القوات العراقية تستعيد السيطرة على الضلوعية من «داعش»

فك الحصار الذي فرضه التنظيم على عشيرة الجبور

القوات العراقية تستعيد السيطرة على الضلوعية من «داعش»
TT

القوات العراقية تستعيد السيطرة على الضلوعية من «داعش»

القوات العراقية تستعيد السيطرة على الضلوعية من «داعش»

استعادت القوات العراقية ومسلحون موالون لها أمس بشكل كامل السيطرة على بلدة الضلوعية (90 كلم شمال بغداد)، بعدما بقيت غالبية أنحائها خاضعة لتنظيم داعش لعدة أشهر، بحسب مصادر عسكرية.
واعتبر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي استعادة الضلوعية المحاذية لنهر دجلة والواقعة على مقربة من الطريق بين بغداد ومدينة سامراء (110 كلم شمال العاصمة)، «نقلة نوعية» في الحرب ضد التنظيم المتطرف الذي يسيطر على مساحات واسعة في العراق منذ يونيو (حزيران).
وكانت الضلوعية مسرحا لمعارك متواصلة بين التنظيم الذي لم يتمكن من السيطرة على كامل البلدة بسبب المقاومة الشرسة التي واجهها في الحي الجنوبي منها، من قبل عشيرة الجبور السنية وقوات أمنية. إلا أن القوات الأمنية شنت الجمعة عملية عسكرية واسعة من محاور عدة، وتمكنت من دخول الضلوعية الأحد بعد السيطرة على مناطق في محيطها.
وخلال اليومين الماضيين، تقدمت القوات الأمنية مدعومة بفصائل شيعية موالية لها، ببطء في مواجهة أعمال قنص وعمليات انتحارية وعبوات ناسفة زرعها التنظيم.
وقال ضابط برتبة لواء في الجيش لوكالة الصحافة الفرنسية إن «قوات من الجيش والشرطة والحشد الشعبي ومقاتلي العشائر نجحوا أمس في استعادة السيطرة على الضلوعية».
وأضاف أن 50 آلية عسكرية تقدمت من شمال البلدة نحو جنوبها «والتحمت بالقطعات العسكرية المحاصرة»، مشيرا إلى أن «هذا الالتحام يعني تحرير الضلوعية بالكامل وانتهاء وجود (داعش)»، الاسم المختصر للتنظيم. وأكد قيادي في «منظمة بدر» التي تشارك في المعارك إلى جانب القوات العراقية، «تحرير الضلوعية بالكامل».
أضاف القيادي الذي رفض ذكر اسمه: «نجحنا في فك الحصار الذي كانت تفرضه (داعش) على عشائر الجبور، وتأمين ترابط القوات والتحامها».
وأكد أحد عناصر الشرطة في البلدة أن «الضلوعية تحررت بالكامل، والأهالي يحتفلون في الشوارع عبر إطلاق النار وأبواق السيارات».
وتشكل استعادة البلدة المحورية، خطوة أساسية في تأمين الطريق بين بغداد ومدينة سامراء (110 كلم شمال العاصمة)، حيث مرقد الإمامين العسكريين، ذي الأهمية بالنسبة إلى الشيعة. كما تسمح بربط محافظتي ديالى (شرق) الحدودية مع إيران، وصلاح الدين التي يسيطر تنظيم داعش على مساحات واسعة منها، أبرزها تكريت مركز المحافظة.
وأشاد العبادي في بيان وزعه مكتبه الإعلامي «ببسالة القوات التي طهرت هذه المناطق»، معتبرا أن «ما حققوه يمثل نقلة نوعية في الحرب ضد العصابات الإرهابية ومنطلقا لانتصارات جديدة تلوح في الأفق».
وكانت القوات الأمنية أرسلت تعزيزات في وقت سابق من الثلاثاء «لاستكمال تطهير المناطق» التي تحصن فيها مقاتلو التنظيم، بحسب ما أفاد الصحافة الفرنسية عمر الجبوري، أحد مقاتلي عشيرة الجبور السنية.
وتركزت معارك الثلاثاء في منطقة الخزرج، بحسب الجبوري الذي أشار إلى أن عناصر التنظيم «يهاجمون القوات (الأمنية) بانتحاريين».
ونشر التنظيم الاثنين على منتديات جهادية صورا من «المعارك الدائرة في ناحية الضلوعية»، تظهر إحداها تجهيز سيارة مفخخة، وتنفيذ هجوم انتحاري ضد القوات الأمنية من خلال «أبو جراح الشامي».
كما أظهرت الصور قيام عناصر التنظيم بإعدام شخصين يرتديان ملابس الشرطة العراقية، بإطلاق النار عليهما من مسدسات.
وأكدت وزارة الدفاع العراقية الاثنين مشاركة مقاتلات من طراز «سوخوي» تابعة لسلاح الجو، في قصف مناطق في الضلوعية.
وأدت المعارك الاثنين، بحسب القيادي في «منظمة بدر»، إلى مقتل اللواء المتقاعد عباس حسن جبر، المستشار العسكري لزعيم المنظمة هادي العامري، وذلك بعد إصابته برصاص قنص.
ونعى العبادي، جبر بعد مقتله في معركة الضلوعية»، بعدما «شارك في جميع المعارك متطوعا للدفاع عن بلده وتخليصه من عصابات (داعش) الإرهابية».
وشهدت الضلوعية خلال الأشهر الماضية عمليات كر وفر. وبعدما أعلنت القوات العراقية مطلع أكتوبر (تشرين الأول) استعادة معظم أحيائها، عاود التنظيم المتطرف قبل أكثر من شهر هجماته، واستعاد المناطق التي فقدها.
ودخلت القوات الأمنية والفصائل المسلحة الموالية لها الأحياء الخارجة عن سيطرتها في الضلوعية الأحد، إثر عملية واسعة شارك فيها الجيش والشرطة الاتحادية وقوات «الحشد الشعبي»، التي تشكل غطاء للفصائل الشيعية المسلحة التي تقاتل إلى جانب القوات الأمنية.
على صعيد آخر، قال الجيش الأميركي إن الولايات المتحدة وحلفاءها نفذوا 15 ضربة جوية ضد متشددي تنظيم داعش في سوريا والعراق أمس وقصفوا عدة وحدات للمقاتلين ومباني.
وقال مسؤولون في بيان صادر عن قوة المهام المشتركة بقيادة الولايات المتحدة إن 7 ضربات نفذت في سوريا و8 في العراق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.