أميركا تعزز قواتها شرق الفرات بعد «احتجاج كردي» على دورية روسية

الخطوة تعكس تصاعد التنافس بين موسكو وواشنطن

مروحية روسية قرب بئر نفطية في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
مروحية روسية قرب بئر نفطية في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

أميركا تعزز قواتها شرق الفرات بعد «احتجاج كردي» على دورية روسية

مروحية روسية قرب بئر نفطية في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
مروحية روسية قرب بئر نفطية في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

منع محتجون في ريف مدينة المالكية التابعة، لمحافظة الحسكة في أقصى شمال شرقي سوريا، قوات روسية من التقدم بالقرب من بلدتهم، وأجبروها على الانسحاب بالتزامن مع تدخل القوات الأميركية في المنطقة التي طوقت المكان. وعزز الحادث الذي هدف إلى منع الروس من إقامة نقطة تمركز عسكرية في منطقة على الحدود مع تركيا، من مظاهر التنافس الروسي - الأميركي على تثبيت الحضور العسكري في مناطق شرق الفرات.
وتجنبت وزارة الدفاع الروسية أمس، التعليق على التطور، كما لم تصدر قاعدة «حميميم» الروسية توضيحا للحادث. وقال ناشطون إن مدنيين من قرية عين ديوار في ريف مدينة المالكية الواقعة قرب الحدود السورية - التركية في ريف الحسكة، اعترضوا رتلاً روسياً مؤلفاً من 11 آلية عسكرية، ومنعوه من الوصول إلى منطقة كان من المقرر أن يقيم فيها نقطة عسكرية. وأوضحت مصادر أن مروحيات روسية كانت ترافق الرتل حلّقت بعلو منخفض بهدف إخافة المحتجين على عبور الرتل، لكنهم تمسكوا بمطالبهم ودعوا قائد الدورية لمغادرة المنطقة على الفور.
ووفقا للمصادر الميدانية، فإن قائد الرتل أخبر المدنيين بأن القوات الروسية ستبقى في المنطقة مدة أسبوعين فقط، بهدف تدريب قوات النظام الموجودة في المنطقة، لكنه فشل في إقناعهم. ولفتت المصادر إلى أن القوات الأميركية تدخّلت وأغلقت جميع الطرقات على الدورية الروسية، كما حلّقت مروحية أميركية وطاردت مروحيتين روسيتين في المنطقة.
ورغم الحادث عكس تواصل التنافس الروسي - الأميركي على تعزيز الحضور العسكري في المنطقة، لكنه اكتسب طابعا جديدا، وخلافا للاحتكاكات المتكررة التي وقعت بين الأرتال العسكرية الروسية والأميركية في مناطق شرق الفرات، فإن تحرك محتجين مدنيين من أبناء المنطقة لمنع مرور أو تمركز القوات الروسية شكل تطورا في آليات مواجهة التحركات الروسية في المنطقة.
وكانت القوات الأميركية اعترضت أكثر من مرة في السابق، الدوريات الروسية التي تحاول السير على الطريق الدولي انطلاقاً من القاعدة الروسية في القامشلي، أو القاعدة الروسية في منطقة أبو راسين بناحية تل تمر، شمال غربي الحسكة.
وكانت موسكو عززت بناء على تفاهمات مع تركيا وجودها العسكري حول مناطق «قسد» قرب الحدود السورية التركية، إلا أن القوات الأميركية تمنعها من التحرك بحرية.
واللافت أن الانسحاب الروسي قوبل بتعزيز لانتشار القوات الأميركية في المنطقة، وقالت تقارير إن دورية أميركية مكوّنة من مدرّعات برادلي، وعرباتٍ عسكرية أخرى تمركزت في قرية كرزيرو بمنطقة الكوجرات، والتقت مع أهالي القرية، وبقيت لبعض الوقت هناك، قبل أن تعود إلى قاعدتها في الرميلان بعد ساعاتٍ من تمركزها.
ولفتت مصادر إعلامية إلى أن الحادث، دل أيضا إلى استياء سكان المنطقة بسبب التصريحات الروسية التي صدرت أخيرا وحملت تحذيرات من تحركات واشنطن في منطقة شرق الفرات، وإشارات للمكون الكردي في المنطقة.
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حذر من «خطورة النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة إزاء أكراد سوريا»، ووصفه بأنه سيجلب «عواقب كارثية للمنطقة برمتها».
وأعرب لافروف، عن قلق روسيا إزاء الوضع في الأراضي السورية الواقعة شرق الفرات محملا العسكريين الأميركيين المنتشرين هناك المسؤولية عن التشجيع على النزعات الانفصالية لدى الأكراد. وأوضح الوزير أن الأميركيين يحرضون الأكراد ضد الحكومة السورية و«يردعون رغبتهم الطبيعية في إطلاق حوار مع دمشق»، مشيرا إلى أن هذا الأمر يستدعي قلقا بالغا ليس من وجه نظر وحدة الأراضي السورية فحسب، بل ومن ناحية أن التصرفات الأميركية قد تسفر عن «تفجير» الوضع حول القضية الكردية، ليس في سوريا وحدها بل وفي العراق وتركيا وإيران، ووصف نشاط واشنطن بأنه «لعبة خطيرة في هذه المنطقة تقوم على خلق فوضى يأملون أن تكون خلاقة. وهم بعيدون ولا يهتمون كثيرا بنتائج تصرفاتهم، لكن عواقبها قد تكون كارثية بالنسبة للمنطقة، إذا استمروا في دعم النزعات الانفصالية». فيما رأت الإدارة الذاتية لمنطقة شمال سوريا أن تصريحات لافروف لا تخدم التسوية السياسية في سوريا.
إلى ذلك، سارت واشنطن خطوة إضافية لتعزيز قواتها في المنطقة، وقالت مصادر محلية إنّ قافلة عسكرية أميركية دخلت إلى بلدة تل كوجر عبر معبر الوليد الحدودي مع كُردستان العراق، مكوّنة من 25 شاحنة، وبحماية دورية للجيش الأميركي، يرافقها عدد من المروحيات.
ومع التعزيزات العسكرية القادمة عبر المعبر، تواصلت حركة عكسية لنقل النفط من المنطقة، وتحدثت تقارير إعلامية في موسكو نقلا عن مصادر حكومية سورية أن حركة واسعة لمرور الصهاريج الضخمة عبر معبر الوليد رصدت خلال اليومين الماضيين، وتتهم موسكو ودمشق الولايات المتحدة بالتستر على عمليات «سرقة ونقل النفط السوري من هذه المنطقة».
ووفقا للمعطيات فقد تم السبت رصد قافلة مؤلفة من 20 صهريجاً وناقلة محملة بالنفط غادرت محافظة الحسكة إلى الأراضي العراقية، في حين قالت مصادر وكالة «نوفوستي» الروسية إن عدد الصهاريج التي رصدت تحركاتها على الطريق M4 بين القامشلي والحسكة شمال شرقي سوريا خلال اليومين الماضيين بلغ 54 شاحنة.



الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

زعمت الجماعة الحوثية، الأربعاء، مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة، باستخدام الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، وذلك غداة تبنيها 4 هجمات باتجاه إسرائيل خلال 24 ساعة.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصر الفلسطينيين في غزة.

المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع قال في بيان متلفز إن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع لجماعته استهدفا حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وعدداً من القطع الحربية التابعة لها شمالي البحر الأحمر.

وأوضح المتحدث أن العملية الهجومية نفذت بواسطة عدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، زاعماً أنها المرة السادسة التي يتم فيها مهاجمة الحاملة منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

صورة جوية لحاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع المرافقة لها في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)

وتوعدت الجماعة على لسان متحدثها العسكري بالاستمرار في شن الهجمات، وقالت إنها جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وإن هجماتها لن تتوقف إلا بانتهاء الحرب في قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

وسبق أن اعترف الجيش الأميركي بالتصدي لهجمات حوثية مماثلة استهدفت سفناً عسكرية في البحر الأحمر دون حدوث أي أضرار أو إصابات.

وكان المتحدث الحوثي تبنى، الثلاثاء، تنفيذ جماعته أربع هجمات باتجاه إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة خلال 24 ساعة. وأكد الجيش الإسرائيلي، من جهته، اعتراض صاروخين وطائرة مسيرة، في حين أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية «نجمة داود الحمراء» بوقوع عدد من الإصابات جراء التدافع نحو الملاجئ، بعد تفعيل صفارات الإنذار.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

ألف غارة

أدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خلال 14 شهراً إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي الذي بدأ في 12 يناير 2024، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين. وفق ما أقر به الحوثيون.

وكانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

الضربات استهدفت مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان من نصيب الحديدة الساحلية أغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.

وأعاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب الإعلان عن خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.