إيطاليا تحذّر من التفاؤل المفرط وتستعد لأشهر صعبة

العودة إلى الإغلاق التام يفجر مواجهة بين إقليم مدريد والحكومة المركزية

عامل صحة يجري فحص «كورونا» لسيدة مسنة في مدريد أمس  (أ.ف.ب)
عامل صحة يجري فحص «كورونا» لسيدة مسنة في مدريد أمس (أ.ف.ب)
TT

إيطاليا تحذّر من التفاؤل المفرط وتستعد لأشهر صعبة

عامل صحة يجري فحص «كورونا» لسيدة مسنة في مدريد أمس  (أ.ف.ب)
عامل صحة يجري فحص «كورونا» لسيدة مسنة في مدريد أمس (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء الإيطالي، جيوزيبي كونتي، أنه سيتقدم من البرلمان بطلب لتمديد حالة الطوارئ لمواجهة جائحة «كوفيد - 19» حتى نهاية يناير (كانون الثاني) من العام المقبل، مشيراً إلى أن «الوضع الوبائي ما زال حرجاً»، معرباً عن الخشية من تفاقم المشهد في الفترة المقبلة استناداً إلى توقعات اللجنة العلمية المشرفة على إدارة الأزمة الصحية.
وكان كونتي يتحدث خلال زيارته لإحدى المدارس التي استأنفت نشاطها منتصف الشهر الماضي في أجواء من التعثّر في تدابير الوقاية ونقص في المواد اللوجستية، وحذّر من الإفراط في التفاؤل السائد نتيجة مقارنة الوضع الوبائي في إيطاليا مع الدول الأوروبية المجاورة، خاصة إسبانيا وفرنسا وبريطانيا، وتوقّع أشهراً صعبة من الآن حتى ظهور اللقاح أواخر السنة الجارية. من جهته، أشار وزير الصحة الإيطالي روبرتو سبيرانزا إلى نتائج دراسة وضعها فريق من الباحثين في جامعة تريستي الإيطالية بالتعاون مع جامعة واشنطن ومؤسسة «بيل وميليندا غيتس»، توقعت أن يصل عدد الوفيات الناجمة عن «كوفيد - 19» في إيطاليا إلى 77 ألفاً مطلع العام المقبل، أي ضعف العدد الحالي. وتفيد الدراسة أن التقيّد الصارم بتدابير الوقاية والاحتواء، مثل الكمامات العازلة واحترام مسافة التباعد، من شأنه أن يخفّض هذا العدد إلى 54 ألفاً، لكن إذا تخلّى المواطنون عن الحذر وعادوا إلى ممارسة نمط الحياة العادية، فإن عدد الوفيات قد يصل إلى 116 الفاً. كما يستفاد من الدراسة أن السلوك الصحيح من شأنه أن يخفّض عدد الإصابات اليومية الجديدة بما لا يقلّ عن 10 آلاف في نهاية العام الحالي، وأن التراخي في تطبيق التدابير قد يؤدي إلى 600 حالة وفاة يومياً، يمكن أن تنخفض إلى أقل من النصف في حال التقيّد بإجراءات الوقاية.
وتجدر الإشارة إلى عدد الإصابات اليومية في إيطاليا ما زال دون الألفين، رغم ارتفاعه من غير انقطاع منذ مطلع الشهر الماضي، الأمر الذي دفع جهات علمية كثيرة إلى الإشادة بالإدارة الإيطالية للأزمة. لكن الدراسة المذكورة تشير إلى أن الإصابات الجديدة قد تصل إلى 32 ألفاً يومياً في نهاية السنة.
وفيما أعلنت رئيسة مجلس الشيوخ الإيطالي تعليق أعمال المجلس بعد أن تأكدت إصابة اثنين من أعضاء المجلس بالفيروس، دعا وزير الصحة جميع السلطات الإقليمية إلى تشديد تدابير الوقاية وعرض مساعدة أجهزة الأمن المركزية لمراقبة تنفيذها. وسجّلت إيطاليا في الـ24 ساعة الأخيرة 1851 إصابة جديدة، معظمها في إقليم «كامبانيا» الجنوبي الذي كان شبه خالٍ من الوباء خلال المرحلة الأولى.
أما في إسبانيا التي تشكّل اليوم بؤرة الوباء الرئيسية في أوروبا، وحيث يتمدّد الفيروس بسرعة تتجاوز ذروة المرحلة الأولى، عادت المواجهة لتنفجر مجدداً بين الحكومة المركزية والسلطات الإقليمية في العاصمة مدريد التي تسجّل وحدها نصف الإصابات والوفيات اليومية في إسبانيا.
وكانت الحكومة المركزية قد أصدرت مرسوماً اشتراعياً يقضي بفرض قيود صارمة على مدريد و9 من البلدات المحيطة بها، استناداً إلى معايير يعمم تطبيقها على جميع الأقاليم الإسبانية. لكن حكومة مدريد الإقليمية التي يرأسها الحزب الشعبي المعارض، أعلنت غضبها من قرار الحكومة المركزية، معتبرة أنه يفتقر إلى الأسس القانونية اللازمة. وقالت رئيسة حكومة إقليم العاصمة إن الحكومة المركزية تريد معاقبة مدريد، فيما أشار الخبراء إلى أن المعايير والتدابير التي يتضمنها مرسوم الحكومة هي أقلّ صرامة من تلك المطبقة في بلدان أوروبية أخرى، وحذّروا من أن عدم تطبيقها ستكون له كلفة بشرية عالية.
واضطرت الحكومة الإقليمية إلى الانصياع لقرار العزل العام، وقالت رئيسة منطقة مدريد إيسابيل دياث أيوسو للبرلمان المحلي، أمس، إنها «لا تملك خياراً سوى تنفيذ أمر العزل العام، لكنها ستقدم طعناً قانونياً عليه».
من جهتها، انتقدت الحكومة الإقليمية في كاتالونيا قرار الحكومة المركزية بشدة، وقالت إن المعايير التي يتضمنها هي دون الحد الأدنى المطلوب لتفادي تكرار الكارثة الصحية، وإنها تعتزم تطبيق معايير أكثر صرامة، مكررة مطلبها بإغلاق مدريد ومنع الخروج منها إلى الأقاليم الأخرى إلا لمن تثبت عدم إصابته بالفيروس. وتجدر الإشارة إلى أن المعيار الأساس الذي يرتكز عليه مرسوم الحكومة لفرض تدابير العزل هو 500 إصابة يومية لكل 100 ألف مواطن طيلة 14 يوماً.
وحذّرت نقابة الأطباء في مدريد من أن المعايير التي ما زالت الحكومة المركزية تعتمدها لفرض تدابير العزل التام هي أدنى بكثير من تلك المعتمدة دولياً لتطبيق الإجراءات الصارمة التي تبدأ معظم الدول الأوروبية بفرضها اعتباراً من 100 إصابة جديدة يومية لكل 100 ألف مواطن. وكانت مجموعة من الباحثين في المركز الإسباني الأعلى للبحوث العلمية قد دعت إلى الإسراع في اتخاذ تدابير الإقفال التام في العاصمة قبل فوات الأوان وخروج الوضع عن السيطرة، مشيرة إلى أن أي تدابير أخرى غير الإقفال التام لم تعد مجدية في هذه المرحلة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.