توافق مصري ـ عراقي ـ أردني على «حل سياسي» في ليبيا

شكري يحذّر من محاولة «أطراف إقليمية» زعزعة الاستقرار

جانب من المؤتمر الصحافي المُشترك في القاهرة لوزراء خارجية مصر والأردن والعراق (الخارجية المصرية)
جانب من المؤتمر الصحافي المُشترك في القاهرة لوزراء خارجية مصر والأردن والعراق (الخارجية المصرية)
TT

توافق مصري ـ عراقي ـ أردني على «حل سياسي» في ليبيا

جانب من المؤتمر الصحافي المُشترك في القاهرة لوزراء خارجية مصر والأردن والعراق (الخارجية المصرية)
جانب من المؤتمر الصحافي المُشترك في القاهرة لوزراء خارجية مصر والأردن والعراق (الخارجية المصرية)

طغت الأزمة الليبية على الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية مصر والأردن والعراق، ،بالقاهرة أمس، حيث أكدوا تمسكهم بالحل السياسي، وفق حوار هادئ بين الأفرقاء الليبيين «يتيح استعادة الاستقرار إلى ليبيا».
وأكد سامح شكري، وزير الخارجية المصري في مستهل المؤتمر الصحافي المشترك بالقاهرة مع نظيريه الأردني أيمن الصفدي، والعراقي فؤاد حسين، أهمية آلية التنسيق بين الدول الثلاث، مشيراً إلى وجود توافق «حول أهمية الحفاظ على استقرار دولنا والمحيط العربي، وعدم التدخل في شؤونها، وأهمية استمرار هذا الإطار، لكونه لا يستهدف أي طرف، بل لمصالح شعوبنا».
وتطرق شكري إلى موقف بلاده من القضية الليبية، والجهود المبذولة حالياً بين وفدي مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، وقال إنه منذ بداية الأزمة الليبية، «ومصر تعمل على التوصل إلى تسوية سياسية وتوافق ليبي - ليبي، وخريطة طريق للمستقبل من أجل مصلحة ليبيا، ومنع أي تدخل في شؤونها»، لافتاً إلى الجهد المبذول أيضاً من جانب دول الحوار والبعثة الأممية للدعم في ليبيا.
وفيما اتهم شكري «أطرافاً إقليمية»، لم يسمِّها، بـ«السعي لزعزعة الاستقرار في ليبيا، والدفع بعناصر تخريبية إلى هناك»، شدد في المقابل على «وجود موقف دولي حازم لمواجهتها»، مؤكداً أن مصر سوف تستمر في سعيها لحل الأزمة.
وفي هذا السياق، أشار شكري إلى الحوارات التي جرت في مصر حول الوضع العسكري، والحديث حول الدستور الليبي، لكنه قال إن كل هذه الأمور «تتوقف بالتأكيد على وصول الأشقاء في ليبيا إلى تناغم سياسي، بعيداً عن الصراع العسكري، مما يسهم في رسم خريطة طريق للمستقبل، ويؤدي إلى إجراء انتخابات مرة أخرى، يعبّر من خلالها الشعب الليبي عن إرادته، ويعيد استقرار الأوضاع هناك».
ونوه شكري إلى أنه خلال الفترة الماضية كان لمصر إسهامها في إطار مبادرة القاهرة، بالإضافة إلى حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي في يوليو (تموز) الماضي، الذي حدد فيه أهمية الحفاظ على الأمن القومي المصري، ووقف الأعمال العدائية، وعدم تجاوز خط (سرت – الجفرة)، والأثر الإيجابي الذي تولَّد، والذي كان مقصوداً من أجل احتواء الصراع العسكري، وفتح المجال للتوصل إلى حل سياسي.
كما توقف شكري في حديثه عند مأساة الشعب الليبي، وقال إنه «يعاني منذ سنوات طويلة، ولا بد من العمل من أجل التوصل إلى توافق ليبيي - ليبي يعيد الاستقرار والأمن في ليبيا، ويحافظ على استقرار دول الجوار». مؤكداً أهمية آلية التنسيق الثلاثي بين مصر والأردن والعراق، بقوله: «اجتماع اليوم (أمس) يأتي من أجل تفعيل أطر التعاون بين الدول الثلاث في مجالات الطاقة والإعمار والكهرباء».
من جانبه، قال الصفدي إنه نقل رسالة من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، تمحورت حول العلاقات الثنائية والتنسيق المستمر بين البلدين، بما يصب في تعزيز هذه العلاقات، وفتح آفاق أوسع للتعاون، وبما يحقق رؤى مشتركة تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار، وبما يسهم في خدمة قضايانا العربية.
كما أكد الصفدي وجود رؤية مشتركة تتعلق بالقضايا الإقليمية، التي تمت مناقشتها خلال الاجتماع، مثمناً جهود مصر فيما يتعلق بالأزمة الليبية، بحيث يتم التوصل إلى حل سياسي يحفظ ليبيا وأمنها ودول الجوار.
بدوره، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى اجتماعه، أمس، في القاهرة مع أيمن الصفدي، وزير الخارجية الأردني، أن الهدف الأساسي في ليبيا هو تثبيت الموقف الحالي على أرض الواقع، وفق الخطوط المعلنة، سعياً إلى التوصل إلى حل جذري وشامل لاستعادة الاستقرار والأمن في ليبيا، وذلك من خلال المسار السياسي، ونتائج مخرجات مؤتمر برلين وإعلان القاهرة، وصولاً إلى الاستحقاق الانتخابي.
وحسب الناطق الرسمي باسم الرئاسة المصرية، فقد شدد السيسي على أن التنسيق المشترك وقوة الإرادة، ووحدة المواقف العربية «من شأنها فرض محددات وخطوط الأمن القومي العربي».
في السياق ذاته، أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن الاجتماع الثلاثي تطرق إلى القضايا السياسية، وقال إن «موقف الحكومة العراقية واضح في هذا المجال، ويقوم على أهمية الحوار لحل جميع المشكلات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».