المكس.. حي بالإسكندرية يقطنه «الغلابة» ويتنزه فيه الأثرياء

أحمد شوقي نظم فيه شعرا.. ويميزه فنار عتيق وشاطئ صخري ومنازل خشبية

المكس.. حي بالإسكندرية يقطنه «الغلابة» ويتنزه فيه الأثرياء
TT

المكس.. حي بالإسكندرية يقطنه «الغلابة» ويتنزه فيه الأثرياء

المكس.. حي بالإسكندرية يقطنه «الغلابة» ويتنزه فيه الأثرياء

رائحة يود منعشة ورذاذ بحر يملأ الحي بشذاه، وأمواج تتلاشى على تكتلات صخرية مكسوة بلون أخضر، وبيوت خشبية أشبه بالأكواخ تزينها رسومات رمزية رائعة بألوان دافئة تتناغم مع صخب أمواج البحر المتوسط غرب الإسكندرية.. تلك الموجات الأكثر رعونة من موجاته التي تضرب شرقها. هذه هي معالم حي المكس، الذي سمي بذلك الاسم اشتقاقا من «المكوس» التي تعني في اللغة العربية «الضرائب» أو «الجمارك» على البضائع، حيث يقع الحي بالقرب من الميناء الغربي للإسكندرية.
أطلقت عليه «الشرق الأوسط» في موضوع نشر عام 2007 «فينسيا الإسكندرية»، وهو اللقب الذي لا تزال الصحف والمواقع الإخبارية المصرية تتداوله. تلك المنطقة في طبيعتها أشبه بعالم مواز لفينيسيا الإيطالية، حيث الفارق في المعمار والطبقات الاجتماعية التي تقطنها واختلاف مفردات الحياة فيها.
هنا تتراص البيوت البسيطة بلا شكل معماري محدد على جندول سميت المنطقة المحيطة به بـ«قرية الصيادين»، تمر بينها ترعة مياه عذبة تمخر مياهها قوارب الصيادين الخشبية المزركشة بالرموز الفلكورية المصرية، لكنها ليست للسياحة، وإنما هي مصدر رزق لعدة أسر، كتبت عليها عبارات تجلب الرزق، واسم صاحبها، أو الاسم الذي أطلقه على مصدر رزقه مثل: «المحروسة»، و«البطل»، و«الملكة»، و«المعلمة»، و«وش السعد».. وغيرها من الأسماء.. فهو يتعامل معها بكل احترام كأحد أفراد أسرته.
يقول محمد المراكبي، وهو اسم شهرته، لـ«الشرق الأوسط»: «المركب هي أول ما أراه في الصباح، وآخر ما أغمض عليه عيني. الصياد يجب عليه أن يهتم بمركبه (أكتر من عيلته لأنها هي اللي بتأكّله عيش وبتصرف عليهم) كل يوم الفجرية أصلي.. أصعد إليها لأرتبها وأبدأ يومي معها».
ورغم بساطة المنطقة وتفاصيل الحياة بها، فإن لها سحرا خاصا، فهي تجمع بين الجمال والقبح.. بين الأغنياء والفقراء، في مشاهد تجمع متناقضات الحياة. على شاطئ المكس ستجد عشرات البسطاء يتهافتون على شراء الأسماك بأرخص الأسعار فور وصول الصيادين، وتسمع أصوات السيدات وهن يحاولن الحصول على «شروة» أسماك زهيدة السعر: البيساريا والبلطي والثعابين (القراميط)، ومشهد آخر لمجموعات من الصيادين يتناولون غذاءهم معا على ظهور قواربهم قبل الانطلاق في جولة «صيد العصاري». وعلى بعد خطوات من هذا المشهد، ستجد مطاعم الأسماك الفخمة الشهيرة: «سي جل» و«زفير».. وغيرهما، بروادها الأرستقراطيين الذين يأتون من كل أنحاء الإسكندرية والمدن المصرية بسيارات فارهة في مشهد مناقض تماما لمشاهد حياة الصيادين.
وتكمل تناقض المشهد «شاليهات المكس»، وهي التي تظهر في كثير من الأفلام والمسلسلات المصرية ومنها: «عرفة البحر» لنور الشريف، و«الشبح» لأحمد عز، و«حمادة يلعب» لأحمد رزق، و«بلطية العايمة» لعبلة كامل.. تلك الشاليهات التي هي عبارة عن كبائن خشبية من طابقين، وكان أغلب سكانها من اليونانيين والإيطاليين والمالطيين من الصيادين، بعضها تبدلت معالمه وأصبحت مباني من الطوب مع الاحتفاظ بالشرفات الخشبية المميزة، ويقطنها حاليا عدد من العاملين بمهنة الصيد، على شاطئ البحر مباشرة وفي مواجهة فنار المكس العتيق الذي كان بدوره بطلا لكثير من أغاني التسعينات المصورة. هذا الفنار المهجور الذي لا تومض أضواؤه منذ عشرات السنين، المشهور بالجسر الخشبي الممدود إلى الشاطئ الصخري، يعود تاريخه إلى نهايات القرن التاسع عشر، بحسب ما يظهر في «كروت البوستال» التذكارية التي ظهرت في بدايات القرن العشرين، والتي تعكس روعة وجمال حي المكس، حيث كانت المنطقة المحيطة بالفنار في بدايات القرن العشرين بها مبنى خشبي (كازينو المكس) كان يقف على أعمدة داخل مياه البحر وكان رواده من رجال الأعمال الأجانب والطبقة الأرستقراطية المقربة من العائلة المالكة.
وحول تاريخ الفنار، يوضح د. ياسر عارف، رئيس وحدة الدراسات الهندسية بمركز دراسات الإسكندرية والبحر المتوسط (أليكس ميد)، لـ«الشرق الأوسط»: «غير معروف على وجه التحديد تاريخ بناء هذا الفنار، وهو يتميز عن فنارات الإسكندرية الكثيرة وفنارات منطقة المكس؛ بطرازه المعماري المميز، وتعلوه قبة نحاسية، وارتكازه على جزيرة صخرية في البحر، وكان يطلق عليه (الفنار الأعمى) أو بلغة البسطاء (المنارة العامية)، لأنه لم يكن يرشد السفن، لكنه استخدم برج إشارة وليس فنارا، وظل مظلما، وربما السبب في عدم استخدامه هو وجود فنارين آخرين شهيرين هما: فنار المكس الصغير، وفنار المكس الكبير، اللذان شيدا في عامي 1890 و1891 وتم تفعيلهما عام 1894، وهما يمثلان أهمية كبرى للسفن التي تعبر عبر البوغاز حتى الآن».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.