجيل الحصيلة الأكبر على الإطلاق». وأوضح أن الموقع المستهدف عبارة عن مقر كان قد تم تجهيزه حديثا كمعسكر تدريب، وتم قصفه فيما كان عشرات المقاتلين داخله يخضعون لدورة تدريبية.
ويشكل «فيلق الشام» مكونا رئيسيا في «الجبهة الوطنية للتحرير»، تجمع للفصائل المعارضة والمقاتلة في إدلب. واندمجت «الجبهة» قبل عام مع فصائل «درع الفرات» الناشطة في شمال وشمال شرقي البلاد تحت مظلة «الجيش الوطني» الذي تدعمه تركيا.
وأكد المسؤول الإعلامي في «الجبهة» سيف الرعد استهداف روسيا للمقر، من دون أن يحدد حصيلة القتلى النهائية. وندد «باستمرار خرق طيران روسيا وقوات النظام للاتفاق التركي الروسي مع استهداف مواقع عسكرية وقرى وبلدات».
وأعقب وقف إطلاق النار المستمر منذ مارس هجوما شنته قوات النظام على مدى 3 أشهر، تسبب بنزوح نحو مليون شخص، عاد منهم نحو 235 ألفا إلى مناطقهم منذ يناير (كانون الثاني)، غالبيتهم بعد وقف إطلاق النار.
ورغم خروقات متكررة، فلا تزال الهدنة صامدة. وتنفذ روسيا بين الحين والآخر، وفق عبد الرحمن، غارات تطال ما تعتبره أهدافا عسكرية، لم تستثن الفصائل المقربة من أنقرة. وتسببت الغارات بمقتل مدنيين أيضا.
وتسيطر «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقا) حاليا على نحو نصف مساحة إدلب ومناطق محدودة محاذية من محافظات حماة وحلب واللاذقية. وتنشط في المنطقة، التي تؤوي 3 ملايين شخص نحو نصفهم من النازحين، أيضا فصائل مقاتلة أقل نفوذا.
وتتعرض المنطقة بين الحين والآخر لغارات تشنها أطراف عدة، آخرها قصف أميركي الخميس تسبب بمقتل 17 جهاديا بينهم قياديون في تنظيم متشدد مرتبط بتنظيم «القاعدة»، إضافة إلى 5 مدنيين على الأقل، وفق «المرصد».
وتعدّ منطقة إدلب من أبرز المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق، التي لطالما كررت رغبتها باستعادتها عن طريق المعارك أو التسوية. وأبرمت موسكو وأنقرة اتفاقات تهدئة عدة، أعقبت سيطرة الفصائل المقاتلة عليها منذ عام 2015، أبرزها اتفاق سوتشي الموقع في سبتمبر (أيلول) 2018.
وبموجب الاتفاق، نشرت تركيا 12 نقطة مراقبة في إدلب ومحيطها، طوقت قوات النظام عددا منها. وأخلت أنقرة الشهر الحالي أكبر هذه النقاط قرب بلدة مورك في ريف حماة الشمالي، من دون أن تتضح أسباب ذلك.
ولم يصدر أي تعليق من أنقرة حول الانسحاب أو وجهة قواتها، خصوصا أنها أكدت مرارا عدم رغبتها في الانسحاب من أي من نقاط المراقبة التابعة لها.
وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبب منذ اندلاعه قبل أكثر من 9 سنوات بمقتل أكثر من 380 ألف شخص وبدمار واسع في البنى التحتية، عدا عن نزوح وتشريد الملايين داخل سوريا وخارجها.
وبدأت تركيا منذ الأسبوع الماضي عملية إعادة تمركز لقواتها في شمال غربي سوريا وسحب نقاط المراقبة من مناطق سيطرة النظام في حماة وشرق إدلب، إلى ريف إدلب الجنوبي. كما دفعت بتعزيزات عسكرية مكثفة إلى المنطقة.
في غضون ذلك، برر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الوجود العسكري التركي في سوريا، أنه «جاء بناء على دعوة وجهها الشعب السوري المظلوم».
وقال إردوغان، خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم ليل أول من أمس، إنه كما دعا «الظالم بشار الأسد من يشاء إلى سوريا فإن أنقرة تدخلت بدعوة وجهها الشعب المظلوم في الداخل السوري». وأضاف أن تركيا تعتبر ذلك التدخل والوقوف مع أصدقائها وقت محنتهم وسام شرف لها، مشيرا إلى أنه بالإضافة لاستضافة تركيا أكبر عدد من اللاجئين فإنها تعمل على توفير العناية لـ4 ملايين في الداخل من خلال بناء مساكن لهم وتقديم المساعدات.
وانتقد إردوغان التقصير الأوروبي حيال اللاجئين السوريين وعدم وفاء الدول الأوروبية بوعود تقديم مساعدات لهم.
وكانت تركيا أعلنت، الأحد، رفضها انتقادات مصر لتدخلها في سوريا واعتباره زعزعة للاستقرار وتهديدا للمنطقة. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أكصوي، رفض بلاده «الاتهامات التي أطلقها وزير الخارجية المصري سامح شكري ضد تركيا»، خلال اجتماع المجموعة المصغرة حول سوريا في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
وقال أكصوي في بيان، ردا على بيان صادر عن المتحدث باسم الخارجية المصرية، الجمعة الماضي، حول مشاركة الوزير المصري في اجتماع المجموعة المصغرة حول سوريا، إن «هذه الاتهامات ضد بلدنا الذي قدم الشهداء في سبيل مكافحة الإرهاب بسوريا، واحتضن نحو 4 ملايين لاجئ، وحمى الشعب من نظام ظالم ومن (الإرهابيين) شمال سوريا، وقدم إسهامات ملموسة في المسار السياسي سواء في آستانة أو جنيف، هي أوهام لا يمكن أخذها على محمل الجد».
وأضاف أكصوي أن «دور تركيا في سوريا لا يقتصر على الدفاع عن أمنها القومي فقط، وإنما ضمان الحفاظ على وحدة سوريا السياسية ووحدة أراضيها»، مشددا على أنها ستواصل ذلك الدور.
وعبر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في الاجتماع الوزاري للمجموعة المصغرة حول سوريا، عن قلقه العميق من استمرار «التدخل الهدام» لبعض الأطراف الإقليمية في سوريا. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد حافظ، إن شكري أكد أن الوجود التركي في سوريا لا يمثل فقط تهديدا لسوريا وحدها، وإنما يضر بشدة بالمنطقة بأسرها، ومن ثم لا ينبغي التسامح مع مخططات تأجيج التطرف ومع ظاهرة نقل المقاتلين الإرهابيين الأجانب.



مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
TT

مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)

في أول زيارة لوزير خارجية مصر إلى السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، سلم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الذي استقبله في بورتسودان.

ونقل الوزير المصري، إلى البرهان «اعتزاز الرئيس السيسي بالعلاقات التاريخية والأخوية بين مصر والسودان، والعزم على بذل كل المساعي الممكنة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للسودان».

جلسة مباحثات مصرية - سودانية موسعة (الخارجية المصرية)

وأشار عبد العاطي، وفق بيان للخارجية المصرية، إلى أن «الزيارة تأتي للإعراب عن تضامن مُخلص مع السودان في هذا المنعطف التاريخي الخطير، وللوقوف بجانب دولة شقيقة في ظل الروابط العميقة والعلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين».

كما أشار إلى «حرص مصر على الانخراط بفاعلية في الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الاستقرار في السودان الشقيق، بما يصون مصالحه وسيادته ووحدة أراضيه»، منوهاً بـ«جهود مصر لاستئناف السودان لأنشطته في الاتحاد الأفريقي».

وشهدت زيارة عبد العاطي لبورتسودان جلسة مشاورات رسمية بين وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني، علي يوسف الشريف بحضور وفدي البلدين، شدد الوزير المصري خلالها على «دعم بلاده الكامل للسودان قيادة وشعباً، وحرص مصر على بذل الجهود لرفع المعاناة عن الشعب السوداني».

وزير الخارجية السوداني يستقبل نظيره المصري (الخارجية المصرية)

واستعرض، وفق البيان، موقف مصر الداعي لـ«وقف فوري لإطلاق النار والإسراع من وتيرة نفاذ المساعدات الإنسانية، وأهمية التعاون مع مبادرات الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظمات الإغاثة الدولية لتسهيل نفاذ تلك المساعدات».

كما حرص الجانبان على تناول ملف الأمن المائي باستفاضة، في ظل «مواقف البلدين المتطابقة بعدّهما دولتي مصب علي نهر النيل»، واتفقا على «الاستمرار في التنسيق والتعاون الوثيق بشكل مشترك لحفظ وصون الأمن المائي المصري والسوداني».

تضمنت الزيارة، كما أشار البيان، لقاء عبد العاطي مع الفريق إبراهيم جابر، عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، وأكد خلاله الوزير المصري «موقف بلاده الثابت القائم على دعم المؤسسات الوطنية السودانية واحترام وحدة وسلامة الأراضي السودانية».

كما عقد الوزير عبد العاطي لقاء مع ممثلي مجتمع الأعمال السوداني لتعزيز التعاون بين رجال الأعمال من البلدين واستكشاف فرص الاستثمار المشترك والاستفادة من الفرص الهائلة التي يتيحها الاقتصاد المصري، والعمل على مضاعفة التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين. كما التقى مع مجموعة من السياسيين وممثلي المجتمع المدني من السودان، فضلاً عن لقاء مع أعضاء الجالية المصرية في بورتسودان واستمع إلى شواغلهم ومداخلاتهم.

بدورها، نقلت السفارة السودانية في القاهرة، عن وزير الخارجية علي يوسف، تقديمه «الشكر للشقيقة مصر على وقفتھا الصلبة الداعمة للسودان»، في ظل «خوضه حرب الكرامة الوطنية ضد ميليشيا الدعم السريع المتمردة ومرتزقتھا وداعميھا الإقليميين»، على حد وصف البيان.

ولفت البيان السوداني إلى أن الجانبين ناقشا «سبل تذليل المعوقات التي تواجه السودانيين المقيمين في مصر مؤقتاً بسبب الحرب، خاصة في الجوانب الھجرية والتعليمية»، واتفقا على «وضع معالجات عملية وناجعة لتلك القضايا في ضوء العلاقات الأزلية بين الشعبين الشقيقين».