أسرى الحرب في ليبيا ينتظرون «التوافق» لنيل حريتهم

TT

أسرى الحرب في ليبيا ينتظرون «التوافق» لنيل حريتهم

بات على عائلات أسرى الحرب، المحتجزين لدى طرفي الصراع في ليبيا، الانتظار والترقب مع كل عقد للقاء سياسي قد يسفر عن عملية تبادل قريبة لذويهم بين «الجيش الوطني» برئاسة المشير خليفة حفتر، وقوات «الوفاق» التي يترأسها فائز السراج. ورغم توقف الحرب بين الطرفين، ولو مؤقتاً، منذ مطلع يونيو (حزيران) الماضي، فإن هذه الآمال ظلت تراوح مكانها من دون تقدم، باستثناء بعض الإشارات الإيجابية التي خرجت عن اجتماع مسؤولين عسكريين من الجانبين في مدينة الغردقة المصرية، نهاية الشهر الماضي.
ولم تتضح بعد معالم أي تبادل، أو الأعداد التي سيطالب كل طرف بالإفراج عنها؛ لكن مدير إدارة التوجيه المعنوي في «الجيش الوطني»، اللواء خالد المحجوب قال لـ«الشرق الأوسط» إن «اجتماع الغردقة ناقش الخطوط الرئيسية لتلك القضية، بينما سيتم إقرار التفاصيل في لقاء آخر، ضمن إطار اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)»، مرجحاً «قيام البعثة الأممية بالاضطلاع بعملية التبادل، والإشراف على الإفراج عن كل من قبض عليهم في إطار الخلافات الجهوية»، مضيفاً أن الأسماء التي سيطالب الجيش بالإفراج عنها «لن تعتمد على منح الأولوية للرتب العسكرية الكبيرة، بقدر ما ستهتم بالمساواة بين عناصر ومقاتلي الجيش كافة».
وكانت البعثة الأممية قد كشفت جانباً من تفاصيل اللقاء الذي ضم ضباطاً من الجيش والشرطة يتبعون «الجيش الوطني» و«الوفاق» في الغردقة، وقالت إنه تطرق إلى الإفراج عن المحتجزين من الجانبين.
ويصنف أمين عام «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في ليبيا، عبد المنعم الحر، قضية الأسرى ومفقودي الحرب باعتبارها «واحدة من أهم القضايا والملفات الشائكة في الوقت الراهن». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر لا يتعلق بكثرة العدد المتوقع لهؤلاء الأسرى والمفقودين فقط؛ لكن بغياب أي عملية توثيق لبياناتهم منذ أن غرقت البلاد في الفوضى والنزاعات المسلحة عام 2011».
وأضاف الحر موضحاً أنه «لا توجد حتى الآن أي عملية توثيق، أو منظومة بحث عن المفقودين أو أسرى الحرب. وهناك أُسر تعتقد أن أبناءها المتغيبين بين الأسرى لدى أحد طرفي الصراع، وأنهم قد يعودون يوماً ما؛ لكن الحقيقة أنهم مفقودون». ولفت أيضاً إلى وضعية «الأسرى من المرتزقة والتنظيمات المتطرفة، والمحتجزين خارج إطار القانون لدى الجماعات المسلحة».
وكان مقرراً تبادل للأسرى بين «الجيش الوطني» وقوات حكومة «الوفاق» في بلدة مزدة؛ لكن العملية فشلت.
ونوَّه الحر إلى أن عمليات تبادل الأسرى بين طرفي الصراع تكررت في الفترة الأخيرة: «لكنها انحصرت في أعداد محدودة... وعملية التبادل هذه تكون محكومة بما تمثله الشخصيات المطلوبة من ثقل نظراً لرتبتها العسكرية، أو تبعيتها لتكتلات عسكرية، أو المدينة التي تنتمي إليها»، معتبراً أن «غياب التوثيق يزيد من معاناة الأسر على الصعيد الإنساني بغياب ذويهم، كما يعمق أزماتهم الحياتية، سواء عند مباشرة مشكلات الميراث، أو زواج أرامل المفقودين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.